مقالات

هروب الفيل من الغابة أو هروبي من الكتابة

حميد رمضان

كاتب لبناني
عرض مقالات الكاتب

عند كل مقال أنشره تخرج بعض الألسنة تتهمني بأني أقبض الأموال الطائلة لقاء كتابته لذلك كنت في بعض الأوقات أقرب إلى الهروب من الكتابة، مثلي بذلك مثل الفيل الذي هرب من الغابة، وهروبي إن حصل -لا سمح الله- لن يكون سببه الخوف لأني منذ ولدت لا أخاف، ولكن سببه هو ما ينتابني من قرف واشمئزاز
من الأصوات النشاز ونخاسة المطبلين لأولياء نعمهم حتى ولو كانوا أولياؤهم فاسدين سارقين مجرمين ظالمين سفلة رعاع وبالتالي تراهم كالحمير بل أشد حمرنة.

يقال: أن فيلاً قرر الهروب من الغابة فسألوه: لماذا تهرب؟
قال: لأن الأسد قرر أن يقتل كل الزرافات في الغابة!
قالوا له: ولكنك فيل ولست زرافة.
قال: أعلم أنني فيل ولست زرافة، ولكن الأسد كلف الحمار بمتابعة الموضوع وتنفيذ أمره.
وصلنا لزمن مجبورين أن نتعايش فيه مع الأمر الواقع المخالف للنواميس الإلهية والقوانين الآدمية أبطاله معممون حملة شهادات دينية وحملة شهادات علمية دنيوية وعبيد لعبيد واغبياء خدم لأبالسة إنسية، وظيفتهم تطويعنا وتدجيننا حتى لا نثور على الباطل وأهله.

تابعنا في فيسبوك

فمثلا يحدثوك علماء السلطان عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما دخل مكة فاتحا قال لأهلها الذين آذوه: اذهبوا فأنتم الطلقاء ويتناسون أن يحدثونك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أن لو بنت محمد سرقت لقطعت يدها..

يحدثونك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي، ولا يحدثونك عن أن رسول الله قال: أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر، ويحدثونك عن الفاروق عمر بن الخطاب كان يأكل فقط الخبز والزيت حتى تغير لونه، ولا يحدثونك عنه عندما رد الإبل الى بيت مال المسلمين عندما وجدها سماناً بخلاف الإبل الأخرى مع أنها كنت ملك ابنه عبدالله بن عمر، ويحدثونك عن حقوق الحاكم، ولا يحدثونك أيضاً عن حقوق الرعية، ويحدثونك عن أن أكثر أهل الجنة فقراء ولا يحدثونك عن الصحابي (الملياردير) حينذاك عبدالرحمن بن عوف
رضي الله عنه، أنه من العشرة المبشرين بالجنة، وكل هذه الأمثال المواتية غايتها، كما قلت أعلاه تدجين الشعوب حتى لا تثور على الظالم، وتطويعها حتى لا تقول كلمة حق بوجه سلطان جائر.

أيها الناس إن الله لا ينصر القاعدين والقاعد عن المطالبة بحقه كالأسير لا يأتي بخير، لأن من يحكمكم أو يتحكم بحياتكم كالذئب الذي لا يرتوي من دم الشاة، ومع أنه فتك وارتوى بدمها بها لن تراه يومًا راضيا عنها، وبالتالي (فيقوا) من نومكم أو سباتكم المهين، لتهزوا بسواعدكم جذع النخلة لتساقط عليكم ثمرها واعلموا بأنكم إن لم تتحركوا تصبحوا فاسدين كالماء الراكد تمامًا، لأن الماء إذا لم يتحرك يفسد.

أيها الناس إياكم أن تتمثلوا بالفيل الذي هرب من وطنه خوفًا من “حمرنة الحمار” الذي كلفه الأسد بتسيير أمور الغابة، لأنكم إن هربتم تكونوا حميرًا لا آدميين، لذلك قررت وبكامل قواي العقليه والبدنية ألّا أهرب من الكتابة حتى لا أترك وطني يحكمه حمار وكيل.
عن الحمار أصيل.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً على احمد قاسم إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى