تقارير

البطالة في شمال سوريا تسجل أعلى مستوى لها.. كيف ينظر لها أبناء المحرر؟



المكتب اﻹعلامي بالداخل/
“أريد عملًا”… عبارة يرددها الشباب في المناطق المحررة، ارتفعت وتيرة الحديث عنها في الجلسات الخاصة مؤخراً، في إدلب، التي تشهد تراجعًا في المستوى المعيشي غير مسبوق مقارنة بالسنوات القليلة الماضية.
وبحسب مراسلنا؛ فإن نسبة كبيرة من الشباب تفتقد إلى “العمل”، في حين تتهم “حكومة اﻹنقاذ” الجناح السياسي لهيئة تحرير الشام، بالتقاعس، رغم أن التصريحات الصادرة عنها تؤكد بين الحين واﻵخر أنها تبحث وتسعى لتوفير فرص عمل عبر مشاريع صناعية وإنتاجية.
مهند في العقد الثاني من العمر؛ مهجر من ريف دمشق، يعمل في أحد مطاعم الفول، أغلق المطعم أبوابه تيجة أزمة الغاز التي تمر بها إدلب، على خلفية اﻻقتتال بين تحرير الشام والفيلق الثالث، ويؤكد الشاب لمراسلنا أنه بذلك فقد قوت يومه.
ﻻ يختلف اﻷمر بالنسبة لكثير من المهن، التي تعمل دون دراسات جدوى، ما تلبث أن تغلق أبوابه، ويسرح ويسرّح عمالها، وفي أحسن اﻷحوال مع تقديم “تطمينات” بإمكانية العودة إن تحسنت الظروف، حسب خالد، الذي يعمل في أحد معامل اﻷلبسة الجاهزة والذي توقف عن العمل قبل نحو 3 أشهر من اﻵن.
وفي السياق؛ أصدرت منظمة منسقو استجابة سوريا، اليوم الخميس 10 تشرين الثاني/نوفمبر، بياناً كشفت فيه عن معدلات البطالة، في المناطق المحررة شمال غرب سوريا وأسبابها.
وبحسب تقرير المنظمة فإن؛ “معدلات البطالة بين السكان وصلت إلى 85 بالمئة بشكل وسطي، (مع اعتبار أن عمال المياومة ضمن الفئات المذكورة).
ووفقًا لذات التقرير فإن النسبة السابقة تتوزع على 65 بالمئة من السكان المحليين الذكور، و 92 بالمئة من السكان المحليين الإناث، و87 بالمئة ذكور من السكان النازحين والمهجرين قسرياً، و 96 بالمئة من السكان النازحين الإناث.
ويسرد التقرير في هذا السياق، أسباب البطالة التي تعيشها المناطق المحررة، مشيرًا إلى أن أبرزها يعود لعدم توفر فرص العمل، وعدم وجود الخبرة الكافية، وضعف التدريب، والكفاءات الوطنية، وعدم توافر الخبرات العملية لمعظم الخريجين، وعدم وجود متابعة ودعم من مكان تخرجهم، إضافة إلى توظيف وعمل بعض الشباب في أعمال وأشغال مؤقتة، لا تحتاج لخبرات، وأجور متدنية جداً، لا تكفي لتحقيق أي هدف من أهدافه، ولا تزيد من خبراته، فتظل مشكلة البطالة قائمة، كذلك يتحدث التقرير عن استغلال أزمة الشباب وتشغيلهم عمالة مؤقتة، دون عقود ولمدة قصيرة ومتقطعة، لا يستطيع من خلالها الشباب تحقيق أي تقدم في حياتهم المادية والعملية، هي أحد الأسباب أيضاً.
ويلفت التقرير إلى أن “قضية البطالة ضمن المجتمع المحلي في شمال غرب سوريا، تعد أحد أبرز القضايا الملحة التي تحتاج إلى حلول جذرية، وخاصةً مع الآثار السلبية لها، من العديد من الجوانب أبرزها، هجرة الشباب وارتفاع معدلات الجريمة، وزيادة مستويات الفقر بين المدنيين في المنطقة”.
واعتبرت المنظمة أن الحلول والمقترحات لمشكلة البطالة، هي ربط التعليم والتدريب باحتياجات السوق، وتوفر البدائل والعمل على إقامة المشروعات، كي تتسع لأكبر قدر من الأيدي العاملة، إضافة إلى توفير فرص عمل جديدة للشباب، والدعم المادي للمشروعات الصغيرة.
وكذلك لفت التقرير إلى ضرورة الاهتمام بالصناعات الصغيرة والحرف اليدوية، والتي من شأنها استقطاب عدد كبير من اليد العاملة إذا ما توفر الدعم اللازم لها.
ويصطدم الكلام السابق، وفق مراقبين إلى نقطة هامة، هي وجود استقرار حقيقي على المستوى الميداني، مع ضرورة إدارة راشدة لديها الكفاءة في التعاطي مع ملف الأزمة، وهذا ﻻ يزال غير موجود، مع تحكم العقلية العسكرية الفصائلية في المنطقة المحررة.
وبحسب الباحث اﻻقتصادي، نور العظم؛ من مهجري ريف دمشق، فإن المحرر بفتقد لغياب الرؤية اﻻقتصادية، فجل اهتمام الفصائل السيطرة على موارد الرزق من معابر، وإتاوات، وما شابه.
وأضاف؛ “عقلية الجباية تشبه تمامًا ما يدور اليوم في مناطق سيطرة نظام اﻷسد، إلى حدّ بعيد للأسف، إﻻ أنه واقع يجب تسليط الضوء عليه”.
وتابع قوله؛ “توجد حكومة لكنها بالمقابل لم تقدم على أرض الواقع جديدًا، ما نراه فقط عبارة عن ترسيم سيارات (يعني جباية مال)، فرض زكاة الزيتون (يعني جباية مال)، الحديث عن فرض شهادة سوق “شهادة قيادة سيارة” (يعني جباية مال)، تأمين الكهرباء (لكنه بالنهاية احتكار وجباية مال)، واﻷمر مشابه بالنسبة للغاز والمحروقات، وﻻ ننكر وجود بعض المشاريع، بالمحصلة؛ حكومة لديها موارد أو قليل من الموارد لا تعرف إدارتها”.
ويكاد يجمع سكان المحرر، اﻷصليين أو المهجرين قسريين، أن المنطقة تعيش على صفيح ساخن، بالتالي؛ رؤوس اﻷموال لن تغامر بإيجاد فرص استثمارية، بمنطقة ملغومة بالخطر، وأي عمل فيها لا يمكن أن يتجاوز إطار المرحلي المؤقت، على اﻷقل حتى تتضح الصورة كاملة.

وحتى تتضجح الصورة، يبقى المشهد على حاله ضمن “تراجيديا المحرر” المستمرة، والعائلات تعيش بحسب من استطلعنا رأيهم قرب “نافذة للأمل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى