ثقافة وأدب

ما قصة “كردستان” التي كتبت على رأس الشاعر “الجواهري”..؟

أحمد عبد الحميد|

لشكل القبعات وغطاء الرأس مدلولات شعبية تختلف من مكان لمكان ومن دولة لدولة ومن شعب لشعب، لا بل باتت القبعة تحدد هوية مرتديها فمثلا الشماغ العربي لا يرتديه إلا الشعب العربي.
تجول معي حول العالم..
الهنود الحمر لهم قبعاتهم الغريبة، رعاة البقر الكابوي قبعة عريضة مقوسة الحواف، القبعة المكسيكية “سوميريرو”، القبعة الروسية “أوشنك”، والقوقازية :باباخا”، والفرنسية” البيريه” والكثير الكثير.

الشاعر العراقي، محمد مهدي الجواهري، أعطني صورة واحدة أو مقطعا مصورا له بدون تلك القبعة.. لن تجد..

لقبعته قصة جميلة، إذ بدأت قصة الغطاء بنصيحة طبية من طبيب، في أن يحجب رأسه من شمس الشتاء والصَّيف، فصار ذلك الغطاء، حسب قوله في إحدى المقابلات، ملازماً له في اليقظة والمنام.

اقتنى الغطاء الطاجيكي أول مرة، لكن الزعيم الكردي جلال الطَّالباني، زوده بغطاء منسوج محلياً وعليه حروف “كردستان” مطرزة، وظل يزوده به، بين الحين والآخر.
مرة قبعة منقوش عليها “الجواهري” ومرة “كردستان”
ومرة :كردستان يان نه مان”، أي كردستان أو الموت،
وربما أراد طالباني من ذلك رسائل سياسية تُحمل على رأس الجواهري في الشارع والمحافل الأدبية والسياسية العالمية.

فمن طريف ما يذكر الجواهري أنه: كم حيل “كلاوات” مرت عليه_ أي على رأسه_ ولم يثبت على رأسه غير كلاو جلال…، ومعلوم أن غطاء الرأس في اللهجة العراقية يُسمى “كلاو”.

الشاعر المصري علي الجارم، صاحب النحو الواضح الكتاب الذي أسهرنا ليال نغوص في مبدأه وخبره ونائب الفاعل لاسم المفعول ذاك الذي سد مسد الخبر.. وأعاريب أخرى مرهقة..
هذا الجارم لم يلتفت إليه إلا كنحوي وأهمل الجانب الشعري لهذا الشاعر، كان يحب جدا ارتداء العمامة ونادرا ما يخلعها..

من نهفاته أنه سافر إلى انكلترا في بعثة علمية وعندما وصل إليها أشار عليه أصحابه أن يضع القبعة بدلا من العمامة، كيلا يبدو مخالفا للتقاليد الأوروبية, وعندما خلع العمامة ووضع القبعة بدلا منها أنكر نفسه وقال:‏

لبست الآن قبعة بعيداً
عن الأوطان معتاد الشجون‏

فإن هي غيرت شكلي فإني
متى أضعِ العِمامة تعرفوني‏

أنواع كثيرة للقبعات وأشكال مختلفة، ولكن هناك قبعة ما تزال حلما يلازم الصغار والكبار.
تدغدغ رغباتهم في التملص من مراقبة الناس والتنقل في عالم الغيب مع من نريد من الناس نراهم ولا يرونا
إنها قبعة الإخفاء نتلصلص على من نرغب، نعرف المستور ونكشف الخفايا دون أن يشعر بنا أحد.
لكن يا هناك في تلك البقعة الشمالية والتي تسمى المحرر، هناك بعض الأشخاص يرتدون قبعات عسكرية يفعلون ما يريدون دونما أي رقيب ولاحاجة لهم بقبعة الإخفاء، لا بل وضعوها تحت بسطارهم، تجاوزات وتشبيح وظلم واضطهاد. يوما بعد يوم.
لتبقى تلك القبعة ترافق أحلام الأطفال والبسطاء فقط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى