تقارير

أنقرة: تعثّر في المسار الدبلوماسي مع دمشق

المرصد الاستراتيجي

التقرير الإستراتيجي السوري (105)
الإثنين 23 يناير 2023

بمجرد انتقال مسار التفاوض من إطاره الأمني إلى الدبلوماسي ظهرت العديد من العراقيل التي تحول دون استمرار مباحثات التطبيع بين أنقرة ودمشق، حيث رفضت تركيا الشروط المسبقة التي تقدم بها مسؤولو النظام بانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، مؤكدين أن عملية الانسحاب يجب أن تتم وفق مسار رديف يتضمن محاربة “قسد” وتدشين عملية انتقال سياسي ذات مصداقية، والبدء بإجراءات عودة اللاجئين.
ووفقاً لمصادر مطلعة؛ فإن لقاء وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مع وزير دفاع النظام (28 ديسمبر 2022) لم يكن إيجابياً، حيث بدت الهوة واسعة بين الطرفين، الأمر الذي أثار حنق الكرملين من تعنّت ممثلي النظام وعدم التزامهم بما تم الاتفاق عليه في الأروقة الأمنية؛ واضطر موسكو إلى تقديم حوافز لأنقرة تتضمن بحث إمكانية توسعة المجال الجوي شمال شرقي سوريا لمسافات تمكّن الجيش التركي من استهداف مواقع إستراتيجية لميلشيا “قسد”.
وظهرت أولى بوادر تعثّر المسار الدبلوماسي في تأكيد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أن الاجتماع المقرر لوزراء خارجية تركيا وروسيا ونظام الأسد، والذي كان من المتوقع أن يعقد خلال شهر يناير، ربما يتم تأجيله حتى منتصف فبراير المقبل، فيما طلب وزير الخارجية، جاوويش أوغلو، التمهل في تحديد موعد اللقاء حتى يتم التحضير له بصورة جيدة، و”في الوقت الذي تكون فيه الأطراف مستعدة”، مؤكداً أنه: “لا يوجد موعد محدد لعقد محادثات وزراء الخارجية”.
وجاء تراجع الموقف التركي عقب تصريح بشار الأسد (12 يناير 2023) أن: “إنهاء الاحتلال (التركي) ووقف دعم الإرهاب في الشمال السوري، هي الأهداف والمبادئ والثوابت التي يمكن البناء عليها للوصول إلى نتائج ملموسة”، وهو ما تكرر عل لسان وزير خارجية النظام فيصل المقداد، في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان في 14 يناير الجاري.
ورأى تقرير نشره موقع ألمونيتور” أن طريق المفاوضات بين أنقرة ودمشق “لا يزال وعراً” بالنظر إلى عناد رئيس النظام بشار الأسد، والأسلوب الحسابي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وصعوبة إقناع واشنطن بجدوى ذلك المسار.
واعتبر التقرير أن الخطاب التركي “ينتهك مطالب دمشق الرئيسة”، بما في ذلك رفض الانسحاب من الأراضي السورية قبل تحقيق الاستقرار السياسي، والإصرار على بقاء المنطقة الآمنة، وأن يكون حلفاء تركيا، بمن فيهم فصائل المعارضة، جزءاً من عملية انتقال سياسي تماشياً مع القرار الدولي 2254، فيما يستمر النظام برفضه معاملة “قسد” كمجموعة إرهابية كما تود أنقرة.
وبيّن التقرير أن “قلة هم الذين يستطيعون القول على وجه اليقين ما إذا كان أردوغان قد اتخذ خياراً لا رجوع فيه لتطبيع العلاقات مع النظام، أم أنه يرى العملية مجرد استثمار انتخابي”، وذلك على اعتبار انه سيحقق مكسبين كبيرين لأنقرة، أحدهما سحب ورقة التفاوض مع النظام من يد المعارضة، حيث جرد أردوغان معارضيه من ورقة رئيسية رابحة في حملتهم الانتخابية، والآخر هو ضمان عودة اللاجئين في حال نجاح المسار التفاوضي.
إلا أن جدية أردوغان في المضي بالعملية السياسية مع دمشق هو أمر غير مضمون، إذ إنه من المحتمل أن يقدم على القيام ببعض الخطوات، كافتتاح معبر “يايلاداغي” المقابل لمنفذ “كسب” في سوريا، وتنظيم عدة قوافل لإعادة اللاجئين، وسحب بعض القوات التركية من سوريا، وذلك بهدف الاستعراض فحسب.
في هذه الأثناء؛ لا يبدي بشار الأسد أية مرونة يمكن أن تدفع باتجاه عقد الاجتماع المرتقب على مستوى وزراء الخارجية، والذي يتوقع أن يتطرق لمواضيع حساسة، تتضمن ترتيبات الوضع في الشمال السوري، ومحاربة “التنظيمات الإرهابية”، وعودة اللاجئين.
وبالإضافة إلى تصلب مواقف كل من أنقرة ودمشق؛ يبدو أن الإدارة الأمريكية غير راضية عن مسار المفاوضات، وقد عبرت عن ذلك بصراحة لوزير الخارجية التركي في زيارته الأخيرة لواشنطن (17-20 يناير).
وكذلك الحال بالنسبة لإيران التي ظهرت أولى مواقفها المتشنجة في تصريح كبير مستشاري وزارة الخارجية، علي أصغر حاجي (17 يناير)، الذي قال: “إن الحل في سوريا لا يمكن أن يكون بسهولة دون وجود إيران”، وعرض صيغة جديدة لمحادثات “أستانة”، عبر مشاركة دولة رابعة، في إشارة منه إلى نظام بشار الأسد.
الرياض: لوقا يفشل في مهمته… للمرة الثانية
أكد مصدر أمني غربي (19 ديسمبر 2022) أن رئيس المخابرات العامة، اللواء حسام لوقا، أجرى محادثات مع نظرائه بالرياض في شهر نوفمبر الماضي، معتبراً أن زيارة لوقا تأتي ضمن جهود تبذلها المملكة العربية السعودية لفتح قنوات حوار مع خصومها في طهران وصنعاء ودمشق.
وكانت طائرة لوقا قد حطت بمطار الرياض يوم الجمعة 25 نوفمبر 2022، قادمة من مطار رفيق الحريرى الدولي ببيروت، في زيارة استمرت أربعة أيام، لمناقشة عدة ملفات أبرزها؛ تقييم مسار العلاقات بين البلدين، وآليات تعزيز التعاون في محاربة “التنظيمات الإرهابية”، وتقييم العملية السياسية عبر الوساطة الأممية، ومتابعة بعض الملفات التي سبق وأن ناقشها اللواء علي مملوك مع الاستخبارات السعودية في مرحلة سابقة، فيما ترغب المملكة بمتابعة جهود التطبيع الإقليمية عن كثب، وإيصال رسائل مباشرة للنظام بشأن الشروط التي يتعين عليه الوفاء بها كإجراءات “حسن نية” قبل الحديث عن تغير في العلاقة مع دمشق.
ومن بين العراقيل التي تعترض مسار تحسين العلاقات؛ الدور الإيراني في سوريا، ومعسكرات الحوثيين في دير الزور، واستبعاد السعودية من مشروع “خط الغاز العربي” الذي تدفع به طهران من خلال وكلائها في بغداد ودمشق وبيروت، وتدفق شحنات المخدرات إلى السعودية والخليج عموماً، رغم معرفة الأخيرة أن الأسد لن يتخلى عنها إلا بحصوله على مقابل كبير.
إلا أن الزيارة لم تحقق أية نتائج، حيث كان يأمل لوقا التمكن من فتح قناة حوار أمني يمهد لتطبيع العلاقات الثنائية، لكن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لا يزال متمسكاً بموقفه الرافض لأي تطبيع في العلاقات مع دمشق دون شروط مسبقة.
وكانت الرياض قد نفت صحة تسريبات أمنية حول وجود تقارب مع دمشق عام 2021، وأكدت، في عدة مناسبات، أن المسافة لا تزال بعيدة، وأعقبت ذلك بهجوم شنه مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي (16 ديسمبر2021) على بشار الأسد من داخل قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلاً: “لا تصدقوهم إن وقف زعيمهم (الأسد) فوق هرم من جماجم الأبرياء مدعياً النصر العظيم.. فكيف يمكن أن يعلن ذلك بين أشلاء الأبرياء وأنقاض المساجد”.
واتهم المعلمي النظام السوري بأنه: “أول من فتح الأبواب لاستقبال حزب الله، زعيم الإرهاب، وغيره من التنظيمات الإرهابية”.
وتشير المصادر إلى أن لوقا حاول في زيارته إيجاد صيغة للتفاهم لإعادة العلاقات، ومعرفة طلبات الرياض لتحديد مستوى العلاقة، خاصة وأن الرياض والقاهرة لا تزالان تعارضان مسار التطبيع العربي الذي انخرطت فيه عدد من العواصم العربية والخليجية.
ويشكل تنامي المحور السعودي-المصري أهمية متنامية خلال الأشهر الماضية، وفي الأدوار التي يضطلع بها، خاصة فيما يتعلق برفض إعادة عضوية النظام السوري في الجامعة العربية، حيث أشار موقع “إنتلجنس أونلاين” (4 يوليو 2022) إلى تغير موقف مصر إزاء عودة دمشق إلى الجامعة العربية، وذلك نتيجة تنامي تنسيق القاهرة مواقفها مع المملكة العربية السعودية، التي ترفض العودة غير المشروطة للنظام.
علماً بأن علاقة تنسيق خاصة في الملفات الإقليمية تقوم في الآونة الأخيرة بين القاهرة والرياض، وقد لا تنسجم بصورة كاملة مع المواقف التي تتبناها الدول التي تعمل على إعادة تأهيل النظام، حيث أشار التقرير نفسه إلى أن مصر، التي كان رئيس استخباراتها، عباس كامل، يقود التحرك العربي الداعم لعودة النظام إلى جامعة الدول العربية منذ عام 2020، عارض إعادة النظام إلى الجامعة في قمتها الأخيرة، وذلك ضمن حزمة مواقف جديدة تهدف إلى تحقيق مزيد من التناغم مع مواقف الرياض، والتي تعارض استعادة النظام عضويته في الجامعة العربية.
كما عارضت الرياض والقاهرة المحاولات الإقليمية التي بُذلت لتطبيع حركة “حماس” مع بشار الأسد، والتي تتوجت بزيارة “الحية” وعدد من مسؤولي الفصائل الفلسطينية إلى دمشق (19 أكتوبر 2022)، عقب توقيعهم اتفاق مصالحة في الجزائر يلتزمون بموجبه إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون عام.
وعلى الرغم من عدم تضمن البيان الأخير المشترك للرياض والقاهرة (12 يناير 2023) تفاصيل كثيرة حول مستقبل العلاقة مع دمشق؛ إلا إنه يعزز وجود محور تنسيق إقليمي جديد ربما يشكل أهمية كبيرة الفترة المقبلة.
مسقط: وساطة جديدة في ملف الرهائن مع دمشق
تحدث تقرير أمني غربي (25 نوفمبر 2022) عن جهود تبذلها سلطنة عُمان لإطلاق سراح رهائن أمريكيين محتجزين في سوريا، بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية.
ووفقاً للتقرير؛ فإن جلسة “الحوار الإستراتيجي” الأخيرة بين الولايات المتحدة وسلطنة عمان (واشنطن- 8 نوفمبر 2022) تناولت مسألة الرهائن الأمريكيين المحتجزين في سوريا، بمن فيهم الصحفي والجندي السابق في مشاة البحرية، أوستن تايس، حيث تحدث وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، مع نظيره العماني، بدر بن حمد البوسعيدي، خلال جلسة استراحة، عن رغبته في قيام مسقط بدور الوساطة في المحادثات مع النظام السوري لتحرير الرهائن.
وكان البوسعيدي قد زار دمشق والتقى بشار الأسد (ديسمبر 2021) لتسليم رسالة من السلطان هيثم بن طارق، قيل إنها تناولت قضية الصحفي، تايس، الذي فُقد في سوريا عام 2012 مع رهينة أمريكي آخر يدعى مجد كمالماز.
وأوضح التقرير أن جلسة “الحوار الإستراتيجي” الأمريكي-العماني، سبقها اجتماع (2 نوفمبر) ترأسه من الجانب العماني نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع، شهاب بن طارق آل سعيد، شقيق السلطان ، ومحمد النعماني، رئيس ديوان السلطان، الذي يشرف على جهاز الاستخبارات وجهاز أمن الدولة في السلطنة، والذي بدأ بالتفاوض في مسألة الرهائن.
كما حضر اللقاء كل من مطر بن سالم البلوشي، قائد القوات المسلحة العمانية، وعبدالعزيز بن عبد الله المنذري، نائب رئيس الأركان للعمليات والتخطيط، وسلطان بن محمد المحمد، مدير المخابرات العسكرية، والذين التقوا بممثلين عن القيادة المركزية الأمريكية، وممثلين عن المخابرات الأمريكية.
وأشار التقرير إلى أن اتجاه واشنطن لطلب وساطة مسقط في هذه المسألة، جاء بعد أن تراجعت ثقتها بأهلية مدير جهاز الأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، والذي كان يتولى الدور الرئيسي في الوساطة بتلك القضية.
وكان اللواء إبراهيم قد التقى “مسؤولين كباراً” بالولايات المتحدة في 21 مايو الماضي (للمرة الثانية)، لمناقشة مصير الصحفي الأمريكي، أوستن تايس، وغيره من الأمريكيين الذي فُقدوا في سوريا.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلها لفرض نفسه في الأروقة الأمنية والدبلوماسية الغربية كمفاوض رئيسي مع النظام السوري وغيره من وكلاء إيران في المنطقة؛ إلا أن مستقبله السياسي يبدو قاتماً في ظل تنامي قناعة المسؤولين في المجتمع الاستخباراتي الأمريكي بأن اللواء إبراهيم فقد صلاحيته نتيجة الممارسات القمعية التي ارتكبها عناصر الجهاز التابع له لصالح نظام بشار و”حزب الله”، فضلاً عن فشله في ملف تحرير الرهائن الأمريكيين بسوريا خلال السنوات العشرة الماضية.
وكانت زيارة اللواء إبراهيم لواشنطن قد تزامنت مع مطالبة “الحملة العالمية لمكافحة الفساد والإرهاب” بمحاكمته استناداً إلى قانوني: “ماغنيتسكي” و”قيصر”، وغيرهما من القوانين الأمريكية، وذلك باعتباره الذراع الرئيس لميلشيا “حزب الله” داخل الدولة اللبنانية، وعلاقته الوطيدة باللواء علي مملوك، المطلوب من قبل “الإنتربول الدولي”، ومساعدته نظام الأسد على خرق “قانون قيصر” والالتفاف على العقوبات الأمريكية، ولكونه يمتلك الكلمة العليا فيما يتعلق بأمن مرفأ بيروت، وما يتم من تسهيلات لوجستية للنظام و”حزب الله” في مطار ومرفأ بيروت. وطالبت المنظمة بحجز ثروته، التي قدرتها بنحو 1,5 مليار دولار، قيل إنه يخفي معظمها خلف أسماء وهمية وحسابات داخلية وخارجية.
ورأى التقرير أن التورط المتزايد للواء إبراهيم في قضايا القتل والتعذيب، والأدوار التي قام بها لدعم الأنظمة الفاسدة في طهران وبغداد ودمشق وبيروت تتسبب بحرج بالغ لدى المسؤولين بالمخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، والذين يفضلون معالجة الملفات الحساسة مع: “شخصيات تمتلك القدرة على إظهار أقصى درجات التكتم”، ويصعب عليهم التعامل مع شخصيات تحيط بها الفضائح وتُواجه قضايا الإرهاب والفساد والتعذيب في المحاكم الدولية.
باريس: ازدواجية تُضعف “قسد”
رأى تقرير أمني غربي (23 نوفمبر 2022) أن الحكومة الفرنسية تتبنى نهجاً متناقضاً يتمثل في التمييز بين “حزب العمال الكردستاني” وفرعه السوري “وحدات حماية الشعب” الكردي، حيث جمدت محكمة فرنسية أصول رجل أعمال تركي في فرنسا يشتبه في تمويله “حزب العمال الكردستاني”، المدرج على قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية، وذلك بناء على معلومات من أجهزة المخابرات الفرنسية.
واستند قرار المحكمة إلى “مذكرة تفويض” أزيلت منها معلومات سرية، صادرة من جهاز المخابرات الداخلية الفرنسي، وتناولت اتهامه بتحويل أموال لجهات متعاونة أو مشتبهة بالعمل لدى حزب العمال في شرق تركيا.
وفي الوقت الذي تقوم فيه وزارتي المالية والداخلية الفرنسية بتجميد أصول الأفراد الذين يشتبه في صلتهم بحزب العمال الكردستاني؛ تتخذ السلطات الفرنسية موقفاً مغايراً من “وحدات حماية الشعب” الكردية التي شكلت نواة “قوات سوريا الديمقراطية” عام 2015، إذ يقوم عناصر من القوات الخاصة الفرنسية بمساعدة ميلشيا “قسد” ذات الأغلبية الكردية، فيما يقيم مكتب الرئيس الفرنسي علاقات مباشرة مع السلطات السياسية الكردية شمال شرقي سوريا، الأمر الذي مثّل حجر عثرة في العلاقات بين باريس وأنقرة.
إلا أن الدعم الفرنسي لا يبدو أنه يحقق الكثير بالنسبة للإدارة الذاتية الكردية التي تواجه ضغوطاً روسية لقطع علاقاتها مع الدول الغربية وإبرام اتفاق مع بشار الأسد تُمكّنه من استعادة السيطرة على الثروات النفطية بالمنطقة.
وتتواءم الرؤية الروسية مع معارضة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للدعم الغربي، ومع تأكيد الناطق باسم حزب العدالة والتنمية، عمر جيليك أنه: “بدعم من الدول الغربية، أصبحت المناطق العميقة داخل سوريا منطقة خاصة للتنظيمات الإرهابية، ولن تسمح تركيا لهذه التنظيمات بإنتاج وبيع النفط السوري واستغلال موارد سوريا لتمويل أنشطتها الإرهابية وإقامة شبه دولة فيها”.
وكان تقرير نشره موقع “بلومبيرغ” (6 يناير 2023) قد رأى أن أي تطبيع بين تركيا ودمشق سيكون على حساب القوى الكردية المدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف منعها من إنشاء منطقة حكم ذاتي.
في هذه الأثناء؛ تكافح “الإدارة الذاتية” الكردية للحفاظ على سيطرتها “الواهية”، في ظل تطلع أهالي المناطق الخاضعة لسيطرتها لعودة النظام إلى المنطقة، وحديث بعض المصادر عن “انهيار” سلطتها في العديد من المناطق شمال شرقي سوريا نتيجة تنامي السخط الشعبي، وميل الأهالي إلى إلحاق أولادهم بالمدارس التي تديرها دمشق، وذلك ليتمكنوا من الوصول إلى التعليم الثانوي والعالي.
في هذه الأثناء؛ تراقب سلطات “قسد”، بقلق شديد، المفاوضات الجارية بين دمشق وأنقرة، ورغبة القوات التركية في شن حملة مشتركة شمال شرقي البلاد، ويبدو أردوغان مصمماً على وضع الشمال الشرقي في معادلة أي مصالحة مع بشار الأسد.
تل أبيب: محاولات لتعزيز العلاقة مع تركيا رغم العراقيل
أشار تقرير أمني غربي (10 يناير 2023) إلى أن العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، والتي استعيدت بصعوبة بالغة، تشهد توتراً كبيراً نتيجة اقتحام وزير الأمن القومي الجديد، إيتامار بن غفير، الحرم القدسي (3 يناير) ما حدا بأنقرة إلى شجب ذلك التصرف.
ولمعالجة التوتر قبل استفحاله؛ بذل السفير التركي في واشنطن، حسن مراد مرجان، والمقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جهوداً حثيثة لتلافي الأزمة.
ووفقاً للتقرير؛ فإن مرجان (وهو أحد الأعضاء المؤسسين لحزب العدالة والتنمية الحاكم) قد أبرم عقداً بقيمة 50 ألف دولار، مع المستشار الأمريكي المقرب من تل أبيب، كالمان حاييم سبورن، لمساعدته في تعزيز العلاقات بين البلدين.
ويقدم سبورن (يهودي أمريكي من سكان نيويورك، مواليد عام 1971) خدمات كبيرة في ملف المصالحات الإقليمية مع تل أبيب، حيث عمل مستشاراً لرئيس مجلس إدارة شركة “غالاداري” العقارية في دبي (2005-2020)، وقام بأدوار غير معلنة لصالح أبو ظبي بصفته عضواً بارزاً في العديد من الجماعات اليهودية الأمريكية المقربة من دولة الإمارات، ومن ضمنها الترويج لمعرض “إكسبو 2020 دبي”.
ويعتبر سبورن من مؤيدي حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، كما تم تعيينه (2018) سفيراً للولايات المتحدة في اليابان لمدة ثلاث سنوات.
ومنذ عودته من طوكيو، يعمل سبورن على ملف تعزيز العلاقات الإسرائيلية-التركية، ففي 22 ديسمبر؛ تعاون مع القنصل التركي، ريحان أوزغور، على تنظيم عشاء “هانوكا” في البيت التركي بمانهاتن، وشملت قائمة الضيوف: القنصل الإسرائيلي أساف زامير، وعدد من ممثلي منظمات يهودية مختلفة تعمل من أجل تحقيق تكامل إقليمي أوثق لإسرائيل، بما في ذلك “المؤتمر اليهودي العالمي” و”الكونغرس اليهودي الأمريكي”.
وكان الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، قد تسلم (11 يناير 2023) أوراق اعتماد سفير تركيا الجديد، شاكر أوزكان تورونلار، لدى البلاد بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وذلك بعد أسبوعين على تسلم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أوراق اعتماد سفيرة إسرائيل الجديدة لدى أنقرة، إيريت ليليان.
التصعيد العسكري يطغى على جهود التطبيع
أشار المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن (14 يناير 2023) إلى إمكانية شن تركيا عملاً عسكرياً في الشمال السوري ضد “قوات سوريا الديمقراطية”، معتبراً أن: “العملية العسكرية ما تزال خياراً مطروحاً”، وذلك بالتزامن مع نشر وزارة الدفاع التركية مقطعاً مصوراً قالت إنه لعملية استهدفت مواقع “وحدات حماية الشعب”، و”حزب العمال الكردستاني” شمال شرقي سوريا.
وفي اليوم التالي (15 يناير) كرر قائد “قسد”، مظلوم عبدي، توقعاته شن الجيش التركي هجوماً ضد مدينة عين العرب “كوباني” في شهر فبراير المقبل، مطالباً واشنطن بالضغط أكثر لمنع العملية التركية المرتقبة، معتبراً أن الجهود الأمريكية “غير كافية”.
وبرر عبدي توقعه استهداف عين العرب برغبة القوات التركية ربط مناطق سيطرتها، خاصة وأنها تقع بين منطقتي عمليات “نبع السلام” و”درع الفرات”، ولما تشكله من أهمية للمشروع الانفصالي الكردي.
وتزامن تصريح عبدي مع تحذير الرئيس المشترك لحزب “الاتحاد الديمقراطي” الكردي، صالح مسلم من خطورة الأشهر الأربعة أو الخمسة المقبلة، قائلاً: “يمكن أن نتأثّر جميعنا سلباً بقرار قد يتخذه أردوغان”، وواصفاً خطوات التقارب بين أنقرة ودمشق بأنها “زواج قسري”.
ورأى مسلم أن المحادثات التركية مع نظام الأسد لا يمكن أن تُثمر أيّة نتائج، بل على العكس من الممكن أن تحقّق نتائج عكسية.
في هذه الأثناء؛ دفعت تركيا بتعزيزات عسكرية إلى حلب، وأنشأت مهبطاً للطيران المروحي قرب قاعدة لقواتها في بلدة “بليون” بجبل الزاوية، ضمن منطقة خفض التصعيد في إدلب، فيما قامت قوات “التحالف الدولي” بإرسال تعزيزات إلى قاعدتها العسكرية في “الشدادي” بريف الحسكة الجنوبي عبر معبر الوليد الحدودي مع إقليم “كردستان العراق”.
وتشهد خطوط التماس في إدلب وريف حلب تعزيزات عسكرية وسط توقعات باستئناف العمليات العسكرية من جديد، حيث قامت فصائل غرفة عمليات “الفتح المبين” بدفع تعزيزات عسكرية ضخمة تضم مقاتلين مدربين وآليات عسكرية، بينها دبابات وآليات ثقيلة أخرى إلى مواقعها القريبة من خطوط التماس مع قوات النظام، وذلك في مقابل تعزيزات عسكرية حشدها جيش النظام ضمن مناطق “جبل الزاوية” و”سراقب” و”جبل التركمان” بريف اللاذقية، وكذلك في ريف حلب الغربي، تزامناً مع وصول تعزيزات عسكرية للميلشيات الإيرانية إلى المواقع الخاضعة لسيطرتها في مناطق “تل رفعت” و”أورم الصغرى” والفوج (46) غرب حلب.
ونفذ “الفيلق الثالث” بالجيش الوطني السوري تدريبات عسكرية مكثفة لرفع القدرة ضمن اختبارات يتم إجراؤها لرفع الجاهزية القتالية، وذلك بالتزامن مع إصداره بياناً (15 يناير 2023) أعلن فيه رفضه المطلق للمصالحة مع النظام السوري، ووقوفه إلى جانب الشعب السوري ودعم مطالبه المشروعة، وفي مقدمتها إسقاط النظام، ومؤكداً على ضرورة تنفيذ القرارات الأممية وانتقال سياسي كامل للسلطة.
وجاءت تلك التعزيزات عقب اندلاع اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة (8 يناير) بين قوات النظام وفصائل الجيش الوطني بريف حلب الشرقي، ومقتل ضابط برتبة لواء من قوات النظام (12 يناير) نتيجة قصف القوات التركية مواقع قوات النظام في قرية “مياسة”، الخاضعة لسيطرة “قسد” وقوات النظام بريف “عفرين”، شمال غربي حلب، وسقوط أربعة جرحى من قوات النظام، بينهم ثلاث ضباط.
إسرائيل تخطط لشل حركة الطيران الإيراني في سوريا
قُتل ست عناصر تابعين لقوات النظام، وجرح ثلاثة آخرون (2 يناير 2023) إثر ضربات جوية إسرائيلية استهدفت العاصمة دمشق، حيث قامت أربع طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي باستهداف مطار دمشق الدولي ومحيطه ما أسفر أيضا عن خروج المطار عن الخدمة مؤقتاً.
واستهدف القصف مواقع لميلشيا “حزب الله” اللبناني ومجموعات موالية لإيران داخل المطار وفي محيطه، بينها مستودع أسلحة.
وجاءت تلك العملية عقب تقرير نشرته صحيفة “نيزافيسيمايا” الروسية في نهاية شهر ديسمبر الماضي، أكدت فيه أن السلطات الإسرائيلية تعتزم “شل” الحركة الجوية بين سوريا وإيران، وأنها تقوم حالياً بدراسة خيارات مختلفة من أجل منع هذه الرحلات، بينها توجيه ضربات من شأنها تعطيل حركة المطارات السورية.
ورأت الصحيفة أن إسرائيل تبرر ذلك باستخدام الطرفين الأسطول الجوي لنقل الأسلحة، مضيفة أن التشكيلات غير النظامية الموالية لطهران بدأت مؤخرا تتصرف بقدر أكبر من الحرية من الناحية العملياتية في سوريا، وهو ما دفع إسرائيل للنظر في أساليب مختلفة للرد.
وأوضح التقرير أن إيران مترددة بشأن استخدام القوافل البرية لنقل المنتجات العسكرية، لذلك تحول تركيزها نحو استغلال الطيران المدني.
ونقل التقرير عن مركز “ألما” للأبحاث والتعليم الإسرائيلي، أن معظم الرحلات الجوية المتوجهة من إيران نحو سوريا ثم إلى لبنان تتم من قبل شركة الطيران “ماهان إير”، التي شملتها العقوبات الغربية قبل عشر سنوات بسبب نقلها الأسلحة بالتعاون مع الحرس الثوري الإيراني.
وأكد موقع “بريكينغ ديفينس” الأمريكي، المختص في الشؤون العسكرية، أن الضربات الإسرائيلية لمطار دمشق تُعدّ بمثابة تحذير أكثر من كونها محاولة تدمير فعلي، ونقل عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنه إذا قررت القيادة الإسرائيلية تعطيل المطار فلن تقتصر فقط على مهاجمة المدرج والبنية التحتية، بل ستقوم باختراق أنظمة التحكم والملاحة أيضاً.
وكان سلاح الجو الإسرائيلي قصف (18 ديسمبر 2022) الوحدة (127) التابعة لميلشيا “حزب الله” بالقرب من بلدة “القصير” وهي الوحدة المسؤولة عن إنتاج مسيّرات في لبنان، كما شنت في اليوم التالي غارة على مقر قيادة إيراني في قلب العاصمة السورية دمشق، مؤكدة أن إيران تستخدم بنى تحتية سورية ومواقع سكنية في دمشق لاستئناف أنشطتها.
وطال القصف الإسرائيلي كذلك مستودعاً يقع بين مطار دمشق الدولي ومنطقة السيدة زينب في جنوب العاصمة، والتي تنشط فيها فصائل موالية لطهران و”حزب الله”.
وجاء القصف حينها بعد نحو أسبوع من استهداف إسرائيل مطار الشعيرات العسكري وسط البلاد، ما أسفر عن مقتل عسكريين اثنين وإصابة ثلاثة آخرين بجروح.
وفي 14 يناير الجاري؛ تعرض برج المراقبة في مطار دمشق وأجهزة أخرى لأعطال تقنية مفاجئة، قيل إنها نجمت عن هجوم إلكتروني، وتسببت بتأخير إقلاع طائرة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وعكف مهندسو المطار وخبراء وزارة النقل على إصلاح العطل الذي وقع في الساعة السادسة 6 مساء يوم السبت (14 يناير)، ولم ينجحوا في إجراء إصلاح أولي حتى منتصف الليل.
وأدت الأعطال إلى إلغاء عدة رحلات وتحويل بعضها إلى مطار اللاذقية، بينها رحلة لأجنحة الشام قادمة من بغداد، ورحلة أخرى للسورية للطيران قادمة من الدوحة. كما أجّل مطار دمشق رحلات كانت متوجهة إلى بغداد وأبو ظبي وأربيل، ما تسبب بإرباك حركة الطيران في المطار.
وكانت القوات الإسرائيلية قد شنت نحو ثلاثين هجوماً على مواقع إيرانية في سوريا خلال العام الماضي، سبعة منها استهدفت مطار دمشق الدولي.
هل سحبت إيران بعض قواتها من سوريا؟
ادعى موقع إنتلجنس أونلاين” (16 ديسمبر 2022) أن إيران سحبت مجموعات تابعة لها من سوريا لتعزيز جبهاتها الداخلية، بسبب الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، حيث يعاني “الحرس الثوري الإيراني” من صعوبات في مواجهة الاحتجاجات الشعبية العارمة.
وأضاف الموقع أن إعادة المجموعات لم يقتصر على سوريا وحسب، بل أعادت السلطات الإيرانية مقاتلين آخرين من لبنان والعراق إلى أكثر المناطق الإيرانية توتراً، مؤكداً عودة مجموعات كاملة من ميلشيا “زينبيون”، ولواء “فاطميون”، عبر شركتي “ماهان” و”إيران إير” اللتين سيّرتا “رحلات مكوكية” بين دمشق وطهران، لنقل المقاتلين من سوريا.
إلا أن مصادر محلية نفت صحة ما جري تداوله بشأن انسحاب أية قوات إيرانية من سوريا، مؤكدة أن الميلشيات الإيرانية لم تشهد أي تغييرات في مواقعها، ولم تسحب قواتها من مواقعها بريفي درعا والقنيطرة أو تلك التي يتردد عليها قادة من “حزب الله”
وأضافت: “على العكس من ذلك فقد بدأت تلك القوات قبل شهر عمليات تجنيد جديدة من أبناء المنطقة، ونجحت في تجنيد ما يقارب مئة عنصر، غالبيتهم من المنطقة الشرقية من درعا”.
وتهدف عمليات التجنيد الأخيرة إلى حماية المواقع التي تسيطر عليها القوات الإيرانية جنوب سوريا، وإرسال جزء منها إلى ريف دير الزور لحماية مواقعها هناك.
وتقدم القوات الإيرانية راتباً شهرياً قدره 250 ألف ليرة سورية لكل متطوع، وتمنحه بطاقة من إدارة المخابرات الجوية، وإجازة مدتها عشرة أيام في الشهر.
وكان الموقع الفرنسي قد نشر تقريراً سابقاً (28 نوفمبر 2022) أكد فيه أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري يقوم بتدريب فصيل جديد يتكون أساسا من عراقيين وسوريين في قاعدة “كرمنشاه” الإيرانية، على بعد 80 كيلومترا من الحدود العراقية.
وادعى التقرير أن الهدف من تشكيل الميلشيا -التي يطلق عليها اسم “سرية علاء الخراساني”- هو استهداف المصالح الأمريكية في سوريا، خاصة في الشمال الشرقي وفي مقر قيادة العمليات الخاصة الأمريكية بقاعدة “التنف”.
وأكدت صحيفة “تايمز” البريطانية (16 يناير 2023) أن إيران رفعت ميزانية الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، بنسبة 28 بالمئة، بحيث أصبح الدخل الفعلي للحرس يصل إلى نحو 17 مليار دولار.
الجنوب السوري على صفيح ساخن
يشهد شهر يناير الجاري تصعيداً خطيراً في الجنوب السوري، حيث قُتل وأصيب عدد من عناصر النظام بهجمات متفرقة، إذ استهدف مسلحون حاجزاً أمنياً يتبع لفرع أمن الدولة على الطريق الحربي بين بلدتي “نمر” و”بسطاس” بريف درعا الشمالي الغربي، فيما شهد مركز السويداء اعتصامات طالبت بالتغيير السياسي وندّدت بتدهور الأوضاع المعيشية.
وتحدثت مصادر محلية عن تنامي عمليات الاعتقال والاغتيال في درعا، حيث سجل “مكتب توثيق الانتهاكات” في تجمع “أحرار حوران” خلال شهر ديسمبر الماضي مقتل 42 شخصاً في المحافظة، ووثق نحو 30 عملية اغتيال، أسفرت عن مقتل 18 شخصاً، وإصابة 11 آخرين بجروح متفاوتة، بالإضافة إلى اعتقال 17 شخصاً من قبل أجهزة الاستخبارات، واختطاف سبعة آخرين، عثر على جثث ثلاثة منهم، في حين ما يزال مصير أربع مختطفين مجهولاً.
ورأت صحيفة “إندبندنت” البريطانية (5 يناير 2023) أن النظام بات فاقداً للسيطرة في المحافظة في ظل قيام كل من: عناصر تنظيم “داعش”، ومهربي المخدرات، وأجهزة الأمن بتهديد حالة السلم الهشة، ونشر مظاهر الانفلات الأمني وتهريب المخدرات، وغيرها من التجاوزات التي دفعت بالعديد من المواطنين للفرار إلى مناطق أخرى خارج البلاد.
وتحدثت الصحيفة عن خروج مظاهرات في بلدة “جاسم” طالبت بإسقاط النظام، فيما حاول مسلحون الصعود على أسطح المنازل لاستهداف المتظاهرين، مشيرة إلى أن الفوضى في الجنوب سيكون لها أثر في إضعاف جهود تطبيع أنقرة مع دمشق، بعد أن جمع الكرملين وزيري دفاع النظام وتركيا في محاولة للتوصل إلى اتفاق يتضمن ترتيبات مشابهة لما تم التوصل إليه في الجنوب عام 2018.
ورأت الصحيفة أن إيران وحلفاءها متورطون أيضاً في إثارة الاضطرابات في المنطقة الإستراتيجية المتاخمة لمرتفعات الجولان، لكن “أكثر الفرقاء شناعة” هي الميلشيات المرتبطة بالنظام، مضيفةً: “لقد أصبحت سوريا فعلياً دولة مخدرات”.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها القول؛ إن شقيق بشار، ماهر الأسد، يعتبر “زعيم عصابة” تضم عدداً من الميلشيات المدعومة من إيران وشبكات التهريب، حيث تتزايد ممارسات قوات النظام للأنشطة الخارجة عن القانون، بما في ذلك عمليات الخطف من أجل الحصول على فدية، والاختطاف القسري للمعارضين.
واعتبرت الصحيفة أن تفاقم الانهيار الاقتصادي وعودة وباء كوفيد، يضيفان إلى المصاعب التي يواجهها المواطنون العاديون، مرجحةً أن تؤدي هذه العوامل إلى مزيد من الاحتجاجات، فيما يرى النظام أن الوسيلة الوحيدة لمعالجة السخط الشعبي هي ممارسة المزيد من العنف والقمع.
وفي السويداء تشهد المدينة هدوءاً حذراً عقب اندلاع احتجاجات شعبية، تخللها اقتحام المتظاهرين لمبنى “السراي الحكومي” وحرقه، وتمزيق صور رأس بشار الأسد وحرقها والدعس عليها، ما دفع بقوات النظام لإطلاق الرصاص الحي ضد المتظاهرين، وسقوط قتلى وجرحى من المدنيين.
وأكد ليث البلعوس، نجل مؤسس حركة “رجال الكرامة”، وحيد البلعوس، أن مدير إدارة المخابرات الجوية، اللواء غسان إسماعيل: هددنا بشكل علني وصريح وعلى هاتف المنزل الأرضي، بعد أن قمنا بمساعدة المتظاهرين المحاصرين في مدينة السويداء، الذين كانوا يتعرضون للاستهداف بالرصاص الحي”، واستطرد قائلاً: “بعد مشادة كلامية بيننا، قال إسماعيل نحنا فعسنا بقلب 20 مليون سني ومش عاجزين عنكن يا دروز، وكان ردّنا عليه بأننا سننبش قبر حافظ الأسد من القرداحة”.
وفي 17 يناير 2023؛ أعلنت السلطات الأردنية عن إحباط محاولة لتهريب كميات من المخدرات قادمة من سوريا نحو الأردن، حيث نقلت قناة “المملكة” عن مصدر مسؤول في القيادة العامة للجيش الأردني قوله إن قوات حرس الحدود بالتنسيق مع القوات الأمنية وإدارة مكافحة المخدرات “رصدت محاولة مجموعة من الأشخاص اجتياز الحدود بطريقة غير مشروعة من الأراضي السورية إلى الأراضي الأردنية، فتم تحريك دوريات رد الفعل السريع وتطبيق قواعد الاشتباك بالرماية المباشرة عليهم، ما أدى إلى إصابة عدد منهم وفرارهم إلى داخل العمق السوري”.
وعقب عمليات البحث والتفتيش؛ عُثر على مليون و107 آلاف حبة مخدرة من نوع “كبتاغون” و4 آلاف و49 كف حشيش فضلاً عن كميات من الذخائر المتنوعة.
ويواجه الأردن عمليات تهريب المخدرات بشكل ممنهج على حدودها الشمالية مع سوريا من جهة محافظتي درعا والسويداء جنوب سوريا، تقودها ميلشيات شيعية مرتبطة بإيران، سبق وأن اتهمها الأردن بالمسؤولية عن تلك العمليات، واستخدام الأردن كممر لنقل المخدرات إلى دول الخليج، فضلاً عن استهداف الأمن القومي للبلاد.
وفي لقائه مع وفد ضم ممثلين عن وزارتي الدفاع والخارجية الروسيتين برئاسة المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف؛ طالب وزير الخارجية الأردنية، أيمن الصفدي، بضرورة: “تثبيت الاستقرار في الجنوب السوري ومواجهة تهديد تهريب المخدرات والإرهاب وانتشار الميلشيات الإيرانية”.
التدهور الاقتصادي والأمني يعصفان بمناطق سيطرة النظام
كشف فريق “منسقو استجابة سوريا” (16 يناير 2023) أن أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية وصلت إلى أكثر من 15 مليوناً مع بداية العام الجاري 2023، وأكد أن: “التقارير الأممية الصادرة عن عمليات التمويل الإنساني في سوريا حتى بداية العام الحالي 2023 أظهرت العجز الهائل في عمليات الاستجابة الإنسانية لسوريا”، وأن: “العجز المسجل تجاوز 52,5 في المئة، حتى نهاية عام 2022”.
وذكر “منسقو الاستجابة” أنه رغم تركيز المنظمات الإنسانية على العديد من البرامج الأساسية، أبرزها الغذاء والمخيمات والمياه، إلا أنها ما زالت تشهد تراجعاً مستمراً مع غياب التمويل اللازم، حيث لم تستطع الأمم المتحدة تأمين التزامات المانحين الفعلية التي تم التعهد بها سابقاً خلال مؤتمرات المانحين.
وحذر الفريق من استمرار العجز في تمويل العمليات الإنسانية في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعاني منها المدنيون شمال غربي سوريا، وطالب الوكالات الدولية ببذل المزيد من الجهود لتقديم الدعم اللازم للنازحين ضمن المخيمات.
في هذه الأثناء؛ تتصاعد الوفيات في سوريا نتيجة تنامي الإصابات بفيروس تنفسي حاد لم يتم تشخيصه بدقة ولم يتم الإعلان عنه أو التحذير منه رسمياً، ورجحت بعض المصادر الطبية أن يكون الفيروس هو المتحور الأخير الذي ظهر بالصين باسم “يوم القيامة”، فيما رأى آخرون أن الفيروس هو “إنفلونزا الخنازير”.
وكانت حكومة النظام قد استهلّت عام 2023 بسلسلة قرارات كارثية تضمنت؛ رفع أسعار البنزين رغم مضي أقل من شهر على قرار مشابه برفع الأسعار، ورفع تكاليف استصدار جواز السفر الفوري بنحو الضعف، وزيادة الرسوم الجمركة التي تفرضها وزارة الاتصالات مقابل السماح بعمل تلك الأجهزة على شبكات “سيريتل” و”إم تي إن”، بالإضافة إلى رفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية من 3015 ليرة للدولار إلى 4522 ليرة سورية، ما أثر بصورة سلبية على كافة السلع الأساسية كالأرز والسكر والزيت وغيرها من المواد.
وتعيشن مناطق سيطرة النظام أزمة محروقات، هي الأسوأ على الإطلاق، ما أدى إلى حالة شلل تام في شتى القطاعات، حيث توقفت حركة النقل والمواصلات في دمشق وريفها، ولا تزال الأزمة مستمرة في التفاقم رغم تكرر وعود النظام بتحسين الأوضاع.
وكشف تقرير نشرته صحيفة “تاغس شبيغل” الألمانية (13 يناير 2023) كيفية استفادة بشار الأسد وأعوانه من المساعدات الأممية عبر “صفقات قذرة”، يتم بعضها عن طريق فادي صقر المسؤول عن المجموعة التي ارتكبت مجزرة التضامن والتي راح ضحيتها 280 شخصاً، وسُرّب العام الفائت مقاطع فيديو للضحايا حيث قام ضابط تابع لنفس المجموعة يدعى أمجد يوسف بتصفيتهم ورميهم في حفرة، ومع ذلك قامت الأمم المتحدة بشراء ملابس وأحذية من الشركات التابعة لفادي صقر والمدرج على لوائح العقوبات الأمريكية وتوزيع منتجاته على المنظمات المحلية التابعة للأمم المتحدة في سوريا.
وقدرت الصحيفة قيمة المبالغ التي حصل عليها فادي صقر من الأمم المتحدة بمليون دولار، وهذه الأموال من المفترض أن تذهب للضحايا والفقراء والمتضررين من الحرب التي يشنها بشار أسد ضد الشعب السوري.
وتابعت أن الأمم المتحدة تنشط بشكل أساسي في المناطق التي يسيطر عليها نظام أسد، مطالبة المانحين بالنظر لحقوق الإنسان عند شراء سلع من شركات تابعة للنظام.
وذكرت الصحيفة أن خبراء في منظمة “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية” من كندا و”برنامج التطوير القانوني السوري “من بريطانيا قاموا بفحص أكثر من مئة شريك للأمم المتحدة في سوريا، وتوصلوا إلى استنتاج مفاده أنه في عامي 2019 و 2020 ذهب حوالي 140 مليون دولار من برامج مشتريات الأمم المتحدة إلى موردين ومقدمي خدمات مصنفين على أنهم موالون لنظام الأسد.
وأوضحت الصحيفة أن شركة أمنية تابعة لماهر الأسد تلقت أكثر من مليوني دولار من الأمم المتحدة ، كما تلقى ماهر، بالاشتراك مع رجل الأعمال سامر فوز، نحو 25 مليون دولار من الأمم المتحدة، علماً بأن فوز الخاضع لعقوبات أوروبية وأمريكية، استضاف مسؤولي الأمم المتحدة في فندق فخم في دمشق يعود قسم من ملكيته له.
وأكدت الصحيفة أن نزار الأسد، صاحب شركة زيوت، والمشمول بعقوبات الاتحاد الأوروبي، قام بتأمين طلبات بقيمة 26 مليون دولار من برنامج مساعدات الأمم المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن “وكالة أسوشيتد برس” قولها إن مسؤولة “منظمة الصحة العالمية” في دمشق أكجمال ماغتموفا متورّطة بدعم الأسد، حيث ضغطت على موظفي المنظمة لتوقيع عقود مع مسؤولين بالنظام للحصول على الأموال، ووزعت أجهزة كمبيوتر وسيارات على ممثلي النظام وأنفقت الكثير من أموال الأمم المتحدة في فندق سامر الفوز، كما أعطت وظائف في الأمم المتحدة لأقارب الأسد وأقارب مسؤولين بنظامه، رغم أنهم لم يكونوا مؤهلين تقنياً، وبعضهم متهم بجرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان.
وكان أهالي مدينة “مصياف” بريف حماة الغربي هددوا باللجوء إلى السلاح بسبب زيادة ساعات تقنين الكهرباء، متّهمين محافظ حماة ومدير كهرباء المحافظة بأنهما يتعاملان بطائفية من خلال حرمانهم من الكهرباء ومنحها لمدن وبلدات أخرى.
واتهم بيان صادر عن أهل المدينة محافظ حماة، محمود زنبوعه، ومدير الكهرباء “باتباع تقسيم طائفي مقصود منذ سنوات، وألمح بعضهم إلى إمكانية اللجوء إلى الأسلوب الذي اتبعه أهالي السويداء في التظاهر وحرق مقار النظام.
وتعاني المناطق الخاضعة لسيطرة النظام من أزمة كبيرة في الكهرباء، حيث وصلت ساعات التقنين في بعض المحافظات لأكثر من 15 ساعة متواصلة.
أما على الصعيد الأمني؛ فقد قتل عنصر قوات النظام نتيجة استهداف الفصائل نقطة تابعة له في ريف اللاذقية، ونعت صفحات موالية عنصراً آخر قتل على جبهة ريف حلب، فيما توفيت امرأة متأثرة بإصابتها جراء استهداف برصاص قناصة في قرية “حزوان” بريف مدينة الباب.
وقتل عنصر وأصيب أربعة آخرون نتيجة انفجار لغم أرضي بشاحنة صغيرة كانوا يستقلونها قرب السخنة شرق حمص، كما قتل عنصر آخر في هجوم على نقطة للفرقة 17 ببادية “الخريطة” غرب دير الزور، وذلك بالتزامن مع العثور على جثة لعنصر بميلشيا “الدفاع الوطني”، عليها آثار تعذيب طافية في نهر الفرات.
وفي مدينة “قطنا” غرب دمشق، قُتل أحد عناصر النظام ذبحاً مع فتاة مجهولة، تبعها استنفار أمني لقوات النظام. ودهس ضابط في اللواء (104) بالحرس الجمهوري أحد المدنيين خلال مروره بسيارته مسرعاً داخل إحدى قرى وادي بردى غربي دمشق، كما أقدمت سيارة تابعة للفرقة الرابعة على دهس شابين من أهالي قرية “بيت تيما” بريف دمشق الجنوبي الغربي ما أدى لإصابتهم بجروح خطيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى