منوعات

المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة (142) الجزء الرابع: الدولة العثمانية 24- السُّلْطَان الْغَازِي “مَحْمُود خَان الأول”

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب


ولد فِي 4 محرم سنة 1108هـ = 3 اغسطس سنة 1696م
تولى سنة 1143هـ = 1730م
توفي يَوْم الْجُمُعَة 27 صفر سنة 1168هـ = 13 دسمبر سنة 1754م
وَكَانَت مُدَّة حكمه 25 سنة، وقد بَلغ من الْعُمر 60 سنة
وقام بعده أخوه عثمان الثالث خلفاً له.
اسمه ونسبه:
السُّلْطَان الْغَازِي مَحْمُود خَان الأول ابْن السُّلْطَان مصطفى الثَّانِي. ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد الرَّابِع ابْن السُّلْطَان إِبْرَاهِيم ابْن السُّلْطَان أَحْمد ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد الثالث ابْن السُّلْطَان مُرَاد الثالث ابْن السُّلْطَان سليم الثاني ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان القانوني ابْن سليم الأول فاتح مصر وَالشَّام ابْن السُّلْطَان بايزيد خَان ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فاتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة ابْن مُرَاد الثانبي بْن مُحَمَّد ابْن يلدرم بايزيد ابْن مُرَاد بْن أورخان ابْن عُثْمَان خَان الْغَازِي (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص320، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 121، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع 2/ 269، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص 310)
مولده:
ولد فِي 4 محرم سنة 1108هـ = 3 اغسطس سنة 1696م . (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 320)
صفاته وسماته الشخصية:
كان متصفاً بِالْعَدْلِ والحلم، وميله للمساواة بَين جَمِيع رعاياه، بِدُونِ نظر لفئة دون أخرى، فمات ماسوفا عَلَيْهِ من جَمِيع العثمانيين (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 325)
وَفِي أيامه اتَّسع نطاق الدولة بآسيا وأوروبا (تاريخ الدولة العثمانية ص 325)
من آثاره الحسان تأسيس أرْبَعْ كتبخانات (مكتبات) ألحقها بجوامع آيا صوفيا، وَمُحَمّد الفاتح، والوالدة، وغلطه سراي، وَمن وزرائه الَّذين تركُوا لَهُم فِي التَّارِيخ اسْما طوبال عُثْمَان باشا وَحَكِيم زَاده عَليّ باشا. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 326)
ولايته وسلطنته:
السلطان محمود الأول (1143 – 1168هـ/1730 – 1758م) (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص 312)
ثار الانكشارية سنة 1143هـ = 1730م، وقتلوا الصدر الأعظم وأمير البحر وامتد أذاهم وعصيانهم، وعزلوا الخليفة أحمد الثالث وقام الانكشارية بتولية ابن أخيه محمود الأول بن مصطفى الرابع. (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 298، بترقيم الشاملة آليا)
فتولّى السّلطان محمود خان الأول بعد السّلطان أحمد خان غازي الثالث فاتح المورة سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف 1143هـ(نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 65)
وَلما تولى لم يكن لَهُ إلا الِاسْم فَقَط، وَكَانَ النّفُوذ لبطرونا خَلِيل يولي من يَشَاء ويعزل من يَشَاء، تبعاً للاهواء والأغراض، حَتَّى عيل صَبر السُّلْطَان من استبداده، وتجمهر حوله رُؤَسَاء الإنكشارية لتعدي هَذَا الزعيم على حُقُوقهم، وَاتَّفَقُوا على الْغدر بِهِ، تخلصاً من شَره، فَقَتَلُوهُ، وَلم يقوَ محاربوه على الأخذ بثأره، بل اطفئت ثورتهم فِي دِمَائِهِمْ، وَبِذَلِك عَادَتْ السكينَة للمدينة وأمن النَّاس على أموالهم وأرواحهم. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 320)
تولى الحكم بعد أن هدأت الأحوال بسبب اضطرابات الإنكشارية (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص 312)
وفاته:
توفي الخليفة العثماني محمود الأول بن مصطفى الثاني يَوْم الْجُمُعَة 27 صفر سنة 1168هـ = 13 دسمبر سنة 1754 (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 325)، وقيل: في 21 صفر (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 330)
بَالغا من الْعُمر سِتِّينَ سنة (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 325)
وَكَانَت مُدَّة حكمه 25 سنة (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 325، نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 65، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 330)
وقام بعده أخوه عثمان الثالث خلفاً له، وبويع في جامع أبي أيوب الأنصاري، وهنأه سفراء أوروبا. (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 330، بترقيم الشاملة آليا)
أعماله وأهم الأحداث في أيامه:

  • بسبب اضطرابات الإنكشارية قرر السلطان محمود الأول استقدام مستشار أوروبي فرنسي للشؤون العسكرية واسمه الكسندر الكونت دي بونفال، وقد عهد إليه بإحياء فرقة المدفعية، وأدخلت أنظمة جديدة للخدمة العسكرية على أسس فرنسية ونمسوية، بهدف جعل الخدمة العسكرية من جديد مهنة حقيقية، وذلك بتوفير المرتبات والمعونات. واقترح توزيع فرق الإنكشارية إلى وحدات صغيرة يقودها ضابط شاب، غير أن الإنكشارية عارضوا تنفيذ هذه الخطة وأوقفوها، مما أدى الى تركيز بونفال على فرقة المدفعية. (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص 312)
  • واهتم كذلك بصناعة المدافع والبارود والبنادق والألغام وعربات المدافع، وافتتح مدرسة للهندسة العسكرية، إلا أن الإنكشارية عارضوا كل المشروعات، وعلاوة على ذلك أنشأ مصنع للورق، لكن هذه الإصلاحات سرعان ما اندثرت. (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص313)
  • وفي شعبان1147هـ = 1735م تم افتتاح مدرسة الهندسة الإمبراطورية في الدولة العثمانية؛ وكان الهدف الأول من إنشائها هو تخريج ضباط الاستحكامات والمهندسين العسكريين للجيش العثماني. (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 306، بترقيم الشاملة آليا)
    حروبه ومعاهداته:
    العثمانيون مع الصفويون:
    وَبعد ان استتب الأمن في الدولة العثمانية استأنفت الْحَرْب مَعَ مملكة الْفرس، وتغلبت الجيوش العثمانية على جنود الشاه طهماسب فِي عدَّة وقائع، أهمها معركة كوريجان في ربيع الأول 1143هـ = 1730م وهي المعركة التي استرجعت فيها الدولة العثمانية مدينة همدان بعد انتصارها على الإيرانيين والتي قتل فيها ثلاثة أرباع الجيش الصفوي المكون من 40 ألف جندي. فَطلب الشاه الصُّلْح، وَتمّ بَين الدولتين الأمر على ان تتْرك مملكة الْعَجم للدولة العثمانية كل مَا فَتحته مَا عدا مَدَائِن تبريز وأردهان وهمذان، وَبَاقِي إقليم لورستان، فِي 12 رَجَب سنة 1144هـ = 10 يناير سنة 1732م، (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 320، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص313، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 299، بترقيم الشاملة آليا)
    غير أن والي الشاه على خراسان وهو نادر شاه، لم يقبل بهذه المعاهدة. فسار بجيوشه إلى أصفهان، وعزل الشاه طهماسب وولى مكانه ابنه عباس، وعيَّن عليه مجلس وصاية، وسار لحرب العثمانيين فانتصر عليهم، وحاصر بغداد في رجب 1145هـ = 1733م التي كانت خاضعة للدولة العثمانية، واستمر هذا الحصار 7 أشهر و8 أيام. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 321، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص313، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 303)
    صفر1146هـ = 1733م تلقى الشاه الإيراني نادر خان هزيمة قاسية من الدولة العثمانية أمام مدينة بغداد، في حرب استمرت 9 ساعات، خسر خلالها 30 ألف جندي تقريبا. (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 305، بترقيم الشاملة آليا)
    معاهدة استانبول مع إيران.
    وَجَرت بَينهمَا بعد ذلك عدَّة وقائع، قتل فِيهَا عُثْمَان باشا، وبعد حرب دامت ست سنوات بين الإيرانيين والدولة العثمانية، طلبت الدولة العثمانية توقيع معاهدة استانبول مع إيران بقيادة نادر خان، وَبعد مخابرات طَوِيلَة، اتّفق مَنْدُوب الدولة مَعَ نادرخان فِي 18 جُمَادَى الاولى سنة 1149هـ = 24 سبتمبر سنة 1736 م فِي مَدِينَة تفليس، حَيْثُ نودى بنادرخان ملكاً على الْعَجم على أن ترد الدولة العثمانية إِلَى الْعَجم كل مَا أخذته مِنْهَا، وأن تكون حُدُود الدولتين كَمَا تقرر بمعاهدة سنة 1639 المبرمة فِي زمن السُّلْطَان الْغَازِي مُرَاد الرَّابِع. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 321، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص313، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 301، 8/ 311، بترقيم الشاملة آليا)
    الحرب مع الدول الأوروبية:
    وَفِي غُضُون ذَلِك قَامَت الْحَرْب بَين الدولة العثمانية والروسيا بِسَبَب مملكة بولونيا وَذَلِكَ أن كل من الروسيا والنمسا والبروسيا اتّفقت فِي سنة 1722 بِمُقْتَضى اتِّفَاق سري على أن لَا يجوز تعْيين ملك وطني على بولونيا، خوفاً من اتحاده مَعَ الأهالي، الأمر الَّذِي يكون من وَرَائه استقامة أحوال هَذِه المملكة الداخلية، مَعَ أن قصد الروسيا وجود الاضطرابات بهَا دَائِما حَتَّى تضعف كُليةً، فتستولي عَلَيْهَا بأجمعها، اَوْ تقسمها مَعَ مجاوريها، تبعاً لسياسة بطرس الأكبر، القاضية بالسعي فِي تحاشي دَوْلَتِي السويد وبولونيا فالدولة الْعثمانية، فَلَمَّا توفّي أوغست الثَّانِي ملك بولونيا، انتخب الأهالي فِي سنة 1733م، ستانسلاس لكزنيسكي ملكا عَلَيْهِم، بسعي فرنسا الَّتِي كَانَ من صَالح سياستها بَقَاء بولونيا فِي الْعَالم السياسي عزيزة الْجَانِب، يحكمها ملك من أهلها. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 321)
    فاعلنت روسيا والنمسا الْحَرْب على بولونيا، وَنَادَوْا بأغوست الثَّالِث ابْن أغست الثَّانِي ملكاً عَلَيْهَا، وَلَو لم ينتخبه الأهالي، وَمن جِهَة أخرى أشهرت فرنسا الْحَرْب على النمسا، دفاعاً عَمَّا لبولونيا من الْحق الصَّرِيح فِي انتخاب من تُرِيدُ، (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 322، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص313)
    وسعت لَدَى الْبَاب العالي بِوَاسِطَة المسيو دي بونفال الَّذِي خدم الدولة العثمانية بعد أن أسْلَمْ واشتهر فِيهَا باسم أحْمَد باشا قَائِد الطوبجية لاستمالته للدفاع عَن اسْتِقْلَال بولونيا، الحاجز الْحصين بَينهَا وَبَين الروسيا، مُوضحَة لَهَا سياسة هَذِه الدولة الطامحة انظارها لامتلاك الْقُسْطَنْطِينِيَّة كَمَا أوصى لَهَا بذلك بطرس الأكبر فَلم يصغ وزراء الدولة لندائها لجهل فِي السياسة أوْ لاسباب أخرى، وَلذَلِك تغلبت الروسيا على ستانسلاس، واحتلت جنودها مملكة بولونيا بأسرها، ووزراء الدولة لاهون عَن نتائج هَذِه السياسة الوخيمة، الَّتِي رُبمَا كَانَت السَّبَب فِي وُصُول الدولة إِلَى الدرجَة الَّتِي وصلت إليها بعد ذلك. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 322)
    وَلما أحست النمسا أن فرنسا تسْعَى وَرَاء التَّحَالُف مَعَ الدولة العثمانية، فَخَشِيت من حُصُول هَذَا الِاتِّفَاق، الَّذِي يكون نتيجته عدم نجاح مسعاها مَعَ الروسيا فِي بولونيا، أسرعت فِي إرضاء فرنسا فأبرمت مَعهَا معاهدة ويانة فِي سنة 1735م، (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 322، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص313)
    الحرب بين العثمانيين وبين الروس ومعهم النمسا.
    في ذي الحجة 1148هـ = 1736 وأخذت النمسا فِي التأهب والاستعداد، واتحدت مع روسيا لمحاربة الدولة العثمانية التي كانت خارجة من حرب إيران، فاتخذت روسيا مُرُور بعض قوزاق القرم من أراضيها فِي مارس سنة 1736م متجهين إِلَى بِلَاد الكرج لمساعدة الدولة ضد الْعَجم حجَّة لإعلان الْحَرْب، وأغارت بِكُل قواها على بِلَاد القرم، واحتلت ميناء آزاق وَغَيرهَا من الثغور البحرية، في ذي الحجة 1148هـ = 1736م، وَهُوَ مَا حدا بالدولة إِلَى إبرام الصُّلْح مَعَ نَادِر شاه لتتفرغ لصد هجمات الروس. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 322، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 308، بترقيم الشاملة آليا)
    ولحسن حَظّ الدولة كَانَ قد تقلد منصب الصدارة رجل محنك، اشْتهر بِحسن السياسة وسمو الإدراك، وَهُوَ الْحَاج مُحَمَّد باشا، فَلم يغْفل طرفَة عين عَن جمع الجيوش، وتجهيز المعدات، وأعلن الحربَ على روسيا في 7 صفر 1149هـ (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 322، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص313، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 308، بترقيم الشاملة آليا)
    وتمكن فِي أقْربْ وَقت من إيقاف تقدم الروس، الَّذين كَانُوا قد احتلوا إقليم البغدان، ودخلوا مَدِينَة باسى عَاصِمَة هَذَا الإقليم وكانت روسيا ساقت جيوشها تحت قيادة الفلد مارشال مونيخ، وحاصرت فرقة منه قلعة أزاق ودخلت فرقة أخرى من برزخ أورقبو، وهددت بلاد القرم وهاجمت فرقة ثالثة قلعة كيلبرون، فاضطرت الدولة العثمانية لإعلان الحرب عليها، وسار إليهم الصدر الأعظم على رأس الجيوش، وَمن جِهَة أخرى انتصرت الجيوش العثمانية على جيوش النمسا التي أغارت على بِلَاد ثم تقدمت الجيوش العثمانية وقاتلت النمسا، وانتصرت عليها، وشتت جيوشها في الوقائع التي حدثت في خلال سنة 1149هـ، و1150، و1151هـ ، ودخلت عساكرها بلاد بوسنة، واسترد العثمانيون جهات نيش وشهر كوي، والفلاخ، وانتصر الْمُسلمُونَ فِي الصرب وألجاؤوا النمساويين على الْجلاء عَنْهَا، تاركين فِي كل مَوضِع قدم حثث رِجَالهمْ، ثم هزم جيش محمد باشا جيشاً ثالثاً للنمساويين، وكان يتقدم على ويدوين، وأحرق العثمانيون لهم سبع سفن حربية، وتقهقروا إِلَى مَا وَرَاء نهر الدانوب فِي سنة 1737م، فعبرت الجيوش العثمانية نهر الدانوب، واستولوا على أراضي باجوه وحوالي مهاديا وإقليم طمشوار، واغتنموا جميع ذخائر ومدافع النمساويين، وفتح الصدر الأعظم قلعة أوسوفا وقلعة أطه وسمندرة، أما جيوش روسيا فقد لاقت مثل ما لاقت جيوش النمسا من الاندحار وذلك في الوقائع التي حدثت بقرب شاطىء نهر بروت وجهة أورقيو ودخل الأسطول العثماني إلى البحر الأسود تحت قيادة القبودان سليمان باشا، وسحق الأسطول الروسي في بحر أزوف (آزاق)، وَاسْتمرّ الْحَال على هَذَا المنوال من النَّصْر والفوز على الاعداء، فاضطرت النمسا وروسيا بإزاء هذه الهزائم المتوالية أن تطلب الصلح وتدخلت دول فرنسا وهولندا والسويد في الأمر، بِوَاسِطَة المسيو فلنوف سفير فرنسا، فَقبل التَّوَسُّط بِكُل ارتياح، وَسَار إِلَى معسكر الصَّدْر الأعظم، وَعرض عَلَيْهِ الصُّلْح بالنيابة عَن النمسا، فَاشْترط شُرُوطًا مَا كَانَت لتقبلها لَوْلَا انتصار الْمُسلمين على قائدها الشهير، فِي يَوْم 23 يوليو سنة 1739م. (تاريخ الدولة العثمانية ص 322، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص313، الموسوعة التاريخية 8/ 309)
    معاهدة بلغراد.
    فَكَانَ هَذَا الْفَوْز الأخير على النمسا وروسيا أكبر مساعد للوصول إِلَى الصُّلْح الَّذِي تمّ بَين الدولة العثمانية من جهة وَبَين النمسا وروسيا من جهة أخرى، ووقعت الدولة العثمانية معاهدة بلغراد مع كل من النمسا وروسيا، فِي 14 جُمَادَى الْآخِرَة سنة 1152هـ = 18 سبتمبر سنة 1739 م على أن تتنازل النمسا للدولة الْعثمانية عَن مَدِينَة بلغراد بعد احتلالٍ دام 22 سنة، وَمَا أعطي لَهَا من بِلَاد الصرب والفلاخ بِمُقْتَضى معاهدة بساروفتس أما روسيا فتعهدت قيصرتها حنه بهدم قلعة آزاق وَعدم تجديدها فِي الْمُسْتَقْبل، وتسليم أرضها للعثمانيين وألاَّ تبحر أية سفينة روسية في البحر الأسود، أوْ ببحر آزاق، بل تكون تجارتها على مراكب أجنبية، وَبَان ترد للدولة كل مَا فَتحته من الأقاليم والبلدان، وَسميت هَذِه المعاهدة معاهدة بلغراد، وَبِذَلِك انْتَهَت هَذِه الْحَرْب باسترداد جُزْء عَظِيم مِمَّا فقدته الدولة العثمانية من ممالكها بِمُقْتَضى معاهدة كارلوفتس بِضعْف وَعدم كفاءة أوْ عدم صدق وإخلاص بعض الوزراء، مِمَّا جعل الدولة على شفا جرف هارٍ، وَلَو أخلص هَؤُلَاءِ الوزراء، وَجعلُوا ترقية شأن الدولة نصب أعينهم، ونبذوا الغايات الشخصية ظهرياً، لما فقدت شبْرًا من أرضها. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 323، الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ص313، الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 309، 8/ 314، بترقيم الشاملة آليا)
    ومحت معاهدة بلغراد مَا لحق بالدولة من الْعَار بِسَبَب معاهدة كارلوفتس (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 326)
  • وَبعد ذَلِك بذل المسيو فلنوف سفير فرنسا جهده فِي إقناع الْبَاب العالي بضرورة الِاتِّحَاد مَعَ السويد لمحاربة الروسيا لَو تعدت على أحدهما، خوفًا من أن يلْحق بهما تباعاً مَا أودى ببولونيا، وَجعلهَا خاضعةً فعلاً لأوامر روسيا، فاقتنعت الدولة وأبرمت مَعَ السويد محالفة هجوم ودفاع ضد الروسيا فِي سنة 1740م. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 323)
  • وَفِي هَذِه السّنة تحصل سفير فرنسا على تَجْدِيد الامتيازات القنصلية، وكافة المزايا الممنوحة للتجار الفرنساويين، وأمضى الطرفان هَذِه الْمعَاهد الجديدة فِي 17 سبتمبر سنة 1740 وَهِي عبارَة عَن معاهدة سنة 1673 مَعَ بعض تسهيلات جَدِيدَة لفرنسا وتجارتها، (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 323)
  • وأرسل السُّلْطَان سفيراً من طرفه اسْمه سعيد ليقدم صُورَة المعاهدة إِلَى ملك فرنسا لويس الْخَامِس عشر، مَعَ كثير من الْهَدَايَا الثمينة، فقابله الْملك بالاحتفاء والاكرام اللَّائِق بمقام مرسله السَّامِي، وَعند عودته شيعه بالتبجيل والإجلال، وأرسل مَعَه مركبين حربيين، وَجُمْلَة من المدفعية الفرنساويين هَدِيَّة مِنْهُ للخليفة، ليكونوا معلمين فِي الجيوش العثمانية فيمرنوا الْجنُود المظفرة على النظامات الجديدة، الَّتِي أدخلها لوفوا الشهير فِي الجيوش الفرنساوية. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 324)
  • وَبعد ذَلِك بِقَلِيل توفّي شارل السَّادِس إمبراطور النمسا فِي 20 من شهر اكتوبر سنة 1740 وتولت بعده ابْنَته ماريه تيريزه، فاتحدت فرنسا مَعَ بعض الدول على محاربة هَذِه الملكة، واقتسام أملاكها، لما بَين فرنسا والعائلة الحاكمة فِي النمسا من الضغائن الْقَدِيمَة، وسعي فرنسا دَائِما فِي إذلال النمسا، وَهدم أركان سلطانها، وبسبب موت هَذَا الْملك حصلت الْحَرْب الشهيرة بَين فرنسا والنمسا الْمَعْرُوفَة فِي التَّارِيخ بمحاربة إرث ملك النمسا، الَّتِي استمرت عدَّة سِنِين، وانتهت بفوز ماريه تريزه على فرنسا (تاريخ الدولة العثمانية ص 324)
  • وَلما ابتدأت هَذِه الْحَرْب أظهرت فرنسا للدولة الْعلية بِوَاسِطَة سفيرها لَدَى الْبَاب العالي مَا يعود عَلَيْهَا من الفوائد لَو اتّحدت مَعهَا على محاربة النمسا، وَعرضت عَلَيْهَا احتلال بِلَاد المجر، واسترجاعها إِلَى املاكها، بِحَيْثُ ترجع الدولة إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ من الاتساع أيام سُلَيْمَان الأول القانوني، ويمكنها بعد ذَلِك مقاومة الروسيا، وَالْوُقُوف فِي طَرِيق تقدمها، وأبانت لَهَا أنها إن لم تفعل ذَلِك تقدّمت الروسيا شَيْئا فَشَيْئًا وقويت شوكتها تدريجيا حَتَّى يخْشَى مِنْهَا على وجود الدولة. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 324)
  • وَلَا يخفى أنها ملاحظات صَادِقَة وَلَو أنها صادرة من فرنسا طَمَعا فِي نوال غايتها وَهِي إذلال النمسا، إلا أنه كَانَ يجب على رجال الدولة النّظر إليها بِعَين الِاعْتِبَار، فان هَذِه فرْصَة لن تتجدد بعد، لَكِن قَضَى تقدير الله أن لَا تصغي إِلَى هَذِه النصائح، حباً فِي السّلم، وَعدم إراقة دِمَاء الْعباد، والاشتغال بالإصلاحات الداخلية، وكتبت إِلَى الدول ذَات الشَّأْن تدعوهم للتصالح، وَهَذِه سياسة صادرة عَن سياسات شريفة، إلا أنها تعد من الغلطات المهمة، الَّتِي عَادَتْ على الدولة بوخيم العواقب، لأنها أضاعت فرْصَة، لَو انتهزتها لفازت بالقدح الْمُعَلَّى، واسترجعت مَا فصل عَنْهَا من الفتوحات بِدُونِ كثير عناء. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 325)
    وَهُنَاكَ غلطة أخرى ارتكبها رجال الدولة، وَهِي نزع السلطة فِي إقليمي الفلاخ والبغدان من أشراف الْبِلَاد، خوفًا من تمردهم، وطلبهم الِاسْتِقْلَال، وَتَعْيِين بعض أغنياء الرّوم، من تجار الأستانة، فِي مُقَابل جعل سنوي يدْفع للخزانة السُّلْطَانِيَّة، وَكَانَت تُعْطى لمن يدْفع خراجاً أكثر من غَيره، وَظَاهر أن من يقدم على التعهد بِمثل هَذِه المبالغ الطائلة عازم وَلَا شكّ عل الْحُصُول على مَا يَدْفَعهُ أضعافا مضاعفة من دِمَاء الأهالي، فاستبد هَؤُلَاءِ المعينون بالسكان، وساموهم الذل والخسف، وفتكوا بالأشراف الأصليين، وَقتلُوا كل من خالفهم مِنْهُم، وَبَاعُوا القاب الشّرف جهاراً حَتَّى انقرضت أغلب العائلات الاثيلة فِي الْمجد، وحلت محلهَا عائلات جَدِيدَة، أغلبها من تجار الأروام الَّذين اشْتَروا الالقاب بِدَرَاهِم مَعْدُودَة، وَكَانَت نتيجة هَذِه السياسة أن سئم الأهالي هَذِه السلطة، ومالوا بكلياتهم إِلَى الروسيا، ووجهوا أنظارهم لَهَا، معتقدين أنها سَتَكُون منقذتهم من هَذِه الْمَظَالِم المستمرة، وَلَو أنصفت الدولة لجعلتها ولايتين بِدُونِ امتيازات تتناوبها الْوُلَاة، فَمَا كَانَت تطمح إِلَى الِاسْتِقْلَال الاداري فالسياسي. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 325)
    دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب.
  • خرج الداعية المعروف الإمام محمد بن عبدالوهاب من العيينة بنجد يدعو إلى دين الله القويم، وقد كانت منطقة نجد في هذه الفترة انتشر فيها الشرك والبدع، فلقي الشيخ صعوبات كثيرة، إلى أن يسر الله الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية فتم بينهما اتفاق تاريخي في سنة 1157هـ = 1744م، بحيث يقوم الأمير محمد بن سعود بمؤازرته ودعمه وحمايته، ليقوم بتبليغ الدعوة، فانطلق الشيخ محمد بن عبدالوهاب يصحح الأوضاع الدينية المتردية فقويت الدرعية سياسياً ودينياً، وانطلقت جيوشها لتوحيد الأجزاء المتفرقة، ونشر الدعوة فيها. (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 316، بترقيم الشاملة آليا)
  • طلب أمير الأحساء وزعيم بني خالد سليمان بن محمد بن غرير آل حميد من حاكم العيينة التخلص من الشيخ محمد بن عبدالوهاب بالقتل وإلا فسيقطع عنه الخراج أو المعونة الاقتصادية، قام حاكم العيينة بإيضاح الأمر للشيخ وطلب منه مغادرة العيينة في أقرب وقت؛ فاختار الشيخ بلدة الدرعية والتي كان يحكمها محمد بن سعود ووصلها سنة 1157هـ = 1744م ، وحل ضيفاً على أحد تلاميذه فيها، ومن بعدها تحالف هو والأمير محمد بن سعود، وصارت الدرعية مركزا لنشر دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية. (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 317، بترقيم الشاملة آليا)
  • وقد بدأ الصراع العسكري بين الدرعية والرياض بعد انضمام منفوحة إلى دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في سنة 1159هـ = 1746م، حيث قام دهام بن دواس بالهجوم عليها، وضمها إلى الرياض، وربما كان دافعه أنه كان هو وإخوته في منفوحة، وأُجْلُوا عنها، بالإضافة إلى شعوره بقوة مركزه في الرياض، الأمر الذي ظن معه أنه يتيح له استرداد منفوحة وضمها إلى حكمه، لكنه فشل بسبب المقاومة العنيدة من أمير منفوحة عليّ بن مزروع، ومن سكانها، وأصيب دهام بجرحَين أثناء الاشتباكات بينه وبين أهاليها، وعلى إثر هذه الحادثة جهز الإمام محمد بن سعود حملة صغيرة على دهام استطاعت الوصول داخل الرياض، ومهاجمة قصره فيها، وعادت إلى الدرعية، وقد هاجم دهام العمارية وقتل أميرها عبدالله بن علي، وعقر إبله، فلما بلغ ذلك الإمام محمد بن سعود جمع أهل الدرعية وعرقة، وأراد أن يرصد عودة جيش دهام من العمارية ويكمن له، وكان دهام بن دواس قد كمن في الموضع نفسه فالتقى الفريقان واقتتلوا قتالاً شديداً انهزم فيه دهام، وجَدّ أهل الدرعية في إثره ولكنهم فوجئوا بخروج فرقة لابن دواس من جهة العمارية فوقع القتل وانكسر جيش آل سعود، ولكن أخذت الدرعية بثأرها حينما قام الإمام محمد بن سعود بحملة على دهام وجرت موقعة في مكان يقال له الوشام انهزمت فيها قوات الرياض ودعيت بوقعة ” الشياب ” لأنه قتل فيها شايبان (أي شيخان مسنان) من آل شمس من أهل الرياض وأراد الإمام محمد بن سعود أن يلاحق دهاماً ويلحق به هزيمة منكرة فقام بحملة أخرى على الرياض كانت نتيجتها هزيمة دهام مرة أخرى وسميت هذه الوقعة ” وقعة العبيد ” لأن معظم من قتل من رجال دهام كانوا من العبيد، ثم جهز دهام جيشاً وهاجم الدرعية ولما اندفعت نحوه قواتها تظاهر بالتقهقر فظن جيش الدرعية أن جيش دهام قد انهزم إلا أن جيش الرياض كان قد نصب كميناً لجيش الدرعية فكانت الهزيمة لجيش الدرعية وقتل فيها الأميران فيصل وسعود ابنا الإمام محمد بن سعود وكل هذه الحروب كانت في سنة 1159. (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 319)
  • وفي سنة 1160هـ = 1747م قامت الدرعية بقيادة أميرها محمد بن سعود، بتجهيز جيش قوي للهجوم على الرياض، رداً على هزيمة الدرعية في “وقعة العبيد”، إلا أن أحد أهالي بلدة حريملاء من آل داود ويدعى أبو شيبة، كان قد أفشى للرياض سر المعلومات التي هيأتها الدرعية لمهاجمة الرياض فكانت النتيجة متكافئة بين الجيشين. (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 321)
    وفي سنة 1163هـ = 1749م جرت وقعة البطحاء في الرياض وذلك أن محمد بن سعود سار بجنوده ووصل المكان المعروف بباب المروة ومعه رجال مشهورون بالشجاعة، منهم علي بن عيسى الدروع وسليمان بن موسى الباهلي ومحمد بن حسن الهلالي وعلي بن عثمان بن ريس وعبدالله بن سليمان الهلالي وإبراهيم الحر فخرج إليهم أهل الرياض ووقع قتال شديد، قتل فيه من أهل الرياض سبعة رجال. (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 325)
  • وفي سنة 1167هـ = 1753م اجتمع في الدرعية الشيخ محمد بن عبدالوهاب والإمام محمد بن سعود، بالإضافة إلى كبار أنصار الدعوة الذين قدموا من مختلف البلدان للتباحث في شؤون الدعوة والمواقف اللازم اتخاذها ضد أعدائها وكان دهام بن دواس قد تضجر من الحرب مع آل سعود فلما سمع بهذا التجمع مال إلى المهادنة وطلب من الشيخ محمد بن عبدالوهاب والإمام محمد بن سعود عقد صلح بينه وبين الدرعية وتعهد باعتناق مبادئ الدعوة السلفية إلا أنه نكث هذا العهد في العام التالي سنة 1168 هـ وسانده على ذلك محمد بن فارس رئيس منفوحة وهكذا تجددت الاشتباكات بين الدرعية والرياض. (الموسوعة التاريخية – الدرر السنية 8/ 329، بترقيم الشاملة آليا)
    ضاهر العمر
    هو ظاهر بن عمر بن أبى زيدان. وُلِد فى صفد سنة 1106هـ، وكان والده وجده وأعمامه حكامًا فى صفد وعكا، تولى إدارة عكا وصفد، وكان له دور مهم فى تاريخ فلسطين خلال القرن الثانى عشر الهجرى، فأقام إمارة قوية فى شمالي فلسطين ضمَّت صفد وطبرية والجليل الأعلى والناصرة ونابلس وعكا، وأصبحت إمارته مصدر قلق وتهديد دائمين للولاة العثمانيين فى دمشق على مدى ربع قرن، فقاتله سليمان باشا والى دمشق سنة 1150هـ، فتحصن فى طبرية، إلاَّ أن موت سليمان باشا أدَّى إلى ازدياد نفوذ ظاهر العمر، فقام بتحصين عكا وبناء سورها، وضمها إلى إمارته، واتخذها عاصمة لها، وانتعشت التجارة فى عهده، واستقَّر الأمن، ولكن طموح ظاهر العمر دفعه إلى التوقف عن دفع الضرائب للعثمانيين، وتحالف مع على بك الكبير حاكم مصر واتفقا على عصيان العثمانيين، فحاربا الوالي العثمانى في الشام عثمان باشا الصادق، واضطرت الآستانة إلى الاعتراف بولاية ظاهر العمر، ولكن سرعان ماضعف أمره بعد مقتل على بك الكبير، فأصدرت الدولة العثمانية أوامرها إلى حسن باشا الجزائرى – أمير البحر العثمانى بالقضاء على ظاهر العمر واحتلال عكا، فاغتاله رجل مغربى وهو يستعد لمقاومة العثمانيين، فانهارت دولته بمقتله. (الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي 10/ 400)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى