مقالات

عندما نحاول أن ننسى همومنا من خلال كأس العالم

محمد زعل السلوم

كاتب صحفي سوري
عرض مقالات الكاتب


كأس العالم هو مناسبة للقاء البشر وللحب البشري المطلق، وأجمل اختبار فطري لمشاعرنا الإنسانية وفرصة للابتعاد عن المنغصات والبحث عن فسحة سماوية للراحة والضحك من القلب والسخرية الغير مقصودة والطبطبة على قلوبنا المنهكة ومعادلة النجاح والفشل ونوع من حوار الشعوب، والتي ترافقها المتعة والحماسة واختبار مشاعر الانفعال وحرق الأعصاب بشكل سلمي بعيدا عن عنف العالم وصخبه السلبي والنفوس الكليلة والمهمومة.
هو نوع من السعادة والترفيه والتسلية والشعور بالانتماء للبشرية جمعاء.

اقرأ: كأس العالم الإسلامي لكرة القدم (قطر 2022)

هو قمة إنسانية من المفترض ألا تلاحقها أثقال الحكومات والأنظمة والسياسات العبثية التي تقود البشر للفناء… فلا أحد فينا كامل ولا أحد فينا يزعم الألوهية ليفصل الآخر على قياسه … بكل بساطة نحن شعوب وهويات مختلفة، لكن هناك ما يجمعنا بنوايا طيبة ورؤى مستقبلية.
أنا شخصيا سعيد لنجاح دولة عربية باستضافة هذا المونديال، وأشجع على استضافته من قبل دول عربية أخرى لأنه فرصة لتطوير البلاد والعباد. وقطر نموذج رائع لهذا اللقاء التاريخي وبذات الوقت تمكنت من تقريب رؤيتها لعام 2030 لتحققها عام 2022 والسبب هذه الاستضافة.. فهذه البلاد نجحت في بناء وعمارة 800 برج وناطحة سحاب ومطارات وقطارات وشبكة طرق هي الأحدث بالعالم، وطورت بنية تكنولوجية وملاعب ومدن وتعاملت مع ما يتوفر اليوم في العالم من إمكانيات وسخرت قدراتها لما هو إيجابي ولتكون رقماً صعباً والبحث عن تحويل الدوحة لمركز مالي عملاق في العالم العربي والمنطقة .. مع طفرة الغاز والنفط والبحث عن اقتصادات بديلة لما بعد عصر الذهب الأسود والأزرق وتفعيل مشاريع الطاقة البديلة أيضا والصديقة للبيئة … وهي خطوة جبارة وأسطورية للاطمئنان على مستقبل البلاد وتأمين عيشه الكريم.

تابعنا في فيسبوك


أصبحت الدوحة ببساطة نموذج عربي جديد للنجاح، وبالمقابل نتابع نجاح دبي وأبو ظبي وتطوير عملاق للرياض ومدينة قادمة ومختلفة عن كافة أنماط المدن قديماً وحديثاً هي مدينة نيوم المستقبلية العملاقة … كل هذا أغبطه وأفخر به بأن يكون بنو قومي قادرين على المبادرة وصنع عالم جديد ربما يكون مشرقا أكثر.
كل هذا نحاول تذكره والتركيز عليه فقط لننسى بعض مآسينا ونحاول أن نتقبل ذواتنا بتلك الرؤى الإنسانية البحتة رغم أكوام وجبال من الإحباطات والانتكاسات على صعيد الحريات وتطوير الكفاءات والتعليم.
دائما أحاول النظر بإيجابية لعالمنا العربي وأنا المشرد خارجه وأحاول ان أنظر لنصف الكأس الملآن وهو نحن لا الأنظمة ولا الحكام، ولكن هل نحن مثلهم فعلا؟ من ناحية عدم تقبل الآخر أيا كان ومهما كان رأيه يختلف عنا؟ وهل علينا أن نتقبل حتى فكرة التعايش معهم وأن نامن على أنفسنا منهم؟
فقد عشنا الهزائم الواحدة تلو الأخرى للربيع العربي في القاهرة ودمشق وبيروت وبغداد وصنعاء وتونس وطرابلس الغرب؛ لوجود أنظمة متخلفة في تفكيرها أو تابعة أو لم تسعى للتغيير أو لم تكن على أسس سليمة في الأصل، أو حتى مهيأة للاستماع والإصغاء لأصوات الشباب الجديد.
الليلة أتابع خبر محاولة انتحار سبعة لاجئين سوريين في مخيم اعتقال تركي بأورفا، وخبر كذب وزيرة تركية تزعم أن حكومتها صرفت على السوريين 45 مليار دولار وخبر دوران الأغنام الغريب وظاهرة عالمية جديدة غريبة فعلا هي الدوران ليس فقط الأغنام، بل والطيور والديدان والغزلان والأسماك والنمل والعلم عاجز عن تفسيرها فيما يفسرها البعض بخلل بمركز الأرض أو اقتراب نجم الطارق من الأرض أو خلل بالجاذبية أو قرب زلزال مدمر أو حتى قيامة لدى المتدينين.


عدا الأخبار المؤرقة عن مصير ثلاثة ملايين ونصف مليون سوري بتركيا أو عن قرب قيامة ما وربما كوارث طبيعية عملاقة مابعد كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا والتضخم العالمي وكل هذه الهموم … ربما كأس العالم هو إبرة بنج فقط للحظة لنشعر بأننا مازلنا بشر ،وأننا ربما لازلنا بأمان أو أننا نعيش كبشر؟!…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى