بحوث ودراسات

الحملة الفرنسيَّة على مصر والشَّام: تجربة فاشلة لنشر الحداثة أم لفرْضها بالقوَّة؟ (8 من 9)

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب

يستنكر بكر في حواره مع الشيخ الكفيف خنوع الشعب المصري، وسكوته على وجود الحملة في قبل مصر، بما فيه والده، الذي تعهَّد بإمداد الحملة بالخبز مقابل المال، واصفًا ذلك بـ “التطبيع”، في وسط تهكُّم الشيخ على ادِّعاء بونابرت في خطاب وجَّهَّه إلى الأزهر أكَّد فيه على احترامه للإسلام وللنبي مُحمَّد. يدين الشيخ الكفيف موقف السلطة الرسميَّة، ويعترف بتفوُّق الحملة عسكريًّا، لكنَّه يدعو إلى الوقوف في وجهها، مذكِّرًا الجمع من طلَّاب الأزهر بأنَّ الله نصَرَ مقاتلي بدر، وقد كانوا ثلاثمئة وثلاثة عشر مقاتلًا، في مواجهة عشر أضعاف عددهم، ومستشهدًا بقول الله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ” (سورة آل عمران: الآية 149) في وجوب التمرُّد على الحملة وقائدها. يعطي الشيخ عصاه إلى بكر، ويرفع كلُّ أزهري بعصاة في مظاهرة تناهض الحملة.

اقرأ: الحملة الفرنسية على مصر والشام: تجربة فاشلة لنشر الحداثة أم لفرضها بالقوة؟(7من 8)

صورة 15-من فيلم “الوداع يا بونابرت”

يؤكِّد الفيلم بذلك اتِّهام فضل الرحمن في كتابه (1982) آنف الذكر لدارسي الأزهر بالجمود الفكري وعدم السعي إلى الحوار أو الانفتاح على علوم جديدة. فالشيخ الكفيف لم يرَ في الحملة سوى رغبتها في السيطرة العسكريَّة، برغم من سعيها إلى فتح سُبُل جديدة للعلم وترقية العقول.

أمَّا عن بونابرت، فقد لجأ إلى التقرُّب من الشعب المصري من خلال المشاركة في حضرة صوفيَّة في المولد النَّبوي.

صورة 16-من فيلم “الوداع يا بونابرت”

ويتزامن ذلك مع نشوء صداقة بين علي ويحيى من ناحية والعالم الفرنسي، كافاريللي، الساعي إلى نشر قيم العدالة والتفاهم بين الشعوب.

صورة 17-من فيلم “الوداع يا بونابرت”

يبدأ الشابان الاطِّلاع على المنجزات العلميَّة الفرنسيَّة، في انبهار تامٍّ ورغبة في التعلُّم.

صورة 18-من فيلم “الوداع يا بونابرت”

ويبدأ علي في استغلال الطباعة في طبع منشورات لتحفيز الشعب على الثورة في مواجهة الاحتلال. ونذكِّر بأنَّ الطابعة من أوائل الأجهزة التقنيَّة الحديثة التي عرفها المصريُّون، وكانت الحملة قد جاءت بها معها إلى مصر. ولا شكَّ أنَّ في استخدام عليٍّ تلك الآلة الحديثة ما يشير إلى نجاح الحملة في نقله نوعيًّا إلى عالم المدنيَّة.

صورة 19-من فيلم “الوداع يا بونابرت”

يخرج الأزهريُّون في حملة بقيادة الشيخ الكفيف للاستيلاء على السلاح من المصريِّين المتعاونين مع الحملة، وكان هتاف الشيخ “حي على الجهاد”. ينطلق الشباب في حماس بأسلحتهم البدائيَّة.

صورة 20-من فيلم “الوداع يا بونابرت”

ويتقدَّم المشهد موكب من الحمير في إشارة إلى التخلُّف الحضاري، في مواجهة خيول الحملة المسلَّحة بأحدث وسائل الدفاع، في استهزاء تام بسعي الأزهريين إلى تحرير بلادهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى