تقارير

مبادرة جديدة لتعليم أطفال مخيمات الشمال السوري

لا يزال القطاع التعليمي في محافظة إدلب، شمال غربي سورية، من أكثر القطاعات التي تعاني من ضعف حاد وقلة الدعم المقدّم، سواء أكان ذلك من قبل المنظمات الإنسانية أم من سلطات المنطقة، الأمر الذي دفع مدرّسين في المنطقة إلى إطلاق مبادرات عدّة، ينشطون فيها تطوعياً فيقدّمون الخدمات للأطفال مجاناً. وقد جاءت آخر هذه المبادرات في مخيّمات كفرجالس العشوائية، غربي محافظة إدلب.

يقول نور المحمد، من سكان مخيّمات كفرجالس، لـ”العربي الجديد”، إنّ “واقع التعليم في المخيّمات صعب جداً، وأقرب نقطة تعليمية تبعد أكثر من سبعة كيلومترات عنّا، وهذا الأمر كان سبباً في وقف إرسال ابنتي البالغة من العمر 17 عاماً إلى المدرسة”. يضيف المحمد أنّ “المخيمات تفتقر إلى المدارس ولا جهة تبنّت مدرسة أو نقطة تعليمية. فأنا لديّ ثلاثة أطفال آخرين، في السادسة والثامنة والعاشرة من العمر، لم يتلقّوا أيّ تعليم حتى الآن لعدم توفّر ظروف مناسبة، وعدم قدرتي على تحمّل تكاليف المدارس الخاصة في مراكز المدن؛ فتكاليف تعليم تلميذ واحد تصل إلى 600 دولار أميركي إلى جانب كلفة النقل، وهذا صعب جداً عليّ”.

من جهته، يتحدّث ياسين النايف، وهو أيضاً من النازحين، لـ”العربي الجديد”، معيداً “السبب الأوّل في عدم توفّر تعليم بالمخيّمات إلى حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)”، ويوضح أنّها “نصّبت نفسها حاكمة، وهي لا تقدّم أيّ خدمات للفقراء في المخيّمات”.

في سياق متصل، يقول مصدر من إدارة المخيمات في المنطقة لـ”العربي الجديد”، رافضاً ذكر اسمه لأسباب أمنية، إنّ ثمّة 12 مخيّماً عشوائياً، فيما يُقدَّر عدد العائلات التي تسكن فيها بنحو 400 عائلة. أمّا الأطفال الذين تراوح أعمارهم ما بين ستّة أعوام و18 عاماً فيُقدَّر عددهم بنحو 500، وهم يعانون من خطر الجهل بسبب عدم قدرتهم على التعلّم في المدارس الخاصة نظراً إلى ارتفاع تكاليفها السنوية، بالإضافة إلى بعد المسافة ما بين المخيّمات وتلك المدارس.

تعليم 80 طفلاً

ونظراً إلى عدم توفّر دعم مادي لقطاع التعليم في المخيّمات العشوائية بمنطقة كفرجالس، كانت مبادرة تطوعية أطلقتها مجموعة من المدرّسين لتقديم التعليم المجاني للأطفال الذين تراوح أعمارهم ما بين ستّة و10 أعوام.

محمد تركي، وهو مدّرس متطوّع في مخيّمات كفرجالس، يقول لـ”العربي الجديد”، إنّ “القطاع التعلمي مهمل كلياً، وإن لم نعمل بجهد شخصي ونعلّم الأطفال الحروف والكلمات والأعداد، فإنّنا سوف نجد أنفسنا أمام جيل جاهل”. يضيف تركي أنّ “مناشدات عدّة أُطلقت بهدف توفير الدعم في المخيّمات، لكن من دون جدوى. لذا بدأنا نعمل تطوعياً، علماً أنّ ثمّة 85 عائلة”.

ويشير تركي إلى أنّ “الصعوبات التي نعانيها في عملية تقديم التعليم للأطفال هي عدم توفّر القرطاسية وعدم توفّر الكتب، علماً أنّ أهالي الأطفال فقراء جداً ولا يستطيعون شراء هذه المستلزمات. وبالتالي، يقسم التلاميذ إلى فرق، ولكلّ فريق قرطاسية مشتركة يتبادلونها بعضهم مع بعض”.

حسناء، وهي مدرّسة مشاركة في المبادرة، تقول لـ”العربي الجديد”، إنّها “تشمل أربعة مدرّسين ومدرّسات يقدّمون التعليم المجاني لـ80 تلميذاً وتلميذة في التعليم الأساسي”، لافتة إلى أنّهم اتّخذوا من خيمة صغيرة مكاناً للتدريس.

وفي هذا الإطار، يعبّر سكان المخيّمات عن رضاهم عمّا يقدّمه المدّرسون لأبنائهم. ويقول ياسين الأعرج لـ”العربي الجديد”، إنّ “التعليم أساس الحياة. وابني البالغ من العمر سبعة أعوام، لم يكن في بداية العام الدراسي متمكّناً من الحروف والأعداد. أمّا الآن، فهو قادر على كتابة الأحرف والأعداد وبعض الجمل القصيرة”.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى