عتب أحد الإخوة من الخليج العربي، الذين وصلوا إلى ثغر العراق الباسم بصرتنا الجميلة، على أحد الإعلاميين العراقيين الذي التقاه، قائلا له إن الناشطين في الإعلام لم يوضحوا له ولغيره الوضع الصحيح والإيجابي في العراق! ولم يجبه الإعلامي العراقي لأسباب أجهلها، ولكنني بدوري أسأله، وهل سمعت أخي العربي الحريص على معرفة حقيقة الوضع في العراق؟ فلك الآتي:
- إن مبلغا يقدر بأكثر من 600 مليار دولار اميركي تمت سرقته من العراق خلال أقل من عقدين.
- إن في العراق سجونًا سرية وفيها عشرات الآلاف من المغيبين. وقد خرج إلينا رئيس البرلمان قبل مدة قصيرة من انعقاد دورة الخليج العربي ليقول لنا :إن المغيبين قد غُدر بهم، ولذلك على أهاليهم أن ينصبوا خيم العزاء بدلا من انتظار الإفراج عنهم.
- إن في العراق العظيم تصول وتجول ميليشيات تحمل السلاح غير القانوني وتقتل على الهوية متى ما تشاء وتسرق النفط وتفكك وتهرب ممتلكات العراق مثل المصافي ومحطات الكهرباء.
- إن في ديمقراطية العراق الواعدة يُنتخب لمنصب رئيس الوزراء اصغر الفائزين والذي لم يحصل في الانتخابات على غير مقعد واحد فقط لأن قوى الفساد والضلال والإسلام السياسي قررت أن يكون رئيسًا للوزراء وانتهى الأمر. والذي سيحضر إلى الملعب مرحبا بكم.
- إن الشباب العراقي قرر في عام 2019 أن يواجه السلطة الفاسدة التي تستضيفكم في دورة الخليج العربي فوقف بوجههم أناس ملثمون ويلبسون لباس الشرطة والجيش والقوات الموالية للحكومة وقتلوا منهم ألف شاب بعمر أبنائكم الذين يزورون البصرة اليوم ليستمتعوا بشتائها الجميل وفي ضيافة أهلها الطيبين. واظن أن القتلة والمجرمين يوفرون لكم الأمن خلال وجودكم في البصرة الفيحاء.
- إن المخدرات (انتاجًا واستهلاكًا وتوزيعًا) قد نخرت المجتمع العراقي، ولم تعد في العراق مدينة محصنة من فعاليات الجريمة المنظمة التي تديرها الميليشيات المرتبطة بجارة السوء إيران.
- إن العراق فقد دوره الدولي ودوره الإقليمي الذي لم ينافسه عليه أحد في أسوأ أوقات العراق في السابق. ولم تعد للعراق الهيبة التي تعوّد عليها. وتحوّلت حكومة الغفلة في المنطقة الخضراء إلى أداء وظيفة “السركال” لسيديها الأمريكي والإيراني.
- إن وزير التعليم العالي والبحث العلمي في العراق اليوم هو مزور ،وميليشياوي حاصل على شهادة مزورة من المكتب الإسلامي لبيع الشهادات في لبنان.
- إن العراق وبعد أن احتفل والعالم كله باختفاء الأمية فيه قبل أربعين عامًا، عادت الأمية إليه وبشدة حتى أننا أصبحنا نرى أن العائلة العراقية فيها الجد يقرأ ويكتب بينما الحفيد لا يجيد القراءة والكتابة.
- إن وزير الدفاع المسؤول عن الجيش العراقي هارب من الجيش. ولك أن تتخيل وضع الجيش العراقي اليوم.
- كان في العراق وزيرًا للخارجية مازال حزبه الإطاري يحكم العراق، همه أن يهاجم الأمة العربية كل يوم، ورأيناه يترك المتظاهرين العراقيين الذين تقتلهم حكومته وحزبه السياسي، ويدافع عن المتظاهرين البحرينيين ويهاجم حكومة البحرين.
- إن في العراق ميليشيات تختطف الأشقاء والأصدقاء وتطلب مليارًا أو أثنين لتعيدهم إلى أهلهم كما فعلوا مع القطريين.
- إن في العراق شخصا لا زال يحكم العراق وهو جواد المالكي يعتقد أن الصراعات السياسية اليوم تدور حول الصراع الذي يؤمن به وهو صراع يزيد مع الحسين رضي الله عنه.
- إن الارهابي أبو مهدي المهندس التي رأيتم صوره تملأ البصرة قال يوما ردًّا على صحفي فارسي سأله بعد الانتصار على داعش هل ستكون “اسرائيل” هدفكم الثاني؟ فأجابه بالفارسية لا أن السعودية هي هدفنا الثاني، وها أنتم تحضرون اليوم في البصرة وسط انتشار صوره لترسل لكم رسالة لاّ بد أنكم فهمتموها.
- إن الحكومة التي تستضيفكم اليوم قامت ولا زالت باجتثاث الكفاءات والناس الذين أحبوكم، ولم يكن اجتثاثهم الا لأنهم عروبيون، بينما تستضيفكم حكومة كل من فيها يبغضكم.
- إن في العراق أكثر من أربعة ملايين مهجر في الخارج أكثرهم من أصحاب الكفاءات، ومثلهم مهجرون في الداخل. بعضهم قد تهدّمت مدنهم أو مناطقهم وبعضهم ممنوع أن يعود إلى داره ومحلته ومنطقته ومدينته.
- إن عددًا كبير من المهجرين والمجتثين لا يستطيعون أن يحصلوا على وثائقهم العراقية ليزوروا أهلهم في العراق مثلما تفعل انت الآن. وهؤلاء ليست ضدهم أية أحكام أو قضايا، وذنبهم الوحيد أنهم لا يقبلون أن يكونوا جزءًا من عصر التزوير.
- إن مزاد العملة في العراق هو أفضل وسيلة للتهريب القانوني لتعيش الدولة الجارة على حساب بطون العراقيين الخاوية.
- إن في العراق رئاسات أربعة، في مجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى والبرلمان والجمهورية، وهؤلاء لا يتم تعيين أي منهم قبل أن يزور سرًّا وعلانية طهران ليقسم هناك قسم الولاء والبراء.
- ولعلي سأزعجك في هذا، إذ تقول النائبة في البرلمان العراقي نيسان الزاير :إن الفتيان والفتيات من المسجونين في سجن الأحداث يتم اغتصابهم وبيعهم يوميًا لبعض السياسيين والمتنفذين من أصحاب السحت الحرام، ويتم إرسالهم إلى فنادق معروفة لتهتك أعراضهم هناك.
وأستطيع أن شئت ،أن أحدثك أكثر عن اليتامى والأرامل وملايين الفقراء الذين تجاوزوا خط الفقر، ومئات آلاف الشهادات المزورة، وملايين الخريجين الذين لا يجدون فرصة عمل. والمتقاعدين الذين لم يحصلوا على حقوقهم التقاعدية، وربط العراق الغني بسياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ولعلك لا تعرف ماذا تريد هذه المؤسسات الدولية لأنك تعيش في دولة دائنة وليست مدينة كما هو حالنا.
ونازال في جعبتنا الكثير لنتحدث به لكم لعلكم لم تسمعوا به ،ولكن سيأتي وقته لاحقًا، المهم الآن أنني ساتركك تستمتع بما أتيت من أجله للبصرة، وسيقوم العراقيون بواجبكم ،فهم أهل لذلك ولن يقصروا .
وستتذكرون ويتذكر العالم كيف أكرمكم العراقيون وهم يعضون على شفاههم من شدّة الألم!
ولكم الله ايها العراقيون، ولعلها بداية نهاية الألم.
من المعلوم لدى المثقفين من أبناء أمتنا تلك الجهة الفرعونية التي قامت بتأليف مشروع “الفوضى الخلاقة” التي في حقيقتها ” الفوضى الهلاكة” لأنها كانت تهدف إلى ما أشار إليه الله تعالى بقوله (وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ). أرادت تلك الجهة من هذا المشروع مشروع آخر و هو ” ولادة الشرق الأوسط الجديد” ، و هذا “الشرق الأوسخ” يتمَ فيه تقليل عدد المسلمين كأغلبية سكانية ، و تتحكم فيه الأقليات ، وتُنتزع فيه صفة التعريب عن الثروات الطبيعية و تحلَ مكانها صفات مثل “التكريد و الفرسنة …الخ” . كان الأهمَ لدى تلك الجهة الدمار الشامل لبلاد الشام المباركة “شام الرسول” و هو القائل صلى الله عليه و سلَم (اللهم بارك لنا في شامنا ، ثلاثاً) مع تخريب الجناحين الشرقي و الغربي للشام ” أي مصر و العراق” لديمومة سيطرتها .
أكرمني الله بزيارة العراق في بداية حكم الرئيس أحمد حسن البكر رحمه الله ، و مكثت فيه بضعة شهور أي أنها زيارة كانت قبل ما يزيد عن نصف قرن . أدهشني العراق حينها من حيث أنه كان بلد وفرة فيه أسواق مليئة بالبضائع ذات الأسعار المتدنية و الجودة و أعجبني أناقة شباب و شابات العراق و البنية التحتية و شوارع المدن و ما بين المدن و حضرت محاضرتين جامعيتين إحداهما في بغداد و الأخرى في الموصل . ما أبهرني في العراق ، حينئذٍ ، أنني وجدت شعباً مرتفع الثقافة و الفكر يُقبِل على اقتناء الكتب و يقرأها و يتحدث بمستوى رفيع . كانت زيارة العراق ، بالنسبة لي ، شحنة أمل في أن هذا البلد سيكون مصدر إشعاع لأمتنا فيصعد و تصعد معه أمتنا .
في ذلك الزمان ، قيل و هو قول صائب “القاهرة تؤلف و بيروت تطبع و بغداد تقرأ ” و كان العراق يمتلك أفضل تعليم في الشرق الأوسط ، و اعترفت اليونسكو بذلك و أعلنته عام ١٩٧٧م.
قام فرعون و بلطجي العالم بإزاحة “أبي الهيثم” و وضع مكانه “بواق الدجاج” الذي لا يفقه بالسياسة شيئاً حيث هذا الأخير من السهل تنفيذ وعد أحد عتاة الفراعنة الجدد ب “إعادة العراق إلى العصر الحجري ” في عهده ، و هذا ما حصل و هو مُشاهدٌ محسوس . معلومٌ أن نظام الكهنوت لدى جار العراق الشرقي كان عوناً للاستعمار الفرعوني في تخريب العراق و لا يزال ، و معلومٌ أن سفهاء الأعراب كانوا أيضاً أعواناً للاستعمار هذا في التمويل.
ما كنت أتصور أن يتغير الوضع ليصبح الآن ” القاهرة ترقص و بيروت تسكر و بغداد تلطم ” . لكن في السنة الكونية الربَانية “دوام الحال من المحال” و لن يدوم هذا التخلف الجبري القهري الحالي . مختتماً تعليقي هذا بدعاء علَمنا إياه رسولنا صلى الله عليه و سلَم (اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحوَل عافيتك وفجأة نقمتك و جميع سخطك) . آمين .