بحوث ودراسات

الحملة الفرنسية على مصر والشام: تجربة فاشلة لنشر الحداثة أم لفرضها بالقوة؟(9من 9)

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب


يواجه المتعاونون مع الحملة من أبناء المصريِّين جمع الأزهريِّين بإطلاق كثيف للرصاص. وتجدر الإشارة إلى أنَّ شخصيَّة كبير مورِّدي السلاح للحملة في الفيلم هي محاكاة شخصيَّة حقيقيَّة، هي شخصيَّة المعلِّم-أو الجنرال-يعقوب حنَّا، وهو رجل مسيحي من صعيد مصر تعاون مع جنود بونابرت ضدَّ أبناء مصر، مما دفع الكثير من المؤرِّخين إلى اتِّهامه بالخيانة. غير أنَّ مؤرِّخين مسيحيِّين رأوا فيه بطلًا وطنيَّا دافع عن قضيَّة الأقليَّة المسيحيَّة في مصر، ودفع حياته ثمنًا لذلك، ومنهم صامويل تادرس في كتابه الوطن المفقود: السعي المصري والقبطي للحداثة (2013). فبرغم موت حنَّا على متن إحدى سفن الحملة المبحرة إلى أوروبا بعد انسحاب القوَّات، والتخلُّص من جثَّته دون دفنه، فهناك من يرى أنَّ حنَّا مُنع بموته من توصيل أصوات الأقليَّة المسيحيَّة إلى قادة أوروبا، ومن المطالبة بحقوقهم. على أيِّ حال، فالشخصيَّة الموازية لشخصيَّة يعقوب حنَّا تحمل اسم “فرط الرمَّان”، وهو اسم لا يحمل أيَّ هويَّة دينيَّة.

صورة 22-من فيلم “الوداع يا بونابرت”
يفر الجمع فور إطلاق النيران، ويختبئ الجميع، وأوُّلهم الشيخ الكفيف، في إشارة إلى العجز عن المواجهة، لن نقول الجُبن المتخفي خلف حماسة زائفة وشعارات بالية.

صورة 23-من فيلم “الوداع يا بونابرت”
وفي وسط هذا المشهد الدامي، يخرج الشاب عليٌّ بهتاف يعبِّر عن الانتماء القومي، وليس الديني “مصر ستبقى غاليَّة عليَّ”، وحينها ينقلب الحال، ويسود المتظاهرون الأزهريُّون المشهد

صورة 24-من فيلم “الوداع يا بونابرت”
يُستفز قادة الحملة مما حدث، فيحاصرون الأزهر بالمدافع.

صورة 25-من فيلم “الوداع يا بونابرت”
ثمَّ يقتحمونه للرد على العدوان، وتأديب مَن حاربوا أعوان الحملة في جمْع السلاح.

صورة 26-من فيلم “الوداع يا بونابرت”

بالطبع، يسقط قتلى من طلَّاب الأزهر سُفكت دماؤهم بسبب انجرارهم وراء نداء بكر وشيخه الكفيف لاقتحام مقر المتعاونين مع الحملة من أبناء مصر، الذين وصفهم بالخونة.

صورة 27-من فيلم “الوداع يا بونابرت”
ويطول العبث والتخريب مخطوطات تعود إلى الجامع الأزهر، فينقضُّ أحد علماء الحملة لإنقاذها، واصفًا الجنود بـ “الهمج”.

صورة 28-من فيلم “الوداع يا بونابرت”

ويطول عبث العامَّة المصريِّين، الثائرين على المحتلِّ بسبب اقتحامه الأزهر، معدَّات العالم الفرنسي العلميَّة، فيصف هو هؤلاء بـ “الحيوانات”.

صورة 29-من فيلم “الوداع يا بونابرت”
نأتي إلى نقطة في غاية الأهميَّة في الأحداث، وهي استعراض الفرنسيِّن تقدُّمهم العلمي بإطلاق منطاد طائر يمكنه نقل الأشخاص في الجو…

صورة 30-من فيلم “الوداع يا بونابرت”
ويتابع العامَّة المشهد في شغف وانبهار.

صورة 31-من فيلم “الوداع يا بونابرت”
غير أنَّ التجربة فشلت في إقناع المصريِّين بضرورة التماهي مع الحضارة الغربيَّة والاستفادة من علومها، برغم احتجاز الأزهريِّين الداعين إلى الثورة في السجن.

صورة 32-من فيلم “الوداع يا بونابرت”
يقتنع قادة الحملة في النهاية بفشلها في تحقيق غاياتها؛ فلا السيطرة العسكريَّة نجحت، ولا التقارب الفكري حدث. ما حدث هو إراقة الدماء من الجانبين، وإن كانت الخسائر البشريَّة والماديَّة للجانب المصري تفوق خسائر الجانب الفرنسي. ما أثمرت عنه الحملة هو الصداقة بين عليٍّ والعالم الفرنسي كافاريللي، واعتراف كلٍّ منهما بفضل الآخر في تعليمه الجديد.

صورة 33-من فيلم “الوداع يا بونابرت”
ويقطع عليٌّ رحلته التنويريَّة بعد ارتباطه بفتاة مسيحيَّة، في وسط عدم اقتناع بني وطنه بأهدافه، واتِّهامهم له بالخيانة. يبقي عليٌّ وحده بعد موت شقيقه الأصغر ضحية للجهل، وسجن الأكبر، وتخلو الساحة أمامه لنشر الوعي المناسب لتحقيق التماهي مع الغرب وإزالة أسباب الفرقة والصراع.

صورة 34-من فيلم “الوداع يا بونابرت”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى