فنجان سياسي

من ذكريات مرابط على ثغور إدلب التي لا تعرفونها (1)


فراس العبيد/
شوارعها مكتظة بـ”الموﻻت” و”المطاعم”… المدينة التي أعادت “هيئة تحرير الشام” بنائها، على طرازٍ مختلف… ليست “نكتة”، بل حقيقة، فالنساء “كاسيات عاريات”، إﻻ من رحم الله، والشباب ليسوا أولئك الذين عرفناهم قبل سنوات… ﻻ يحملون السمراء على كتفهم… وشمٌ على سواعدهم… قزعوا الشعر…
أمّا “جورج وسوف” فهو حاضر بقوة… أغاني الراب وغيرها، يعلو صوتهم… ﻻ تكاد تسمع صوت “أبو بكر الحضرمي”… أو حتى تلك القصيدة الجزراوية التي ترنمنا بها ذات يومٍ في المضافات “أﻻ يا لالي يا ﻻلي… طارت في خاطري وبالي”… تغيرت كل المعالم… ويطلب منك أن تكتب عن الفقر والفقراء… المتعوسين وغيرهم، لكنني ﻻ أحب الخوض فيهم “تبيانًا للناس” أكتب عن متعوسي الرجاء من باعوا الدماء… وقريباً سنراهم يعطون اﻷرض عن يدٍ وهم صاغرون، وستذكرون ما أقول لكم.
لن أطيل كالعادة النفس في التوصيف، فالشارع كان قبل أيام في طريق عودتي من الرباط على أحد الثغور، مواجهًا لميليشيات اﻷسد، ورغم أنه لم تحدث أي مواجهةٍ أو استفزاز إﻻ أن “ما يستفز” كان في المدينة التي ما عرفتها… دارُ للسينما على أساس أننا في طريقنا للحضارة… وديزني ﻻند امتلأت عن بكرة أبيها… و”كنتاكي/المطعم المعروف”… الحسناوات يمشين متسكعات يلبسن الحجاب “للأمانة”…
ثم خيامٌ وفقر وروائح آثنة تفوح من المجارير القريبة من تلك الخيام على طرفي قصور اﻷثرياء…
تذكرت خروجنا من دمشق “مهاجرين” هربًا بديننا… يوم وصلناها كانت عروسًا تليق بنا، أمّا اليوم تكاد تخنقنا بضجيجها المسموم.
ذكرت فيما مرّ تلك السويعات أثناء عودتي متلثمًا بالوشاح اﻷسود، ورغم أن منظري لم يكن غريبًا فلا تزال روائح ونسمات المجاهدين تسير أمامك، لم تتشوه كفايةً بفضل رعاية الله تعالى، أننا في جلساتنا حكينا عن “السياحة”.
وسيكون لي بعد هذه الحروف وقفات معها لعل قارئًا يشتاق إلى “السياحة”، وأختم كلامي بالذي هو خير قال تبارك وتعالى: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).

تنويه الصورة المرفقة لمدينة الألعاب ديزني لاند وسط مدينة إدلب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى