سياسة

من قمة المناخ لقمة “علاء عبد الفتاح”

د. عز الدين الكومي

كاتب مصري
عرض مقالات الكاتب

أنفق النظام الانقلابي 15 مليار جنيه على قمة المناخ المنعقدة في شرم الشيخ هذه الأيام، وذلك فقط لأخذ اللقطة الإعلامية في وقت تعاني فيه مصر من أزمات اقتصادية طاحنة، ويعيش ثلث السكان تحت خط الفقر، فضلاً عن القروض التي قصمت ظهر الاقتصاد المصري فأصبحنا نعيش على الهبات أو على قروض جديدة .
ولكن وعلى رأي المثل الشعبي “يافرحة ماتمت”.


فقد سرقت الناشطة “سناء سيف” الأضواء واللقطة وفضحت انتهاكات النظام الانقلابي، بعد أن نجحت في إحراج النظام وفرض عدالة قضيتها، فتحولت قمة المناخ من الحديث عن مشكلة التغيرات المناخية وفقط إلى الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان في السجون والمعتقلات المصرية خاصة لأصحاب الرأي، وأصبح المؤتمر “قمة علاء عبدالفتاح.. قمة المناخ سابقا”!!


وقد سبّب ذلك حرجاً كبيراً للنظام الانقلابي، حيث لم يكن يتوقّع أن تتحول القمة التي أراد من خلالها التغطية على جرائمه.. إلى فرصة لتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في مصر وتتحول إلى قمة علاء عبدالفتاح.
وقد سرقت سناء سيف الأضواء من كل الحضور وليس قائد الانقلاب فحسب، فقد سمح لها بالتحدث في جلسة رئيسية من جلسات المؤتمر، وقبل هذا وذاك دخلت مصر بجواز سفر بريطاني، ولم يجرؤ أحد من داخلية الانقلاب أن يتعرض لها بالرغم من أنها سُحِلت وسُجِنت من قبل أكثر من عام لأنها مصرية!! . ونعتقد أنه خلال أيام سيتم الإفراج عن شقيقها علاء عبدالفتاح رغم أنف الشامخ والنائب الخاص وإعلام المخابرات.. وتحيا مصر 3 مرات.

اقرأ: حينما يرى المستبد أنه الحاكم بأمر الله!


وقد عجبت ممن استغلوا موقف سناء سيف (المدعوم غربياً وبريطانياً وألمانياً وأمريكياً) للهمز واللمز في الإخوان، وأنهم عاجزون عن عرض قضية آلاف المعتقلين من الإخوان ومؤيديهم.. بينما استطاعت سناء سيف بمفردها أن تحرج نظام الانقلاب بكامله.
ونقول لهؤلاء: حنانيكم، فإن الإسلاميين كقاعدة عامة لا بواكي لهم، ولقد رماهم الغرب والشرق عن قوس واحدة,
وإلا فهناك آلاف المعتقلين يقبعون في غياهب السجون والمعتقلات ولم نسمع صوتاً من الغرب أو الشرق يتحدث عنهم، ليس لأن الإسلاميين قصَّروا في طرح قضيتهم، ولكن لاعتبارات معروفة للقاصي والداني، وإلا.. فلماذا سكت العالم الغربي والشرقي والرئيس مرسي _ رحمه الله _ المنتخب ديموقراطياً من الشعب يقتل جهاراً نهاراً وعلى شاشات التلفزة، ومع ذلك منع أتباعه من الصلاة عليه واتباع جنازته وتم دفنه ليلاً تحت جنح الظلام!!.


فما معنى أن الأمم المتحدة ورئيس الوزراء البريطاني، والرئيس الفرنسي والمستشار الألماني، يطلبون من النظام الانقلابي إطلاق سراح علاء عبد الفتاح ومنع تعرض حياته للخطر؟! .
وبالتأكيد فنحن لسنا ضد الإفراج عن علاء عبدالفتاح و إنقاذ حياته، لكننا نريد أن نلفت النظر إلى أن هناك آلاف من أمثال علاء عبدالفتاح كان يجب التعامل معهم بنفس المنطق وليس الانحياز لشخص ما وترك المظلومين الآخرين.
لكن على أية حال فقد أراد الله تعالى أن تتحول القمة إلى منصة عالمية مجانية لكشف فضائح نظام الانقلاب في انتهاكات حقوق الإنسان ونشر قضية المعتقل علاء عبدالفتاح كنموذج لما يتعرض له آلاف المعتقلين في سجون النظام من موت بطيء دون حسيب أو رقيب، وأن يتم ذلك برعاية واستضافة النظام الانقلابي نفسه !! ؟
وهذا يؤكد أن التلوث السياسي وانتهاك حقوق الإنسان أخطر على البشرية من التلوث المناخي، وأن قمة “علاء عبدالفتاح” أفشلت مخطط النظام الانقلابي الذي كان يسعى لتبييض سمعته وتأكيد شرعيته المزيفة فانقلب السحر على الساحر.

تابعنا في فيسبوك
وكان من الممكن أن يفرج النظام عن علاء عبدالفتاح قبل المؤتمر ضمن المفرج عنهم بعفو عام حفظاً لماء وجهه، لكن يأبى الله إلا أن يفضح الطغاة الظالمين على رؤوس الأشهاد، وقد حدثت فضيحة من نوع آخر للنظام الانقلابي، فعندما عقدت سناء سيف مؤتمراً صحفياً للحديث عن حالة أخيها المعتقل في سجون النظام الانقلابي، وبحضور أكثر من ثلاثمائة صحفي قام أحد أعضاء برلمان حنفي “عمرو درويش” وحاول أن يلمع صورة النظام الانقلابي، ومحاولة تبرير اعتقال علاء عبدالفتاح، وأن علاء “تهمته جنائية وليست سياسية فهو ليس سجين رأي، وأنه يسيء إلى الحكومة المصرية والجيش المصري والدولة، ولا بد من أن يعاقب على ذلك، وأنه مجرد سجين جنائي يحمل الجنسية المصرية” _ وكأن حامل الجنسية المصرية لا مانع من التنكيل به والانتقام منه كما قالت أم ريجيني: عذبوه وقتلوه كما لوكان مصرياً”، وأضاف درويش “أنتم تستدعون دولاً أجنبية وتستعينوا بالغرب للضغط على الحكومة المصرية، وهو تدخل في الشأن المصري، غير مقبول وغير مسموح به”.

فطلب منه أحد رجال الأمن التابعين للأمم المتحدة الخروج من القاعة ، لكنه صرخ فيه : “أنت هنا في أرض مصرية ولا يمكنك أن تخرجني من هنا ، أنا وجهت إليها سؤالاً ويجب أن تجيب” ليتم في النهاية إخراجه وطرده خارج القاعة !! .
وهكذا تحولت قمة المناخ إلى منتدى دولي لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان في مصر وبرعاية واستضافة السيسي !! .
كما كان من “بركات” القمة أن النظام رضخ رضوخاً مذلاً ومهيناً واضطر بعد أكثر من خمس سنوات حجب خلالها مئات المواقع في مصر وعلى رأسها مواقع صحفية ومواقع مؤسسات حقوق الإنسان أن يرفع الحظر عن هذه المواقع بسبب القمة ، لأن النشطاء عبروا عن استيائهم من عدم قدرتهم على تصفح الإنترنت بسبب الحجب .
ويصدق في هذا النظام الأحمق قول المتنبي :
ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ :: وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى