مقالات

دعم السيسي… جريمة ضد الإنسانية

ياسر سعد الدين

كاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

يتفق المنصفون بأن السيسي دمر مصر بنياناً وإنساناً لعقود قادمة. وسواء كان هذا بسبب سوء إدارته وحماقاته وجنون العظمة التي يعاني منها، أو أن هذه هي مهمته الحقيقة – كما يعتقد البعض- والتي وصل للحكم لتنفيذها والتي تقع ضمن سياق صناعة شرق أوسط جديد تعاد فيه رسم خريطة المنطقة، كما صرحت كونداليزا رايش عشية سقوط بغداد ربيع 2003، والتي بدأت بتدمير العراق ومن ثم تفكيك الدول العربية السنية بطرق مختلفة لتكون إسرائيل القوة المهيمنة على المنطقة وعلى دويلات تلهث وراء التطبيع وتستمد شرعية وجودها من علاقاتها الآثمة مع المحتل الصهيوني.

تابعنا في فيسبوك

وصل السيسي للحكم في مصر عبر انقلاب دموي ومجازر وحشية بدأت في ميداني رابعة والنهضة، بعد أن غدر بالرئيس المنتخب وخان العهد وحنث بالقسم. حكم السيسي مصر بالحديد والنار، وقمع المعارضين والمفكرين وكل من حاول ولو بكلمة الاعتراض على سياساته المدمرة اقتصادياً وتنموياً واجتماعياً. في ملف سد النهضة مارس مع أثيوبيا سياسة صبيانية وهو يطلب من رئيس وزرائها تكرار الحلف بالله أنه لن يضر بمصر، وهاهي مصر تواجه مستقبلاً مخيفاً من الظمأ والعطش والجفاف. المصريون يعيشون الآن حياة قاسية، ويتضور كثيرون منهم جوعاً، ويعانون نقصاً حاداً في الأساسيات فيما فرعونهم الصغير مشغول بالمؤتمرات الضخمة والخطابات التافهة وبناء القصور الفارهة وشراء طائرة أسطورية بنصف مليار دولار.

الأخطر من ذلك هو إغراق السيسي لمصر بالديون، واستخدام هذه القروض في مشاريع غير تنموية كبناء عاصمة إدارية جديدة وقصور أسطورية وأكبر مسجد وأضخم كنيسة!! مصر السيسي عاجزة الآن عن سداد فوائد الديون (الفوائد وليس الديون)، فتلجأ لبيع الأصول ومرافق البلد الحيوية والاستراتيجية للمال الأجنبي والإماراتي وربما الإسرائيلي فقط لسداد الفوائد المستحقة، والقادم أسوأ وأسود والانحدار يتسارع لقاع بلا قرار. وهكذا ينجح السيسي وداعميه من العرب وغيرهم، ليس في تدمير حياة الشعب المصري فقط ولكن في تحطيم مستقبل الأجيال القادمة ووضع مصر دولةً وشعباً في رق عبودية الدين وقهره وذله. ولا تعجب إن رأيت المصريين قريباً غرباء في بلادهم يعملون في مؤسسات يمتلكها أجنبي أو صهيوني أو وكلاؤه من المطبعين.

حكم السيسي ليس حكماً شرعياً بكل المعايير، والقروض التي يستلمها والمساعدات لم ولن تنعكس إيجابياً على الشعب المصري بل على العكس تماماً. موّلت بناء السجون وشراء ذمم القوى الأمنية والعسكرية لتذيق المصريين الأمرين توقيفاً وتعذيباً وأحياناً تصفيةً وقتلاً. على المعارضة والمفكرين المصريين أن يعلنوا أن مصر ليست ملزمة مستقبلاً بهذه الديون والقروض والتي تعطى لحاكم طاغية يبنى بها القصور ويكدس الثروات له ولإعوانه ولتزداد معاناة عامة المصريين قهراً وطغياناً وشظف في العيش.

المؤسسات الدولية والجهات الداعمة للسيسي، إنما تدعم ظلمه وطغيانه وجبروته وقمعه. وهذه الديون لا ينبغي أن يتم المطالبة بها من شعب مصر والذي لم ينتخب الطاغية وليس مسؤولاً عن فساده وطغيانه وسرقاته فحسب، بل على العكس تماماً، المطلوب ممن يدعم السيسي دفع التعويضات للمصريين الغلابة على مساهماتهم (الداعمين) في إطالة الظلم والنهب والطغيان في مصر من خلال دعم السفاح الخائن وغير الأمين، ومساندته في تدمير مستقبل المصريين وأجيالهم القادمة.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. يا استاذ ياسر اللي فينا بكفينا اترك الدول والشعوب وخلينا بحالنا لاتجلب الأعداء لشعب سورية يكفينا المجرم المعاق ومجرمي قسد والفصائل والأعتلاف

  2. في قصيدته الرائعة (سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ) ، قال أمير الشعراء ابن مدينة القاهرة – رحمه الله – بيت شعر انطبق في الماضي و ينطبق في الحاضر على أقطارنا – من دون استثناء – لدى تعرضها لعدوان الغزاة قديماً و حديثاً و هو (نَصَحتُ وَنَحنُ مُختَلِفونَ دارًا ** وَلَكِن كُلُّنا في الهَمِّ شَرقُ).
    الهَمِّ الجديد الحالي هو ابن الهَمِّ الذي سبقه أي أن ترتيبات الاستعماريين في القرنين التاسع عشر و العشرين امتدت فتبناها الاستعمار الفرعوني الذي تولى زمام الأمور بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لكنه كان استعماراً أشرس بكثيرٍ ممن كانوا قبله و أشدَ فظاعة و انطلق في أقطارنا تحت شعارٍ حمله عنوان كتابٍ من تأليف عبد الودود يوسف الدمشقي رحمه الله – المُتوفى عام 1982 – واضعاً على غلافه اسماً مستعاراً “جلال العالِم ” – و نعذره على ذلك لأن حافظ الأسد كان عميلاً لأمريكا و ماسونياً مجهول الأصل – ، و العنوان هو ((قادة الغرب يقولون”دَمِّرُوا الإِسْلَامَ أَبِيدُوا أَهْلَهُ” )).
    يقول كثيرون من علماء الأمة الأفاضل أن الاستعمار الفرعوني هو “عاد الثانية ” و معلوم أن قوم عاد الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن الكريم أسماهم “عاداً الأولى” و كان أولئك القوم الذين هلكوا يرفعون شعار (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) فذكَرهم الله بقوله (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً).
    حين انطلق قوْمُ عادٍ الجُدُد لينتزعوا السيطرة من المُستعمِرين القدامى ، كان أول انقلاب عسكري دبَروه عند العرب في سوريا عام 1949 ثم قاموا بتدبير انقلاب في مصر عام 1952 ثم جاء انقلاب في العراق عام 1958 . التحديد هنا لثلاثة أقطار عربية هو من أجل الربط بينها في مشاريع الاستعمارية المستقبلية .
    في عامي 2003 و 2004 ، جرى الكشف عن مشروعين أحدهما يُمهَد للآخر ” مشروع الفوضى الخلاَقة ، التي أصاب الدكتور فيصل القاسم حين سمَاها الفوضى الهلاَكة ” و ” مشروع صناعة الشرق الأوسط الجديد” .
    حجرُ الزاوية في المشروعين هي بلاد الشام و على رأسها سوريا ، فهذه في المُخطط الماكِر يتوجب تدميرها و تقتيل أهلها المسلمين و تهجيرهم لتغيير التركيبة السكانية و إحلال مستوطنين متعددي الجنسيات من أتباع إيران . الشام المُباركة لها جناح شرقي “العراق” و جناح غربي “مصر” ، و هذان البلدان مطلوبٌ تخريبهما و إضعاف أهلهما لأبعد الحدود .
    توفر للاستعمار في البلدان الثلاثة طراطيرٌ نواطيرٌ و عملاءٌ ذوو تفكيرٍ هابطٍ لديهم الأهلية و الاستعداد مع زبانيتهم ((متعاونين)) لتنفيذ التدمير و التقليل و التهجير و التخريب مقابل أثمانٍ بخسةٍ تُوضع في حسابات مصرفية خارج البلدان “ليتمَ بعد ذلك نهبها من عصابات المال الدولية لكي تنتهي في الثُقْب الأسود في البلد الذي لا يشبع … كما يقول بعض السياسيون الأوروبيون” . هذه اللعبة الخسيسة هي التي تدور الآن ، و الاستعمار فيها ينظرُ لأهل البلدان الثلاثة نظرة موحَدة رغم أنه يحرص على التجزئة بين أهليها بل و يعمل على تجزئة المُجزأ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى