مقالات

“المثلية الجنسية” ورأي العلم والعلماء

د. معين هزاع

كاتب سوري
عرض مقالات الكاتب


في هذا المقال رد على سؤال :هل المثلية الجنسية خلل بيولوجي أم اضطراب نفسي-سلوكي؟

المثلية؛ هي رغبة وشعور وميول جنسية عند الإنسان للميل فيمن يماثله في نوع جنسه ،الجندرية؛ أشخاص يعتقدون أنهم ولدوا وتربوا على الجنس الخطأ، ومنهم من يريد تغيير جنسه إلى جنس مغاير أي (المتحولون جنسياً).فهل هي هرمونات تجري في الأجساد، أم أفكار شاذة تقود لأفعال غير لائقة جنسياً وسلوكياً؟. هل هي تحطيم للمفاهيم الطبيعية الغريزية والسلوكية التي خُلقنا عليها؟ أم لها مآرب أخرى؟.سأتناول الموضوع من وجهة نظر علمية، وماخلق عليه الإنسان من فطرة طبيعية واحترام للقيم والمبادئ العامة المتعارف عليها منذ الأزل، والتي صححت كثيراً على مدار التاريخ لتقويم الكثير من الاعوجاج الذي أصاب المجتمعات الإنسانية أثناء تطورها.

نظرة تاريخية: هنالك لوحات تدل على أن المثلية بدأت قبل تسعة آلاف سنة قبل الميلاد في عصر الامبراطورية الرومانية، وأول شريكين مثليين مثبتان في التاريخ كانا خنوم حتسب و ني أنخ خنوم، وهما ذكران فرعونيان عاشا قبل ٢٤٠٠ سنة قبل الميلاد، وقد شاعت المثلية أيضاً في العصر العباسي والمملوكي حتى قال فيها الشاعر ابن الوردي:

يا قوم صار اللوُاط اليومَ مشتهراً – وشائعاً ذائعاً من غير إنكار

بضاعة ما اشتراها غير بائعها – بئس البضاعة والمبتاع والشاري

وفي عصر السلطنة العثمانية ظهرت جماعة (الكوك)، وهم صبية ينشدون أشعاراً مع الرقص والغناء وارتداء ألبسة الفتيات وتقليدهن في حركاتهن وتصرفاتهن وأصواتهن وتبرجهن. وكذلك الأولاد الراقصون (غلمان باشا بازي)، ظهروا في أواسط آسيا وفي أفغانستان من تحالف الشمال، وحاربتهم طالبان، وهي تعرف بتجارة الغلمان وما يصاحبها من تبرج ورقص وغناء والتشبه بالفتيات في مجتمع رجال يختارون منهم مايعجبهم.فالمثلية موجودة منذ القدم حتى عصرنا الراهن، عصر هوليود وديزني ونيتفلكس، وقد مرت بفترات من التخفي إلى الظهور، ومن السر إلى العلانية. في بداية الستينيات من القرن الماضي تجمع المثليون في نيويورك، وتسارعت وتيرة ظهورهم ونضالهم كما يدعون لمنحهم حقوقهم والسعي لقوننة زواجهم وحقهم في التبني، وجعلها ميول طبيعية تدرس في المناهج الدراسية بداية للأطفال. تزايدت نسبتهم في بداية السبعينيات وتضاعفت في التسعينيات في إشارة إلى أن لوبيات دعم المثلية في الإعلام والتعليم قد بدأت تحصد نتائجها. ففي عام ٢٠٠١ تم الاعتراف وتسجيل أول حالة زواج مثليين في هولندا وحقهم في التبني. يوجد الآن ٢٧ دولة تعترف بزواج المثليين، ودول كثيرة رافضة كدول شرق آسيا والشرق الأوسط وكثير من دول أوروبا الشرقية. منذ أيام صوّت مجلس الشيوخ الإيطالي على قانون منع المثلية، وبالمقابل صرح البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان بأن المثليين أبناء الله ولهم الحق في تكوين أسرة.علماً أن الأديان السماوية الثلاثة حرّمت المثلية.

لم تثبت كثير من الدراسات الجينية المعمقة، وتحدد بشكل قاطع ما هو الجين المتحكم والمسؤول عن المثلية، وأغلب الدراسات تواجه شكوكًا كثيرة في مصداقيتها حسب الكاتبان العلميان (نيل وبرَيار وايتهد)، في كتابهما (جيناتي جعلتني أفعلها)، يقولان: إن الغرب كان موضوعاً لحملة من التضليل والخداع في السنوات الثلاثين الماضية، جعلت مؤسساته العامة من المشرّعين إلى القضاة، ومن الكنائس إلى التخصصات الصحية يؤمنون بشكل كبير أن المثلية موروثة عضوياً وبالتالي لايمكن تغييرها. ويتفق معهم الإعلامي (مارك دايس) قائلاً: إن الإعلام الليبرالي أجرى عملية غسيل دماغ من خلال ضجيج إعلامي عن المثليين حتى يقنع الأمريكان بارتفاع نسبة الشذوذ الجنسين.
(دين هامر) عالم الوراثة المشهور والمؤيد للمثليين، قام بإجراء بحث بقصد الربط بين الجينات والمثلية وروجت الصحافة والإعلام كثيراً لبحثه ونشرت خبر بشكل واسع تحت عنوان جذاب وصريح (باحث يكشف جين المثلية الجنسية)، سرعان ما نفاه العالِم نفسه نفياً شديداً وقال: لم نكتشف الجين المسؤول عن المثلية والتوجه الجنسي، بل نعتقد أنا وفريقي أنه ليس موجود أصلاً. كما يعتقد أن كل محاولاتهم هي محاولات عبثية.
مؤخراً نشرت مجلة (الطبيعة) العلمية الرصينة دراسة شارك فيها نصف مليون شخص من بريطانيا و أمريكا، نفت ماقبلها من دراسات ووصلت إلى نتيجة أنه لايوجد جين خاص للمثلية. ولو كانت المثلية سببها جيني لبقيت نسبتها ثابتة، إلا أنها تزداد بشكل كبير. نسبة المثليين في الغرب كانت ٢-٣٪؜، ازدادت في السنوات الثلاثين الأخيرة ووصلت إلى ١٠٪؜، بسبب الضخ الإعلامي الكبير المؤيد لها، وأصبحت كالموضة التي يقلدها الشباب ويفتخرون ويتباهون بها، ودعمت من مسؤولين حكوميين في دول أوربية وأمريكية عديدة.

  • العوامل النفسية والاجتماعية
    منذ مئة عام رفض فرويد اعتبار المثلية خلل بيولوجي واعتبرها خللاً في النمو النفسي، حيث أثبت بالتحليل النفسي أنّ الطفل يولد وهو مزود بطاقة غريزية وميول جنسية (الليبيدو)، التي تدخل في صراع مع المجتمع، و على أساس طبيعة هذا الصدام وشكله تتحدد الميول وصورة الشخصية فيما بعد، فإذا لم يتجاوز الطفل مرحلة النمو المبكر بشكل صحي نفسي يتماهى مع أمه فلا تكون له هوية ذكورية، وفسّر حديثاً (جوزيف كيماويين) المثلية بأنها محاولة لإصلاح جرح نتج عن الفشل في الحصول على الهوية الذكورية مما يجعل المثلي يكره هويته وينفر منها. إذن من وجهة نظر الطب النفسي السلوك الجامح أو الشاذ هو سلوك مكتسب.
    نرى كثيراً في أفلام ومسلسلات ديزني ونيتفلكس ترويجاً كبيراً للمثلية، وتكاد لاتخلو من مشاهد مثلية، وتقحمها حتى لو كانت لا علاقة لها بقصة الفلم او المسلسل، تبين أن الرئيسة التنفيذية لشركة ديزني لديها شاب مثلي، ولهذا السبب استلهمت قصص لعدة أفلام وروجت لمسلسلات وأفلام كرتون للأطفال تشجع المثلية وتحاكي بها قصة ابنها. مثل هذه الأفلام والألعاب تلوث عقول الأطفال نفسياً واجتماعياً وتعتبر تحرشاً في عقولهم البريئة، لذا قال الرئيس الهنغاري: دعونا وشأننا ودعوا أطفالنا يعيشون حياتهم ببراءة ، لاتفسدوا فطرتهم.
    السؤال؛ هل نحن أمام أدلجة فكرية تغرس بذورها ديزني وتنتجها وترعاها نيتفليكس لنحصد ثمار جيل بلا مبادئ ولا قيم ولا معتقدات صحيحة، أم أن هناك من يسوق لمذهب ودين جديد هو دين اللادينية المتجرد من كل الضوابط والالتزامات؟.
    هل نستطيع إنقاذ مستقبلنا ومستقبل أولادنا من مساوئ واقع رأينا مصائبه وأهواله بأنفسنا وفي أمم أخرى؟، أم أن على المغلوب السكوت لأن القانون يحميهم و يجرمك إذا لم تعتقد بما يعتقدون ويصدقون أنه الصح وهو برأيك خطأ؟. لماذا تصادر رأيي وحرية فكري ومعتقدي؟، هل هذه حرية أم قمع للفكر والحريات؟. هل الحروب والأوبئة وقلة الإنجاب لم تعد تكفي لإنقاص عدد السكان؟.
    الغرب ذو الماضي الاستعماري، والمتطور والمتقدم علمياً وصناعياً وتكنولوجياً فشل فشلاً ذريعاً اجتماعياً، ومازال يحاول فرض ثقافة مجتمعية جديدة وهدم الأسرة التي هي أساس بناء المجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى