مختارات

المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة (144) الجزء الرابع: الدولة العثمانية 26- السُّلْطَان الْغَازِي مصطفى خَان الثَّالِث

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب


ولد سنة 1129
تولى بعد ابن عمه عثمان الثالث 16 صفر 1171هـ = 1757م
وعمره 42 سنة
توفّي فِي 8 ذِي الْقعدَة سنة 1187هـ = 21 يناير سنة 1774م.
توفي وعمره يناهز 57 عاماً تقريباً، وَبَلغت مُدَّة حكمه 16 سنة وَ8 شهور.
وَتَوَلَّى بعده أخوه عبد الحميد الأول.
اسمه ونسبه:

  • السُّلْطَان الْغَازِي مصطفى خَان الثَّالِث ابْن السُّلْطَان أحْمَد الثَّالِث ابْن مُحَمَّد الرَّابِع ابْن السُّلْطَان إِبْرَاهِيم ابْن السُّلْطَان أَحْمد الثاني ابْن مُحَمَّد الثالث ابْن مُرَاد ابْن سليم الثاني ابْن سُلَيْمَان القانوني ابْن سليم الأول فاتح مصر وَالشَّام ابْن بايزيد خَان ابْن مُحَمَّد خَان فاتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة ابْن مُرَادالثاني بْن مُحَمَّد ابْن يلدرم بايزيد ابْن مُرَادالأول بْن أورخان ابْن عُثْمَان خَان الْغَازِي. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 329)
    مولده:
    ولد السُّلْطَان مصطفى الثَّالِث سنة 1129 (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 329)
    صفاته:
    كَانَ ميّالاً للإصلاح، محباً لتقديم بِلَاده، خُصُوصاً وزيره الأول رَاغِب باشا، فاخذ هَذَا الْوَزير فِي إصلاح بعض الشؤون، بمساعدة السُّلْطَان وتعضيده لَهُ، (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 329)
    وكَانَ عادلاً، محباً للخير، وَله عدَّة مآثر خيرية كالمدارس والتكايا (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 340)
    كان هذا السلطان مهتماً بالتاريخ الاسلامي عموماً وتاريخ الدولة العثمانية خصوصاً. (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص316)
    ولايته وسلطنته:
    السلطان مصطفى الثالث (1171 – 1187هـ/1757 – 1773) (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)
    توفي عثمان الثالث بن مصطفى الثاني في السادس عشر من صفر سنة واحد وسبعين ومائة وألف 1171هـ = 1757م وتولّى بعده ابن عمه مصطفى الثالث بن أحمد الثالث. (نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 65، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 336، بترقيم الشاملة آليا)
    وتولى الحكم وعمره اثنتان وأربعون سنة، (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)
    وكان على دراية واسعة بإدارة الدولة (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)
    فعين الوزير قوجه راغب صدراً أعظم لسعة أطلاعه وخبرته بشؤون البلاد. (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)
    الإصلاحات الداخلية:
  • وقد استطاع محمد راغب باشا من إخماد ثورة عرب الشام الذي اعتدوا على قوافل الحجاج. (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)
  • عهد بإدارة الأوقاف العمومية إِلَى اُحْدُ أغوات السراري قيزار أغاسي. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 329)
  • وأسس مستشفيات للحجر على الواردات الخارجية إذا كَانَت الاوبئة منتشرة فِي الْخَارِج لعدم تعديها إِلَى الممالك المحروسة، (تاريخ الدولة العثمانية ص 329)
  • وأنشا مكتبة عمومية على مصاريفه الْخَاصَّة، (تاريخ الدولة العثمانية ص 329)
  • وَمن آثاره أن أنشأ فِي أسكدار جَامعاً على قبر والدته، ووقف عَلَيْهِ خيرات كَثِيرَة. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 340)

تابعنا في فيسبوك

  • وأصلح جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد الفاتح الَّتِي زلزلت أركانه زَلْزَلَة شَدِيدَة. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 340)
  • وعمل وزيره الأول رَاغِب باشا على توسيع نطاق التجارة البحرية والبرية. وعمل لتسهيل المواصلات دَاخل المملكة، منعاً لحُصُول الغلاء والمجاعات فِي إحدى الولايات، وَذَلِكَ بوضع مشروع يصل بَين نهر الدجلة وبوغاز الاستانة بخليج عَظِيم وأن تستعمل الأنهار الطبيعية مجرى له، ليسهل نقل الغلال من الولايات إلى دار الخلافة، فَيمْتَنع عَنْهَا الغلاء كُلية، ويساعد على نشر التجارة، وَهُوَ مَشْرُوع جليل يقدره العارفون حق قدره، وَلَو أمهله المنون لأتَمَّه، وَسبق المسيو دي لسبس إِلَى إيصال بَحر الرّوم بخليج فَارس فالمحيط الْهِنْدِيّ؛ لكنه توفّي رَحمَه الله فِي 24 رَمَضَان سنة 1176 هـ = 8 ابريل سنة 1762 م وَلم يجد مشروعه منفذاً حَتَّى الان. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 329، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)
    وخلف الوزير الأول رَاغِب باشا في الصدارة حامد حمزة باشا ثم خلفه مصطفى باهر باشا 1177هـ/1763م ثم بعد سنة تولى الصدارة محسن زاده محمد باشا 1178هـ/1764م. (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)
  • وَفِي أثْنَاء احتلال الروس لجَزِيرَة لمنوس تمكن البارون دي توت المجري الَّذِي دخل فِي خدمَة الدولة الْعثمانيية من تحصين مضيق الدردنيل، وَبِنَاء القلاع فِيهِ على ضفتيه، وتسليحها بالمدافع الضخمة، حَتَّى صَار الْمُرُور مِنْهُ من رَابِع المستحيلات، ثمَّ حول عدَّة مراكب تجارية إِلَى سفن حربية بِوَضْع المدافع فِيهَا، وَزِيَادَة على ذَلِك كلف السُّلْطَان مصطفى الثَّالِث البارون دي توت المجري بانشاء مسبك لصب المدافع بالاستانة (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 336)
  • وبترتيب الطوبجية على النظامات الجديدة فَقَامَ بالأمر خير قيام، وأسس مدرسة لتخريج ضباط للطوبجية وأركان حَرْب، متعلمين الْفُنُون العسكرية الحديثة، وأخرى لتربية ضباط للبحرية، كَانَ مركزها بالترسانة تخرج مِنْهَا فِي قَلِيل من الزَّمن عدَّة قباطين قَادِرين على أخذ الإرتفاعات، ورسم بعض الشواطئ بالطرق الهندسية المضبوطة. (تاريخ الدولة العلية العثمانيةص 337)
    وفاته:
    توفي الخليفة مصطفى الثالث بن أحمد الثالث مريضاً من حزنه في حروب روسيا. (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 368، بترقيم الشاملة آليا)
    توفّي فِي 8 ذِي الْقعدَة سنة 1187هـ = 21 يناير سنة 1774م. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 340، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)
    وتوفي وعمره يناهز 57 عاماً تقريباً. (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)
    ومدّة سلطنته ستّ عشرة سنة (نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 65) وقيل: بَلغت مُدَّة حكمه سِتّ عشرَة سنة وَثَمَانِية شهور(تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 340، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 368، بترقيم الشاملة آليا)
    وَتَوَلَّى بعده أخوه عبد الحميد الأول. سنة سبع وثمانين ومائة وألف. (نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 65، تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 340، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 368)
    الذي كان محجوزاً في قصره مدة حكم أخيه مصطفى الثالث. (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 368، بترقيم الشاملة آليا)
    أهم الأحداث في أيامه:
    إعلان الدولة العثمانية الحرب على روسيا.
    كان السلطان مصطفى يرى أن الخطر الداهم على الدولة العثمانية يتمثل في ظهور القوة الروسية الجديدة، ويبدوا أنه اطلع على المخطط الأسود الروسي لتفتيت الدولة العثمانية، الذي وضعه بطرس الأكبر في وصيته، ولذلك أعدَّ السلطان مصطفى الثالث لحرب روسيا، ،(الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 356، بترقيم الشاملة آليا)
    فبدأ يُعِدُّ التنظيمات المزمع تنفيذها بالجيش العثماني، حتى يصبح قادراً على مواجهة الجيوش الأوروبية، لذا فقد تمكن الصدر الأعظم من عقد اتفاق مع حكومة بروسيا لمساعدة الدولة العثمانية عند الحاجة ضد النمسا وروسيا، (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)
    وبعد موت الْوَزير رَاغِب باشا انتشب الْحَرْب بَين الدولة الْعثمانية والروسيا وَذَلِكَ أنه لما توفّي أوغست الثَّالِث ملك بولونيا سعت كاترينة الثَّانِيَة امبراطورة الروسيا الَّتِي تولت عقب قتل بطرس الثَّالِث فِي تعْيين عاشقها ستانسلاس بونياتوسكي ملكاً عَلَيْهَا، بِاسْتِعْمَال نفوذها فِي مجْلِس الأمة عِنْد الانتخاب، خلافًا لما تعهدت بِهِ للدولة الْعثمانية. (تاريخ الدولة العثمانية ص 329)

وَمَا ذَلِك إلا نفاذاً لسياسة بطرس الأكبر، القاضية بإزالة الحواجز الثَّلَاثَة الحائلة بَينهَا وَبَين أوروبا الغربية، وَهِي السويد وبولونيا والدولة الْعثمانية، وَقد أزيل الحاجز الأول باستيلاء الروسيا على جَمِيع الولايات السويدية الفاصلة بَينهَا وَبَين ألمانيا، بِحَيْثُ لم يبْق للسويد أملاك خَارِجَة عَن بلادها الأصلية، بِمُقْتَضى معاهدة ني ستاد المبرمة بَينهمَا سنة 1672م، وأزيل الثَّانِي تَقْرِيبًا بِتَعْيِين أحْدُ اتِّبَاع الإمبراطورة كاترينة ملكاً على بولونيا. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 330)

  • وَلذَلِك تنبهت الدولة العثمانية إِلَى نتيجة هَذِه السياسة وَعلمت أنها إن لم تضع حداً لتقدم نُفُوذ الروسيا فِي بولونيا فَلَا تلبث هَذِه المملكة أن تمحي من الْعَالم السياسي، بانضمامها للروسيا، أوْ بتجزئتها بَينهَا وَبَين مجاوريها، لَكِن كَانَ تنبهها هَذَا بعد فَوَات الْوَقْت الْمُنَاسب، فإنه كَانَ يجب عَلَيْهَا مساعدة السويد، وبذل النَّفس والنفيس فِي حفظ ولايتها الْوَاقِعَة على بلطيق من الْوُقُوع فِي أيدي الروسيا أولى من تَركهَا غنيمَة بَارِدَة لَهَا، مِمَّا يطمعها فِي الِاسْتِمْرَار فِي تَنْفِيذ وَصِيَّة بطرس الأكبر، وهي منقولة بحروفها من الْجُزْء الاول من تَارِيخ جودت باشا. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 330)
  • وَمَعَ كل هَذَا فقد أرادت الدولة اسْتِدْرَاك مَا فَاتَ وأوعزت إِلَى كريم كراي خَان القرم أن يفتح بَاباً للحرب، فصدع بالأمر، ولكي يَجْعَل الْحق من جِهَة الدولة احتال على بعض القوزاق التَّابِعين للروسيا حَتَّى أوقعهم فِي حبالةٍ نصبها لَهُم، وأدت بهم إِلَى التَّعَدِّي على حُدُود الدولة الْعثمانية، والإغارة على إحدى المدن التابعة لَهَا ،وَقتل بعض سكانها، فأشهرت الدولة الْحَرْب على الروسيا، وافتتحها كريم كراي بَان أغار بخيله وَرجله على إقليم سربيا الجديدة، الَّذِي عمرته الروسيا، لمنع وُصُول المساعدة من خَان القرم إِلَى بولونيا عِنْد مَسِيس الْحَاجة. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 334)
  • وَكَانَت نتيجة إغارة كريم كراي خان القرم التابع للدولة العثمانية بهجوم شتوي مفاجئ على أوكرانيا أثناء الحرب الروسية – العثمانية، وكانت نتيجته خراب كثير من المستعمرات الروسية، وعودته بِكَثِير من الأسرى، وذلك عام 1182هـ / 1768م، وَتُوفِّي قبل أن تَنْتَهِي الْحَرْب. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 334، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 356)
  • ثمَّ سَار الْوَزير نشانجي مُحَمَّد أمين باشا الَّذِي تولى الصدارة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة 1182م، بجيوشه للدفاع عَن مَدِينَة شوكزيم الَّتِي حاصرها الْبرنس جالتسين الروسي، فَلم ينجح لعدم اتِّبَاعه الأوامر العسكرية الْوَارِدَة إليه من السُّلْطَان، المهتم بِنَفسِهِ بأمور الْحَرْب، وَلَو لم يقد الجيوش بِذَاتِهِ، وَكَانَ جَزَاء الْقَائِد الْمَذْكُور أن قتل بأمر السُّلْطَان فِي 9 ربيع الآخر سنة 1183هـ، وأرسل رأسه إِلَى الأستانة، عِبْرَة لغيره من القواد. (تاريخ الدولة العثمانية ص 335، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 356، بترقيم الشاملة آليا)
  • وَعيّن مَكَانَهُ فِي الوزارة والسر عسكرية مولدواني عليّ باشا، وَكَانَ أشد اهتماماً من سلفه بأمور الْجند، وأكثر اطلاعاً على ضروب الْقِتَال، لَكِن عاكسته الطبيعة، وَكَانَت هِيَ السَّبَب فِي تقهقره، فإنه حِين كَانَ يعبر مَعَ جيوشه نهر دينستر على جسر من المراكب ليهاجم الْجَيْش الروسي المعسكر على الضفة الاخرى زَادَت مياه النَّهر بالفيضان بَغْتَة، وفاضت على شواطئه بكيفية مريعة، حَتَّى استولى الْجزع على العساكر المارين فَوْقه، وهموا بِالرُّجُوعِ إِلَى معسكرهم، وتبعهم بعض من كَانَ قد وصل إِلَى الشاطئ الآخر، فغرقت المراكب وَاسْتشْهدَ نَحْو سِتَّة الآف جندي، وَصَارَ من بَقِي مِنْهُم على الشاطئ الروسي هدفا لمدافعهم وبنادقهم، الَّتِي صوبت إليهم من كل فج، حَتَّى قتلوا عَن آخِرهم فِي 17 جُمَادَى الاولى سنة 1183هـ = 18 سبتمبر سنة 1769 م، وَبعد هَذَا الانهزام الَّذِي لم يكن فِيهِ للروس من فَخر، إلْتزم مَوْلُود واني باشا بالتقهقر بعد إخلاء مَدِينَة شوكزيم، فَدَخلَهَا الْبُرْنُس جالتسين واحتل على الْفَوْر إيالتي الفلاخ والبغدان (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 335، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 356، بترقيم الشاملة آليا)
  • وأثناء ذلك كَانَت رسل الروس تعْمل على إثارة خواطر النصارى من الروم الأرثوذكس فِي بِلَاد موره، للقيام بثورات ضد الدولة، حَتَّى إِذا استعد الأهالي للثورة خرجت بعض المراكب الروسية من بَحر بلطيق قاصدة بِلَاد اليونان، بعد الطّواف حول أوروبا الغربية، واستولت على مَدِينَة كورون، لتشجيع الأروام على الْعِصْيَان.


(تاريخ الدولة العثمانية ص 335، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 356، بترقيم الشاملة آليا)

  • لَكِن لم تلبث هَذِه الْفِتْنَة أن اطفئت وَخرجت مراكب الروس من ميناء كورون قاصدة جَزِيرَة ساقز، فالتقت بالمراكب العثمانية فِي الْمضيق الْمَار بَين الجزيرة وساحل آسيا، وَبعد أن اسْتمرّ الْقِتَال عدَّة سَاعَات، انتصر العثمانيون، وَرَجَعُوا بعد تَمام النَّصْر إِلَى ميناء جشمه، فَتَبِعهُمْ حراقتان من مراكب الروس، ظن العثمانيون أنهم فارون من دونانمة الْعَدو، وآتون للانضمام إليهم، فَلم يعارضوهم فِي الدُّخُول إِلَى الميناء، فبمجرد دُخُولهمْ قاموا باشتعال مَا كَانَ بهَا من البارود فِي يَوْم 11 ربيع الاول سنة 1184 5 تموز يوليو 1770 م. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 336، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 358، بترقيم الشاملة آليا)
  • في جمادى الآخرة 1184هـ = 1770 انهزم العثمانيون من الروس في معركة كارتال، حيث تعرَّض القائد العثماني عوض زاده خليل باشا، لهزيمة قاسية من القائد الروسي روماتروف، وقد قتل من العثمانيين في هذه المعركة وحدها 50 ألفًاً، قتلوا ذبحًا بالسيف. (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 360، بترقيم الشاملة آليا)
  • وَبعد ذَلِك قصد الأميرال الروسي الفنستون الهجوم على مَدِينَة الْقُسْطَنْطِينِيَّة، لعدم وجود مَا يمنعهُ من الاستحكامات من الْمُرُور فِي بوغاز الدردنيل، وَلَكِن لم يُوَافقهُ الْقَائِد أرلوف على ذَلِك، ففضّل احتلال جَزِيرَة لمنوس قبل ذَلِك، لتَكون قَاعِدَة لأعمالهم الحربية، فحاصرها، (تاريخ الدولة العلية العثمانيةص 336)
  • تمكن البارون دي توت المجري الَّذِي دخل فِي خدمَة الدولة الْعثمانيية من عمل الإصلاحات التي ذكرناها، وَكَانَت نتيجة هَذِه الإصلاحات الَّتِي تمت بِسُرْعَة غَرِيبَة أن هاجم القبطان حسن بك مَعَ بعض السفن الحربية سفن الروس المحاصرة لجزيرة لمنوس سنة 1771هـ، وألزمها رفع الْحصار عَنْهَا، بعد مقاتلة خَفِيفَة، وكوفئ حسن بك على هَذَا الِانْتِصَار بتعيينه قبطان باشا الدونانمات العثمانية، ورقي إِلَى رُتْبَة باشا، وَفِي أثْنَاء احتلال الروس لجَزِيرَة لمنوس تمكن البارون دي توت المجري الَّذِي دخل فِي خدمَة الدولة الْعثمانيية من تحصين مضيق الدردنيل، وَبِنَاء القلاع فِيهِ على ضفتيه، وتسليحها بالمدافع الضخمة، حَتَّى صَار الْمُرُور مِنْهُ من رَابِع المستحيلات، ثمَّ حول عدَّة مراكب تجارية إِلَى سفن حربية بِوَضْع المدافع فِيهَا، (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 336)
  • هاجم الروس مدينة طرابزون وفشلوا في احتلالها، وبالاختصار كَانَ النَّصْر حَلِيف الْجنُود العثمانية براً وبحراً، إلا فِي بِلَاد القرم، فقد نجحت روسيا في اقتحام بلاد القرم والسيطرة عليها، واحتلها الْبُرْنُس دلجوروكي الروسي، ثمَّ أعلن بانفصالها عَن الدولة، واستقلالها تَحت سيادة وحماية الروسيا، وأقام من يدعى جاهين كراي خَاناً عَلَيْهَا باسم كاترينه الثَّانِيَة، وذلك عام 1185هـ = 1771م. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 337، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 361، بترقيم الشاملة آليا)
    مفاوضات الصلح:
    وَفِي 9 ربيع الأول سنة 1186هـ = 10 يونيو سنة 1772 م تهادن الْفَرِيقَانِ بِنَاء على توَسط النمسا والروسيا وأمضيت الْهُدْنَة فِي مَدِينَة جورجيو من مدن البلغاريا، وأرسل كل مِنْهُمَا مندوبيه للمخابرة فِي شان الصُّلْح إِلَى مَدِينَة فوكشان بِولَايَة البغدان، فَاجْتمع المؤتمر أول اجْتِمَاع فِي 9 جُمَادَى الأولى سنة 1186هـ = 8 اغسطس سنة 1772م، وَبعد أن اتّفق الْجَمِيع على مد أجل المهادنة إِلَى 23 جُمَادَى الثَّانِي سنة 1186هـ = 21 سبتمبر سنة 1772م، طلب مندوبو كاترينه الِاعْتِرَاف باستقلال تتار القرم، وحرية الملاحة لسفن الروسيا التجارية فِي الْبَحْر الاسود، وَجَمِيع بحار الدولة الْعثمانية، وَلما لم تقبل الدولة هَذِه الشُّرُوط، فشلت بسبب مطالب روسيا التعسفية، انفض الْجمع على غير جدوى ثمَّ مدت المهادنة سَبْعَة اشهر (تاريخ الدولة العلية العثمانيةص 337، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)
  • وَاجْتمعَ المؤتمر ثَانِيًا فِي مَدِينَة بخارست فِي 13 شعْبَان سنة 1186هـ = 9 نوفمبر سنة 1772 وَفِيه طلبت كاترينه بِلِسَان مندوبها طلبات أكثر إجحافا بِحُقُوق الدولة، وأرسلت بهَا بلاغاً نهائياً فِي 23 ذِي الْقعدَة سنة 1186 هـ = 15 نوفمبر سنة 1773 م (تاريخ الدولة العلية العثمانيةص 337)
    وهذه الطلبات هِي:
  • أولا: أن تتنازل الدولة للروسيا عَن حصن كريش ويكي قلعه حفظاً لاستقلال التتار. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 338)

ثَانِيًا: أن تمنح المراكب الروسية تجارية كَانَت أوْ حربية حريَّة الملاحة فِي الْبَحْر الاسود وبحر جزائر اليونان
ثَالِثا: تَسْلِيم مَا بَقِي من حصون القرم مَعَ الدولة الْعلية إِلَى التتار
رَابِعاً: إعطاء جرجوارغيكا وَالِي الفلاخ وَكَانَ اسيرا فِي الروسيا هَذِه الْولَايَة لَهُ ولورثته الشرعيين بِشَرْط دفع جِزْيَة مُعينَة كل ثَلَاث سنوات مرّة
خَامِسًا: التنازل عَن مَدِينَة قلبورن للروسيا وَهدم حصون مَدِينَة اوكزاكوف أوزي
سادساً: أن يعْطى لقب باديشاه إِلَى قَيْصر اَوْ قيصرة الروسيا فِي المعاهدات والمخاطبات السياسية.
سابعا: أن يكون للروسيا حق حماية جَمِيع المسيحيين الارثوذكسيين فِي بِلَاد الدولة. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 338)
فشل الهدنة:
كَانَت كاترينه تعلم بعدم قبُول الدولة العثمانية لَهذه الشُّرُوط التعسفية، ولكن جَعلتهَا طَريقَة لاستمرار الْحَرْب، وَقد رفضتها الدولة العثمانية بِكُل شمم فِي 28 ذِي الْحجَّة سنة 1186هـ = 22 مارس سنة 1773م، وأصدرت أوامرها للجيوش باستئناف الْقِتَال بِكُل شدَّة، خُصُوصاً فِي بِلَاد الطونه، فَانْهَزَمَ الروس أمام مَدِينَة روستجوق وَكَذَلِكَ أمام مَدِينَة سلستيريا الَّتِي حاولوا الِاسْتِيلَاء عَلَيْهَا فِي 30 مايو سنة 1773م، بعد أن قتل مِنْهُم ثَمَانِيَة آلَاف جندي، وبمناسبة هَذَا الِانْتِصَار منح السُّلْطَان لقب غَازِي للقائد عُثْمَان باشا الَّذِي حمى الْمَدِينَة (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 338)

  • فتقهقر الروس وَفِي رجوعهم مروا بِمَدِينَة بازارجق وَلما لم يَجدوا بهَا حامية قتلوا جَمِيع من فِيهَا من شُيُوخ وَنسَاء وأطفال، وبمجرد مَا شعروا بقدوم الْجنُود المظفرة انسحبوا مِنْهَا بِكُل سرعَة، تاركين أمتعتهم، حَتَّى قَالَ المؤرخ همر أن العثمانيين وجدوا اللَّحْم فِي الْقُدُور على النَّار، وَهَذَا مِمَّا يدل على مَا وَقع فِي قُلُوب الْجنُود الروسية من الرعب من الأسود العثمانية، الَّتِي لَوْلَا عدم كفاءة اَوْ قلَّة صداقة بعض قوادهم لما علمُوا للتقهقر اَوْ الْهَزِيمَة اسْماً. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص339)
    عصيان عَليّ بك بِمصْر
    إن الصليبية النصرانية عندما عجزت عن مقاتلة الدولة العثمانية في جبهات الوغى لجأت الى تفجير الدولة من الداخل، عبر ضعفاء النفوس ممن ينتسبون إلى الإسلام ويظهرون شعائره، وأضاعوا مفهوم الولاء والبراء في بحر شهواتهم وأطماعهم، وإلا كيف يكون ذلك والله يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق} (سورة الممتحنة 1)، وقوله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين} (سورة آل عمران 28). (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)
    لقد ظهر التآمر الروسي الصليبي ضد ديار الدولة العثمانية واضحاً وقاموا بمحاولة تمزيق الدولة من الداخل، فقد دفعوا والي مصر من قبل دولة الخلافة، وهو “علي بك الكبير” الذي لقب بشيخ البلد إلى الخروج على الدولة العثمانية عام (1183هـ/1770م)، ففعل، واسْتَقل تَقْرِيبًا بشؤن مصر، وأمر بأن يخطب باسمه على المنابر. (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)

  • وَتخابر مَعَ قَائِد الدونانمة الروسية بالبحر الأبيض الْمُتَوَسّط، فساعده الْقَائِد الروسي وأمدَّه بالذخائر والأسلحة، رَغْبَة فِي وجود الحروب الداخلية فِي الدولة، وَبِذَلِك أمكن عَليّ بيك فتح مَدَائِن عزة ونابلس وأورشليم ويافا ودمشق، وَكَانَ يستعد للسير إِلَى حُدُود بِلَاد الاناطول اذ ثار عَلَيْهِ أحْدُ بيكاوات المماليك، وَهُوَ مُحَمَّد بيك الشهير بَابي الذَّهَب، فَعَاد عَليّ بيك إِلَى مصر لمحاربته، فَانْهَزَمَ. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص339، (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 363، بترقيم الشاملة آليا)

  • وفي جزيرة باروس تم لقاء بين الصليبيين الروس ومبعوثين من قبل علي بك الكبير، وتم التخطيط الماكر لتدمير الدولة العثمانية من الداخل، يكون فيها علي بك الكبير هو مخلب القط، ومعه ظاهر العمر والي مدينة عكا من قبل العثمانيين، وبناء عليه قاد علي بك أبناء مصر المسلمين لقتال القوات العثمانية في بلاد الشام ودخل “سورية” عنوة في عام 1185هـ، بل إنه دخل دمشق، وصيدا وحاصر “يافا” بمساعدة ظاهر العمر، بل إن الروس حينما قامت قوات الدولة العثمانية بمحاصرة صيدا، عاونوا عميلهم في رفع الحصار وأمدُّه بالأسلحة واستولوا على بيروت عام 1186هـ. (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)
    أما ظَاهِر العمر فقد كَانَ عَاملاً على مَدِينَة عكا من قبل الدولة الْعثمانية، واستأثر بهَا، واتحد مع علي بك على محاربة العثمانيين بالاتحاد مَعَ الروس، فسارا إِلَى هَذِه مَدِينَة صيدا والتقيا بالعثمانيين خَارِجهَا وانتصرا عَلَيْهِم بمساعدة المراكب الروسية، الَّتِي كَانَت ترسل مقذوفاتها على الْجَيْش العثماني، ثمَّ اطلقت السفن الروسية قنابلها على مَدِينَة بيروت


(تاريخ الدولة العلية العثمانية ص339، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 364، بترقيم الشاملة آليا)
وقتل الخائن ظاهر العمر بعد حصار عكا. (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص314)
وعَاد عَليّ بيك إِلَى مصر فِي محرم سنة 1187هـ = أبريل سنة 1773م لمحاربة مُحَمَّد بيك أبي الذَّهَب، وانضم إِلَى جيوشه أربعمائة جندي روسي، فقابلهم محمد بك الشهير بأبي الذهب عِنْد الصالحية بالشرقية، وفاز عَلَيْهِم بالنصر، وأسر عَليّ بيك، وأربعة من ضباط الروس، بعد أن قتل كل من كَانَ مَعَهم، ورجعا إِلَى مصر حَيْثُ توفّي عَليّ بيك متأثراً بجروحه، فَقطع رَأسه وَسلم مَعَ الأربعة ضباط الروسيين إِلَى الْوَالِي العثماني خَلِيل باشا فقام بدوره بإيصالها إلى السلطان في استنبول (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 340، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 364، بترقيم الشاملة آليا)
وكانت وفاة علي بك الكبير حاكم مصر والذي كان يسعى للانفصال عن الدولة العثمانية في صفر 1187هـ = 1773م ، وذلك بعد تآمر “محمد بك أبو الدهب” عليه، وهزيمته في الصالحية، وتولى الحكم مكانه محمد أبو الدهب قائدعليّ بك وزوج ابنته ولبث في الحكم عامين ثم توفي. (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 367، بترقيم الشاملة آليا)
وفاة الشيخ صباح بن جابر.
توفي الشيخ صباح الأول في الكويت، سنة 1175هـ = 1761م، وهو من عشيرة الشملان من بني عتبة من جُميلة من عنزة من ربيعة. جد الأمراء آل الصباح حكام الكويت، وأول من حكم الكويت بعد تأسيسها، يُرَجَّح أن أصله من الهدار من منطقة الأفلاج في نجد، وقد بنيت الكويت في عهده، وفي مذكرات خالد الفرج: أن الكويت حديثة البناء، كان موضعها يسمى “القرين”، وكانت السلطة في القرين لبني خالد، ورئيسهم في أواخر القرن الحادي عشر للهجرة براك بن غرير الحميدي، فبنى براك قصراً في القرين، والقصر في اصطلاح ذلك الزمن هناك يسمى “الكوت”. وقد خلَّف صباح الأول خمسة ذكور، هم: سلمان، ومالج، ومحمد، ومبارك وعبدالله وهو الذي حكم الكويت بعده، وقد حسنت سيرته، وكان عاقلا يوصف بالشجاعة والكرم، وانتعشت الكويت في عهده، واستمر في الحكم إلى أن توفي، وفي أيامه هاجر آل خليفة حكام البحرين إلى الكويت. (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 341)
وفاة الأمير محمد بن سعود الكبير وتولي ابنه عبدالعزيز الحكم من بعده.
1179هـ = 1765م، توفي الأمير محمد بن سعود، مؤسس الدولة السعودية الأولى، وهو محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريدي الدرعي العدناني، وكان الإمام محمد بن سعود قد انطلق من مدينة الدرعية (المنطقة الوسطى بجانب مدينة الرياض، العاصمة الحالية). وقد التقى بالإمام محمد بن عبدالوهاب والذي كان يطلب الحماية من الإمام محمد بن سعود. وتوافق الاثنان على كثير من الأمور واتفقا على إقامة دولة مسلمة تطبق وتحمي الإسلام وتعيده إلى أصوله الصافية بعد ما دخله من الدجل والكهانة. ولتأكيد الصلة بينهما تزوج ابن الإمام محمد بن سعود بابنة الإمام محمد بن عبدالوهاب. وقد خلفه بعد وفاته ابنه الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود. وسمي بآل مقرن نسبة إلى جده مقرن بن مرخان لأن الناس لم يسموا العائلة بآل سعود إلا في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود(الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 347، بترقيم الشاملة آليا).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى