مختارات

المختصر الحاوي لأهم أفكار كتاب “السياسة الشرعية” للشيخ القرضاوي (2 من 6)

عدنان أبو هليل

عضو هيئة علماء فلسطين
عرض مقالات الكاتب

رأي الإمام أو ولي الأمر ومدى اعتباره ومجالات العمل به ( الصفحات 47 إلى 104 )

1- بدأ الشيخ هذا المبحث مذكرا بالأصل الخامس من الأصول العشرين للشهيد حسن البنا رحمه الله ، ونص الأصل ( ورأي الإمام ونائبه فيما لا نص فيه ، وفيما يحتمل وجوها عدة ، وفي المصالح المرسلة ، معمول به ما لم يصطدم بقاعدة شرعية ، وقد يتغير بحسب الظروف والعرف والعادات ، والأصل في العبادات التعبد دون الالتفات إلى المعاني ، وفي العاديات الالتفات إلى الأسرار والحِكم والمقاصد ) .

2- وعلق على هذا الأصل مستخلصا ( بأن الإمام له رأي ومجالات يعمل برأيه فيها ، وأن شرط قبول المصالح المرسلة ورأي الإمام ألا يصطدما بقاعدة شرعية ، وأنه يجوز للإمام أن يغير رأيه بتغير الظروف والدوافع والأعراف ، وأن الفرق بين الأمور العبادية يلتفت فيها لثبوت التكليف فيما العادية يلتفت فيها للمعاني والمقاصد والحكم ).

أقرأ تلخيص كتاب “السياسة الشرعية” للدكتور يوسف القرضاوي (1 من 6)

3- ولفت لحاجة أولي الأمر إلى اجتهاد الرأي وأنهم أولى من العلماء المجتهدين في استحقاق ذلك كونهم مطلعين بمصالح الأمة ومقاصد الإسلام ومسؤولين عن اختيار الأسلم والأحكم في رعاية وحفظ ضرورات الدِّين والدم والعقل والعرض والمال ، وفي رفع الظلم ودرء المفاسد وجلب المصالح معللا بذلك أهمية فقه التوازنات كأحد مسؤوليات الحكام والولاة .

4- وبما أن للإمام مقام العمل برأيه في مجموع الأمة فقد قام بضبط الألفاظ وتحديد المرجعيات :

أ) فعرّف الإمام : بأنه من يحكم الأمة نائبا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاية الدين وسياسة الدنيا ، وأنه يسوس الأمة بنفسه وبمن يتبعه من القادة الذين ينيبهم أو تنيبهم الأمة عنه .

ب) والتفت للدول الحديثة التي لا تمثل كل واحدة منها منفردة دولة الإسلام فقال ( ويعتبر كل رئيس دولة إسلامية إقليمية في عصرنا بمثابة الإمام فيما يخصه من أحكام بالنسبة للبلد الذي يسوسه ويحكمه ) وهذا إقرار منه بشرعية الدول الحديثة وأن أحكام خليفة المسلمين تلحق بحكامها فيما لهم وما عليهم .

اقرأ: القرضاوي الذي قضَّ مضاجع الطغاة حيًّاً وميتاً

5- وتحت عنوان ( كيف تساس الدولة الإسلامية ؟ ) عرَض اتجاهين للغلاة من العلماء والفرق ، وألحقهما باتجاه اعتبره وسطا بينهما ؛ أما الغلاة فمنهم من أعطى الحاكم حق نسخ الأحكام الثابتة وحق تعطيل النص الشرعي إذا تعارض مع تقدير المصلحة الدنيوية ، ومنهم من ضيّق على الحاكم ولم يسمح له أن يسن قرارا أو يضع سياسة إلا بنص ، وأما الاتجاه الوسط فقد قرر بأن الرأي لا يذم بإطلاق ولا يمدح بإطلاق ، وأن الصحابة والتابعين قد استعملوا الرأي في استنباطاتهم ، وأنه لا غنى لمجتهد عنه مهما تكن حصيلة حفظه من النصوص والآثار ، شريطة ألا يكون اتباعا للهوى ولا مجردا عن القواعد والضوابط ، مع مراعاة اختلاف الأزمان والأحوال والأمكنة والاحتياجات .

6- وذكر أنواع كل من الرأي الباطل والرأي المحمود :

أ) فذكر من أنواع الرأي الباطل ؛ الرأي المخالف للنص سواء بني على تأويل أو على تقليد ، والرأي الذي يقوم على الظن والخرص سواء بني على قياس أو تفريق أو اشتباه دون إنعام النظر في النصوص والآثار ، والرأي المتضمن تعطيل أسماء الرب وصفاته وأفعاله بالمقاييس الباطلة التي وضعها أهل البدع والضلال ، والرأي الذي يُحدث بدعة ويغير السنن ، والرأي القائم على نظر الفروع دون العود إلى الأصول والكليات والرأي فيما لم يكن وبالتمحلات والمعضلات والأغلوطات .

تابعنا في فيسبوك

ب) وذكر من أنواع الرأي المحمود ؛ رأي الصحابي ؛ كون الصحابة أعرف بالتنزيل ، والرأي الذي يفسر النص ويعين على فهمه ، والرأي الذي توافقت عليه الأمة ، والرأي الذي يخلص إليه بعد الرجوع للنص .

7- وذكر أن على الإمام إن لم يكن أهلا للترجيح والاجتهاد أن يتخذ مستشارين موثوقين في علمهم وديانتهم ليرجحوا ويقننوا له .

8- واستقصى الشيخ مجالات العمل برأي ولي الأمر فذكر :

أ) المجال الأول : ما لا نص فيه ؛ وهو الموصوف بالعفو في الحديث الشريف الذي نصه ” ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو – وفي رواية – فهو عافية ، فاقبلوا من الله عافيته ، فإن الله لم يكن لينسى شيئا ثم تلا ( وما كان ربك نسيا) ” ، على أن يكون رأي ولي الأمر فيما لا نص فيه وفق أسس الاجتهاد ومؤهلاته المعروفة لدى المجتهدين .

ب) المجال الثاني : ما يحتمل أوجها عدة ؛ وهو لدى الشيخ نوعان :

  • أحدهما : ما خير فيه الإمام ابتداء وضرب له مثالا بالتصرف في أسرى الحرب بين المن والقتل والفداء والعفو والاسترقاق ، ونوه أن الاختيار وفق المصلحة الراجحة وليس بالهوى .
  • والآخر : ما تعددت فيه آراء الفقهاء وليس فيه نص يحسم الخلاف ، وأشار إلى أن معظم التراث الفقهي من هذا النوع مذكرا بأن الخلاف ضرورة دينية ولغوية وبشرية وكونية وأنه من رحمة الله تعالى بعباده .

ج) المجال الثالث : المصلحة المرسلة ؛ وقد افردها كمجال ثالث – رغم أنها مما لم يرد فيه النص – من قبيل ذكر الخاص بعد العام للتنويه بأهميتها:

  • وعرف المصلحة المرسلة كل ما فيه صلاح ونفع للخلق في دنياهم أو في دينهم ، سواء كانت مصلحة فردية أو جماعية ، مادية أو معنوية ، آنية أو مستقبلية ، بحفظ مقصود الشرع في سياسة الناس ، وأما وصف المصلحة بالمرسلة : فالمقصود أنها غير مقيدة بدليل ، .
  • وذكر مثالا للمصلحة المرسلة بتحريم كل مسكر استنادا على مصلحة حفظ العقل وقياسا على الخمر بجامع علّية إذهاب العقل في المقيس والمقيس عليه .
  • ثم عدد المصالح التي اعتبرها الشرع وتكاثرت الأدلة وأقوال العلماء على اعتبارها فذكر الخمسة المعروفة ثم أضاف إليها ما تقتضيه الحياة المعاصرة من الأمن والعدل والتكافل ورعاية الحقوق والحريات العامة وإقامة الأمة الوسط .
  • وذكر شرح الإمام الغزالي في كتابه المستصفى على المصلحة المرسلة ، فنقل تقسيمه لها على نوعين ؛ المصلحة المعتبرة المقرة ، والمصلحة غير المعتبرة التي لا يقرها الشرع ، ثم ألحقها بنوع ثالث مقسم على أساس قوة الحاجة للمصلحة فذكر الضروريات ، والحاجيات ، والتحسينيات ) وشرح المقصود بكل منها مع التمثيل والاختلافات .
  • وأشاد بتنبيهين نقلهما عن الدكتور حسين حامد حسان من كتابه ( نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي ) وهما : أن المصلحة تشمل دفع المضرة ، وأن معيار وصف المصلحة التي تجلب والمضرة التي تدفع هو مقصود الشارع ومقرراته لا مطلق النفع والضرر ، وذكر مثالا للمصلحة – المتوهمة – غير المتفقة مع مقصود الشارع ” القانون الذي أقره مجلس العموم واللوردات الإنجليزي من مشروعية اللواط لعدم ضرره على الفرد أو الجماعة ” .
  • وأكد على أن الأحكام المبنية على المصلحة تبقى ببقائها وتتغير بتغيرها ؛ فالمصلحة هي مناط الحكم وعلته وجودا وعدما .
  • حول المصلحة المرسلة بأن من أهم ما نحتاج إليه في عصرنا ( تقنين العقوبات التعزيرية في صورة مواد مرقمة ومنضبطة ، وأن تستقى من الشريعة الرحبة بمجموع مدارسها ومذاهبها دون الالتزام بمذهب واحد ، والمراجعة الدائمة لهذه التقنينات في ضوء تجربتها وأثرها ) .

9- وختم الشيخ هذا المبحث بتقرير أنه ليس لولي الأمر أن يخرج عن هذه المجالات الثلاثة ( ما لا نص فيه ، وما تعددت فيه الأقوال ، والمصالح المرسلة ) وإلا كان معقبا على الله تعالى وكان على ألأمة أن تنكر عليه ولا تطيعه في ذلك ، وساق جملة أدلة على هذا المنحى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى