بحوث ودراسات

ملامح الفكر السياسي المستند إلى الوهابية (8 من9)

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب

جزء 8
‘‘الوهَّابيَّة’’ من منظور أحد مشايخ الصَّحوة: دعوة تجديديَّة ‘‘مباركة’’
لم يستخدم الشَّيخ الدُّكتور سفر الحوالي، أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة أم القرى بمكَّة المكرَّمة سابقًا، في كتابه الموسوعي المسلمون والحضارة الغربيَّة (2018م) في إشارته إلى دعوة الشَّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب لتجديد أمور الدِّين الإسلامي مسمَّى ‘‘الحركة الوهَّابيَّة’’، معتبرًا أنَّ ذلك اسمًا أطلقه أعداء الصَّحوة الدِّينيَّة الَّتي نشرها الشَّيخ في منتصف القرن الثَّامن عشر، لتنتشر في ربوع العالم الإسلامي، من الهند إلى المغرب العربي. أمَّا عن سبب هذا العداء تجاه دعوة الشَّيخ بن عبد الوهَّاب، فهو منحها الدَّافع للجهاد في سبيل الله، ليس للقتل والتخريب وجمع الغنائم، إنَّما للقضاء على المحدثات على الإسلام و “نبذ البدع في الدِّين” (صـ435). يتطرَّق الحوالي، فكَّ الله تعالى أسره، إلى تأثير الدعوات الدِّينيَّة الإصلاحيَّة على المجتمعات الَّتي تستفيد منها، ضاربًا المثل بما ذكره الباحث الغربي ماكس فيبر، تأثير تطبيق المذهب المسيحي الثَّوري، البروتستانتيَّة، في تحقيق انتعاش اقتصادي في شمال أوروبا وأمريكا الشماليَّة، على عكس الحال في جنوب أوروبا وأمريكا الجنوبيَّة، حيث لم تزل الكاثوليكيَّة مذهب غالبيَّة الدُّول فيهما.

اقرأ: ملامح الفكر السياسي المستند إلى الوهابية (4من 9)


نشأة دعوة الشَّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب
وفد الشَّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب إلى المدينة المنوَّرة طالبًا للعلم، ودرس على يد الشَّيخ محمد حياة بن إبراهيم السَّندي الحنفي، باكستاني المولد، وهو كذلك توجَّه إلى مدينة النَّبي (ﷺ)، لطلب العلم. تأثَّر الشَّيخ بن عبد الوهَّاب بتعليق السندي على طواف العامَّة حول قبر النَّبي الكريم، بأن قرأ قوله تعالى في الآيَّة 139 من سورة الأعراف “إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ”، وكان تركيز الشَّيخ على إنكار ما يخالف القرآن الكريم من ممارسات تشابه طقوس الأمم الوثنيَّة. وسبقت الإشارة بالتفصيل عن بدايَّة الدَّعوة التجديديَّة للشِّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب، عند تحالُفه مع محمَّد بن سعود، أمير نجد التابع للدَّولة العثمانيَّة حينها. وقد أشار الحوالي إلى أنَّ الشَّيخ لم يندِّد بممارسات الشِّيعة ويتَّهمهم بالخروج عن الملَّة إلَّا بعد أن سافر إلى العراق وراقبهم عن قُرب هناك، وهناك كذلك أقاويل عن سفره إلى قُم في إيران، حيث توجد أهم الحوزات العلميَّة لإعداد ملالي الشِّيعة، ومتابعته أحوال الشِّيعة هناك. ويتلخَّص رأي الشَّيخ سفر الحوالي في إمام الصَّحوة الإسلاميَّة الوارد في المسلمون والحضارة الغربيَّة (2018م) فيما يلي (صـ438):
والشَّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب رحمه الله هو إمام مُجدِّد، وأحد السَّابقين الَّذي قال ﷺ: (فِي قرنٍ من أُمَّتِي سابِقُونَ)، وإنَّما دعا إلى الكتاب والسُّنَّة ولم يقل أبدًا إنَّ كلامه هو النِّهايَّة، ولم يدَّعِ أبدًا أنَّه يعلم الغيب، كما نقَض ما كان في عصره من البِدع والشِّركيَّات، والخرافات، ويجب علينا اليوم أن ننقض ما في عصرنا من ذلك. ودعوة الشَّيخ هي فاتحة النَّهضة في العصر الحديث، وموقظة الأمَّة للتَّخلُّص من أوضار الاستعمار العسكري ومظالمه.
تأثير الدَّعوة السَّلفيَّة التَّجديديَّة
انتشرت دعوة الشَّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب في العالم الإسلامي، وكان من بين الأتباع الشَّيخ الزَّاهد عبد الكريم الدَّرويش، الَّذي تأثَّر به حسن البنَّا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في مصر. وشجَّع انتشار الفكر التوعوي للشَّيخ على التخلُّص من الطُّرُق الصُّوفيَّة في العديد من بلدان العالم الإسلامي، ومنها السُّودان والمملكة المغربيَّة، بل وبلغ تأثيرها حدَّ تشجيع مسلمي الهند على مقاومة الاحتلال البريطاني، هذا إلى جانب تأثُّر مسلمي الفلبين وماليزيا وإندونيسيا به. والسَّبب الأساسي وراء هذا التَّأثير الكبير لشيخٍ من الباديَّة، لم يتمتَّع بدعم من السُّلطة الحاكمة، بل إنَّه حورب ونُفي من إمارة العيينة فور دعوته إلى التَّوحيد على منهج السَّلف الصَّالح، هو أنَّه لم يأتِ بمذهب جديد، أو يخالف الإجماع، إنَّما دعا إلى الالتزام بصحيح من جاء في القرآن الكريم وصحاح الأحاديث. وينفي الحوالي عن الشَّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب ما أثير ضدَّه من ترسيخه مبدأ إطاعة الحاكم وعدم الخروج عليه، مشيرًا إلى أنَّه ذكر في مؤلَّفاته أنَّ من ‘‘الطَّواغيت الخمسة’’ الحاكم الجائر المغيِّر لما أنزل الله تعالى، وفي ذلك يقول الحوالي “أي أنَّ المساحة الطَّاغوتيَّة للحاكم بغير القرآن والسُّنَّة هي 40%، وإذا أضفنا الطَّاغوت الأوَّل، إبليس، تصبح 60%” (صـ440).
أعداء الصَّحوة السَّلفيَّة
تناول الشَّيخ سفر الحوالي أشد أعداء الصَّحوة الدِّينيَّة التجديديَّة، مشيرًا إلى الغرب باعتباره العدو الأكبر، بحرصه على نشر جواسيسه بين أتباع دعوة الشَّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب، ممن أخفوا هويَّتهم بمختلف المزاعم. وبعد الغرب يأتي الروافض، ممن اتَّهمهم الشَّيخ بالخروج من ملَّة الإسلام، ونصحهم بالتوبة والعودة إلى صحيح الكتاب. وأشار الحوالي كذلك إلى بعض الغلاة، ممن تنطبق اتِّهاماتهم لفِكر بن عبد الوهَّاب بالاتِّهامات الَّتي ألقاها أحمد الكاتب، مثل تكفير الشَّيخ عامَّة المسلمين، وإباحته سفك الدَّماء لنشر عقيدته للتوحيد، وأمره بإطاعة الحاكم طاعةً عمياء وتجريمه الخروج عليه إلَّا في حالة الكُفر.

اقرأ: ملامح الفكر السياسي المستند إلى الوهابية (7من 9)


مفهوم الصَّحوة الإسلاميَّة لدى الحوالي
في فقرة موجزة نُشرت على موقع الشَّيخ سفر الحوالي، يوضح الشَّيخ أنَّ الصَّحوة الإسلاميَّة هي أكبر مشروع نهضوي في الزَّمن الحالي، يُعقد عليه الأمل في إصلاح شؤون العباد، ولن يتأتَّى ذلك إلَّا بإحياء علوم الدِّين، ونبذ البدع:

لا يشكُّ عاقل أنَّ وراء كلِّ حضارة نهضة دينيَّة وتجديد ديني، وأنَّ كلَّ حركة دينيَّة تثمر مشروعًا حضاريًّا، وأنَّ حضارة الإسلام هي أكبر مشروع نهضة في العالم، قامت على مبادئ سامية وأُسس راقية من العدل والمساواة، والحقوق والواجبات، والتَّعامل مع الآخرين، وأنَّ ما يحدث من تطرُّف أو غلوٍّ من بعض مَن ينتمون إليها ما هو إلَّا شذوذ خارج عن الجادَّة، لو قورنت نسبة وجود مع ما يوجد في مجتمعات الغرب من تأصيل نظري وتطبيق منهجي لمظاهر العنف والفوضويَّة ورفْض الدَّولة لهان الأمر، فما من خير في أيِّ أمَّة من الأمم إلَّا وفي أمَّة الإسلام أكثر منه، وما من شرٍّ في المسلمين إلَّا وفي غيرهم أكثر منه.
لن أتردد بالقول بأنَّ الصَّحوة الإسلاميَّة هي أكبر مشروع نهضة في العالم في التَّاريخ الحديث والقديم…فمِن أُسس الصَّحوة أصلًا الَّتي قامت منذ القرن الرَّابع عشر والخامس عشر الهجري إلى الآن ما وضَعه شيخ الإسلام ابن تيمية، ومعه بعض العلماء في القرن السَّادس والسَّابع والثَّامن، فنلاحظ أنَّ هذه المرحلة أُسِّس عليها النَّهضات المعاصرة الَّتي قامت؛ كدعوة الشَّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب (رحمة الله عليه)، ثمَّ ما تلاها، ثمَّ الآن هذه الصَّحوة المعاصرة والتَّجديد الكبير العام…أعتقد أنَّ هذا التَّجديد المعاصر بشموليَّته وبآفاقيَّته الَّتي أتاحتها شبكة المعلومات والاتِّصالات سوف يكون مشروعًا ضخمًا في المستقبل، وقد بدأت الملامح في الأُفُق تشير إلى ذلك؛ من خلال اندفاع الأمَّة للجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى، ومن خلال تميُّزها في دينها، وفي أخلاقها، وفي سلوكها، وإعجاب العالم كلِّه أعني: الشُّعوب العالميَّة بما لديها.

تابعنا في فيسبوك


نذكِّر بأنَّ الصَّحوة الإسلاميَّة في المملكة العربيَّة السَّعوديَّة قد تزامنت مع حرب الخليج الأولى، عندما غزت العراق جارتها الكويت، عضو مجلس التَّعاون الخليجي، في أغسطس من عام 1990م، وخشي النِّظام الحاكم في السَّعوديَّة من تصاعُد الأحداث، ووصول الصِّراع إلى أرضه. وكما توضح مدوَّنة ‘‘ميدان’’، التَّابعة لشبكة الجزيرة الإعلاميَّة، في دراسة بعنوان سفر الحوالي…شيخ أرهق آل سعود وأرهقوه، بدأت الدَّعوة إلى الصَّحوة الإسلاميَّة مع عمد الشَّيخ سفر الحوالي إلى الجهر بمعارضة فتوى هيئة كبار العلماء ومجلس القضاء الأعلى بجواز الاستعانة بقوَّات أمريكيَّة في قتال نظام صدَّام حسين، ما اعتبره الشَّيخ احتلالًا خفيًّا لبلاد المسلمين. أُسكت شباب الدَّعوة الإسلاميَّة من الدَّاعين إلى الصَّحوة بسجنهم، ولمدَّة خمس سنوات، واُعتُقد أنَّ صفحتهم طويت، لكنَّهم عادوا إلى المشهد بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م، وكان للحوالي رأيه الدِّفاعي عن الإسلام في مواجهة اتِّهامه بترويج أفكار متطرِّفة داعيَّة إلى الإرهاب. غير أنَّ الله تعالى قدَّر خروج الحوالي من المشهد في 2005م، لمَّا أُصيب بجلطة دماغيَّة أقعدته، وإن كان هذا لم يمنعه عن مواصلة جهاد الكلمة، كما يوضح مقال ‘‘ميدان’’.
وقد نشرت جريدة الشَّرق الأوسط السَّعوديَّة، الصَّادرة من لندن، مقالًا لعبد الله بن بجاد العتيبي، الباحث في الحركات والَّتيارات الإسلاميَّة، يتناول اعتقال الشَّيخ سفر الحوالي من قِبل السُّلطات الرَّسمية في المملكة العربيَّة السَّعوديَّة، ويصف عودته إلى المشهد بالعنقاء، الطائر الأسطوري العائد من الموت لاختطاف البشر، واصفًا كتابه المسلمون والحضارة الغربيَّة بـ “الكتاب الإرهابي”. وقد نقل موقع العربيَّة، التَّابع لمركز تلفزيون الشَّرق الأوسط، MBC، المقال عن جريدة الشَّرق الأوسط بتاريخ 22 يوليو 2018م.

سفر الحوالي… عنقاء الصَّحوة
العنقاء أو عنقاء مُغرب هي إحدى الأساطير الشهيرة لطائرٍ يعود من الموت ويخطف البشر، وقد صدر مؤخراً كتابٌ ضخمٌ يقع في ثلاثة آلاف صفحةٍ تقريباً، منسوبٌ لسفر الحوالي، الصَّحوي السَّعودي العتيد، والسروري المتتلمذ على الإخواني محمد قطب، والَّذي عاد من مرضٍ مقعدٍ بهذا الكتاب الإرهابي أو هكذا قيل.
يستهلُّ المقال حديثه عن الحوالي بتصنيفه أحد دعاة الصَّحوة السَّلفيَّة، تشرَّب فِكر الإخوان المسلمين المتطرِّف، وعاد من مرضه ليعيد بعث الفكر الرجعي للجماعات المتطرِّفة، بأن سوَّق في مُنتَج أيديولوجي يتستَّر خلف الإصلاح الدِّيني، بينما يطرح أفكارًا تحريضيَّة. يتَّهم المقال كتاب الحوالي بأنَّه من حيل ‘‘التنظيم السِّري’’ للإخوان المسلمين لإعادة إنتاج جيل جديد من النَّازعين إلى العُنف:
بغيَّة الاختصار، فقد أصدرت الصَّحوة وداعموها محلياً وإقليميًّا كتابًّا تحت عنوان «الإسلام والحضارة الغربيَّة» وجعلت اسم مؤلفه «سفر الحوالي» وهو صحويٌ عتيدٌ كانت له مواقف متعددة على مدى سنواتٍ طوالٍ، ولكنه يعاني منذ أكثر من عقدٍ من الزمان من «جلطةٍ» أبعدته عن المشهد العام، والكتاب يتسق مع فكره ومع فكر الصَّحوة بشكلٍ عامٍ بشكل كبيرٍ، وهو يعبر عن هذا النمط من التَّفكير خير تعبيرٍ.
يعبِّر المقال عن اعتقاده بأنَّ حالة الحوالي الصحيَّة تمنعه عن تأليف كتاب بهذا الحجم، يتجاوز عدد صفحاته 3 آلاف صفحة، وأنَّ إصدار المسلمون والحضارة الغربيَّة عبارة عن حيلة للصَّحوة الإسلاميَّة بالتستُّر وراء كاتب ‘‘نصف حيٍّ ونصف ميِّت’’ في ترويج أفكارها لإحراج النِّظام الحاكم. ويعتبر المقال أنَّ إصدار مثل هذا الكتاب جاء بتمويل من جهات معاديَّة للسَّعوديَّة وسائر الدُّول العربيَّة، ويبدو أنَّ أصابع الاتِّهام تشير إلى الجمهوريَّة الإيرانيَّة، الَّتي يُشار إليها اليوم باعتبارها العدو الأوَّل لكافَّة دول الشَّرق الأوسط، بما في ذلك الكيان الصُّهيوني:
أخيرًا، فمتعذرٌ على سفر الحوالي أن يصدر كتابًا بهذا الحجم من المعلومات والتحليلات والتفاصيل بسبب مرضه العضال، وحجم علاقته به تستطيع تحديده الجهات الأمنيَّة المسؤولة، ولكنه على كل حالٍ كتابٌ يعبر عن فكر الصَّحوة ربما حررته مجموعة من عناصر الإسلام السِّياسي في الداخل والخارج، وبدعمٍ من دولٍ إقليميَّة معاديَّة للسَّعوديَّة والدُّول العربيَّة.
جزء 9
نشرت جريدة الجزيرة السَّعوديَّة في 30 ديسمبر من عام 2018م، مقالًا كتبه محمد بن عبد الملك بن عبد الله آل الشَّيخ، سليل قبيلة آل الشَّيخ، المنتسبة إلى الشَّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب، وهو وزير دولة في المملكة العربيَّة السَّعوديَّة، وعضو مجلس الشُّؤون الاقتصاديَّة والتَّنمية، يتناول أسباب تعذُّر عودة الصَّحوة ‘‘المتأسلمة’’، أي المتَّخذة من الإسلام ستارًا يخفي حقيقة أهدافها.

الصَّحوة المتأسلمة هل يمكن أن تعود…؟
يتساءل كثيرون: هل يُمكن أن تعود في المملكة ظاهرة الصَّحوة مرة أخرى؟ … الجواب بمنتهى الاختصار: مستحيل؛ السَّبب أن الصَّحوة انبثقت في ظروف سياسيَّة واجتماعيَّة محددة، جاءت بهذه الظاهرة…والسَّبب الفلسفي الرَّئيس لسقوط الصَّحوة يرتكز على أنها بغباء كبار أساطينها ودعاتها ومنظريها أصروا على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، واستوردوا من الماضي حلولًا لا يمكن أن تواكب الزَّمن، وما توصل إليه الإنسان من إنجازات حضاريَّة وفلسفيَّة؛ ولا يمكن أن يعود إليها، فما يصلح للأمس ليس بالضرورة أن يصلح اليوم، والَّذي يصر على هذه العودة باعتبار أنها عودة إلى مجد تليد لابد من إحيائه فهو كمن يصر على ركوب البغال والحمير والجمال ويترك ركوب السَّيَّارة والقطار والطَّائرة، أو كمن يقاتل بالسَّيف والرمح والنبال بحجة أن أسلافنا كانت هذه أسلحتهم…
وكما يشير المسؤول الرَّسمي السَّعودي في مقاله، لا يمكن في هذه الآونة التراجع عن اللحاق بركب الحداثة، والركون إلى الرَّجعيَّة باسم الدِّين. ويوضح آل الشَّيخ مصير دعاة الصَّحوة الإسلاميَّة في ظلِّ الظروف الجديدة في المملكة، مؤكِّدًا أنَّ زمن الصَّحوة ولَّى بلا عودة بفضل تغيُّر الوعي الجماعي لأبناء السَّعوديَّة:
الآن عاد المتطرفون والغلاة والمتكلسون وصناع البغضاء والكراهية إلى المقاعد الخلفيَّة، وأصبحت كثير من مطالباتهم مرفوضة لدى الكثيرين، خاصة الشباب غير المصابين بفيروس الصَّحوة وأصبحت بمثابة (الحقوق المكتسبة)، فالمرأة تقود سيارتها بنفسها وتعمل وتساهم في دخل الأسرة، كما أصبح لها شخصيَّة (شبه) مستقلة، والمؤشرات تقول إن مزيداً من الاستقلال هو في الطَّريق. وأنا أزعم أن كثيرين ممن كانوا يصنفون (محافظين) وليس لهم طموحات سلطويَّة أو سياسيَّة تراجعوا عن مواقفهم، وأصبحوا يميلون إلى الوسطيَّة…ومرة أخرى الصَّحوة انتهت ولن تعود، كما أن المملكة هي أقوى من أن تمرر تلك المخطَّطات بسبب وعي شعبها الجديد.
ونقل موقع سكاي نيوز عربيَّة، في 23 يناير 2019م، عن وكالات الأنباء السَّعوديَّة، ما جاء على لسان رئيس هيئة الترفيه في المملكة، وهو كذلك منحدر من سلالة الشَّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب، بخصوص خطَّة تطوير الخدمات التَّرفيهيَّة، داعيًا المستثمرين إلى المشاركة في تطوير ذلك المجال؛ من أجل الدَّفع بعجلة الاقتصاد الوطني.

السَّعوديَّة تسعى لتصدُّر وجهات التَّرفيه.. وتستضيف فعاليَّات شهيرة

صورة 4.1-السَّعوديَّة تستضيف برنامج ‘‘الحصن’’ التَّرفيهي-يناير 2019م
أعلن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتَّرفيه السَّعوديَّة، تركي آل الشَّيخ، الثلاثاء بالعاصمة الرياض، إطلاق استراتيجيَّة جديدة تهدف إلى جعل المملكة من بين أول أربع وجهات ترفيهيَّة في منطقة آسيا، وبين أول عشرة على مستوى العالم.
ونقلت وكالة الأنباء السَّعوديَّة عن تركي آل الشَّيخ، قوله في مؤتمر صحفي، إن المملكة ستستضيف برنامج “الحصن”، الأشهر عالميا في مسابقات الترفيه، وكذلك العمل على إنتاج برنامج “ذا فويس” بالنُّسخة السَّعوديَّة، وإقامة أكبر نسخة من مسابقات البلوت والتُّركس في 13 منطقة في المملكة، ومسابقة إطلاق المدفع، وركوب الثِّيران المحترفة، والدخول في مفاوضات لاستقطاب إحدى مباريات دوري السَّلَّة الأميركي “NBA”.
وذكر أنَّ “قطاع الترفيه مهم، وتوليه قيادة المملكة كل الاهتمام لتحقيق الأهداف المرجوَّة منه لتطوير مستوى الحياة في المملكة، إلى جانب مساهمته الفاعلة في دعم عجلة الاقتصاد وخلق فرص العمل”.
وتناول مقال أصدرته بوابة الشَّرق الإلكترونيَّة القطريَّة في 27 يناير 2019م، نقلًا عن شبكة عربي 21 الإعلاميَّة، عن خطوات المملكة العربيَّة السَّعوديَّة المتواصلة في طريق العلمانيَّة، بالانسلاخ عن الصبغة الدِّينيَّة المرتبطة بحاضنة الحرمين الشَّريفين، وفعل ما كانت المؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسمية في الدَّولة تحظره من قبل. ويرى بعض علماء الإسلام أنَّ السَّعوديَّة تحوَّل بذلك رسميًّا إلى العلمانيَّة، وصارت داعيَّة لها:

هل السَّعوديَّة في طريقها لتصبح دولة علمانيَّة؟
اعتبر تقرير نشره موقع “عربي21″، أن المملكة العربيَّة السَّعوديَّة تتجه الى أن تصبح دولة علمانيَّة، تقوم على فصْل الدِّين عن الدَّولة، مشيرًا إلى التَّوجُّه العام بالسَّماح لكل ما كان يعتبر محرَّمًا لدى الدَّولة من خلال الفتاوى الدِّينيَّة الَّتي تصدر من الجهات الرَّسمية في الدَّولة.


وأثارت الخطط والتوجهات الجديدة لهيئة التَّرفيه السَّعوديَّة، بفتح المقاهي والمطاعم أمام الحفلات الغنائيَّة، والعروض السحريَّة حول العالم فضلاً عن استقدام مصارعة الثيران الإسبانيَّة لـ “بلاد الحرمين” تساؤلات بشأن تحول البلاد إلى دولة علمانيَّة، في ظل اعتمادها الشَّريعة الإسلاميَّة أساسًا للحكم…
ومنذ صعود ولي العهد السَّعودي محمد بن سلمان للحكم “كسرت” العديد من الموروثات والمحرمات في المملكة، والَّتي كانت تصدر الفتاوى بشأنها بشكل دوري من كبار العلماء، وباسم الدَّولة السَّعوديَّة، ما يشير إلى توجهات “فصل الدِّين عن الدَّولة” السماح لكل ما كان يعد محرما في الماضي، بفتاوى رسميَّة وهو ما يظهر بشكل واضح عند مقارنة خطط هيئة التَّرفيه وفعالياتها، بما جاء في الموقع الرَّسمي للرئاسة العامة للبحوث العلميَّة والإفتاء وهي الجهة الرَّسمية المسؤولة عن الفتاوى الشَّرعيَّة بالمملكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى