مختارات

المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة (127) الدولة العثمانية 10- السُّلْطَان الْغَازِي سُلَيْمَان خَان الأول القانوني

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب



ولد في غرَّة شعْبَان سنة 900 هجرية = 27 ابريل سنة 1495 م
تولى الخلافة بعد موت أبيه
في 16 شَوَّال سنة 926هـ = 29 سبتمبر سنة 1520 م
وَتُوفِّي فِي 20 صفر سنة 974 = 5 سبتمبر سنة 1566م
عَن 74 سنة وشهرين ، وَكَانَت مُدَّة ملكه 48 أو 46 سنة
اسمه ونسبه:
السُّلْطَان الْغَازِي سُلَيْمَان خَان الأول القانوني ابن السُّلْطَان سليم خَان بن السُّلْطَان بايزيد خَان(تاريخ الدولة العلية العثمانية ص210)
أجْمَعْ المؤرخين على تَسْمِيَة السُّلْطَان سُلَيْمَان الأول واعتباره عَاشر مُلُوك هَذِه الدولة وَهُوَ الاصح. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص198)
سليمان (القانوني) بن سليم 926 – 974 هـ/1519 – 1566 م (موجز التاريخ الإسلامي من عهد آدم إلى عصرنا الحاضر ص332

اقرأ: المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة (126) الدولة العثمانية 9- تابع السُّلْطَان سليم الأول


مولده:
ولد هَذَا الْملك الَّذِي بلغت الدولة العثمانية فِي مدَّته أعلى دَرَجَات الْكَمَال فِي سنة تسعمائة 900 هـ = 1495 م ، (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص198، نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 48، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع 1/ 266، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 85)
في غرَّة شعْبَان = 27 ابريل (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص198)

تابعنا في فيسبوك


صفاته وسماته الشخصية:
سلطان غاز في سبيل الله، مجاهد في إعلاء كلمة الله، كان مؤيَّداً في حروبه ومغازيه، أين سلك ملك، وصلت سراياه مشارق الأرض ومغاربها، فافتتح البلاد الشاسعة والأقطار الواسعة بالقهر(نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 48)
وكان كأسلافه الطّيّبين محبّا للجهاد في سبيل الله، باذلاً نفسه وخزائن أمواله لإعلاء كلمة الله، فلم يكن أحداً أكثر جهاداً ونصرةً للدّين، وأكمل عدّة وآلة لقطع دابر المشركين، وأكثر جيوشا وأعواناً، وأغزر رجالاً وفرساناً، وأعدى للإفرنج الملاعين، وأقمع لأهل البغي والبدعة والكفرة الملحدين، وأشدّ عضداً، وأشدّ نصراً لأهل السّنّة والدّين منه (نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 49)
فهو سليمان زمانه وفريد عصره وأوانه، فكم دوّخ بلاد الكفر واجتاحها، وجاس خلال مغانيها ورباعها، وافتتح صياصيها وقلاعها، وأخرب معاهد الأصنام، وبنى مساجد للإسلام. (نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 49)
سلك طَرِيق العدل وجادة الْإِنْصَاف وتفقد أَحْوَال الرعايا والعساكر وَرفع الظُّلم والاعتساف وَأعْرض عَن المنهيات وَله خيرات لَا تحصى مَعْرُوفَة فِي الْآفَاق وفتوحات وغزوات رفعت أهل الْإِيمَان وخفضت أَرْبَاب الشقاق والنفاق (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 85، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع 1/ 266)
وَكَانَ ملكاً صَالحاً كثير الْخَيْر وَالْإِحْسَان للْقَاصِي والدان (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 104)
فكان عهد سليمان القانونى قمة العهود العثمانية سواء في الحركة الجهادية أم في الناحية المعمارية أو العلمية أو الأدبية أو العسكرية. (الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي 8/ 34، بترقيم الشاملة آليا)
وكان هذا السلطان يُؤَثِّر في السياسة الأوربية تأثيرًا عظيمًا؛ حيث كانت الدولة العثمانية هى القوة العظمى دولياً في زمنه، ونعمت بالرخاء والطمأنينة. (الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي 8/ 34، بترقيم الشاملة آليا)
وأقام السّنّة وأحيى الملّة، ورفع شعائر الشريعة وأعلى منارها، وأحيى ما اندرس من آثارها، فكان من المجددين لهذه الأمة دينها في القرن العاشر، لكثرة علمه وعمله ،وأدبه وفضله، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر. (نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 49)
وفي أيّامه السعيدة عمل له العلامة أبو السعود تفسيره المشهور، وغزا بنفسه ثلاث عشرة غزوة منها ثلاث غزوات لقتال قزلباش لإطفاء نار البدعة، والعشرة الباقية لإطفاء نار الكفر. (نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 49)


ولايته وسلطنته:
خشى البابا ليو العاشر من اتحاد كلمة المسلمين بعد فتوحات السلطان سليم الأول التي أحدثت ذعراً صارخاً في أوروبا، فشرع يُعدُّ العُدَّة للحرب، ولتوجيه حملة صليبية جديدة بحجة حماية المسيحين من أذى المسلمين. ولعل السلطان سليم الأول كان يفكر في استئناف خطته لتفح الغرب يوم رجع إلى أدرنة سنة 1518م، غير أنه لم يلبث أن توفي وهو في طريق عودته إلى استانبول في 2 (أيلول) سبتمبر سنة 1520م، (سلسلة جهاد شعب الجزائر 1/ 39)
أما السلطان سليمان فبمجرد وُصُول خبر موت أبيه قَامَ قَاصِداً الْقُسْطَنْطِينِيَّة ودخلها فِي يَوْم 16 شَوَّال سنة 926هـ = 29 سبتمبر سنة 1520م، وَكَانَ فِي انْتِظَاره على أفريز السراي جنود الإنكشارية، فقابلوه بالتهليل، وَطلب الْهَدَايَا الْمُعْتَاد توزيعها عَلَيْهِم عِنْد تَوْلِيَة كل ملك، وَبعد ظهر ذَلِك الْيَوْم حضر بير مُحَمَّد باشا من أدرنه، وَأخْبَرْ عَن وُصُول


جثة المرحوم السُّلْطَان سليم فِي الْيَوْم التَّالِي وَفِي صَبِيحَة 17 شَوَّال جرت رسوم المقابلات السُّلْطَانِيَّة فوفد الأمراء والوزراء والأعيان يعزون السُّلْطَان بِمَوْت وَالِده ويهنؤنه بالخلافة فِي آن وَاحِد وَهُوَ يقابلهم بملابس الْحداد، وَعند الظّهْر وصل إليه خبر قدوم الجثة، فَخرج لمقابلة النعش خَارج الْمَدِينَة، وَسَار فِي الْجِنَازَة حَتَّى واروها التُّرَاب، على أحْد مرتفعات الْمَدِينَة، وأمر بِبِنَاء جَامع شَاهِق وَهُوَ جَامع سليمية، ومدرسة فِي الْمحل الَّذِي دفن فِيهِ. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص198)
فتولى السُّلْطَان سُلَيْمَان القانوني عرش الدولة العثمانية بعد موت والده السلطان سليم خان الأول بدون معارضة. (سلسلة جهاد شعب الجزائر 1/ 39، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع 1/ 266، نزهة الأنظار في عجائب الأخبار 2/ 48، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 85)
سنة سِتّ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة (926هـ= 1520م) (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 85، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي 8/ 34، بترقيم الشاملة آليا)
وقيل: سنة 929 (البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع 1/ 266)
وكان عمره حِين تولّى السلطنة سِتاً وَعشْرين سنة (نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 48، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 85)
أولاد السلطان سليمان القانوني:
مقتل مصطفى الوَلَد الأكبر للسُّلْطَان بِنَاء على دسيسة
من الحَوادِث الشنيعة قتل السُّلْطَان لوَلَدِه الأكبر مصطفى بِنَاء على دسيسة إحدى زَوْجَاته الْمُسَمَّاة فِي كتب الإفرنج روكسلان، أما فِي كتب التّرْك فاسمها خورم أَي الباسمة، وذَلِك حَتَّى يتَوَلَّى بعده ابْنهَا سليم، ولِمَا لها من الثِّقَة بالصدر الأعظم رستم باشا، إذ كَانَ تَعْيِينه بمساعيها لَدَى السُّلْطَان بعد موت إياس باشا، وَمَا زَالَت تساعده حَتَّى زوجه السُّلْطَان ابْنَته مِنْهَا، فكاشفته بمرغوبها، وَهُوَ تمهيد الطَّرِيق لتولي ابْنهَا سليم، فانتهز هَذَا الْوَزير فرْصَة انتشاب الْحَرْب بَين الدولة ومملكة الْعَجم فِي سنة 1553 وَوُجُود مصطفى ضمن قواد الْجَيْش، وَكتب إِلَى أبيه بَأن وَلَده يحرض الإنكشارية على عَزله، وتنصيبه كَمَا فعل السُّلْطَان سليم الأول مَعَ أبيه السُّلْطَان بايزيد الثَّانِي، فَلَمَّا وصل هَذَا الْخَبَر إِلَى السُّلْطَان وَكَانَت وَالِدَة سليم قد تمكنت من تَغْيِير أفكاره نَحوه، قَامَ فِي الْحَال قَاصِداً بِلَاد الْعَجم متظاهراً بأنه يُرِيد أن يتَوَلَّى قيادة الْجَيْش. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص246) وَلما وصل إِلَى المعسكر استدعى وَلَده إِلَى سرادقه فِي يَوْم 12 شَوَّال سنة 960 هـ = 21 سبتمبر سنة 1553 وبمجرد وُصُوله إِلَى الدَّاخِل خنقه بعض الْحُجَّاب المنوطين بتنفيذ مثل هَذِه الأوامر. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص246، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 102)
فَقتل رَحمَه الله شَهِيد دسائس زَوْجَة وَالِده، وَعدم تثبت أبيه مِمَّا نسب إليه، وَكَانَت هَذِه الفعلة الشنعاء نقطة سَوْدَاء فِي تَارِيخ السُّلْطَان سُلَيْمَان، الَّذِي اتسعت دَائِرَة السلطنة فِي أيامه، وَلَوْلَا دسيسة هَذِه الْمَرْأَة الأجنبية الَّتِي رُبمَا كَانَت مؤجرة لهَذِهِ الْغَايَة، لبقي اسْمه لَا تشوبه شَائِبَة، ثمَّ نقلت جثة هَذَا الشَّهِيد إِلَى مَدِينَة بورصه ودفنت مَعَ أجداده. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص246)
وَلم تكتف هَذِه الْمَرْأَة بقتل مصطفى، بل أرسلت إِلَى مَدِينَة بورصة من خنق ابْنه الرَّضِيع مُرَاد، فأُلحِق بوالده مصطفى (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص247، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 103)
وَقَالَ فِي ذَلِك بعض الشُّعَرَاء …
يا دهر وَيحك مَا أبقيت لي جلدا * وأنت وَالِد سوء تأكل الولدا
وَكَانَ مصطفى محبوباً لَدَى الإنكشارية لشجاعته، ولدى الْعلمَاء وَالشعرَاء لاشتغاله بالادب، وميله إِلَى الشّعْر، فرثاه كثير من الشُّعَرَاء بقصائد رنانة وَلم يخشوا سطوة أبيه. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص247)
أما الإنكشارية فثاروا وطلبوا من السُّلْطَان قتل الْوَزير رستم باشا الْمُدبر لهَذِهِ المكيدة حباً فِي حفظ منصبه، فَعَزله السُّلْطَان تسكيناً لخاطرهم، وَولى مَكَانَهُ الْوَزير أحْمَد باشا، لَكِن لم يهدأ بَال زَوْجَة السُّلْطَان حَتَّى أغرت زَوجهَا على قتل هَذَا الْوَزير وإرجاع رستم باشا مُكَافَأَة لَهُ على تَنْفِيذ سيء أغراضها. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص247)
وَبعد قتل هَذَا البريء تَوَجَّهت الجيوش إِلَى بِلَاد الْعَجم وَلم يحصل فِي هَذِه الْمرة وقائع مهمة بل بعد أن غزت الجيوش العثمانية بِلَاد شيروان بِدُونِ فَائِدَة تذكر، مَال الْفَرِيقَانِ للصلح فتم بَينهمَا فِي 8 رَجَب سنة 962 = 29 مايو سنة 1555 على أن يُبَاح للأعاجم الْحَج إِلَى بَيت الله الْحَرَام،


ويزاولوا مَذْهَبهم بِدُونِ تعرض. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص247)
مُحَمَّد ابن السلطان سُلَيْمَان:
أما ولده الثَّانِي مُحَمَّد بن سُلَيْمَان فمَاتَ على فرَاشه، وكان مولدَه سنة ثَمَان وَعشْرين وَتِسْعمِائَة (928هـ) (سمط النجوم العوالي 4/ 103)
جهان كير بن السلطان سليمان:
وَمن أَوْلَاد السُّلْطَان سُلَيْمَان ابْن آخر اسْمه جهان كير كَانَ أحدب ظريفاً لطيف الرّوح خَفِيفاً كَانَ يُحِبهُ وَالِده وَلم يُفَارِقهُ. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص247، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 103)
حزن حزناً شَدِيداً على قتل أخيه مصطفى، حَتَّى توفّي شَهِيد الْمحبَّة الأخوية بعد موت أخيه بِقَلِيل، وَاخْتلف فِي مَوته أنه قتل نَفسه أمام وَالِده بعد أن بَكَّتَه على قتل أخيه. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص247) وَقيل توفّي بأجله بِمَرَض الخناق سنة 965 خمس وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة. (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 103)
شاه زَاده بن سُلَيْمَان:
وَمِنْهُم شاه زَاده بن سُلَيْمَان توفّي بأجله سنة سبع وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة 967. (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 103)
وَبعد ذَلِك يقليل توفيت هَذِه الْمَرْأَة الَّتِي سودت بدسائسها آخر سني حكم السُّلْطَان سُلَيْمَان الَّذِي اشْتهر قبل ذَلِك بِكُل الكمالات. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص247)
مقتل بايزيد بن السُّلْطَان سليمان وأولاده الْخَمْسَة:
أما با يزِيد بن سُلَيْمَان فَوَقَعت بَينه وَبَين أَخِيه سليم الثاني محاربات، قُتِل فِيهَا نَحْو خمسين ألفاً، ثمَّ عجز با يزِيد عَن محاربة أَخِيه السُّلْطَان سليم، فهرب هُوَ وَأَوْلَاده الْأَرْبَعَة وهم أورخان ومحمود خَان وَعبد الله خَان وَعُثْمَان. (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 103)
وكان مربي بايزيد الْمَدْعُو لَالَهُ مصطفى عُيِّن نَاظر خَاصَّة سليم الثاني ابن سليمان، وَلكَون هَذَا الأمير كَانَ يخْشَى مزاحمة أخيه بايزيد لَهُ فِي الْملك بعد موت أبيهما كاشف لَالَهُ مصطفى بأنه يُرِيد إيغار صدر أبيه على بايزيد ليَقْتُلهُ وَيكون سليم الْوَارِث الوحيد لملك آل عُثْمَان. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص247)
فأخذ لاله مصطفى يكْتب لبايزيد يَقُول لَهُ أن سليماً منهمك فِي الشَّهَوَات، وَلَا يَلِيق أن يخلف وَالِده، وَمَعَ ذَلِك فوالده مصمم على استخلافه، مَعَ عدم أهليته للْملك، وَعدم استعداده للخلافة، فتبادلت بَينهمَا المكاتبات بشأن ذَلِك، وأخيراً كتب بايزيد إِلَى أخيه سليم خطاباً بِهِ بعض عِبَارَات تمس كَرَامَة والدهما، فأرسل سليم الْخطاب لأبيه، وَلما اطلع السُّلْطَان سُلَيْمَان على هَذَا الْخطاب غضب غَضباً شَدِيداً، وَكتب لبايزيد يُوَبِّخَه على مَا أتاه، ويأمره بالانتقال من قونيه الَّتِي كَانَ معيناً والياً عَلَيْهَا إِلَى مَدِينَة أماسيا، فخشي بايزيد أن يكون قصد أبيه الْغدر بِهِ، وَامْتنع عَن التَّوَجُّه إِلَى أماسيا، وَجمع جَيْشًا يبلغ عدده عشْرين ألف نسمَة، وأظهر التمرد، فأرسل إليه أبوه الْوَزير مُحَمَّد باشا الملقب بصقللي لمحاربته، فتقابل الجيشان بِقرب قونيه، وَاسْتمرّ الْقِتَال يومي 30 و 31 مايو سنة 1561، واخيراً هزم بايزيد وتقهقر إِلَى أماسيا، وَمِنْهَا إِلَى بِلَاد الْعَجم، حَيْثُ التجأ هُوَ وأولاده إِلَى الشاه طهماسب، فقابله وأظهر لَهُ الإخلاص والاستعداد لحمايته، لكنه كَاتب السُّلْطَان سُلَيْمَان وَابْنه سليماً سراً على تَسْلِيم بايزيد وأولاده إليهما، مَعَ أنهم احتموا بحماه، وَلم يرع ذمتهم بل خَانَهُمْ وسلمهم إِلَى رسل السُّلْطَان، فَقَتَلُوهُمْ جَمِيعًا، فِي مَدِينَة قزوين بِبِلَاد الْعَجم فِي 15 محرم سنة 969 25 سبتمبر سنة 1561 ونقلت جثتهم إِلَى مَدِينَة سيواس حَيْثُ واروها الثرى، وَكَانَ لبايزيد ابْن صَغِير فِي مَدِينَة بورصه فخُنِقَ أيضاً، وَدفن فِي جَانب وَالِده وأخوته. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص248)
مقتل الصَّدْر الأعظم إبراهيم باشا:
ساعد الصَّدْر الأعظم إبراهيم باشا فرنسا في الحصول على إمتيازات لرعاياها، وَبِذَلِك صَارَت فرنسا الدولة الأوربية الوحيدة الحائزة إمتيازات لرعاياها وَلَكِن كَانَ هَذَا الِاتِّفَاق سَبباً فِي تدخل فرانسا وَبَاقِي دوَل أوروبا فِي شؤون المملكة الداخلية، خُصُوصا فِي الْقرن الأخير. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص230)
وَكَانَت هِيَ آخر أعمال الصَّدْر الأعظم إبراهيم باشا، فان السُّلْطَان توجس مِنْهُ خيفة لازدياد نُفُوذه على الْجنُود والقواد، وازداد تحذره مِنْهُ بعد محاربته الْعَجم الأخيرة، الَّتِي كَانَ فِيهَا إبراهيم باشا الْمَذْكُور سر عَسْكَر لجَمِيع الجيوش، فإنه أمضى بعض الأوامر العسكرية بلقب سر عَسْكَر سُلْطَان، وَخشِي السُّلْطَان أن تكون تِلْكَ الأعمال مُقَدمَات لاغتصابه الْملك لنَفسِهِ، فامر بقتْله فِي 22 رَمَضَان سنة 942هـ = 15 مارس سنة 1536 فَقتل،


وَخَلفه فِي مَرْكَز الصدارة إياس باشا، بدسيسةِ روكسلان الروسية، إحدى حظيات السُّلْطَان. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص230)
وقد مرَّ ذكر مَا اتته من الدسائس والمفاسد عِنْد الْكَلَام على قتل السُّلْطَان لِابْنِهِ مصطفى. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص230)
أعماله وأهم الأحداث في أيامه:

  • كَانَت باكورة أعماله بعد توزيع النُّقُود على الإنكشارية تعْيين مربيه قَاسم باشا مستشاراً خَاصًّا، وإبلاغ تَوليته على عرش الْخلَافَة الْعُظْمَى إِلَى كَافَّة الْوُلَاة، وأشراف مَكَّة وَالْمَدينَة، بخطابات مفعمة بالنصايح والآيات القرآنية المبينة فضل الْعدْل والقسط فِي الأحكام، ووخامة عَاقِبَة الظُّلم، وَكَانَ يستهل خطاباته بِالْآيَةِ الشَّرِيفَة {إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}(تاريخ الدولة العلية العثمانية ص198)
  • واشتهر السُّلْطَان سُلَيْمَان بالقانوني لما وَضعه من النظامات الداخلية فِي كَافَّة فروع الْحُكُومَة، فَادْخُلْ بعض تغييرات فِي نظام الْعلمَاء والمدرسين الَّذِي وَضعه السُّلْطَان مُحَمَّد الفاتح، وَجعل أكبر الْوَظَائِف العلمية وَظِيفَة الْمُفْتِي، وَقسم جَيش الإنكشارية إِلَى ثَلَاث فرق بِحَسب سني خدمتهم. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص251)
  • وَكَانَ عدد الْجَيْش عِنْد وَفَاته ثَلَاثمِائَة ألف مِنْهَا خَمْسُونَ ألْفَا من الجيوش المنتظمة والباقية غير منتظمة، وَعدد المدافع ثَلَاثمِائَة، والسفن الحربية ثَلَاثمِائَة ايضاً (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص251)
  • وفي عهده وصلت الإمبراطورية العثمانية أقصى مداها، وأوج اتساعها وعظمتها، فقد امتدت من المجر إلى أسوان بالقرب من شلالات النيل، ومن نهر الفرات وقلب إيران إلى باب المندب جنوبي الجزيرة العربية. واستولت من البلاد الأوروبية على: هنغاريا، بلغراد، ألبانيا، اليونان، رومانيا، صربيا، بلغاريا. وجزيرة رودس، وشبه جزيرة القرم، وعاصمة الأفلاق، واقتحم أوروبا، فوصل إلى فينيا عاصمة النمسا وحاصرها مرتين، وفتح المجر، وقاتل البرتغاليين على سواحل الهند عام 943 هـ. وأخضع معظم البلاد العربية. (موجز التاريخ الإسلامي من عهد آدم إلى عصرنا الحاضر ص332، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 85)
  • فَهُوَ الْملك الَّذِي عَاشَ سعيداً وَمَات شَهِيدا وَهَذِه الفتوحات بعض مَا اشْتهر وَأما مَا هُوَ حقير من جِهَة أَهله أَو من قلَّة محصوله أَو مِمَّا يكون تَابعاً لغيره فَذَلِك لَا يُحْصى وَلَا يحصر (سمط النجوم العوالي 4/ 94)
    وَأما الْخيرَات الَّتِي فعلهَا فِي الْحَرَمَيْنِ الشريفين والقدس وَغَيرهَا من الْبِلَاد فَلَا يُمكن حصرها يذكر شئ مِنْهَا على سَبِيل الِاخْتِصَار:
  • مِنْهَا الصرة الْعَظِيمَة الرومية الْوَاصِلَة كل عَام وقدرها أحد وَثَلَاثُونَ ألفاً من الدَّنَانِير الذَّهَب فِي كل عَام على الدَّوَام. (سمط النجوم العوالي 4/ 94)
  • وَمِنْهَا عمَارَة سور الْمَدِينَة المنورة وَقدر مساحته أَرْبَعَة آلَاف ذِرَاع وَعرض جِدَاره ثَلَاثَة أَذْرع وارتفاعه سَبْعَة عشر ذِرَاعاً وجميعه بِالْحجرِ والنورة، وأبوابه سِتَّة مصفحة جَمِيعهَا بالحديد، وَقدر النَّفَقَة عَلَيْهِ من الذَّهَب الْجَدِيد سَبْعُونَ ألف، وَمن الْحُبُوب أَرْبَعَة عشر ألف إِرْدَب حِنْطَة وفولاً وَغير ذَلِك، وَذَلِكَ غير الْوَاصِل من مصر المحروسة من الْحَدِيد والخشب والرصاص والنحاس وَالْجمال وَالْحمير. (سمط النجوم العوالي 4/ 94)
  • وَمِنْهَا محراب السَّادة الْحَنَفِيَّة بِقرب الرَّوْضَة النَّبَوِيَّة الذي صار يعرف بالمحراب السُّلَيْمَانِي منقوش بالرخام الملون.
  • وَمِنْهَا تَجْدِيد عدَّة من الْمَسَاجِد، وَأَنْشَأَ عدَّة من القباب على من عف قَبره من أَعْيَان السلالة المحمدية. (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 94)
  • وَمِنْهَا ترصيص الْقبَّة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة وهلال الْقبَّة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ ذهب خَالص صرف وَبَاقِيه مموه وأهلة المنابر ومنبر الْحرم النَّبَوِيّ وَمِنْهَا إنْشَاء الْجِدَار الغربي بِالْحرم النَّبَوِيّ وإنشاء مَنَارَة عَظِيمَة بِهِ (سمط النجوم 4/ 94)
    وَمِنْهَا عمَارَة تكية باسم وَالِدَة السلاطين الْعِظَام يعْمل فِيهَا فِي كل يَوْم للْفُقَرَاء خبز وَطَعَام. (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 95)
    وَمِنْهَا أَنه لما بلغه احْتِيَاج المطاف الشريف إِلَى أساطين وعرضوا لَهُ أَن أساطين الْمَسْجِد الْحَرَام جَمِيعهَا بالرخام وعرضوا بتعظيم ذَلِك وَكَونهَا من حجر وَاحِد أَمر أَن تجْعَل أعمدة من النّحاس فَجعلت وَقيمتهَا تعدل وَزنهَا فضَّة فِي الْقيَاس. (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 95)

  • وَمِنْهَا مِنْبَر عَظِيم للبيت الْعَتِيق الْكَرِيم كَانَت النَّفَقَة عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ ألف من الدَّنَانِير الذَّهَب الْجَدِيد خَارِجا عَمَّا حمل مَعَه من آلَات الْحَدِيد والفولاذ والرصاص والمؤن العديدة وَوصل إِلَى مَكَّة عَام سِتّ وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة (966هـ) (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 95)
  • وَمِنْهَا تعمير الْمدَارِس الَّتِي هى من الْعَجَائِب برسم المدرسين من الْأَرْبَعَة الْمذَاهب كَمَا تقدم ذكره ومنارة عَظِيمَة من جنسهن جنب أولَاهُنَّ وَمِنْهَا عمَارَة مهبط الْوَحْي والأماكن الشَّرِيفَة (سمط النجوم العوالي 4/ 95)
  • وَمِنْهَا إِجْرَاء المَاء من الْفُرَات إِلَى مشْهد الإِمَام الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا وَمِنْهَا بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى خيرات لَا تحصى وَمِنْهَا عمَارَة قبَّة عَظِيمَة على الصَّخْرَة الرفيعة الدَّرَجَات وَجعل عوض التجصيص أَلْوَاح من فخار إزنيق بأنواع النقوش وَأجل الكتابات (سمط النجوم العوالي 4/ 95)
  • وَمِنْهَا للمساجد الثَّلَاثَة المشرفة الْمَذْكُورَة قدر الْكِفَايَة من الْحُبُوب والمرتبات وَالْخبْز وَالطَّعَام والصلة المبرورة. (سمط النجوم العوالي 4/ 95)
  • وَمِنْهَا بدار الْخلَافَة الْعُظْمَى قسطنطينية الْكُبْرَى إِجْرَاء عين من مسيرَة سِتَّة أَيَّام أنْفق على ذَلِك من الْأَمْوَال مَا لَا يمكن حصره (سمط النجوم 4/ 95)
  • وَمِنْهَا عمَارَة عَظِيمَة سلطانية جَامِعَة لِلْخَيْرَاتِ الدِّينِيَّة والدنيوية بِالشَّام بِالْمحل الْمَعْرُوف بالصالحية (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 96)
    وَمِنْهَا وَهُوَ أعظمها إِجْرَاء عين عَرَفَات إِلَى مَكَّة (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 96)
    وَكَانَ مُجَدد دين هَذِه الْأمة المحمدية فِي هَذَا الْقرن الْعَاشِر كَمَا ورد لِكُل قَرنٍ مُجَددٌ ظَاهر وَبنى الْمدَارِس الْمَعْرُوفَة بالسليمانية للأربعة الْأَئِمَّة الْمَالِكِي ثمَّ الْحَنَفِيّ ثمَّ الشَّافِعِي ثمَّ الْحَنْبَلِيّ وَقد جعلت مدرسة دَار حَدِيث لعدم متأهل من الْحَنَابِلَة (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 85)
    موت السُّلْطَان سُلَيْمَان
    اشتد المرض بالسلطان سليمان وهو يحاصر مدينة سيكتوار المجرية. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص251، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي 8/ 44، بترقيم الشاملة آليا)
    فتوفّي من دَاء النقرس في 20 صفر سنة أَربع وَسبعين وَتِسْعمِائَة 974هـ = 5 سبتمبر 1566م (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص251، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع 1/ 266، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 85، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي 8/ 44، بترقيم الشاملة آليا)
    أو فِي سَابِع عشر صفر(سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 104)
    أَي بعد حِصَار مَدِينَة مَدِينَة سيكتوار بِنَحْوِ خَمْسَة شهور (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص251)
    وقد استمر في السلطنة تسعاً وأربعين سنة (نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 48) وَقيل: كَانَت مُدَّة سلطنته ثماناً وَأَرْبَعين سنة (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص251، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 104)
    وقيل: ست وأربعين سنة (الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي 8/ 34، (الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي 8/ 44، بترقيم الشاملة آليا)
    وهي أطول مدة حكم فيها سلطان عثماني. (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 104، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي 8/ 34)
    قَضَاهَا فِي توسيع نطاق الدولة وإعلاء شأنها حَتَّى بلغت فِي أيامه أعلى دَرَجَات القوة والْكَمَال، وفي وضع النظم الداخلية للدولة حتى اشتهر بلقب القانوني. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص251، الموسوعة الموجزة في التاريخ 8/ 44)
    ومات وعمره أربعاً وسبعين سنة وشهرين (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص251، نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 48)
    لما مات السلطان سليمان وَهُوَ فِي محاصرة الْعَدو، أخفى الْوَزير الأعظم محمد باشا مَوته خوفًا من وُقُوع الفشل فِي العسكر، وأرسل سرّاً أوراقاً إِلَى كوتاهية للسُّلْطَان سليم الثاني، ولد السّلطان سليمان خان يستدعيه، وَيطْلب مِنْهُ الْحُضُور على جنَاح السرعة إِلَى الاستانة منعاً للقلاقل، وَبَين المَحِلّين نَحْو ثَلَاثَة أشهر بسير الأثقال، واستعجله في سرعة القدوم عليه، وكتم ذلك عن جميع الناس الخاص والعام، فأحسن تدبير السّياسة بذلك لأنهم لم يزالوا بديار الكفر بعيدين من ديار الإسلام. (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص251، نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 54، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 104)


وَفِي يَوْم 8 سبتمبر هجم العثمانيون على القلعة واحتلوها عنْوَة، وأعلن الْوَزير هَذَا الِانْتِصَار لكافة الْجِهَات باسم الْملك حرصاً على عدم إذاعة مَوته، وأمر بإرسال البشائر إلى سائر الأقطار والجهات،وفرق الجوائز السنية والإنعامات، وأعطى الأمراء والأتابكية الترقيات عملاً بمقتضى السياسة السّلطانية عند الفتوحات، ولم يذعه إلا بعد أن أتت إليه أخبار أكيدة من الأستانة بوصول وَلَده سليم إليها، واستلامه مهام الأعمال بهَا (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص251)
وأمر العساكر بالرجوع إلى أوطانها، وحمل السّلطان سليمان معه وعاد بأركان دولته وعساكر بابه العالي إلى القسطنطينية، فخرج إلى إستقباله جميع العلماء والولاة وسائر الناس من خاص وعام، فصلوا على السّلطان سليمان، وأمّ النّاس المفتي الأعظم أبو السّعود أفندي المفسّر ودفنوه في تربة أعدّها لنفسه في قائم حياته، ورثاه الشّعراء بكل لسان (نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 54)
وقيل أن السلطلن سليمان عاش حتى وصول خبر الفتح له، و فرح وحمد الله على هذه النّعمة العظيمة، وقال: الآن طاب الموت، (نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار 2/ 54)
الولاية بعده:
جدَّ السُّلْطَان سليم الثاني فِي السّير إِلَى بِلَاد اسطنبول ودخلها فِي ثامن ربيع الأول سنة أَربع وَسبعين وَتِسْعمِائَة 974 هـ (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 104)
وَحمل السُّلْطَان سُلَيْمَان إِلَى دَار الْخلَافَة وَدفن فِي الْمحل الَّذِي عمره فِي عِمَارَته (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 104)
وَلما كَانَ الْيَوْم الثَّانِي من استقرار السلطان سليم الثاني فِي الْملك جعل ديواناً وأنعم على الوزراء وَأمرهمْ بترك شعار الْحزن ورقى الْعَسْكَر فِي الجوامك على حسب مَرَاتِبهمْ وانتظم الْحَال(سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4/ 104)
اسباب انحطاط الدولة بعد السلطان سليمان
وتوقفت الفتوحات بعد سليمان القانوني، وأخذت الدولة تتجه للضعف والانحدار. (موجز التاريخ الإسلامي من عهد آدم إلى عصرنا الحاضر ص332)
وَتَقَدَّمت الفتوحات فِي أيامه تقدماً عَظِيماً، لم تصل إليه بعده، وَبَلغت الدولة أوج سعادتها، وأخذت بعده فِي الْوُقُوف تَارَة والتقهقر أخرى حَتَّى وصلت إِلَى الإنهيارتماماً، لجملة أسباب مِنْهَا: (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص252)

  • زِيَادَة الثروة بِسَبَب الفتوحات العديدة والغنائم الْكَثِيرَة وَلَا يخفى أن الثروة تورث غَالِباً الْمُفَاخَرَة فِي الْمصرف، والتغالي فِي الزهو والترف، وكل أمة سادت فِيهَا هَذِه الْخِصَال لَا بُد لَهَا من التَّأَخُّر.
  • كَان الانكشارية لَا يخرجُون إِلَى الْحَرْب إلا إِذا كَانَ السُّلْطَان مَعَهم، وَلذَا كَانَت أهم الحروب والغزوات تَحت إمرة السُّلْطَان وقيادته، لأنه إن لم يخرج بِنَفسِهِ لما حَارَبت الإنكشارية الَّتِي عَلَيْهَا الْمدَار الأول فِي الحروب، فَغيَّر السُّلْطَان سُلَيْمَان هَذِه السّنة الحميدة، وأجاز للإنكشارية الْقِتَال تَحت إمرة قائدهم الأكبر وَلَو لم يكن السُّلْطَان مَوْجُوداً، فَكَانَ هَذَا التَّغْيِير سَبباً فِي تقاعس أغلب من خَلفه من السلاطين عَن الْخُرُوج من قصورهم الباذخة، وتفضيلهم الْبَقَاء بَين غلمانهم وجواريهم المختلفات الاجناس على الْخُرُوج لِلْقِتَالِ وتكبد مشاقَّه.
  • وَمِنْهَا ان كَافَّة أمور الدولة المهمة كَانَت تنظر فِي ديوَان الوزراء تَحت رئاسة السُّلْطَان، فأبطل السُّلْطَان سُلَيْمَان هَذِه الْعَادة، وَصَارَ الدِّيوَان ينْعَقد تَحت رئاسة أكبر الوزراء، وَهُوَ الصَّدْر الأعظم، وَالسُّلْطَان لاهٍ عَن ذَلِك، معرضٌ عَن دسائس الوزراء، وَمن يستعينون بهم من جواريه وأزواجه، وترتب على ذَلِك أن صَارَت الأمور بيد الوزراء المغايرين للْجِنْس العثماني أصلاً ونسباً إذ أن أغلبهم مِمَّن أسْلَمْ أوْ تظاهر بالإسلام من النَّصَارَى، أوْ من غلْمَان وخدم السلاطين، ونتيجة ذَلِك وَاضِحَة كَمَا ظهر ذلك في قتل مصطفى ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان بِنَاء على دسائس زَوجته والوزير رستم باشا.
  • وَمنها السماح للإنكشارية بالتزوج والإقامة خَارج ثكناتهم، مَعَ إعطائهم بعض امتيازات، وَقبُول الأخلاط ضمن زمرتهم، مِمَّا جعلهم من أكبر مُوجبَات تَأَخّر الدولة بعد أن كَانَت من أعظم عوامل تقدمها. إِلَى غير ذَلِك من الأسباب (تاريخ الدولة العلية العثمانية ص252)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى