مختارات

المختصر الحاوي لأهم أفكار كتاب ” السياسة الشرعية ” للشيخ القرضاوي (3 من 6)


عدنان أبو هليل

عضو هيئة علماء فلسطين
عرض مقالات الكاتب

رأي ولي الأمر في مواجهة النصوص ( الصفحات 109 إلى 222 )..
1- ذكّر الشيخ القرضاوي بالمجالات التي يُسمح لولي الأمر أن يقرر سياساته من خلالها في مساحة العلاقة بين النصوص المصالح ؛ وهي : ( ما لا نص فيه ، وما تعددت فيه الأقوال ، والمصالح المرسلة ) ثم وضع أسس ومحددات التعامل مع الشورى :

2- وجوب التزام الإمام بالشورى ؛ وساق الأدلة والتطبيقات العملية وأقوال العلماء على هذا الوجوب ، بما ينصّب الشورى صفة أساسة للجماعة المؤمنة ، وشرطا واجبا على الإمام ، وصنّف أهل الشورى حسب مجالاتها ؛ فذكر ( أمور الدين ، والمصالح العامة ، وعمارة البلاد ، والحرب والسلم ، والإجراءات الإدارية والتنفيذية .. إلخ ) واشترط في أهل الشورى ( الأمانة والعلم ) . 

3- ثم طرح سؤاله ( هل الشورى مُعْلِمةٌ أم مُلزمة ) منوها بأن للإمام حسن البنا – رحمه الله – لم يقطع بإلزاميتها ، فقطع هو بإلزاميتها ؛ وقال : (  وهذا الذي نراه ونقطع به شرعا ؛ أن رأي أهل الحل والعقد ملزم للإمام ، فإذا شاورهم واختلفوا عليه ، فالعبرة برأي الأكثرية ) ودعم هذا القطع بجملة أدلة من التطبيقات النبوية ، ومن ذم القرآن لاستبداد الحكام ، ولفت أن أهل الحل والعقد إنما تَسمّوْا بذلك لأنهم يَحلّون ويَعقدون فعلا ، لا زينة .

4- وتحت عنوان ( المسلمون على شروطهم ) نبه إلى أن الأمة إذا اشترطت على ولي الأمر أن يلتزم بالشورى ، أو انتخب على أساس دستور يقررها ، فإنها تصير واجبة عليه ، ويسقط كل خلاف حول إلزاميتها ( ولكن الشيخ لم يطرح – هنا – كيفية التصرف مع الإمام الذي يتعهد بذلك أو يختار بناء عليه ثم لا يلتزم به ) . 

5- وأعاد الشيخ تأكيد ربط تصرف الإمام واختياراته بمصلحة الأمة لا بالتشهي ، وعدم الاكتفاء بالنظر في ظواهر النصوص ، وفرق بين العبادات والعاديات في كيفية تلقيهما ، ووضع لذلك قاعدة ( الأصل في أمور الدين الاتباع ، والأصل في أمور الدنيا الابتداع ) ؛ معقبا بقوله : ( وقد تخلف المسلمون عندما عكسوا الوضع ؛ فجمدوا في أمور الدنيا وابتدعوا في أمور الدين ) ، وتناول ذلك بالشرح فقال :

أ) أمور الدين الأصل فيها الاتباع ، فلا نزيد فيها ولا ننقص منها ولا نحْدِث فيها ، بل نبقيها كما شرعت ؛ واستدل لذلك بقوله تعالى ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) وبما جاء في الحديث ” إياكم ومحدثات الأمور ؛ فإن كل بدعة ضلالة ” وساق الشواهد على التزام الصحابة بهذا الاتباع .

ب) وأما الشؤون الدنيوية والمعاملات فالأصل فيها الابتداع والتجديد وابتكار الوسائل والأساليب والآليات ، التي تنهض بالدنيا وترقى بالعمران وتطور الحياة ، واستدل لذلك بحديث ” أنتم أعلم بأمر دنياكم ” وحديث ” من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ” وساق الشواهد على ذلك من سياسات الخلفاء الراشدين كالتأريخ الهجري وتدوين الدواوين .

اقرأ: المختصر الحاوي لأهم أفكار كتاب “السياسة الشرعية” للشيخ القرضاوي (2 من 6)

6- وأكد أن للإمام أن يغير رأيه في مسألة أو قضية بتغير المعطيات والظروف ، كما يجوز له أن يخالف رأي غيره حسب ما يوصله اجتهاده وما يقتنع هو به ، بل أثّم من يترك اجتهاد نفسه الذي اقتنع به ليعمل باجتهاد غيره ، مستثنيا من ذلك حالة الشورى ، التي يجوز فيها للإمام فيها أن ينزل على رأي الأغلبية ولو خالفت الرأي الشخصي ، وساق من الشواهد لذلك ما خالف فيه الصحابة بعضهم ، وما خالفوا فيه رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رآه بصفته البشرية ، ونزوله صلى الله عليه وسلم على رأي الأغلبية في الخروج لأحد خلافا لرأيه ، وتغيير عمر لقدْر الجزية على حسب حال دافعها سعة وضيقا ، وقبوله – أي عمر – استيفاءها من بني تغلب بتسميتها صدقة عندما رفضوا دفعها كجزية ، موجها كل ذلك لاعتبارات المصلحة وتغير الظروف ، ولأن الاهتمام يجب أن يذهب إلى المعاني والمسميات وليس للمباني والتسميات .

7- وتحت عنوان ( تعارض النصوص والمصالح ) قال الشيخ : إن النصوص الشرعية قد راعت مصالح الناس في العاجل والآجل ؛ ومصالح الأفراد ومصالح الجماعات ، والمصالح المادية والمصالح المعنوية ، والمصالح الآنية والمصالح المستقبلية ، والمصالح الدنيوية والمصالح الأخروية .

8- تساءل : هل يمكن أن يتعارض النص الديني والمصلحة الدنيوية ؟ وفي الإجابة على ذلك قرر أن المصلحة الحقيقية لا يتصور أن تتعارض مع نص قطعي الثبوت قطعي الدلالة ، وعدد أنواع النصوص من حيث القطعية والظنية فذكر نوعين ثم فرّعهما على أربعة ؛ ذكر القطعي الثبوت والدلالة  ، والقطعي الثبوت الظني الدلالة ، والظني الثبوت والدلالة ، ثم الظني الثبوت قطعي الدلالة .

تابعنا على فيسبوك

9- وخص بالشرح القطعي الثبوت والدلالة ، وقرر أنه لا يمكن أن يتعارض مع مصلحة حقيقية ، ثم استكمل الأنواع بالثلاثة الباقية وشرح كلا منها مقررا إمكان تعارض الظنيات مع المصالح ، واضعا ضوابط لكيفية التعامل مع هذا التعارض :
أ) فإن كان النص ظنيا والمصلحة راجحة غير قطعية ( حالة أقرب للتساوي في القطعية ) فإن النص يقدم عليها لمنسوبيته إلى السماء في مقابل انتساب المصلحة للأرض ويشوبها الهوى والخطأ والآنية .

ب) وإن كان النص ظنيا وكانت المصلحة قطعية ؛ كان الاتجاه إلى تخصيص النص أو تقييده ، أو تأويله بما يصرفه من المنطوق إلى الفحوى ، ولكن في إطار ما تحمله اللغة والألفاظ والكلمات والمقاصد العامة .

10- ولفت إلى أن المحدثين ( هو سماهم : العصريين التقدميين ) يقدمون المصالح على النصوص ، يستثني بعضهم من هذا التقديم ما يكون من النصوص متعلقا بالإلهيات والغيبيات وشعائر العبادات ، .. مخالفين بذلك إجماع الأصوليين الذين حصروا الاجتهاد في الظنيات ، وشرطوا أن يقوم به المؤهل .  

11- وقيد مقولة ” حيث توجد المصلحة فثم شرع الله ” بأنها تكون صائبة إن تعلقت بما لا نص فيه ، أو ما فيه نص ظني يحتمل الأوجه ، ثم صاغ المقولة تصحيحا فقال ” حيث يوجد شرع الله فثم مصلحة العباد ” . 

12- ورد الشيخ على من نسبوا لعمر رضي الله عنه أنه اجتهد في مورد نصوص قطعية : ثم تناول الشيخ بالبحث والتفنيد حالات منسوبة لسيدنا عمر رضي الله عنه ، يستدل بها من أسماهم ( العلمانيون والمتغربون في زماننا ، وفئات التغريب والتبعية الفكرية ) وظاهر تلك الحالات تعطيل النصوص القطعية لتحقيق مصلحة تقديرية ؛ لقد رد الشيخ على المستدلين بتلك الحالات ردودا تفصيلية ( يمكن الرجوع إليها – في المصدر – لمن يطلب المزيد من الإيضاح والإثراء المعرفي ) ثم أعقبها بثلاثة ردود إجمالية : 

تابعنا على تويتر

أ) أن تعطيل النصوص يتناقض مع قول الله تعالى ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) ، ولم يكن عمر ليفعل ذلك ، وأقواله وأفعاله تؤكد التزامه بالنص وتوقفه عند الاتباع ، وأنه لا يستخف بالنص فضلا عن رده ؛ ومثال ذلك قوله : إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن ، وقوله : أصابت امرأة وأخطأ عمر عندما اعترضت عليه المرأة في رفضه مغالاة المهور ، واستدلت عليه بالآية ( وآتيتم إحداهن قنطارا .. ) رغم إمكانه التأويل بأن ذكر القنطار كان للمبالغة .

ب) أن منهج عمر رضي الله عنه في تلك الحالات كان إما في مقابل نصوص غير قطعية في ثبوتها أو في دلالتها ، أو أنه تأول النص القطعي في ضوء مقاصده .

ج) وأن عمر لم يكن يتخذ موقفه في تلك الحالات عن استعجال أو بالهوى والتحكم ، ولم يكن منفردا في قراراته كالحكام والملوك الظلمة المستبدين ؛ وإنما كان يستشير وينضج الرأي قبل الحكم به . 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى