مقالات

المنطقة العربيَّة على صفيح ساخن.. نُذر حرب إيران وانتفاضة ثالثة

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب

يبدو أنَّ ساسة دولة الاحتلال الإسرائيلي، مع اقتراب بداية عامها الـ 76، لن يدعوا فرصة لتنفيذ مخطَّطاتهم في المنطقة العربيَّة تفلت من بين أيديهم؛ ويبدو أنَّ التَّهديد بحرب نوويَّة مدمَّرة بدأ يطل بظلاله على المنطقة، بعد إصابة بعض المنشآت العسكريَّة في إيران في هجوم نقلت وسائل الإعلام العالميَّة أنَّ دولة الاحتلال نفَّذته بغطاء أمريكي. منذ أن شرعت الحكومة الإسرائيليَّة الجديدة، الَّتي شكَّلها حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو بمشاركة تحالُف من الأحزاب اليهوديَّة المتطرِّفة، في مباشرَة أعمالها مطلع يناير من عام 2023م، تزداد حدَّة التَّوتُّر في المنطقة العربيَّة، مع توعُّد الجماعات الدِّينيَّة المتطرِّفة بممارسة طقوسها التَّلموديَّة داخل ساحات المسجد الأقصى المبارك بل والتَّهديد ببناء الهيكل المزعوم قريبًا بعد ذبْح قرابين الفصح في أبريل المقبل، ومع استفزاز نظام ملالي الرَّافضة في إيران بشنِّ هجمات تقوِّض مشروعات التَّسليح النَّووي الإيراني.

تابعنا في فيسبوك

من جديد، يصرُّ نتنياهو على أنَّ دولة الاحتلال لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، بعد عقود طويلة من الهجوم المقتصر على التَّصريحات، وبعد أن تقدَّمت دولة الملالي فعليًّا في تطوير برنامجها النَّووي ولا يفصلها عن إنتاج قنبلة نوويَّة سوى زمنٌ قصير. غير أنَّ مراقبين يرون أنَّ تهديدات ساسة دولة الاحتلال قد تكون جادَّة هذه المرَّة، استغلالًا للتَّأزم الَّذي يجتاح العالم، سواءً بسبب تداعيات تفشِّي الأوبئة القاتلة، أو الحرب الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة. ويذكِّر اقتحام وزير الأمن الدَّاخلي الإسرائيلي، ايتمار بن غفير، المنتسب إلى تيَّار اليمين المتطرِّف، للمسجد الأقصى بعد تولِّيه منصبه باقتحام رئيس الحكومة الإسرائيليَّة الأسبق الهالك، أرئيل شارون، للمسجد المبارك في سبتمبر 2000م، مفجِّرًا بذلك الانتفاضة الفلسطينيَّة الثَّانية، أو انتفاضة الأقصى، ويرى البعض أنَّ التَّوتُّر الَّذي نجمت عنه تلك الخطوة قد يفضي إلى اشتعال الانتفاضة الثَّالثة، بالتَّزامن مع انشغال المنطقة بحرب مع إيران يراها البعض حتميَّة؛ ما يستدعي التَّأمُّل في طبيعة مستقبل المنطقة في ظلِّ تلك الأحداث الفارقة الَّتي قد تعيد تشكيلها.

إيران تحذِّر من عواقب استفزاز أمريكا وإسرائيل

اتَّهمت إيران جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، الموساد، بالوقوف وراء الهجمات الَّتي تعرَّت لها قبل أيَّام، واستهدفت مخزون الصَّواريخ الباليستيَّة الإيـراني بمشاركة سلاح الجوِّ الأمريكي، وفقًا نشرته صحيفة جيروساليم بوست الإسرائيليَّة، مضيفةً أنَّ الهجوم نجح في تنفيذ أهدافه، بخلاف ما زعمته وسائل الإعلام الإيرانيَّة عن فشل الهجوم. وكان نظام ملالي الرَّافضة قد اتَّهم دولة الاحتلال الإسرائيلي من قَبل باستهداف منشأة نطنز النَّوويَّة عام 2020م، ومرفق نووي لذات المنشأة العام التَّالي، ومنشأة نوويَّة أخرى في كرج في ذات العام، إلى جانب تدمير حوالي 120 طائرة مسيَّرة في فبراير 2022م.

وقد حذَّرت البعثة الإيرانيَّة الدَّائمة لدى الأمم المتَّحدة من أنَّ أيَّ عمل استفزازي مشابه قد يفضي مستقبلًا إلى حرب إقليميَّة، حيث صرَّحت إلى صحيفة نيوزويك الأمريكيَّة بقولها “من وجهة نظر إيران، فإنَّ اتِّخاذ واشنطن للخيار العسكري على أي مستوى يعني دخول الولايات المتَّحدة الحرب، وفي الوقت الحالي، تعتبر إيران مثل هذا الاحتمال ضعيفًا”، لكنَّ الولايات المتَّحدة إذا ما تهوَّرت بشنِّ هجوم استفزازي جديد، فستصير مسؤولةً عن الإضرار بأمن المنطقة العربيَّة بأكملها. من جانبه، نفى ممثِّل القيادة المركزيَّة للقوَّات المسلَّحة الأمريكيَّة، جون مور، أن تكون بلاده قد شاركت في الهجوم الأخير على إيران. مع ذلك، يرى مراقبون أنَّ حرب الوكالة الدَّائرة بين دولتي الاحتلال الإسرائيلي وملالي الرَّافضة الدَّائرة منذ عقود قد تتطوَّر قريبًا إلى مواجهة مباشرة، خاصَّةً مع تهديد قوى إقليميَّة، منها المملكة العربيَّة السَّعوديَّة، بالسَّعي إلى امتلاك سلاح نووي على غرار إيران، وهو ما ينذر بمزيد من الاحتقان.

الغارديان البريطانيَّة: انتفاضة ثالثة تلوح في الأفق مع تصاعُد العنف

حذَّرت صحيفة الغارديان البريطانيَّة، في مقال صادر عن هيئة التَّحرير نشرته في 31 يناير 2023م، من اندلاع انتفاضة جديدة في الأراضي الفلسطينيَّة المحتلَّة؛ من جرَّاء تصاعُد أعمال العنف بين المستوطنين وقوَّات جيش الاحتلال الإسرائيلي من ناحية وعرب الأراضي المحتلَّة من النَّاحية الأخرى. فقد أشارت الصَّحيفة البريطانيَّة إلى أنَّ استطلاعًا للرَّأي أُجري حديثًا أوضح أنَّ 61 بالمئة من الفلسطينيين و65 بالمئة من اليهود الإسرائيليين يرون أنَّ انتفاضة جديدة صارت حتميَّة، وبخاصَّة بعد مذبحة جنين الَّتي قام بها الاحتلال، وجاء الرَّد الفلسطيني عليها بعمليتي القُدس وسلوان نهاية يناير الماضي. لم تسفر المباحثات الَّتي أجراها وزير الخارجيَّة الأمريكي، أنتوني بلينكن، في خضمِّ الأحداث الأخيرة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي عن نتائج ملموسة، خاصَّةً وأنَّ وعود حلِّ الدَّولتين ومنْح الفلسطينيين حُكمًا ذاتيًّا في الضَّفَّة الغربيَّة تتبخَّر مع الإجراءات العقابيَّة الَّتي ينفِّذها الاحتلال ضدَّ الفلسطينيين، بذريعة الانتقام من عائلات المعتدين على المستوطنين، وتشتمل على التَّهجير القسري من عدَّة مناطق في الضَّفَّة الغربيَّة، منها منطقتي جب المكبِّر والخان الأحمر القريبتين من القُدس المحتلِّ.

ونتساءل: هل يرجع إصرار دولة الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ أهدافها التَّوسُّعيَّة في المنطقة العربيَّة، من خلال إشعال حرب إقليميَّة تزيد من معاناة العرب وافتعال أزمات تسهِّل لها هدْم المسجد الأقصى لتأسيس الهيكل المزعوم، إلى خوف ساستها من تحقُّق نبوءة زوال الكيان الصُّهيوني، الَّذي تأسَّس رسميًّا عشيَّة 14 مايو 1948م، بعد 76 عامًا أو أكثر قليلًا، أسوةً بكافَّة الدُّول الإسرائيليَّة السَّابقة، وآخرها مملكة الحشمونائيم في القرن الأوَّل قبل الميلاد؟ وكان نتنياهو نفسه قد صرَّح في ندوة دينيَّة استضافها في منزله عام 2017م بخوفه من عدم بلوغ دول الاحتلال عامها الـ 100، حيث قال “المملكة الحشمونيَّة دامت 80 عامًا وإنَّ علينا بدولة إسرائيل أن نتخطَّى ونمرَّ هذه الفترة”!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى