فنجان سياسي

تهافت العروض على نظام اﻷسد.. مؤشرات ودﻻﻻت


فراس العبيد/
استفاد النظام الدولي من تردي اﻷوضاع اﻻقتصادية التي تمرّ بها سوريا، ومع ما تحمله من ثقلٍ في تاريخ ومعادلة الصراع، بدأ التهافت، لحسم الملف، والراجح أن جميع يلعب لسحب البساط واﻻلتحاف بعباءة الشام، ووضعها تحت أضراسه.
تمرد الشام:
لا يعني ما سبق أن الشام، بقيت ضمن “الحظيرة الدولية”، وإن كان التيار الجهادي كامنًا، أو مستضعفًا، إﻻ أن ما تحت الرماد يخفي جمرًا، وهو ما تخشاه الدول الصهيو-صليبية، بالتالي؛ فالفرصة اليوم مواتية لهم، ﻹنعاش “النظام النصيري”، مقابل مكاسب وامتيازات، في ظل صراع داخل البيت “الصليبي ذاته”، وأعني هنا الحرب العائلية الثالثة (روسيا) من جهة، و(أوكرانيا) وخلفها حلفاؤها من جانبٍ آخر.
ولعل إرادة حسم “تمرد الشام” الجهادي، تحوّل إلى ضرورة، فرضها الواقع، خاصة إذا قرأنا التظاهرات في المملكة اﻷردنية، وما ستعنيه تلك الشرارة لو تصافحت بين الجارتين، على النهج القتالي ذاته، وما سينتج عنه من قلبٍ لميزان القوة، وما سيشكله من خطر على الكيان الصهيوني.
لملمة الخيبة:
ويبدو أن تهافت العروض ﻹنعاش نظام اﻷسد النصيري، وهو أحد مرابط النظام الدولي، كما يصفه الدكتور أكرم حجازي، حفظه الله، يشير إلى أن الدول الصليبية تنبهت مؤخرًا إلى خطر بقاء الشام بعيدًا عن “حظيرتها”، في حالة تدار فيها فكريًا تحت ما يسمى “إدارة التوحش”، في ظل معركة استنزاف طويلة اﻷمد يسميها منظرو التيار الجهادي بـ”حرب البرغوث”.
وتسعى تلك الدول إلى لملمة خيبتها وحصاد انتصارٍ يؤجل فيه مواجهة جديدة بين التيار الجهادي “المستضعف”، وبينها، إلى وقتٍ لاحق، ﻷنها هي اﻷخرى منشغلة في صراعٍ داخل “عشها” أو “بيت العنكبوت”.
عروض خمسة:
وفي السياق؛ كشفت صحيفة الشرق الأوسط في تقرير لها أن سوريا باتت أمام خمسة عروض متناقضة لمواجهة أزماتها الاقتصادية والاجتماعية القاتلة ولبدء مسيرة طويلة ومعقدة للخروج من القعر.
ووفقاً لما ورد في التقرير فإن العرض الأول هو من الجانب الإيراني، إذ سيصل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق في الأيام المقبلة، وإيران تريد ثمنا من حليفها الذي منعت سقوطه مع روسيا، يتمثل بـ (التموضع العسكري الاستراتيجي الذي يعزز موقعها في الإقليم، والوصول إلى البحر المتوسط، وتنازلات سيادية مالية في حقول النفط والغاز والفوسفات والمشاريع والاتصالات، ومعاملة الإيرانيين معاملة السوريين”.
وتتابع الصحيفة بأن هناك عروض عربية تقدم دعمًا اقتصاديًا واستثناءات من عقوبات قانون قيصر، وعودة إلى الجامعة العربية والحضن العربي، ومساعدات وإعادة إعمار، وهذه تتطلب “وقف تدفق الكبتاغون عبر حدود الأردن، والتعاون لمنع تسلل المهربين والإرهابيين، وتغيير طبيعة العلاقة مع إيران، والحل السياسي واللجنة الدستورية وضمانات لإعادة أو عودة اللاجئين”.
وأشارت الصحيفة إلى العرض التركي الذي يتمثل في عملية مشتركة ضد “حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية”، والتعاون لإعادة اللاجئين، والعمل ضد الإرهاب، (والمقصود هنا دون شك تنظيم الدولة، والقاعدة)، مقابل ذلك، تعرض أنقرة دعماً اقتصاديًا وتمويلاً لمشاريع الإعمار واتصالات سياسية وشرعنة للنظام.
ولفتت الصحيفة إلى أن العروض الغربية تختلف من دولة إلى أخرى، لكنها تتعلق بمحاربة الإرهاب، وسيطرة على الأرض تتعلق بالتوازن والتفاوض مع روسيا، ودعم إسرائيل وغاراتها ضد إيران في سوريا، وعروض صغيرة تخص قضايا إنسانية، ودعم مشاريع التعافي المبكر في قطاعات الكهرباء والصحة والتعليم، مقابل تقديم تسهيلات سياسية وفتح قنصلية في مدن أوروبية، أو زيارة وفد إلى دمشق.
وأما خامس العروض فهو من إسرائيل، التي تطلب عبر دول غربية أو عبر موسكو، تراجع إيران استراتيجيا في سوريا، والتزامها بالخطوط الحمر، نظير تسهيل مطالب دمشق في أروقة وعواصم ذات قرار، والقبول بالدور الروسي والوجود الروسي والقرار الروسي.
عروض متناقضة:
واعتبر تقرير صحيفة الشرق اﻷوسط بأن المعاناة السورية مستمرة والأزمة عميقة، وقائمة الشروط أو المطالب ليست طويلة فحسب، بل إنها متناقضة ومحيّرة، وتعبر عن مصالح يتطلب الجمع بينها حياكة سورية مستحيلة. وختمت بالقول؛ “بالفعل، الحل السوري ينتظر ترتيبات إقليمية ودولية، وولادة النظام من هذا المخاض المؤلم، سورياً ودولياً”.
لعبة التناقضات:
وليس بعيدًا عمّا انتهت له “الشرق اﻷوسط” بل تأكيدًا لما أوردته، في عبارتها؛ ” المطالب ليست طويلة فحسب، بل إنها متناقضة ومحيّرة، وتعبر عن مصالح يتطلب الجمع بينها حياكة سورية مستحيلة”، يمكن التأكيد بأنّ إعادة ترتيب البيت الثوري ممكنة هي اﻷخرى، في ظل هذه التناقضات وتجييرها لخدمة استعادة روح الثورة وأهدافها، بشرطٍ واحد لا غير، فهم حقيقة الصراع وآلية التغيير من كتاب الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى