ثقافة وأدب

“جريدة الكلب”.. صحافة ساخرة أرّقت انقلابيي سوريا

فريق التحرير|

هل مر معكم أن جريدة كانت تصدر في سوريا خمسينيات القرن المنصرم تحمل اسم الكلب؟؟!!

_ هل سمعتم بمحتوى هذه الجريدة والطريقة العجيبة التي تتناول مواضيعها؟!!

* جريدة الكلب ظاهرة أدبية لافتة في عالم الصحافة العربية؛ لا بل تعتبر أندر صحيفة فكاهية..
كل ما يكتب فيها كان يكتب بأبيات شعرية هزلية ساخرة لاذعة ذات وزن وقافية..
* أصدرها الأديب صدقي إسماعيل بداية خمسينيات القرن المنصرم بعد انقلاب حسني الزعيم الذي وضع الصحافة والأدب تحت بسطاره من اليوم الأول من انقلابه، واستمرت أكثر من عقدين.

* كان يكتبها إسماعيل بخط يده متجاهلاً كل التراخيص والأنظمة ثم ينشرها بين أصدقائه، وهكذا من يد الى يد حتى أصبحت حديث الناس.

* سئل مرة عن سبب تسميته لهذه لها بهذا الاسم؛ فعلّل ذلك: “أن الكلب هو الكائن الوحيد الذي يحق له النباح دون أن يلزمه أحد بشيء”

* كان شعارها على الصفحة الأولى بيتاً من الشعر الهزلي:
إن خير القراء من لايضوجُ
ذنب الكلب دائماً معوووجُ

*  من طرائف إسماعيل أن للجريدة العديد من المشاركين بها والمراسلين المنتشرين في بقاع مختلف، ومنهم منصور الرحباني الذي كان مراسلًا للصحيفة في بيروت

* يذكر أن الرحباني تأخر في تزويد الجريدة بآخر الأخبار فأحب إسماعيل أن يداعبه بأبيات ذاعت وكانت مادة تندر وضحك.

يقول إسماعيل:
إلى مراسلنا في أرض لبنان
وعضو أسرتنا منصور الرحباني

جريدة الكلب في الفيحاء عاتبة
على تقاعسكم قد مر يومان

وصوتكم عندنا حر فكل فمٍ
يعوي كما شاء روسي أو امريكاني

منصور لا تتكاسل أن أسرتنا
بنت الكفاح تعادي كل كسلان

نباح حضرتكم _يعني نشاطكم_
له على الصفحة الأولى عمودان

أبدأْ بأخبار أهل الفن إنهم في
رأينا واحد يسوى أو اثنان

ما كل من دق طنبوراً غدا
علماً فيه، ولاكل نوّاح بفنّان

وللكلب رأي ورأيه الكلب محترم
في العصر سيد درويش ورحباني

أما البقية فالرحمن يكلؤهم
قد بهدلونا زُرافاتٍ ووحدانِ

نوّر صحيفتك الغرّاء، واحك لنا
عن السياسة براني وجواني

وإن مررت بفيروز قصيدتنا
فانبح عليها “سلام الكلب روحاني”

* حتى إعلانات الجريدة ودعايتها كانت مضحكة غريبة فإذا أرادت مثلا أن تنشر إعلاناً عن شفرة حلاقة أتت بالعجب:

اشتروا شفرة الحلاقة “ناسيت”
فقد طالت اللحى في البلاد

أعلنوا عندنا فللكلب صوت
يتحدى وزارة الاقتصاد

*  كثيرا ما كان اسماعيل يكتب في الكلب فوق المساحات الفارغة هذين البيتين:

هذا المكان لإعلان نخصصه
لمن سيفلس حتما دون إعلان

إنْ في  التجارة أو في السينما
ولقد تكون شغلته في غير ميدان

* في فترة متزامنة تأثر :سليمان العيسى” بجريدة الكلب، وأصدر في حلب جريدة مماثلة أسماها(ابن الكلب)

كان شعارها على الصفحة الأولى:

خدمة للقارئ العربي
صدر ابن الكلب في حلب

ستراه في سياسته
كأبيه عالي الأدب

* إلا أن “ابن الكلب” لم تستطع منافسة الاصل لما يملكه إسماعيل من روح المرح وقدرة على صياغة أي موضوع بخفة دم وسلاسة نادرتين
ماتت الكلب يتيمة، إذ قلّما تناولها الإعلام السوري؛ رغم ما حوته من ديوان شعري لكنها ظلت تنبح لأكثر من ربع قرن منبهة على الأحداث المتنوعة السياسية والاجتماعية، متجاوزة رقابة السلطات.

ورغم ضياع كثير من أعدادها إلا أن زوجة اسماعيل وصديقه “سليمان العيسى” استطاعا جمع 150 عددا في مجلد ضخم؛ لتبقى موسوعة هزلية متمردة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى