تقارير

التقرير الإستراتيجي السوري (103)

المرصد الاستراتيجي
الإثنين 21 نوفمبر 2022

شؤون أمنية
الاتفاق الإسرائيلي-اللبناني يعزز فرص التقارب بين دمشق وتل أبيب
تحدث تقرير أمني غربي (19 أكتوبر 2022) عن مشاركة كل من: قبرص، ومصر، وفرنسا، واليونان، والأردن، وفلسطين، “وإسرائيل” في مؤتمر بالقاهرة، تناول سبل إيجاد رؤية مشتركة، وتبني إجراءات منسقة لتعزيز سوق الغاز والطاقة في المنطقة.
وتناول اللقاء سبل التعاون في تنظيم الإجراءات المطلوبة لإنشاء سوق غاز إقليمي متكامل وفعّال، وتوفير البنية التحتية الجديدة للتبادل التجاري، وذلك من خلال خطة تم التوافق عليها، تعالج جملة من القضايا، مثل: أمن التوريد، وتكاملية السوق، والاتفاقيات الإقليمية، والترتيبات الفنية، والتمويل، والتنسيق عبر الحدود، بالإضافة إلى الاستفادة من المعلومات الموجودة والعامة المتاحة من خلال الاتحادات التنظيمية الإقليمية الأخرى.
وكشفت مصدر غربي (7 نوفمبر 2022) عن توجه مصري في: “منتدى غاز شرق المتوسط”، الذي يتخذ من القاهرة مقراً دائماً له، لضم كل من سوريا ولبنان إلى عضوية المنتدى، وذلك بهدف الاستفادة من الدور اللبناني المرتقب، عقب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل (27 أكتوبر 2022)، والتي تم التعامل معها، كبادرة إيرانية لتفاهمات غير معلنة مع تل أبيب.
وأشار المصدر إلى تباحث مسؤولين مصريين مع نظرائهم في دمشق وبيروت للانضمام إلى المنتدى، متعهدين بمعالجة العقبات والاعتراضات التي يمكن أن تطرأ من قبل الدول الأعضاء بالمنتدى.
في هذه الأثناء؛ تعمل شركة “توتال إنيرجي” الفرنسية على وضع خطط للاستفادة من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين بيروت وتل أبيب، حيث تحدث تقرير غربي (4 نوفمبر 2022) عن قيام مدير قسم التنقيب والإنتاج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لورينت فيفير، برحلات مكوكية بين باريس وبيروت، في الأسابيع الماضية، لتثبيت حق فرنسا في التنقيب بمنطقة “بلوك9″، بعد أن منح الاتفاق لبنان نسبة 100% من حقل غاز “قانا”، والذي يقع حوالي 17% منه في المياه الإقليمية الإسرائيلية.
وتواجه الشركة الفرنسية منافسة من قبل شركتي “إيني” الإيطالية، و”نوفاتيك” الروسية، خاصة وأن شركة “توتال” كانت قد تنازلت عن حصتها البالغة 20% لشركة فرعية هي (داجا216)، والتي تتبع لها، في شهر أغسطس الماضي، ومديرها هو الروسي: ديميتري لوبادوسكي، الذي يمثل “توتال إنيرجيز” في روسيا، والتي تعتبر بدورها شريكة لشركة “نوفاتيك” الروسية في مجال الغاز.
ودفع ذلك التنافس بالشركة الفرنسية، “توتال إنيرجيز” لإبرام اتفاق مع نظيرتها الإيطالية “إيني” بمشاركة السلطات الإسرائيلية حقل الغاز المشترك مع لبنان، حسبما أعلنت المجموعة الفرنسية في 15 نوفمبر الجاري.
بيروت: الفراغ الرئاسي والحكومي يعززان موقف اللواء عباس إبراهيم
تحدث تقرير أمني غربي (7 نوفمبر 2022) عن استغلال مدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم حالة الفراغ الرئاسي والحكومي لتعزيز نفوذه الداخلي والخارجي، وخاصة في دمشق وواشنطن.
ورأى التقرير أن ترك الرئيس اللبناني الأسبق ميشال عون منصبه (31 أكتوبر) دون بديل ولا حتى حكومة مُشكَّلة، قد دفع بالبلاد إلى فراغ غير مسبوق في السلطة، لكنه عزز فرص اللواء عباس إبراهيم، عبر تخويله بالتعامل مع عدد من الملفات الدولية الحساسة ودعم تطلعاته السياسية المتنامية، حيث نجح اللواء عباس في تنحية منافسه، مدير أمن الدولة، طوني صليبا”، وتولي مهمة التفاوض في ملف ترسيم الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، مع المبعوث الأمريكي عاموس هوشستين، وكوفئ على ذلك بمنحه وسام الأرز الوطني من قبل الرئيس عون، يوم إبرام الصفقة (27 أكتوبر)، وذلك تقديراً لمساهمته في الاتفاق البحري ودوره الأمني في لبنان على وجه العموم.
وعلى الرغم من الفراغ السياسي الذي تعاني منه لبنان؛ إلا أن اللواء عباس يبدو ماضياً في أعماله المعتادة، وعلى رأسها الإشراف على مشروع عودة اللاجئين السوريين بالتعاون الوثيق مع استخبارات النظام السوري، ومع الاستخبارات العسكرية اللبنانية (بي2) المعروفة بقربها من “حزب الله”.
ويتطلع اللواء إبراهيم إلى استغلال علاقاته الوطيدة بكل من “حزب الله” ونظام دمشق للإشراف على مفاوضات جديدة لترسيم الحدود البحرية بين سوريا ولبنان، ويحاول إقناع سفير النظام ببيروت، علي عبد الكريم، بترتيب زيارة وفد لبناني لدمشق لهذا الغرض.
وفي تجاوز لدوره الأمني؛ ينشط اللواء عباس على الصعيد الدبلوماسي، حيث يعقد لقاءات مكثفة مع عدد من الدبلوماسيين ببيروت لمناقشة مختلف القضايا المتعلقة بالعلاقات مع لبنان، وعلى رأسهم؛ سفير الاتحاد الأوروبي، رالف طراف، والسفير العماني، أحمد بن محمد السعيدي، ويتباهى في الأوساط الخاصة بعلاقاته الوطيدة مع كل من دمشق وواشنطن.
وتؤكد مصادر محلية أن اللواء عباس يسوّق لنفسه كوسيط يصعب الاستغناء عنه، وكممثل لما يسمى “حلف الممانعة” في دهاليز الاستخبارات الدولية، مستنداً إلى دعم مدير مكتب الأمن الوطني بدمشق اللواء علي مملوك، والثنائي الشيعي (حركتي “أمل” و”حزب الله”) في لبنان، وكذلك مع إيران، حيث أوفده الرئيس اللبناني بمهام خاصة إلى طهران في عدة مناسبات.
ويُعتبر اللواء إبراهيم أحد أهم الشخصيات التي تعوّل عليها طهران في الشأن اللبناني، حيث حرص سفير إيران الجديد في بيروت، مجتبى أماني، على لقاء إبراهيم في: “زيارة تعارف واستعراض للأوضاع العامة”، حسب قوله.
ويبدو أن واشنطن حريصة على تعزيز موقف اللواء عباس كوسيط غير معلن مع الإيرانيين، حيث أرسلت له طائرة خاصة لنقله إلى واشنطن، في أكثر من مناسبة، وبحث مع “مسؤولون كبار” في الإدارة الأمريكية، “مواضيع تتعلق بلبنان”، وخاصة منها مسألة اختيار رئيس جيد للبنان.
ووفقاً للمصادر نفسها؛ فإن اللواء عباس حمل في لقائه الأخير مع الأمريكان رسالة من أمين عام “حزب الله” عبّر فيها عن رغبته بالإبقاء على حكومة نجيب ميقاتي، وطالب بالضغط على السعوديين لتسهيل مهمة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأبلغ، المسؤولين الأمريكيين تأكيد “حلف الممانعة” رغبته في التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل حول ترسيم الحدود.
وبالإضافة إلى دوره في مفاوضات مشروع ضخ الغاز العربي إلى لبنان عبر الأراضي السورية؛ يُعتبر اللواء إبراهيم مهندس مشروع نقل النفط العراقي إلى لبنان، عبر الأراضي السورية، حيث عمل على تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين، وعلى تسهيل حركة نقل الركاب والبضائع وإلغاء التأشيرات بين البلدين، ويرغب اللواء إبراهيم، من خلال ذلك المشروع، في تزويد النظام السوري بكميات من النفط والبضائع التي يحتاجها مقابل السماح بعملية النقل.
وتوجه أصابع الاتهام إلى اللواء عباس في التكسب من صفقات النفط مع العراق، وفي توظيف علاقاته بالميلشيات المحسوبة على طهران في العراق لتنسيق عملياتهم مع “حزب الله” في لبنان، حيث تؤكد المصادر وقوفه خلف قرار حكومة تصريف الأعمال اللبنانية إعفاء العراقيين من تأشيرة الدخول إلى لبنان (12 سبتمبر 2022)، ما أدى إلى تدفق أعداد كبيرة من عناصر الميلشيات العراقية إلى الأراضي اللبنانية.
وتزامن ذلك مع قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي (10 سبتمبر 2022) تكليف اللواء عباس ابراهيم بتولي ملف “إعادة السوريين والتواصل في هذا الخصوص مع الجهات السورية المعنية”، ما مثل بدوره نكسة لوزير المهجرين، عصام شرف الدين، الذي كان يعمل على خطة رديفة تهدف إلى إعادة نحو 15 ألف سوري شهرياً إلى مناطق سيطرة النظام.
الاستخبارات الغربية تواجه مشكلة مع المنشقين الروس
أشار تقرير أمني (24 أكتوبر 2022) إلى حالة من التردد تسود الأوساط الأمنية الغربية في التعامل مع عملاء روس يدّعون انشقاقهم عن المخابرات الروسية، دون القدرة على التحقق من مصداقية ادعاءاتهم.
وتحدث التقرير عن استقبال باريس موظفة سابقة في المشفى (7) الذي يديره جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، تُدعى “ماريا”، وشخص آخر أُطلق عليه اسم “ألكسندر” ادعى أنه منشق عن “مجموعة العمليات الخاصة” (غروم) بوزارة الداخلية الروسية، والذي كان يعمل كذلك في مجموعة “فاغنر”.
وبمجرد وصولهما إلى فرنسا؛ اتصل كل من “ماريا” و”ألكسندر” بشرطة الحدود وطلبا مقابلة محققين من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي للإدلاء بشهادتيهما وتسليم الوثائق التي بحوزتهما، مؤكدين أنهما تركا وظيفتيهما بسبب معارضتهما للغزو الروسي لأوكرانيا، وتقدما بطلب للحصول على اللجوء السياسي، وأبديا حماساً للتحدث مع وسائل الإعلام الفرنسية، واتصلا بمنشق روسي سابق يقيم في فرنسا، يدعى فلاديمير أوسيشكين، الذي قدم لهما المساعدة وأصبح المتحدث الرسمي باسمهما.
ويزعم أوسيشكين أنه نظم عمليات هروب لعدد من المنشقين الروس، بمن فيهم “ماريا” و “ألكسندر”، وأنه ينسق مع شبكة من المتطوعين الذين يقدمون لهم المساعدة العملية والقانونية عند وصولهم، وأسهم في تدشين موقع “غولاغو دوت نت” الذي يهدف إلى التنديد بانتهاكات حقوق الإنسان في روسيا، وكشف ممارسات التعذيب في السجون، وانتهاكات القوات الروسية في أوكرانيا.
وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها فريق المنشقين الروس في فرنسا؛ إلا أن الاستخبارات الغربية تتعامل بريبة مع شبكة “أوسيشكين”، الذي لا يقدم إلا القليل من المعلومات حول الإجراءات التي يلجأ إليها لإخراج المنشقين، وازدادت الشكوك عندما ادعى أن كلاً من “ماريا” و “ألكسندر” قدما إلى فرنسا عبر دولتين مختلفتين، وأنهما لا يعرفان عن بعضهما شيئاً قبل الانشقاق، إلا أنهما وصلا في نفس الوقت (بالمصادفة) ويعملان مع بعضهما اليوم بصورة وثيقة.
وازدادت الشكوك لدى ادعاء أوسيشكين، أنهما ليسا منشقين فعلياً، بل قدما إلى فرنسا بهدف إبلاغ المحكمة الجنائية الدولية والجمهور الغربي بالانتهاكات التي يرتكبها النظام الروسي. وبالتالي، فإنهما يشكلان مشكلة لأجهزة مكافحة التجسس، التي لا تتحكم بالمعلومات التي يعلنانها للملأ.
وتمثل حالة “ماريا” و”ألكسندر” تحدياً للمخابرات الفرنسية، التي تجد نفسها مضطرة للعمل بالطريقة القديمة المتعارف عليها في فترة الحرب الباردة، عندما كان التمييز بين المنشقين السوفييت المزيفين والحقيقيين مهارة في حد ذاتها لفرز أية معلومات استخباراتية يتم جمعها، لكن الأمر يبدو متعسراً في ظل التغطية الإعلامية الفورية التي يتمتع بها العمليان الروسيان عبر الإنترنت.
ولا توجد طريقة مؤكدة للتحقق من صدق “ماريا” و “ألكساندر”، في الوقت الحالي، خاصة بعد أن تبين في شهر سبتمبر الماضي أن أحد رعايا أوسيتشكين، ويدعى ألكسندر ليسينكوف، لم يكن سوى عميل استخباراتي روسي تم إرساله من قبل السلطات الأمنية بموسكو لتشويه سمعة المنشقين الروس الآخرين.
وكان ليسينكوف قد وصل إلى فرنسا في شهر يوليو الماضي بتأشيرة سياحية، وادعى أنه مخبر إقليمي سابق في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، وأن لديه معلومات مهمة عن العمليات العسكرية الروسية بأوكرانيا، وقام بعد ذلك بإعطاء الجمهور تفاصيل “غنية” عن عمل جهاز الأمن الفيدرالي الروسي خلف الكواليس، وقدم أسماء عدد من ضباط الجهاز، ثم شرع في تشويه سمعة موقع “غولاغو”، مدعياً أنه يقوم بتزييف الحقائق، كما عمد إلى تشويه سمعة المنشقين الآخرين.
أما في بريطانيا، فتكافح الأجهزة الأمنية للتعامل مع شبكة تجسس روسية، وصفت بأنها “واسعة ومتطورة”، إلى درجة أن لديها 1000 متسلل سري في بريطانيا يعملون في وظائف وأعمال عادية، كسائقي سيارات تكسي أو نوادل في مقاهي أو معلمين، أو حتى كباحثين جامعيين، وصولاً إلى مستويات عليا بالمملكة المتحدة، وذلك وفق تقرير نشرته صحيفة “ديلي ميرور” (12 نوفمبر 2022)، واستندت فيه إلى مصادر بالاستخبارات البريطانية نفسها.
وأكد التقرير أن الجواسيس يتلقون أوامرهم من جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية (SVR)، وأنهم يقومون بالتجسس على بنى تحتية مهمة في بريطانيا، كمحطات الطاقة النووية، وقواعد الجيش، وسلاح الجو الملكي، والبحرية الملكية، مع التركيز على قاعدة(Faslane) البحرية في اسكتلندا، حيث تربض مجموعة من الغواصات النووية.
واعتبر التقرير أن التهديد الاستخباراتي الروسي لبريطانيا “واسع النطاق”، حيث يبلغ عدد الروس المقيمين في المملكة المتحدة نحو 75 ألف شخص، منهم نحو ألف عميل ينقلون معلومات حساسة إلى الكرملين، ولديهم قدرات عالية على: “استخدام مهارات التسلل إلى المنظمات وتجنيد الجواسيس”.
وبالإضافة إلى تسللهم في مؤسسات التعليم، وبين السياسيين ورجال الشرطة والعاملين بالخدمات المدنية؛ تستفيد شبكة التجسس الروسية من الدبلوماسيين، كالعميل “ديفيد سميث”، الذي تناول الإعلام البريطاني قصته في شهر نوفمبر الجاري، بعد اعترافه أمام محكمة (Old Bailey) الجنائية بلندن، بأنه تجسس لصالح روسيا أثناء عمله كحارس أمن بسفارة بريطانيا في برلين، حيث قام بجمع معلومات حساسة، وسطا على وثائق سرية تخص السفارة البريطانية، وقام بتسريبها إلى موسكو، وينتظر حكماً بالسجن لمدة 14 عاماً على أقل تقدير.
سوريا غير آمنة لعودة اللاجئين
تحدثت منظمة “هيومن رايتس ووتش” عن قيام بعض الدول باعتقال واحتجاز اللاجئين السوريين، وأغلبهم من الرجال والفتيان، وترحيلهم إلى سوريا بشكل تعسفي في الآونة الأخيرة، مؤكدة أن اللاجئين السوريين تم اعتقالهم من الشوارع ومن منازلهم وأماكن عملهم، وتعرض بعضهم للضرب والإهانة والاحتجاز في ظروف سيئة قبل ترحيلهم.
وأكدت الباحثة الحقوقية في المنظمة، “نادية هاردمان” أن السلطات التركية اقتادت اللاجئين السوريين ومن بينهم أطفال إلى نقاط العبور الحدودية، وأجبرتهم على العبور تحت تهديد السلاح، الأمر الذي يُعدّ انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، مشيرة إلى أن أنقرة تحاول جعل الشمال السوري منطقة للتخلص من اللاجئين، حيث تم توثيق 37 حالة للاجئين خاضعين للحماية المؤقتة رُحّلوا مع عشرات أو مئات آخرين وأُجبروا على توقيع “العودة الطوعية” دون السماح لهم بقراءة الاستمارات أو حتى توضيح ما ورد فيها.
أما في لبنان؛ فيحضر جهاز الأمن العام لترحيل الدفعة الثالثة من اللاجئين السوريين ضمن ما أطلقت عليه الحكومة اللبنانية اسم “برنامج العودة الطوعية”، التي تضم 500 شخص، إلا أن العملية لم تتم بعد نظراً لرفض مخابرات النظام السوري منحهم الموافقات الأمنية للعودة.
ووفقاً لمصادر محلية؛ فإن “العودة الطوعية” تتم على أنها عملية “تسوية أمنية”، حيث يُطلب من المطلوبين والمتخلفين الالتحاق بالخدمة العسكرية، ومراجعة “مراكز التسوية” لدى عودتهم، في حين يتم وضع باقي العائدين في “مركز إيواء” في مدرسة أقامها النظام كمركز التسوية للعائدين.
وتحدث العائدون عن تعرضهم للتهديد وللمضايقات اللفظية من قبل عناصر النظام عند معبر “الزمراني”، فيما تعرّض آخرون للاعتقال فور وصولهم إلى سوريا، منهم على سبيل المثال الشاب مجد طفيلية المنحدر من بلدة “جراجير”، والذي اعتقل أثناء مراجعته مركز التسوية بعد ثلاثة أيام من عودته من لبنان، والشاب علي بديع فياض المنحدر من بلدة “رأس العين”، الذي اعتقل فور وصوله قادماً مع لبنان.
وتحدثت المصادر عن إطلاق سراح العائد من لبنان، “مجد”، بعد دفع أهله مبلغ 60 ألف دولار عبر وسيط محلي يعتبر من كبار تجار المخدرات.
واعتبرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أن لقاء مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، مع وزير الداخلية في حكومة النظام، محمد الرحمون: “يرسـل رسـالة سـلبية لملايين اللاجئين والنازحيـن خـارج سـيطرة النظـام، لأنها تحمل مضموناً تصالحياً مع النظام، وتشير إلى رغبة في التقارب بين المفوضية والنظام”.
وكانت زيارة المفوض الأممي لشؤون اللاجئين لدمشق قد تمحورت حول بحث سبل تهيئة ظروف عودة اللاجئين إلى ديارهم، بدعوى أن: “الظروف باتت مواتية لعودتهم”، فيما أكدت وزارة خارجية النظام أن المقداد وغراندي: “بحثا تعزيز البرامج الأممية في سورية، خاصة في مجال الإنعاش المبكر والكهرباء والمياه، من أجل تسهيل عودة اللاجئين”.
وأكد إعلام النظام أن الرحمون: “أبلغ غراندي تقديم الدولة السورية جميع التسهيلات اللازمة لتأمين عودة المهجرين إلى وطنهم، حيث سمحت بدخول المهجرين بموجب جوازات سفر سورية حتى وإن كانت منتهية، وقامت باستصدار الوثائق الشخصية من المراكز الحدودية لفاقدي الوثائق، وتسهيل دخول الأطفال المولودين خارج القطر على أن يراجع ذويهم الشؤون المدنية لتسجيلهم”.
علماً بأن الرحمون قد أشرف على عمليات اعتقال واقتحام في مناطق حرستا وعربين ودوما وبرزة والقابون، وتولى عمليات التحقيق والتعذيب التي كانت تتم في الفرع الذي اعتُقل وقتل فيه عشرات آلاف السوريين تحت التعذيب، ويعتبر من أبرز المسؤولين عن المجازر التي وقعت في الغوطة الشرقية، بما في ذلك مجزرة الكيماوي في دوما، وقد تم إدراجه على لائحة العقوبات الصادرة من وزارة الخزانة الأمريكية مطلع عام 2017.
وتحدث تقرير نشره موقع “إنتلجنس أونلاين” عن تبادل معلومات استخباراتية بين عمّان ودمشق في إطار التنسيق لإعادة اللاجئين السوريين بالمملكة إلى بلدهم، ووفقاً للموقع فإن نظام الأسد “حشد جهاز مخابراته للعمل على إعادتهم إلى أرض الوطن”، كما استنفرت عمّان مديرية الأمن العام لديها للإشراف على مغادرة اللاجئين السوريين الذين يبلغ عددهم نحو: 670,000 لاجئ، وفق أرقام الأمم المتحدة.
وأعلن، رئيس مركز الهجرة والجوازات في مدينة “نصيب” بمحافظة درعا، أيهم خضور (31 أغسطس 2022)، عن: “سعادته بعودة مجموعة من اللاجئين من مخيم الأزرق الواقع في الأردن”، فيما أكد الموقع أن التنسيق بين دمشق وعمّان جارٍ للتوصل إلى إستراتيجية تهدف إلى استعراض قدرة النظام على إعادة اللاجئين.
تطورات عسكرية
الاستخبارات التركية تلعب دوراً “غامضاً” في الشمال السوري
رأى تقرير أمني (26 أكتوبر 2022) أن المخابرات التركية: “تلعب، بدقة، لعبة متوازنة في شمال غرب سوريا بعد أن نجحت هيئة تحرير الشام، وريثة القاعدة، في بسط سيطرتها على المنطقة”، معتبراً أن سيطرة الهيئة على مدينة عفرين (13 أكتوبر) بالتعاون مع فصائل موالية للاستخبارات التركية كان يجب أن يُغضب أنقرة، لكنها لم تتحرك عسكرياً لوقف تقدم الهيئة، بل اكتفت بعرض وساطتها بين الأطراف المتنازعة.
وعقدت الاستخبارات التركية في 14 أكتوبر جلسة تفاوضية عند معبر “باب الهوى” الحدودي، جمعت زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، بأبي أحمد نور، قائد الجبهة الشامية، وتم التوصل إلى اتفاق برعاية تركية، إلا أن ذلك لم يضع حداً للاقتتال، ولم يُعالج مشكلة الاحتقان الشعبي الذي تجسد في مظاهرات عارمة ببلدة “اعزاز” (16 أكتوبر).
ورأى التقرير أن صمت الاستخبارات التركية على الأحداث يؤكد عدم رضاها عن الفصائل الموالية لها ضمن إطار “الجيش الوطني”، وذلك نظراً للصراعات القائمة بينها، بالمقارنة مع “هيئة تحرير الشام”، الموحّدة والمتماسكة، والتي تُحكم السيطرة على المناطق الخاضعة لها رغم تصنيفها المُحرج ” كجماعة إرهابية”.
وفي مقابل الصمت التركي؛ عبّرت واشنطن عن قلقها إزاء عملية الهيئة، وتحدثت سفارتها “المفترضة” في سوريا عن قلقها من غموض الموقف التركي، خاصة وأن القوات الأمريكية تشن ضربات بطائرات مسيرة في شمال غرب سوريا ضد أعضاء يرتبطون بالهيئة.
ودفع ذلك الغموض بصحيفة “موسكوفسكي كومسوموليتس” (15 نوفمبر) للتحذير من إمكانية تحرك القوات التركية لاستغلال تقدم الهيئة في الشمال السوري، والعملية الإرهابية التي وقف خلفها عناصر من “وحدات حماية الشعب” الكردية بإسطنبول، لشن حملة للتوسع في ريف حلب.
ونقلت الصحيفة عن مدير مركز دراسات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، العقيد المتقاعد سيميون باغداساروف، قوله: “لطالما قلت إن أردوغان، بعد ارتفاع شعبيته مؤخراً، عدة درجات في المائة، بفضل المشاركة النشطة في صفقة الحبوب وموضوع مركز الغاز، يمكنه، سعياً إلى زيادة شعبيته، قد يقدم على مغامرة في السياسة الخارجية، وشن حرب سريعة مظفرة أن توفر له فرصاً إضافية في الانتخابات المقبلة”، ورجحت الصحيفة أن يستغل أردوغان انشغال الروس في أوكرانيا للإقدام على مغامرة جديدة باتجاه حلب.
وكانت الاستخبارات التركية قد رتبت اجتماعاً (2 نوفمبر 2022) بمدينة “عنتاب” لفصائل “الجيش الوطني”، نفى فيه ممثل الجهاز (أبو سعيد) أية علاقة للمخابرات التركية بهجوم “الهيئة” على منطقة “غصن الزيتون”، ووبخ ممثلي الفصائل على خلافاتهم وتخاذلهم في مواجهة قوات الجولاني، وأكد على ضرورة تمكين مؤسسات الحكومة المؤقتة والمجالس المحلية من القيام بدورها، وعلى كف يد الفصائل عن الملفات المدنية.
ووفقاً لمصادر محلية فإن المتحدث أبدى حساسية بالغة في الاجتماع إزاء تواصل بعض الفصائل مع بعض “جهات خارجية”، وحذر من إقامة أية علاقات خارجية دون علم أنقرة، وفُهم ذلك التحذير على أنه يتعلق بتواصل بعض الفصائل مع ممثلين عن الإدارة الأمريكية وتذمرهم من التوجهات الأخيرة للدبلوماسية التركية باتجاه دمشق، وتم بعد ذلك تعيين فهيم عيسى قائداً عاماً للفيلق الثاني دون صدور أي قرار رسمي من وزارة الدفاع التابعة للحكومة المؤقتة.
وكان مصدر غربي قد استبعد أن تكون “هيئة تحرير الشام” قد تصرفت دون إشارة من أنقرة، خاصة وأنها عادت إلى إدلب في حالة سابقة “بمجرد أن جاءها اتصال من وكالة الاستخبارات التركية”، لكن في هذه المناسبة، لم يأتِ أمر تركي من هذا القبيل، ما دفع الهيئة للتقدم نحو عفرين دون اعتراض.
ورأى المصدر أن المتغير الأكبر في الحالة الأخيرة، هو أن الهيئة قد أصبحت القوة الوحيدة التي تقترب من أن تكون متماثلة مع “قوات سوريا الديمقراطية”، التي شنت تركيا ضدها عدة هجمات، وترغب في تدفعها مسافة 30 كم عن حدودها.
لكن الأمور تغيرت عندما ضغطت الولايات المتحدة على أنقرة لردع الهيئة ووقف توغّلها في عفرين، ملوحة بإمكانية تحريك “قسد” في حال تم الإخلال بتوازنات القوى في المنطقة.
ويوافق هذا الرأي مصدر غربي آخر (19 أكتوبر) رأى أن تركيا ترغب في إنشاء نموذج شبيه بقسد في منطقتها، وذلك تمهيداً لإعادة توطين ملايين اللاجئين السوريين الذين تعهد أردوغان بإعادتهم إلى أوطانهم، وترى الاستخبارات التركية في الهيئة قوة منضبطة، مقارنة بأمراء الحرب الضعفاء المتخاصمين في تلك المناطق، وإذا فكر بشار الأسد في الغدر بالأتراك، وإبرام صفقة مع الأكراد مماثلة لتلك التي أبرمها والده حافظ الأسد ضد تركيا، فيمكن حينها أن تلوّح أنقرة بعصا الهيئة الغليظة رداً على ذلك.
تنامي التوتر بين موسكو وتل أبيب
أكد مصدر غربي (20 أكتوبر 2022) تقليص روسيا دورها العسكري في سوريا بما في ذلك التنسيق مع الجانب الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، وسحب عدد كبير من قواتها من الأراضي السورية على خلفية خسائرها المتزايدة في أوكرانيا، الأمر الذي قد يغيّر قواعد الاشتباك بالنسبة لإسرائيل في سوريا.
ونقل المصدر عن مسؤولين غربيين رفيعي المستوى قولهم إن موسكو نقلت مؤخراً بعض قواتها ومنظومة دفاع جوي روسي (S-300) من سوريا: “ما أدى إلى إزالة أحد القيود الرئيسية على الجيش الإسرائيلي في سوريا”، وأن عدد القوات الروسية التي تم سحبها، تراوحت بين 1200 و 1600 جندي، فيما رجح مسؤول آخر أنها أكبر بكثير.
ونقل المصدر عن مسؤول عسكري إسرائيلي (طلب عدم الكشف عن هويته) تأكيده نقل عدد من القادة الروس من سوريا إلى أوكرانيا، وأن القيادة العسكرية الروسية في موسكو أصبحت أقل مشاركة في إدارة العمليات العسكرية والأمنية في سوريا: “بما في ذلك التنسيق العسكري مع إسرائيل”.
وتزامن تقليص موسكو عدد قواتها في سوريا مع تصعيد إسرائيل عملياتها في سوريا، حيث استهدف سلاح الجو الإسرائيلي قافلة صهاريج على الحدود العراقية-السورية، قيل إنها تنقل الوقود الإيراني إلى لبنان (11 نوفمبر)، وذلك ضمن سلسلة هجمات عنيفة شنتها تل أبيب على مواقع إيرانية في سوريا خلال الأسابيع الماضية.
ورأى مصدر أمني غربي أن إسرائيل تبدو مصممة على مواصلة جهودها لمنع النشاط الإيراني في سوريا، على الرغم من تقارب طهران مع روسيا، نتيجة للمساعدة التي يقدمها الإيرانيون للقوات الروسية في حربها بأوكرانيا.
وفي 14 نوفمبر شن الإسرائيليون غارة على مطار “الشعيرات” بريف حمص، ما أدى إلى مقتل ضابطين، وسقوط نحو 17 جريحاً من قوات النظام، وتزامن القصف مع انطلاق مناورات عسكرية إسرائيلية في الجولان المحتل (13 نوفمبر) لمدة أسبوع تحاكي تفاصيل شن هجوم في العمق الإيراني، وتتضمن تدريب طياري سلاح الجو على التحليق بطائر “إف 16” على ارتفاع 300 قدم فوق بحيرة طبريا وصولاً إلى شرق طهران، وتنفيذ عمليات تدريبية لمهاجمة مصانع إنتاج الصواريخ والطائرات المسيرة وبعض الأهداف الحيوية، خصوصاً المتعلقة منها بمواقع إنتاج الأسلحة الذكية والدقيقة وقواعد الدفاع الجوي والمطارات التي تشل قدرة إيران على الرد.
وكانت ثلاث طائرات من طراز “إف 35″، قد هبطت (13 نوفمبر) في قاعدة “نفاطيم” الجوية في بئر السبع بالنقب، لتنضم إلى سرب “النسر الذهبي”، الذي يعد الوحيد في الشرق الأوسط المزود بهذه المقاتلات.
ووفقاً لمصادر عسكرية فإن سلاح الجو الإسرائيلي نفذ 29 ضربة على مواقع حيوية في سوريا منذ مطلع العام الجاري، مستهدفاً المطارات الرئيسية ومواقع الدفاع الجوي التابعة للنظام، فيما تستمر موسكو في الضغط على تل أبيب للحد من عملياتها في سوريا.
وتخشى تل أبيب من تنامي احتمالات الصدام مع القوات الروسية في سوريا، لا سيما بعد توتر العلاقات بين البلدين في أعقاب الحرب الأوكرانية. وكان الباحث السياسي الروسي، رولاند بيغاموف، كشف عن: “إمداد تل أبيب كييف بأسلحة وعتاد ثقيل وصواريخ، وتورط جهاز الموساد في عمليات استخباراتية منذ اندلاع الحرب في شهر فبراير الماضي”.
الصراع الإيراني-الإسرائيلي يتسع في أوكرانيا
أكد تقرير أمني غربي (31 أكتوبر 2022) أن موسكو قد وضعت اللمسات الأخيرة على صفقة مع طهران تتضمن تزويد القوات الروسية بأربع أنظمة من الطائرات المسيرة الإيرانية، على الرغم من نفي الطرفين.
وأشار التقرير إلى أن موسكو ستحصل على 200 طائرة مسيرة في الأيام المقبلة، وذلك بالتزامن مع كشف القوات الأوكرانية عن عثورها على حطام مسيّرات إيرانية في المواقع التي استهدفتها الضربات الروسية، وعن رصد مبعوثين إيرانيين بمن فيهم رئيس الأركان محمد حسين باقري و رئيس برنامج الحرس الثوري للطائرات المسيرة سعيد أغاجاني في شبه جزيرة القرم.
وتتضمن الصفقة تزويد موسكو بطائرات “شاهد-136″، ومسيرات من طراز “أراش-2″ و”هيسا” الانتحاريتين، بالإضافة إلى طائرات استطلاع وهجوم من طراز “مهاجر-6″، من إنتاج شركة “القدس” المملوكة للدولة، إلى جانب عدد من الطوربيدات المسيرة، والتي تعتبر النسخة البحرية من الطائرات الانتحارية الإيرانية المسيرة، وغيرها من المعدات التي يُتوقع تحميلها عبر سفن إيرانية تنطلق من ميناء “أستراخان” الروسي، ومن ثم نقلها بالسكك الحديدية إلى القيادة الغربية للقوات الروسية بأوكرانيا، حيث سيتم تجميعها وفحصها بالكامل قبل نشرها.
ولاحظ التقرير أن بعض المسؤولين الإيرانيين يتعمدون تسريب أنباء حول نية طهران تزويد موسكو بصواريخ باليستية قصيرة المدى، وذلك للتأكيد على أن إيران باتت تمتلك القدرة على توجيه ضربات تتجاوز جوارها المباشر، عبر انخراطها في القتال بأوكرانيا، وذلك بالتزامن توتر العلاقات بين موسكو وتل أبيب.
وتتحدث التقارير عن بيع إيران أكثر من 3500 طائرة مسيّرة لموسكو، صُنع معظمها في مصانع وزارة الدفاع الإيرانية، فيما تتولى مصانع أخرى تابعة لجمعية صناعات الطيران والفضاء الإيرانية (IASIA) غير العسكرية مهمة شراء قطع الغيار وتوفير المعدات المهربة لميلشيا الحرس الثوري بغطاء مدني، حيث تتولى شركة “فارس أفزار كيميا”، في مدينة شيراز، تصنيع الأجزاء المعدنية للطائرات، فيما تتولى شركة “ماهتاب بال آسمان آبي” توفير قطع الغيار للقوات الروسية بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني.
في هذه الأثناء؛ تُكثّف القوات الأوكرانية جهودها لمكافحة المسيرات الإيرانية من خلال إستراتيجية تتضمن إسقاط المسيرات بثلاثة وسائل مختلفة هي: طائرات مقاتلة تقوم بدوريات على مدار الساعة، وصواريخ أرضية مضادة للطائرات، وفرق من الجنود المسلحين بالبنادق الآلية يحاولون إسقاط المسيرات أثناء تحليقها. وأكد مستشار وزير الدفاع الأوكراني، يوري ساك، أن الجيش الأوكراني أسقط أكثر من 70 بالمئة من طائرات “شاهد-136”.
لكن الملفت للانتباه هو استعانة القوات الأوكرانية بالخبرات الإسرائيلية في مواجهة المسيّرات الإيرانية، حيث أكد ساك أن: “المسيرات الإيرانية التي تضرب المدن الأوكرانية لم يتم تطويرها خصيصاً لأوكرانيا، بل تم تصنيعها لضرب إسرائيل. إنهم يستخدمون أوكرانيا كأرض اختبار، لمعرفة نقاط الضعف، وعاجلاً أم آجلاً سيستخدمونها ضد إسرائيل”.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤول أوكراني قوله إن: “إسرائيل قدمت معلومات استخباراتية مفيدة لاستهداف الطائرات الإيرانية من دون طيار”، وذلك عقب مناشد وزير الخارجية الأوكراني، ديميترو كوليبا، إسرائيل لتزويد بلاده بأسلحة دفاع جوي.
وعلى الرغم من رفض وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، الطلب الأوكراني، وتأكيده توفير: “أنظمة إنذار مبكر، دون إرسال أسلحة دفاع جوي”، إلا أن مصدر أمني غربي قد أكد اتجاه تل أبيب لنبذ سياستها المتحفظة إزاء الأزمة الأوكرانية، والمتمثلة في تقديم الحد الأدنى من الدعم لأوكرانيا.
وأكد المصدر أن رئيس جهاز الموساد، ديفيد بارنيا، نقل بالفعل بعض المعلومات الاستخباراتية الحساسة إلى كييف، وأنه يتجه نحو زيادة التدفق في المعلومات، وذلك بالتزامن مع إدانة تل أبيب الاستفتاءات الروسية في شرق أوكرانيا، وإعلان دعمها لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن: “برنامج الطائرات الإيرانية، من دون طيار، ينمو، وبات خطره يتجاوز خطر الجماعات المسلحة والإرهابية”، وأوردت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، في تقرير لها، أنّ “استخدام روسيا الطائرات الإيرانية من دون طيار في أوكرانيا يتزايد”، مؤكّدةً أنّ “التهديد الآن يجب أن يؤخذ على محمل الجد، ليس فقط في الشرق الأوسط أو أوكرانيا، لكن على نطاق عالمي”.
وأضافت: “المسيّرات الإيرانية تم تصديرها أيضاً، على شكل قطع أو مخططات، إلى أنصار الله في اليمن، وحزب الله وحماس”، مشيرةً إلى أنّها: “باتت تعمل على نطاق أوسع ممّا كانت عليه في الماضي، ولديها تكنولوجيا جديدة تُمكّنها من توجيه ضربات أكثر دقة”.
وفي تعليق على التصعيد الإيراني ضد كييف؛ نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤول إسرائيلي قوله إن إسرائيل تزوّد أوكرانيا بمعلومات استخبارية أساسية عن طائرات الاستطلاع الإيرانية من دون طيار، والتي تستخدمها موسكو في المعارك الدائرة في أوكرانيا.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ “شركة إسرائيلية خاصّة كانت تزود أوكرانيا بصورٍ للقوات الروسية عبر الأقمار الصناعية”.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ “شركة صناعات أمنية إسرائيلية باعت الجيش الأوكراني منظومات مضادة للطائرات المسيرة (anti-drone)، قادرة على اعتراض عمل طائرات مسيرة قتالية والتشويش عليها”.
وفي 13 نوفمبر تم الكشف، لأول مرة، عن ظهور مدرعات “غايا أمير” إسرائيلية الصنع المصفحة، لدى القوات المسلحة الأوكرانية بالقرب من “خيرسون”، حيث نشرت القوات الروسية مقطع فيديو يظهر تدمير المدرعة بواسطة المسيرة الانتحارية الروسية “لانسيت كاميكازي”، بينما لم يصدر أي تأكيد رسمي من كييف وموسكو حول وجود تلك المدرعات الإسرائيلية في أوكرانيا.
في هذه الأثناء؛ تتنامى خسائر قوات النظام السوري التي تقاتل إلى جنب الروس في أوكرانيا، حيث كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني (9 نوفمبر) عن نشر القوات الروسية نحو 500 عنصر من قوات النظام على مقربة من جبهات القتال شرق أوكرانيا.
ونقل الموقع عن مصادر استخباراتية قولها إن العناصر المتمرّسين ينتمون بشكل أساسي إلى وحدات تدعمها وتدرّبها وتديرها روسيا، وتشمل “الفرقة 25” المعروفة باسم “قوات النمر”، وعناصر من الفيلق الخامس، إضافة إلى “لواء القدس” الذي يتكون في الغالب من فلسطينيين سوريين، وأنه قد تم توثيق مقتل ما لا يقل عن 50 عنصر سوري نتيجة القصف الأوكراني.
موسكو: الجنرالات غاضبون
كشف تقرير أمني غربي (26 أكتوبر 2022) عن تنامي الخلاف في أروقة القيادة الروسية حول مسألة خلافة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عندما تنتهي ولايته عام 2024، حيث تزايد عدد المترشحين لخلافته، وظهرت أجنحة متصارعة تدعم مختلف المرشحين، وعلى رأسهم: التكنوقراطي، سيرجي كيرينكو، والحارس الرئاسي السابق، أليكسي دومين، وغيره من الذين أصبحوا في دائرة الضوء مدفوعين من قبل أنصارهم رغماً عنهم.
أما على الصعيد العسكري؛ فقد أسفرت خسائر القوات الروسية في أوكرانيا عن صراع محتدم دفع بوزير الدفاع، سيرغي شويغو، لتقديم استقالته لبوتين، مرة واحدة على الأقل، فيما يُصر بوتين على إبقائه “كبش فداء” للتعامل مع سيناريوهات فشل مغامرته الأوكرانية، وذلك على الرغم من أن كبار الضباط، قد أوضحوا لبوتين رغبتهم في استبداله بالجنرال سيرغي سوروفيكين (الملقب بالجزار) المنسق الجديد للعمليات في أوكرانيا.
ويبدو أن شويغو لن ينعم بالراحة على المدى القريب، حيث يبقى تعيين سوروفيكين وزيراً للدفاع، مرهوناً بالرسائل التي يرغب الكرملين إرسالها إلى الغرب.
وفيما تتصاعد الانتقادات حول أداء رئيس الأركان العامة الجنرال فاليري غيراسيموف، وقائد المنطقة العسكرية المركزية ألكسندر لابين؛ يتنامى الحديث في القيادة العسكرية الروسية عن الشخصيات التي يمكن أن تخلف شويغو، وعلى رأسها: ف. ديومين الذي يشغل منصب حاكم إقليم “تولا”، والذي يتمتع بدعم إفغيني بريغوغين، رئيس شركة “فاغنر”.
ويأتي ذلك الجدل على خلفية الهزيمة المذلة التي منيت بها القوات الروسية، واضطرارها للتخلي عن مواقع إستراتيجية في “خيرسون”، وفرار عدد من كبار الضباط تاركين جنودهم “محبطين وبلا قيادة” أمام التقدم الأوكراني.
وكانت خطوط الإمداد الروسية تعرضت لضربة قاسية عندما تضرر جسر عائم بالقرب من “خيرسون”، نتيجة استهدافه بستة صواريخ “هيمارس” الأمريكية، بالتزامن مع نفاذ ذخيرة الروس واضطرارهم لاستيراد قذائف مدفعية من كوريا الشمالية، بعد أن أمر بوتين بتجنيد 300 ألف رجل، دون توفر الأسلحة والمعدات والذخيرة اللازمة لهم.
وتحدث محللون في جهاز الاستخبارات الدفاع البريطانية (1 نوفمبر) عن اعتقادهم أن “بضعة آلاف” من الجنود الذين حشدتهم روسيا، ونشرتهم في خط المواجهة في أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة “مجهزون بشكل ضعيف”، ومن المحتمل أن تكون أسلحتهم “بالكاد قابلة للاستعمال”، مؤكدين أن هؤلاء الجنود يستخدمون أسلحة تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، حيث تُظهر الصور المسربة تسليمهم بنادق من النوع الذي دخل الخدمة في حدود أواسط القرن العشرين.
وعبر عدد من كبار الضباط الروس عن قلقهم من أن بعض جنود الاحتياط الذين تمت تعبئتهم أخيراً كانوا يصلون إلى أوكرانيا من دون أسلحة.
وكشف تقرير أمني عن تهميش بوتين وزير دفاعه سيرغي شويغو، والاعتماد بصورة أكبر على قائد القوات الجوية وقائد تجمع “الجنوب” للقوات المسلحة المنتشرة في أوكرانيا، سيرغي سوروفكين، وعلى قائد المنطقة العسكرية المركزية وتجمع الوسط، التي تميزت في قيادتها للعمليات بسوريا، ألكسندر لابين، بعد أن فقد الجنرالات ثقتهم بشويغو، وعبروا عن سخطهم من أدائه. ونقل التقرير عن مصادر مطلعة في موسكو أن بوتين وبخ شويغو في اجتماع استثنائي لمجلس الأمن القومي، واتهمه بأنه: “لا يؤدي واجبه بشكل صحيح”.
درعا: التوتر الأمني يتفاقم
أطلقت مجموعات محلية مقاتلة في مدينة درعا عملية أمنية لاجتثاث خلايا تنظيم “داعش”، عقب تفجير انتحاري استهدف منزل قائد سابق في الجيش الحر (28 أكتوبر 2022).
إلا أن عنصرين سابقين في الجيش الحر (محمد المسالمة “الهفو”، ومؤيد الحرفوش “أبو طعجة”) متهمين بإيواء خلايا التنظيم حركا مظاهرات ضد العملية وحولاها إلى خلاف عشائري، واتهما خصومهما بالعمالة للنظام لأنهم طلبوا المؤازرة من اللواء الثامن الذي يقوده أحمد العودة.
ويروج كل من “الهفو” و”الحرفوش” لفتنة عشائرية، مدعين أن “آل أبازيد” يشنون هجوماً على “آل المسالمة”، وأن أهالي “حي الأربعين” يهاجمون أهالي “المخيم” و”طريق السد”، فيما ظهرت عناصر أخرى تطالب النظام بدخول المدينة وحسم الصراع.
وشهدت المحافظة فتنة بين عائلتي “العيد” و”الدوخي” بمدينة “إنخل” أسفرت عن وقوع خسائر كبيرة في الممتلكات (7نوفمبر 2022)، وذلك عقب العثور على جثة عنصر في “اللواء الثامن” مقتولاً بأحد شوارع المدينة، وهو من عائلة “الواكد” المقرّبة من عائلة “العيد”.
ونتج عن ذلك الخلاف حرق عدد من المنازل والمحال التجارية التابعة لعائلة “الدوخي” وطردهم من المدينة، فيما قُدّر حجم الخسائر بنحو مليار ليرة سورية.
في هذه الأثناء؛ شهدت درعا تصاعداً في عمليات الاغتيال، حيث قُتل شخصان، أحدهما يعمل لصالح جهاز الأمن العسكري، بإطلاق نار مباشر من قبل مجهولين في قرية “الشيخ سعد” غرب درعا، فيما قُتل شخصان آخران يعملان لصالح جهاز أمن الدولة، إثر استهدافهما بالرصاص في بلدة “محجة” شمال المحافظة.
وأصيب مدير منطقة “بصرى الشام” واثنان من عناصر الشرطة إثر تعرض سيارتهم لإطلاق نار على الطريق الواصل بين بلدتي كحيل-صيدا في ريف درعا الشرقي.
وأشارت مصادر محلية أن شهر أكتوبر قد شهد ارتفاعاً حادّاً في عمليات الاغتيال بمحافظة درعا، وأن الفوضى الأمنية قد ازدادت وتيرتها بصورة كبيرة، حيث سجل “مكتب توثيق الانتهاكات” بتجمع “أحرار حوران” مقتل 82 شخصاً في المحافظة خلال الشهر الماضي، بالإضافة إلى توثيق 27 عملية اغتيال، أسفرت عن مقتل 23 شخصاً، وإصابة 3 آخرين بجروح متفاوتة، ونجاة 7 أشخاص، وضمت قائمة الضحايا: رئيس المجلس البلدي في بلدة “المسيفرة”، ورئيس الجمعية الفلاحية السابق في قرية “صيدا الحانوت”، وإمام مسجد في مدينة “طفس”، بالإضافة لعشرة أشخاص لم يسبق لهم الانتماء لأية جهة عسكرية، بينهم أربعة متهمين بالعمل في تجارة المخدرات.
كما قتل قيادي سابق في الجيش الحر يُتهم بالعمل لصالح فرع المخابرات الجوية، وعنصر سابق في الجيش الحر، وآخر يتبع لتنظيم “داعش”، بالإضافة لشخصين يعملان ضمن اللجان المحلية التابعة لجهاز الأمن العسكري.
وسجل المكتب مقتل ثلاثة عناصر يتبعون لمجموعة مسلحة موالية لفرع الأمن العسكري، وعنصرين آخرين جميعهم قتلوا بإطلاق النار عليهم في مناطق مختلفة بالمحافظة .
ووثق المكتب اعتقال 32 شخصاً من قبل قوات النظام في محافظة درعا، عثر على جثث خمسة منهم في طرقات عامة بعد اعتقالهم على حواجز عسكرية، بالإضافة إلى اختطاف 9 أشخاص، قتل أربعة منهم بعد اختطافهم من قبل عصابات مجهولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى