مقالات

خرجت “قطر”.. لكنها تركت “أثرا”

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

الخروج المبكر للفريق القطري من المونديال كان طبيعياً ولم يكن ظالماً لهذا الفريق الذي أدى أداءً متواضعاً لا يليق بفريق الدولة المستضيفة المنظمة لهذه التظاهرة العالمية التي باتت هي الحدث العالمي الأهم الذي يتكرر كل اربع سنوات، فيملأ الشاشات صخباً وضجيجا،ً بين مادح وقادح ،وحزين ومسرور.

حديثي هنا لا يتعلق بالأثر النفسي الذي خلّفته خسارة الفريق في نفوس الجماهير القطرية ومن ورائها الجماهير العربية سيما وأن المونديال حمل عنوان “مونديال العرب”،حديثي هنا عن الاثر الإيجابي الذي تركته الإستضافة في نفوسنا ،وتجلى ذلك الأثر في أكثر من جانب منها:

  • أثبتت “دولة قطر” والتي تعتبر من الدول المصنفة “غربيّا”ً بأنها ليست سوى بلد صغير في صحراء عربية لا زال أهلها يلبسون الثوب العربي والكوفية ولا زالوا يفتخرون بخيمتهم العربية، ويتعايشون مع “نياقهم” التي تلهمهم شعراً “نبطيّاً” يصعب فهمه، وتصعب ترجمته إلى اللغات العالمية، يرددونه في سهراتهم على وقع رنين دلال القهوة العربية .
    بلد صغير فيه أناس بسطاء لديهم حقول للغاز وآبار نفط تأتيهم بالمال الوفير فينفقونه بطرق غير رشيدة، منها على سبيل المثال ما أنفقوه على استضافة هذه الدورة .
    هكذا نظر الغرب لقطر، وربما تكون هذه النظرة فيها شيئ من الواقعية بالمقاييس المادية الغربية، لكنني على يقين بأن نظرتهم هذه ستتغير بعد ما شاهدوه من قدرات وإمكانيات وجهود جبارة تكللت بنجاح الإستضافة.
  • الأثر الإيجابي الآخر تمثل في الأجواء الكرنفالية التي تمازجت فيها ثقافات متعددة، كل جمهور يريد أن يظهر للعالم مدى تحضّره وتقدّمه وحبّه لبلده.
    لكن هذا التمازج لم يخل من اختلاف في أمزجة هؤلاء وفي سلوكهم الإجتماعي، فكانت المشكلة في موضوع أحقية “المثليين” في التعبير عن ميولهم الجنسية التي كنا نطلق عليها سابقاً بالشاذة، فإذا بالغرب يجمّلها بصيغة “الميول الجنسية”!!
    لقد وقفت دولة قطر من هذا الموضوع موقفاً ينسجم تماماً مع أخلاقيات مجتمعنا العربي بقيمه الإسلامية التي تعتبر الشذوذ الجنسي مرض اجتماعي تقع مسؤولية علاجه على الدولة، وعلى الأسرة التي هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، هذه الأسرة التي باتت مهددة بالتفكك والضياع جرّاء الدعوة إلى الترخيص بالشذوذ الجنسي بل والدفاع عنه -كما فعلت الوزيرة الألمانية التي تحدّت مشاعر الجماهير الطبيعية السليمة لتعلن من خلال الشارة التي كانت تخفيها تحت سترتها بأنها “مثلية” ومع حقوق هؤلاء الشواذ.

  • -أثر إيجابي آخر، تمثل في التعريف بالدين الإسلامي وما يحضّ عليه من محبة وسلام بين البشر على اختلاف معتقداتهم وجنسياتهم فكانت هذه الآية التي تردد صداها في حفل الإفتتاح “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلنكم شعوباً وقبائل لتعارفو إن أكرمكم عند الله أتقاكم”صدق الله العظيم.
    -ويبقى الأثر الذي لا يمكن تجاهله هو هذا الشعور العربي المتميز الذي توحّد في هذه التظاهرة الرياضية فكان العرب- كل العرب- يشجعون الفرق العربية جمعاء وتتعالى الهتافات حين يأتي الهدف العربي في مرمى الخصم، والكل ينتظر متى تتوحد الكلمة العربية في مواقف مشتركة تعمل من أجل انبعاث الأمة من جديد،لتعود وتأخذ مكانتها المرموقة بين الأمم الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى