مقالات

“النبي يعقوب” و”الذئاب المنفردة”!

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

“النبي يعقوب”، حي من أحياء مدينة القدس الشرقية، استولى عليه الصهاينة في العام 1967 بعد نكسة حزيران، وأقاموا فيه مستوطنة لهم بعد طرد سكانها الأصليين من الفلسطينيين، ويسكنه اليوم صهاينة متشددون يسعون إلى تهويد مدينة القدس وطرد سكانها العرب المسلمين والمسيحيين.

هذا الحي كان مسرحاً للعملية البطولية التي قام بها شاب فلسطيني مستهدفاً عدد من المستوطنين الصهاينة بمسدسه انتقاماً وثأراً للشهداء الذين اغتالتهم عصابات الصهاينة في مخيم جنين قبل يوم واحد من هذه العملية التي يطلق عليها الأمريكان والغرب تسمية “عملية إرهابية” تقوم بها “ذئاب منفردة” لا تنتمي إلى منظمات إرهابية معروفة، ولا ترتبط بها من خلال هيكلية تنظيمية، بل تكون متأثرة بأيديولوجيتها العنفية التي تدعو للعنف والتشدد واتباع أساليب إرهابية سبيلاً لتحقيق أهدافها.

تابعنا في فيسبوك

هكذا وبكل بساطة يتم تعامل الغرب المنافق مع قضايا العرب والمسلمين بازدواجية معايير يصبح فيها الصهيوني المتطرف ذو السجل الشائن “بن غفير “-وزير الأمن القومي الإسرائيلي- “ضحيّة ذئاب فلسطينية منفردة” ويتلقى برقيات التعازي والمساندة من الكثير من زعماء العالم المنافقين -منهم زعماء عرب- معربين فيها عن تضامنهم مع هذا الإرهابي وعصاباته من المستوطنين الصهاينة، ولا نجد من بين هؤلاء الزعماء من يستنكر جرائم الصهاينة التي لا تتوقف بحق شعب فلسطين وبحق أرضه ومقدساته!

“بن غفير” هذا الصهيوني الذي ينحدر من أصول عائلة عراقية كردية، هو من يدعو إلى تسليح جميع المستوطنين الصهاينة والسماح لهم بقتل أي فلسطيني يشتبه بأنه يشكل مصدر خطر على حياتهم حتى ولو كان طفلاً أو شيخاً أو امرأة مسنة، ولن يتعرض إلي أي مساءلة قانونية، مما يثبت، وبالدليل القاطع، أن دولة الصهاينة هي كيان عنصري يمارس الإرهاب والقتل مثل ما كانت عليه أمريكا في تعاملها مع الهنود الحمر والزنوج الأفارقة ومثل ما تمارسه دولة ملالي طهران بحق عرب الأحواز، ومثل ما فعله ويفعله النظام الأسدي المجرم في دمشق، فلا صحة لمقولة أن اسرائيل دولة متحضّرة يطبق فيها القانون على جميع من يحمل هويتها فجميع العرب داخل الخط الأخضر في اسرائيل -أي المناطق المحتلة بعام 1948 وعرب مدينة القدس- لا يتمتعون بالحد الأدنى من الحقوق التي تتكفل بها هوية المواطنة.

عن أي “ذئاب منفردة” تتحدثون أيها القتلة؟ وهل ابن الثالثة عشر الطفل “محمد عليوات” الذي قام بطعن اثنين من الصهاينة في حي “سلوان” في مدينة القدس ثأراً لأبناء جلدته الذين يراهم يلقون مصيرهم على يد المستوطنين الصهاينة في كل وقت وفي كل حين وفي باحات المسجد الأقصى، هل هذا الطفل هو من “الذئاب المنفردة” الإرهابية التي تزهق أرواح المدنيين الآمنين كما تدعي دول الغرب المافق؟ وكيف لمثل من في سنّه أن يحمل أيديولوجية متطرفة تدفعه ليقوم بعمليات إرهابية!

الطفل ” محمد عليوات” والشهيد “خيري علقم” -بطل عملية حي النبي يعقوب- هما فلسطينيان لم يحتملا كل هذا الكم من الإضطهاد والظلم وما يمارسه المستوطنون الصهاينة الذين أصبحوا أكثر وحشية وعدوانية في تعاملهم مع الفلسطينيين -بشكل عام ومع المقدسيين علي وجه التحديد- حيث أن حكومة الصهاينة المتطرفة بدأت بتطبيق خطة تهويد القدس وإخلائها من سكانها العرب لتصبح عاصمة لدولة الصهاينة كما هو وارد في “التوراة” التي تم تحريفها وتمت كتابتها بأيدي أحبار اليهود وحاخاماتهم، وليس فيها من التوراة التي نزلت على النبي”موسى عليه السلام ” أي دليل على أنها كلام الله وشريعته!

إذا كان هذا هو التعريف الغربي لمصطلح “الذئاب المنفردة” فإن قادم الأيام سيأتي بالقطعان من الذئاب التي لن تصبر على هذا الإحتلال وعلى من يقف إلى جانبه، وليسمونها كيفما يشاؤون ب “المنفردة” أو “المتفلّتة” أو حتى بالإرهابية ،فلم يعد لهذه التسميات أي معنى أمام معاناة الشعوب المضطهدة التي تبحث عن الحرية والسلام والعيش الكريم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى