مقالات

هل باتت البلاد على أعتاب شدة مستنصرية؟!!

د. عز الدين الكومي

كاتب مصري
عرض مقالات الكاتب


يبدو أن مشاهد “الشدة المستنصرية” – التى ضربت مصر إبان خلافة المستنصر بالله العبيدي- تظهر اليوم ولكن بصور أخرى إثر السياسات الاقتصادية الفاشلة للنظام الانقلابي، وفتح باب الاستدانة على مصراعيه. فقد باتت أخبار حوادث قتل الأب أبناءه وزوجته ثم انتحاره هروباً من الفقر والعوز.. شيئاً مألوفاً لدى المصريين اليوم!! والأسباب أصبحت معروفة وظاهرة لكل ذي عينين!.
فمصر التي كانت ذات يوم سلة غذاء العالم -حيث تذكر كتب التاريخ أن قمح وشعير مصر كانا يطعمان ويسقيان الإمبراطورية الرومانية خلال فترة الاحتلال التي استمرت حوالى 600 عام وقبل الاحتلال الروماني كانت سفن الحبوب تسير من ميناء الأسكندرية إلى بلاد الإغريق “اليونان اليوم” فضلاً عما هو مشهور أيام سيدنا يوسف عليهالسلام – أصبحت اليوم أكبر مستورد للحبوب في العالم!!.

تابعنا في فيسبوك

وقد تعرضت مصر فى بعض الأحايين لأزمات فى نقص الغذاء كما هو معروف إبان”الشدة المستنصرية” في عهد “المستنصر بالله أحد خلفاء الدولة العبيدية”.
فقد ذكر المؤرخون أن مجاعة اجتاحت مصر لمدة سبع سنوات من سنة 457 هـ وحتى 464 هـ واشتهرت باسم “الشدة المستنصرية” ، ويقال أنه لم يحدث مثلها منذ زمن يوسف عليه السلام.

وقد ذكر المؤرخون أن سبب الشدة المستنصرية كان بسبب القصور الشديد في مياه النيل، ولكنهم لم يتعرضو لفساد الحكام وجورهم ومظالم العباد التي انتشرت في ذلك الزمان وكانت سبباً في العقوبة الربانية، واكتفوا فقط بتحميل النيل المسؤولية عن هذه المجاعة!!؟

وما أشبه الليلة بالبارحة ، فاليوم تعانى مصر من نفس الظروف التي كانت سبباً في الشدة المستنصرية، ويكفي للتدليل على فساد الحكام. التفريط في مياه النيل بفعل فاعل بسبب بناء سد النهضة وحرمان مصر من نصف حصتها من مياه النيل . وبحسب موقع “إثيوبيا بالعربي” فإن الحكومة المصرية هي التي باعت حصة مصر من المياه لإسرائيل من المنبع بمبلغ 20 مليار دولار!.
أما انتشار مظالم العباد فحدث عن ذلك ولا حرج، فالواقع يشهد بأن المظالم طالت كل أفراد الشعب المصري، حتى من وقف يوماً في صف الانقلاب وصفق للباطل ولو بحسن نية.
كما أن الفساد استشرى في كل مفاصل الدولة وعشّش وباض وفرَّخ وأصبح يزكم الأنوف، بل أصبح على المكشوف، ناهيك عن المحسوبية والرشاوى وباقي مظاهر الفساد المعروفة للجميع على حد سواء.

وهذا ليس من باب التشاؤم أو نشر مناخ التشاؤم كما يحلو للإعلام العكاشي أن يروج له، حتى إن الكاتب الموالي لسلطة النظام الانقلابي “عماد أديب” كتب مقالاً قبل نحو شهر تقريباً ذكر فيه أربعة عشر سبباً لإسقاط الأنظمة والحكام.

والطريف أن هذه الأسباب مجتمعة تنطبق على نظام الانقلاب في مصر، وكان مما قاله : “إن أخطر ما يمكن أن يقع فيه الحاكم هو ألّا يُحسن اختيار فريقه الأساسي ، وألّا يتعامل مع أعضائه بناءً على مدى التزامهم بالإنجاز بل على أساس عبارات المديح والولاء الفارغة”.

أضف إلى ذلك صراع أجهزة الحكم في مصر بعضها مع البعض الآخر بشكل مدمر” ، وهو أمر مثار الآن في مصر.

مشيراً إلى أن هذا “يجعل حالة العداء بين أجهزة الحكم بدلاً من أن يكون العداء أو الخصومة لأعداء النظام الحقيقيين” موضحا : “باختصار أن تكون مشاكل النظام الداخلية ذات أولوية على مشاكله مع الأعداء”.

و “أن الحاكم يجهل ما يُرضي شعبه وما يغضبه ، حاكم يعطي امتيازاً خاصاً استثنائياً لجهاز سيادي أو طبقة أو طائفة أو منطقة حيوية ، مفضلا أحدها على الآخر، وأن شعور بعض التيارات أو القوى بعدم أحقية الحاكم في الحكم، وهو ما يجعلهم يتآمرون سراً على إضعافه والإضرار به، حتى يتوفر لهم مناخ يمكنهم ويبرر لهم الإطاحة به تحت دعوى فشله في إدارة شؤون البلاد”.

ومنها: “اعتماد الحاكم على رجال ثقة موالين له على الرغم من ضعف كفاءتهم وفشلهم في التصدي لمشكلات البلاد والعباد”.
ومنها: “تغاضي الحاكم وسماحه للحلقة الضيقة القريبة منه بممارسة الفساد والإفساد” و “قيام بعض عناصر الحكم بالارتباط بعلاقة عمالة مع قوى إقليمية أو دولية؛ للاستقواء بها في معادلة اختطاف الحكم لصالحها”.

وقد صدرت مؤخراً تقارير غربية اعتبرت مصر في ظل النظام الانقلابي باتت في حالة يرثى لها.

وقال الأكاديمي أليكساندر كلاركسون: “هناك تشابه كبير بين الحالة المصرية في عهد قائد الانقلاب والحالة المصرية في أواخر عهد المخلوع محمد حسني مبارك”
وتحت عنوان “السيسي يجلس على برميل من البارود” أشار أحد المحاضرين البريطانيين والمتخصص في الدراسات الأوروبية في جامعة “كينغز كوليدج” في لندن في تقرير له إلى أن مصر وصلت لحالة متردية اقتصادياً كتلك التي أججت ثورة 25 يناير وجعلت الشعب يهتف بهذا الهتاف “عيش – حرية – عدالة اجتماعية”.

كما اعتبر الكاتب أن مصر تعيش نفس حالة تعدي الشرطة وظلمهم وزيادة القبضة الأمنية والإفراط في القمع والقهر ، مما جعل الدولة المصرية دولة بوليسية بامتياز ، كما أن انهيار الجنيه المصري أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة إضافة إلى التضخم الذي يعاني منه الجميع.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا وبقوة : هل مصر على أعتاب شدة مستنصرية جديدة بسبب سد النهضة و نقصان مياه النيل والظلم والفساد؟.. أم على أعتاب ثورة جياع بسبب سياسات التخبط والفشل التي أصبحت عنوان المرحلة ؟!!

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
    نشْر الفقر والجوع في مصر يدخل ضمن مخطَّط إحداث فتنة تفضي إلى خراب واسع النِّطاق، حيث ورد في نبوءات العهد القديم أنَّ حدوث خراب مصر يمهِّد لظهور الدجال.
    https://resalapost.us.to/2021/07/06/%d9%86%d8%a8%d9%88%d8%a1%d8%a9-%d8%ae%d8%b1%d8%a7%d8%a8-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%af/

    أرجو متالعة هذا المقال الَّذي نُشر لي قبل عام ونصف تقريبا، لعل فيه الإيضاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى