اقتصاد

السوق السورية بعد قرارات حكومة النظام اﻷخيرة إلى أين تتجه؟



عروة العظم/
شهدت السوق المحلية الخاضعة لسيطرة النظام، صدمة وتخبط من ناحية اﻷسعار خلال اليومين الماضيين، ما كشف مجددًا عن “هشاشة اﻻقتصاد السوري” وارتجالية في اتخاذ القرارات.
وبدا واضحًا بغير شك أن السوق وحكومة اﻷسد، مجرد تابع، للسوق الموازي/السوداء، وهذا اﻷمر يدفع للقول بغياب “الرؤيا اﻻقتصادية” لمعالجة اﻷزمات الطارئة، فضلاً عن إدارة الاقتصاد الكلي للبلاد.
وما يبرهن على تبعية الحكومة والفريق اﻻقتصادي التابع للنظام للسوق السوداء، هو التجربة، فعلى سبيل المثال؛ “رفع المصرف المركزي سعر الدوﻻر رسميًا استجابة ولو جزئية لانهيار الليرة السورية في السوق الموازي، ثم لدينا مؤخراً، القرارين المتعلقين بالمشتقات النفطية، وفتح الأسواق التصديرية.
فالقرار اﻷول والمتعلق برفع أسعار البنزين والمازوت للفعاليات التجارية والاقتصادية، صادر عن وزارة التموين، أتى بعد يومين من اتخاذ اللجنة اﻻقتصادية في مجلس الوزارء فتح باب التصدير.
والمتابع بدقة للقرارات المتعلقة باﻷسعار، خلال السنوات الماضية، يلاحظ أنها كانت ضاغطة تجاه رفع الأسعار!
والذرائع المقدمة باتت “معلومة” فهي ما بين “العقوبات اﻻقتصادية” و”اﻻحتكار”، إﻻ أنّ آخر تصريحات صادرة عن رئيس جمعية حماية المستهلك، عبدالعزيز معقالي، تستوجب الوقوف عندها، حيث أقرَّ بأن الارتفاع في السوق السورية أعلى منه عالمياً. في تصريحات نقلتها “صحيفة الوطن” الموالية.
ولعل ما يهمنا من كل اﻷحداث التي تسير عجلتها سريعًا في مناطق النظام، هو حالة الشلل الاقتصادي، في مختلف الفعاليات بما فيها الرياضية، والتي انتهت إلى “التوقف” ما يعني أن “النظام وضع البلاد على شفا هاوية اﻻنهيار”.
بالمقابل؛ ﻻ نملك مؤشرات أنّ سوريا تسير باتجاه المعافاة اﻻقتصادية، بل على العكس، لا توجد مؤشرات على وجود محاوﻻت جادة للنهوض، وإنما نحن أمام “حاﻻت إسعافية” تبقي الدولة ترزح تحت سيطرة “تجارب ارتجالية”.
لكن… ماذا لو خرج اﻷسد في خطاب، يشرح فيه بشفافية ما يجري ضمن خشبة المسرح اﻻقتصادي، ووضع اﻷمور في نصابه… التوقعات تنفي خروجه إﻻ بكلام إنشائي يعيد فيه رمي الكرة في ملعب “حكومته”، التي ما تزال بعيدة عن ضوء اﻻستبدال بدﻻلة أن الصحف لم تفتح عليها كامل نيرانها.
وإذا ما أخذنا بعين اﻻعتبار بعض التصريحات الرسمية؛ فإننا حقيقة أمام “كارثة اقتصادية”، حيث قدر الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم العدي حجم اقتصاد الظل (الأنشطة غير المسجلة لدى الدوائر الحكومية) حاليًا في سوريا بنحو 85 بالمئة، بعد أن كان لا يتجاوز 50 بالمئة قبل العام 2011. ورغم أنه لم يسق دلائل استنادًا إلى البيانات الرسمية، إﻻ أنه بحكم موقعه في إدارة المصرف التجاري سابقًا وغيره، يؤهله على اﻷقل لتقدير رقم مقارب للصحة.
ولنا أن نلمح في كلام عدي اتهام مبطن لسياسات النظام المالية، المتعلقة بالجباية، فقد اعتبر أن من أهم الأسباب التي تدفع الأنشطة الاقتصادية إلى الظل هو التهرب من التكاليف المالية (الضرائب والرسوم).
بالتالي؛ نحن أمام نظام اقتصادي أشبه بعقلية “القرون الوسطى” التي تسعى لجباية الأموال، مقابل إهمال “السوق” والتخبط في وضع رؤية واضحة لهيكليته وشكله.
يذكر أنه مع العام 2005 تم التوجه في سوريا نحو الانتقال من نموذج التخطيط المركزي إلى اقتصاد السوق الاجتماعي، الذي يعتمد سياسة الانفتاح وإعطاء مرونة لآليات القطاع الخاص وتشجيعه على الاستثمار في مختلف النشاطات الاقتصادية.
وإذا ما استندنا أيضا لبعض التصريحات الرسمية؛ فإنه من المرجح ارتفاع التكلفة الإنتاجية والتي ستنتقل لاحقاً إلى المستهلكين، بمعدلات تفوق نسبة الزيادة في سعر المازوت، التي صدرت مؤخرًا.
حيث توقعت أستاذة الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتورة رشا سيروب أنّ ارتفاع معدلات التضخم قد تزيد عن 220 بالمائة، متأثرة بارتفاع أسعار المازوت.
يذكر أن وزارة التموين أصدرت أول أمس قراراً ألزمت بموجبه شركة (B.S) بيع 15 بالمائة من كميات المحروقات التي تستوردها للفعاليات الاقتصادية، من مادتي المازوت والبنزين، ليصبح سعر الليتر الواحد من مادة المازوت 5400 ليرة، و4900 ليرة لليتر الواحد من البنزين.
ويذكر أن سعر المازوت المعلن رسمياً كان 1700 ل. س للتر الواحد، وفق قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في العام الماضي، ليسعر وفق القرار الأخير بـ 5400 ل. س للتر الواحد”.
بالمحصلة؛ وباعتراف سيروب نحن أمام قرارات حكومية رسمية “تشرعن” أو كما ورد على لسانها “قوننة عملية بيع المازوت والبنزين المسروق”.
حيث استدلت على كلامها مما تزعمه وزارة التموين في مختلف بياناتها “إن المازوت والبنزين الذي يباع فيما يسمى بالسوق السوداء هو مسروق بالمطلق ويشترى بالسعر المدعوم ثم يباع في السوق السوداء بأضعاف سعره”.

اقرأ أيضاً

مقارنة في عامين عن ملف “ضبط المستوردات” في سوريا… مؤشرات ودﻻﻻت

أخيرًا؛ النظام السوري، على علم بوجود سرقات موصوفة في المشتقات النفطية لكنه غير قادرة على إيقافها أو الحد منها، أو أنه متواطئ.
بالتالي؛ الأيام القادمة ربما ستعيد فتح باب “الخصخصة” و”تحرير الأسعار”، ما يعني مزيدًا من معاناة السوريين، بأسماء تجار في الواجهة أشبه بتجربة “رامي مخلوف” وأبيه من قبله “محمد مخلوف”، و”القاطرجي” وغيرهم.
بالنتيجة، ستبقى اﻷزمات قائمة!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى