مقالات

أوروبا تكبح انتقادات إيطاليا للمنظمات غير الحكومية في إنقاذ المهاجرين بالمتوسط

محمد زعل السلوم

كاتب صحفي سوري
عرض مقالات الكاتب


أزمة استقبال سفينة أوشن فايكينغ بين فرنسا وإيطاليا
قالت المفوضية الأوروبية، إن “آلية التضامن بين الدول الأوروبية ستظل نشطة، على الرغم من رفض باريس نقل 3500 طالب لجوء من إيطاليا، بعد أن رفضت روما بدورها وصول سفينة إنقاذ اللاجئين في البحر المتوسط “أوشن فايكينغ” لأي ميناء إيطالي، والتي أنقذت -أي السفينة- 234 شخصاً على طول المنطقة الوسطى من البحر الأبيض المتوسط. وقد رست سفينة الإغاثة أخيراً في ميناء طولون بفرنسا بعد مواجهة استمرت ثلاثة أسابيع في البحر، وأخذ ورد وتبادل اتهامات بين فرنسا وإيطاليا.

اقرأ: رسائل حكومية تخيف اللاجئين السوريين في الدنمارك من الترحيل القسري

آلية إعادة التوطين للمهاجرين المعطلة بين بلدان الموانئ والداخل الأوروبي
وقد أعلنت فرنسا بذات الوقت أنها لن تشارك بعد الآن في آلية إعادة التوطين، التي تمت الموافقة عليها في يونيو حزيران 2022، لتعديل لائحة دبلن، وتمثل لائحة دبلن القواعد الأوروبية المشتركة التي بموجبها يُفرض على دول الدخول إلى أوروبا أن تتولى مسؤولية طلبات اللجوء. نصت الخطة في البداية على نقل عشرة آلاف شخص، أصبحوا فيما بعد ثمانية آلاف، والذين كان من المفترض أن يتم نقلهم من بلدان الموانئ، مثل إيطاليا واليونان، إلى ثلاثة عشر دولة أوروبية أخرى انضمت طواعية إلى المشروع.
ومع ذلك، تم نقل 117 شخصاً فقط منذ يونيو حزيران : ذهب 38 منهم إلى فرنسا من إيطاليا في نهاية أغسطس آب، وغادر 74 آخرون إيطاليا في 11 أكتوبر تشرين الأول متجهين إلى مدينتي هانوفر وبرلين الألمانيتين. قالت فرنسا إنها ستستقبل 500 شخص آخر بحلول نهاية عام 2022. وفي 13 نوفمبر تشرين الثاني، ودعا المتحدث باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران أوروبا إلى الرد على إيطاليا قائلاً: “كانت استجابتنا إنسانية وسمحنا للسفينة بالرسو في طولون”. “لكن الرد التالي سيكون تذكير إيطاليا بالتزاماتها، وإذا رفضت القيام بذلك، فعلينا إعادة التفكير في أية إجراءات مفيدة.”
إيطاليا تتهم المنظمات غير الحكومية
في 12 نوفمبر تشرين الثاني 2022، نشر وزراء داخلية كل من إيطاليا واليونان ومالطا وقبرص بياناً مشتركاً اشتكوا فيه من بطء آلية إعادة التوطين الأوروبية وطالبوا ألا يقتصر الأمر على دول جنوب أوروبا في أن تتحمل وحدها الهجرة واللجوء. وجاء في الرسالة : “لا يمكننا الاشتراك في فكرة أن دول الدخول الأول هي نقاط الوصول الأوروبية الوحيدة للمهاجرين غير الشرعيين”.
حجج إيطاليا واتهاماتها للمنظمات غير الحكومية
كما تضمنت الرسالة اعتبارات لا أساس لها من الصحة، بشأن سلوك المنظمات غير الحكومية التي تقوم بجهود الإغاثة، وتورطها مع المتهمين بالعمل بشكل غير قانوني ودون التنسيق مع السفن الإنسانية. وأضافت رسالة وزراء خارجية الدول الأوروبية الأربعة التي تصنف كموانئ الدخول الأول : “نكرر موقفنا بأن أسلوب عمل هذه السفن الخاصة لا يتماشى مع روح الإطار القانوني الدولي بشأن عمليات البحث والإنقاذ التي ينبغي احترامها”.

وكانت هذه هي النقطة التي أصر عليها وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني في رسالته المذكورة آنفاً خلال اجتماع مجلس وزراء الخارجية الأوروبي في 14 نوفمبر تشرين الثاني. وطالب تاجاني بوضع “مدونة سلوك” أوروبية لتنظيم عمل السفن الإنسانية. كما اتهم المنظمات غير الحكومية بالتواطؤ مع المتاجرين بالبشر. وقال تاجاني الذي التقى بوزراء الخارجية الآخرين ورئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في بروكسل “الإنقاذ في البحر شيء، وأن يكون لديك موعد في وسط البحر، شيء مختلف تماماً” .
وتابع تاجاني في اتهامه لسفن الإنقاذ الإنسانية : “الحقيقة الواضحة هي أن السفن التجارية يجب أن تقوم بالإنقاذ البحري، من الواضح أن هناك منظمات غير حكومية تقوم بعمل مختلف لتحرير السفن التجارية من واجب إنقاذ الأشخاص في البحر”. ليكرر وزير الخارجية الإيطالي ذات الاتهامات التي وجهتها بالفعل الحكومات الإيطالية ضد المنظمات غير الحكومية بين عامي 2017 و 2018. لكن لا يمكن تجاوز الإنقاذ في البحر المنصوص عليه في الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها إيطاليا.
الرد الأوروبي الحازم على الحجج الإيطالية ودراسة تنفي تواطؤ المنظمات غير الحكومية مع المتاجرين بالبشر :
كان الرد الأوروبي حازماً للغاية ولم يترك مجالاً للطلبات الإيطالية، وقد أعلنت المفوضية الأوروبية أن الالتزام الأول للدول هو إنقاذ الأرواح في البحر دون إحداث خلافات بين سفن المنظمات غير الحكومية والسفن الأخرى.
من بين أمور أخرى، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة (IOM) أن 15 في المائة فقط من المهاجرين الذين وصلوا عن طريق البحر إلى إيطاليا قد تم إنقاذهم بواسطة السفن الإنسانية. وتم إنقاذ جميع الباقين من قبل خفر السواحل الإيطالي وسفن الإنقاذ الأخرى أو وصلوا بمفردهم. وفي 14 نوفمبر تشرين الثاني، بينما لم تكن هناك سفن إنسانية في وسط البحر الأبيض المتوسط، وصل ألف شخص إلى إيطاليا.
ومن خلال دراسة منهجية نشرها ماتيو فيلا ديليسبي وأوجينيو كوسومانو الذي أجرى وجمع بيانات من الفترة 2014-2019 لينفي النظرية التي تربط وجود سفن المنظمات غير الحكومية في البحر بعدد أكبر من مغادرة المهاجرين. ويشير فيلا إلى أنه حتى “في أول أربعة أشهر ونصف من عام 2021، بلغ متوسط عدد المهاجرين الذين غادروا الساحل الليبي يومياً 125 مهاجراً مع وجود المنظمات غير الحكومية في منطقة سرت في ليبيا الدولة الواقعة في شمال إفريقيا و 135 مهاجراً بدونها”. وهذا يدل على أن السفن الإنسانية ليست عامل جذب للمهاجرين العازمين على المغادرة.

تابعنا في فيسبوك

كما عقدت المفوضية الأوروبية اجتماعا طارئا لوزراء الداخلية الأوروبيين لتسوية نزاعات الهجرة. وقالت مارغريتيس شيناس، نائبة رئيس اللجنة، إنه يجري النظر في خطة طوارئ لتخفيف التوترات. وقالت في مقابلة مع موقع بوليتيكو : “لا يمكننا السماح لدولتين من الدول الأعضاء بمحاربة بعضهما البعض علناً وخلق أزمة سياسية أخرى بشأن الهجرة”. في غضون ذلك، تفكر إيطاليا، التي تسيطر عليها حكومة يمينية معادية للهجرة، في تشديد جديد على المنظمات غير الحكومية التي من المقرر أن تصل في الأيام القليلة المقبلة مع الموافقة على المراسيم الجديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى