دين ودنيا

حق الطريق في الإسلام


طريف مشوح

كاتب وباحث سوري
عرض مقالات الكاتب

في الحديث الشريف الذي رواه، أبو سعيد الخدري، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
(إياكم والجلوس على الطرقات)، فقالوا مالنا بد إنما هي مجالسنا نتحدث فيها، قال (فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها)، قالوا وما حق الطريق؟، قال (غض البصر وكف الأذى وردّ السلام وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر). أخرجه البخاري.

تابعنا في فيسبوك

نحن أمام حديث تنظيمي لظاهرة منتشرة في المجتمع منذ القدم وهي ظاهرة الجلوس على الطرقات.. يحاول فيه الرسول عليه الصلاة والسلام منع هذا الأمر أو تنظيمه للحد من أخطاره وأضراره على علاقات الناس والمجتمع وبيان الآداب الجليلة التي رغّب في أدائها.
فحقّ الطّريق الالتزام بالآداب الإسلاميّة والأخلاق النبيلة، وعدم الإساءة فيها لأي كان.

يقول الرسول الكريم “إياكم والجلوس على الطرقات”.
(وإياكم تتضمن التحذير)، فقالوا: مالنا بد إنما هي مجالسنا نتحدث فيها (أي هي منتدياتنا التي نجتمع فيها إلى بعض نتحدث ونتسامر) قال “فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها” قالوا وما حق الطريق؟
فهل للطريق حقوق؟! نعم هي حقوق وآداب وهذا مابينه صلى الله عليه وسلم عندما أجاب “غض البصر وكف الأذى ورد السلام وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر”.

فما هي تفاصيل هذه الحقوق والآداب؟
١- غض البصر:
صرف البصر عما لا يحل له النظر اليه.. فالنظرة سهم مسموم من سهام إبليس ويشمل الرجال والنساء، يقول الحق تبارك وتعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون.. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهز ويحفظن فروجهن….) سورة النور ٣٠-٣١.

فغضّ البصر جاء بأمر الله جل وعلا،
وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام مخاطبًا علي رضي الله عنه: (يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة).أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي.

وروى مسلم أن جرير بن عبدالله، رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري.

ومعنى نظر الفجأة: أن يقع البصر على المرأة الأجنبية دون قصد.
وقديمًا قال الشاعر:
كل الحوادث مبداها من النظر
ومعظم النار من مستصغر الشرر

٢– كف الأذى:

وهو أعم من غض البصر، روى البخاري عن أبي هريرة، قال: أن النبي ﷺ قال: (الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان).
ويتضمن كف الأذى إزالة كل مايعيق حركة الإنسان والدواب كالأحجار وأغصان الأشجار، وكذلك عدم قضاء الحاجة في طريق الناس أو في ظلهم، وإعانتهم في ركوبهم ومساعدتهم في رفع متاعهم الى المركوب.
ويتضمن كف الأذى أيضا عدم اعتراض الناس وعدم غمزهم ولمزهم وتناولهم بالغيبه والنميمة أو شتمهم واعتراضهم في أمور خاصة بهم، وهي صدقة.

جاء في الحديث الذي رواه أبو ذر (أي العمل أفضل) كان منه: “تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك “.
وبسببه أدخل رجل الجنة.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره، فشكر الله له فغفرله”. (رواه البخاري ومسلم).

٣- ردّ السلام:
وكما هو واجب ففيه إكرام للمار الذي يبتدا بالسلام على الجالس والسلام يعتبر رسول إلفة وداعية محبة وعلى الجالس أن يرد التحية والسلام.

قال تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيّوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا﴾  النساء: ٨٦.

وهو واجب لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث، الذي رواه أبو هريرة، رضي الله عنه: “خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز” (رواه البخاري ومسلم). 

٤- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استحقت الأمة الإسلامية الخيرية على الأمم:
يقول جل وعلا: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) آل عمران: ١١٠

فهذا الأمر مميز لأمة محمد وصفة بارزة فيها، والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر هم الأمة الناجية، قال تعالى (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم واهلها مصلحون) هود ١١٧.

ويدخل في الأمر المعروف والنهي عن المنكر حديث أبو سعيد الخدري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى منكم منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك لضعف الإيمان)، أخرجه مسلم.

ومن هذا الباب حث الإنسان أخاه على فعل الخير كأداء الصلاة في المسجد ومشاركته في الصيام أو زيارة مريض.. ألخ.
ويتمثل الابتعاد عن فعل السوء بعدم سماع المحرمات وعدم النظر الى النساء وملاحقتهن واستنكار تبرجهن وعدم الاختلاط بهن وعدم إيذاء الناس في أبدانهم وأعراضهم ف(المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه) ..إلخ.

نجد في هذا الحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام دعا إلى حسن معاملة المسلمين بعضهم لبعض وأن الجالس على الطريق يمر به كثير من الناس ويحصل بينهم معاملات كثيرة فعلى المسلم الهدوء وحسن المعاملة في كل هذه الأمور فهو مأمور بذلك.
اللهم أسألك السداد والتوفيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى