مقالات

تَفاضلُ الأديان

أحمد إبراهيم الرحال

كاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

الدِّين هو مجموعةٌ من القِيمِ والضَّوابطِ السُّلوكيَّة الَّتي تُنظِّم العلاقات بين المجتمع، وبقدر مايكون الدِّين له ضوابط (قوانين وعقوبات) يكون المجتمع أفضل وأقرب للحضارة.

جميع الأديان السَّماويَّة أتتْ من مِشكاةٍ واحدة ونهتْ عن عبادة الطَّاغية والامتثال له وعن السَّرقة والزِّنا والقتل والكذب والاعتداء على حقوق الآخرين، ونصّتْ على نصوصٍ تجعل فيها القِيم لهذا المجتمع في تكوين الانسان البشري، ولو أخذنا مثال عدم السَّرقة فالإنسان بطبعه يحبُّ المال والحصول عليه لكن السَّرقة هي قيمة سلبيَّة، ونهتْ الأديان عن السَّرقة فكلُّ إنسان لايحبُّ أن يُسرقَ جُهده وماله، فهي للمحافظة على مالك قبل مال الآخرين، وبعد تبيان هذه القيمة وتحديد العمل السُّلوكي فيجب علينا الضّابط الذي يضبط هذه القيمة في إيجاد العقوبة لأن العقل يستجيب للعقوبة والمكافأة ولا يُترك الأمر تفضُّلا من الإنسان.

 كان فيما سبق في شريعة يوسف عليه السَّلام أن يستعبدَ السّارق للمسروق (قالوا جزاؤه من وُجد في رحله فهو جزاؤه) وفي شريعة الملك أن يُقتل (ماكان ليأخذ أخاه في دين الملك)، وجاءت الشّريعة الإسلاميَّة لتخفّف العقوبة ودائما تكون آخر القوانين فيها التَّخفيف عن القوانين السّابقة (ويضع عنكم الإصر والأغلال) فجاءت كعقوبة رادعة بقطع كفِّ السَّارق، ولو ترك السارق بدون عقوبة فلربما طوّعت نفسُ المسروق بقتل السَّارق فالحدّ والقِصاص هو حياة للسّارق والمسروق (ولكم في القصاص حياة ياأولي الألباب).

تابعنا في فيسبوك

الأديان كثيرة جدا حتَّى دين المشركين (لكم دينكم ولي دين).. لأنها قوانين اجتماعيَّة تضبط السُّلوك لكن هناك تفاضل بحسب الضّوابط فقد كان قبل الإسلام يغزون قبائل أخرى فينهبون ويسرقون وهذا في دينهم الجاهلي فجاء الإسلام ليغيّر هذه القيمة السّلبيّة ويحرّم الاعتداء على الآخرين.

ماضربنا به مثالا في السّرقة له ضابط ماديّ في العقوبة لكن ماهو ضابط الكذب مثلا؟؟؟.. الكذبُ حالة اجتماعيّة نعرّفها بقيمة سلبيّة وإن الكذب يهدي للفجور، وإن الكذب يعدم الرّاحة ويثير القلق وهذا تعريف للقيمة السّلبية لكن هل من ضابط؟.. من الضوابط الاجتماعيّة في الاسلام أنّه يبطل البيع ويفسخ الخطبة والزّواج وينقص الرّزق بعدم ثقة النّاس به، فالضّابط هو اجتماعيّ بتباعد النّاس عنه وعدم حصوله على الكثير من الصّفقات ممّا يؤثر عليه اقتصاديّا. كذلك نضرب مثالاً على القيم السلوكيّة الّتي ليس لها حدٌّ في الإسلام كالقدح والذمِّ والشّتم فلها حدود تعزيريّة يحكم بها القاضي بجلد أو سجن حسب تقدير الحالة ويبدأ التعزير بالكلمة، فما فوق ذلك من غرامة ماديّة أو سجن ولا يترك هكذا يتصرف خبط عشواء، وعند الدّول الاسكندنافيّة يُغرّم بالمال أو السّجن ولو نظرنا إلى تاريخ الأمم، فإنّها لاتبنى على الحداثة بل على قيمها الّتي ضبطت سلوك المجتمع وبقدر تلك القوانين تقام الحضارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى