سياسة

كتاب “على ثرى دمشق” وثيقة نادرة يتناول تنظيم “الطليعة المقاتلة” ضد الأسد الأب

فريق التحرير|

تعد مذكرات “أيمن الشربجي” التي نشرت في كتاب “على ثرى دمشق” من الوثائق المهمة التي تتناول تجربة تنظيم “الطليعة المقاتلة”، فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم، والذي يروّج قياديو تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا أنه الجناح العسكري لتنظيمهم، بزعامة أيمن شربجي.

وقد ظهرت المذكرات عام 2012، وأعيد طباعتها عام 2017 في كتاب حمل عنوان: “على ثرى دمشق”، بعد أن كان عبارة عن منشورات متناثرة لم ترى النور إلا على شكل حلقات انتشرت على الإنترنت عام 2010.

يرصد الكتاب كيف تم تأسيس تنظيم جهادي مسلح مستقل تمامًا عن تنظيم “الإخوان المسلمون”، عام 1970 تحت اسم “الطليعة المقاتلة لجند الله”، بقيادة “مروان حديد” وهو شخصية دينية سورية من مدينة حماة، وكانت النشرات الداخلية للتنظيم تصدر تحت هذا الاسم حتى عام 1979، الى أن قرر عبد الستار الزعيم قائد التنظيم وقتها، تغيير الاسم إلى “الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين”.
واستمر تنظيم “الطليعة المقاتلة” 27 عاماً من العام 1970 حتى نهاية عام 1997 مع خروج آخر مجموعة من دمشق في ظل ظروف أمنية، إذ قال حينها ضابط المخابرات السوري وعضو مجلس الأمن القومي، “هشام بختيار” لأحد المعتقلين: “الآن ارتحنا وارتاحوا”.

بدء التنظيم بالمواجهة الفعلية مع نظام الأسد الأب بعد اعتقال مروان الحديد من المخابرات الجوية ووفاته في سجن المزة العسكري، وتسلم عبد الستار الزعيم زمام القيادة في العام 1976، إذ شكلت وفاته ردة فعل عنيفة لدى الخلايا التي تمكن من تدريبها وتوزيعها أنحاء مختلفة من سوريا، وكان مروان حديد قد أنهك سلطات حزب البعث في مدينته حماة والتي عُرف بـ”أحداث جامع السلطان”، عام 1964.

شكلت عمليات الطليعة التي يمكن وصفها بعمليات الذئاب المتفردة هاجساً لدى الأسد الأب، وخاصة بعد العملية التي قادتها الطليعة في مدرسة المدفعية في حلب بقيادة النقيب “إبراهيم اليوسف”، ضابط أمن المدرسة، والمنتمي للطليعة والتي أدت لمقتل أكثر من مئتي عنصر بعد أن فصلت الطلاب السنة عن العلويين حسبما جاء في الكتاب.

ونستطيع القول، بأن الكتاب تحدث عن حقبة مهمة جدا حاول نظام الأسد تشويهها وإلصاقها تهمة الإرهاب، رغم أن توثيق شربجي في كتابه لأكثر من مئة عملية حصلت في قلب العاصمة دمشق ومن بينها عملية استهداف حافظ الأسد والتخطيط لقتل شقيقه رفعت التي لم تكتمل، لا تقارن أبداً بمجزرة سجن تدمر ومجزرة حماة التي ارتكبها نظام الأسد وقتل قرابة 40 ألف مدني بحجة انتمائهم لتنظيم الإخوان.

والأهم من ذلك أن القارئ يلمس انفصال الطليعة فكريًا وعسكريًا وماديًا عن جماعة الإخوان المسلمين، وتفردها بصنع القرارات، عكس ما أشارت شهادة “عدنان سعد الدين”، المراقب العام لإخوان سوريا في تلك الفترة في برنامج “شاهد على العصر” والذي أشار في البرنامج أن مؤسس الطليعة المقاتلة (مروان حديد) يعتبراً فردًا من الإخوان، والطبيعة المقاتلة هي الجناح العسكري لها!!!!
ورغم تأخر شهادة أيمن الشربجي على تلك الفترة الهامة التي تضاربت الأخبار فيها، إلا أنه قدم معلومات مهمة جدا عن اختلاف الاتجاهات بين إخوان دمشق وإخوان حلب، وعدم رضا كلا الفريقين عن أداء بعضهما، وأخطاء قاتلة وقعت فيها الخلايا النائمة، إذ بث الإخوان السوريون من الخارج بمقاتلين إلى الداخل السوري بطريقة عشوائية تدل على عدم معرفتهم بمعطيات المعركة، وتجنيد عشوائي للشباب ينتج عنه أخطاء قاتلة، واعتمادهم على توقعات خاطئة وظنية دون أي دراسة في أن المحافظات السورية ستثور تلقائياً خلال معركتهم في حماة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى