مقالات

ربط الجنيه بالإيمان بالله و”فكاكة” شيوخ السلطان

د. عز الدين الكومي

كاتب مصري
عرض مقالات الكاتب

يلاحظ الجميع انهيار الاقتصاد المصري الذي يعاني من التدني والهبوط بسبب السياسات الفاشلة التي يتبعها النظام الانقلابي الذي اعتمد على تصريحات وهمية و مشروعات فاشلة وفتح باب القروض على مصراعيه وعوّم الجنيه فانهار أمام الدولار ! .
وبدلاً من البحث عن حلول حقيقية يقدمها متخصصون في الاقتصاد .. تم تسخير الإعلام العكاشي ليتحدث عن فوائد تعويم الجنيه ! ، وكيف أنه سيؤدي لزيادة حجم الصادرات وزيادة عدد السائحين وعودة ضخ المال في الاحتياطي النقدي عبر الأموال الساخنة ! .
و قد ظهر شيوخ الفكاكة والفهلوة على فضائيات المخابرات _ متأسّين في ذلك بكبيرهم الذي علمهم “الفكاكة” عندما قال لياسر رزق في حوار سابق : “يجب أن تكون المؤسسة العسكرية مصانة في الدستور كفكر استراتيجي ، وصيانتها علم مش “فكاكة” _ ليخبرونا بأن الله لن يسمح بغرق مصر أو إفقارها .
وهم في ذلك يمالئون قائد الانقلاب الذي قال”ربنا واقف في ضهري”،”وأنه يراعي الله سبحانه وتعالى في كل قراراته” .
واستمراراً لمسلسل الفكاكة والفهلوة بدأت تطفو تصريحات مرتزقة تجار الدين الذين باعو دينهم بدنيا غيرهم بعدد من التصريحات بعد كارثة صعود الدولار إلى 24جنيه ، وإليك هذه العينة من التصريحات :
“اللي رزقنا والدولار بـ 7 جنيه هو اللي رزقنا لما وصل 18 جنيه ، وهو اللي هيرزقنا لو الدولار وصل 100 جنيه !” .
“علمت أن رزقي لن يأخذه غيري فاطمأن قلبي”.
“وفي السماء رزقكم وما توعدون” .
ومثل ما قال أحد الشيوخ المطبلاتية “خالد الجندي” ليطمئن الشعب بحديث إيماني وطني تقشعر منه الجلود !! فقال فض الله فاه : “هناك خطأ جسيم الناس تقع فيه وهو ربط الجنيه بالدولار ، مفيش حاجة اسمها كده ، الجنيه عملة مستقلة لها سيادتها وكرامتها وكيانها ، علينا ألا نربط العملة بتاعتنا بالدولار ولا الذهب ، وإنما بإيماننا بالله” ،
و”أنه كلما كان الإيمان بالله قويًا يكون الاعتماد على الله في انخفاض الأسعار ، وتيسير الأرزاق ، وصنع الاستقرار ، وجلب الخير والسلام” .
والسؤال هنا لهذا الدعيّ : هل يدار الاقتصاد بالدعاء والابتهال لله
دون الأخذ بالأسباب ووضع الحلول المناسبة وتقديم أهل الاختصاص كما فعل نبي الله يوسف عليه السلام عندما وضع خطته الخمس عشرية لإنقاذ مصر من أزمتها ؟
” قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49).
ورحم الله الشيخ محمد الغزالي إذ يقول “كل دعوة تحبّب الفقر إلى الناس ، أو ترضيهم بالدون من المعيشة ، أو تقنعهم بالهون في الحياة ، أو تصبرهم على قبول البخس ، والرضا بالدنية ، فهي دعوة فاجرة ، يراد بها التمكين للظلم الاجتماعي ، وإرهاق الجماهير الكادحة في خدمة فرد أو أفراد ، وهي قبل ذلك كله كذب على الإسلام ، وافتراء على الله” .
وهذا الأفاك الذي عجز عن قول كلمة الحق جنّد نفسه ليبرر فشل النظام الانقلابي وخداع الشعب المقهور بالتلبيس عليهم باستخدام النصوص الدينية في غير موضعها .
وفي ذلك يقول إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ رحمه الله : “كُلُّ مَلِكٍ لاَ يَكُوْنُ عَادِلاً فَهُوَ وَاللِّصُّ سَوَاءٌ ، وَكُلُّ عَالِمٍ لاَ يَكُوْنُ تَقِيّاً فَهُوَ وَالذِّئْبُ سَوَاءٌ ، وَكُلُّ مَنْ ذَلَّ لِغَيْرِ اللهِ فَهُوَ وَالكَلْبُ سَوَاءٌ” .
وكم وعد طبيب الفلاسفة بأن الشعب سيرى العجب خلال عامين ، ولكنه عاد وطلب عامين إضافيين ، وبعد ذلك يطالب الشعب بالصبر والتحمل .
وظاهر الأمر أنه ينطبق عليه كلام المعصوم صلى الله عليه وسلم : “آية المنافق ثلاث : إذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان”.
وكلها في ظني تنطبق على هذا الطاغية الأفاك .
وعلى سبيل الدعابة قيل لأحد علماء السلطان : ألم تعلم بأن الدولار وصل إلى 24جنيه؟ فأجاب بثبات عجيب لايضرني إذا وصل حتى إلى 100جنيه . قالوا أهو التوكل أم الزهد ياشيخنا؟
قال : لاهذا ولاذاك ! قالوا إذن ماذا؟ قال أنا أقبض بالدولار !! .
والتطبييل للفساد والفاسدين ، والفكاكة لم تعد قاصرة على أم الدنيا ، بل أصبحت عابرة للحدود . فقد قال وزير الشؤون الاجتماعية التونسي “مالك الزاهي” : إن بلاده تسعى للاستفادة من “التجربة المصرية الرائدة في مقاومة الفقر” .
وإن “التجربة المصرية في مجالات مقاومة الفقر تجربة رائدة ومهمة ونسعى إلى الاستفادة منها”!! .
ويبدو أن الوزير الفكيك هبط لتوه من الفضاء الخارجي ، ولم يسمع عن الانهيار الاقتصادي في مصر ، ولا عن إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الأخيرة التي كشفت وصول معدل الفقر في مصر إلى 29.7 بالمئة في العام الحالي ،
وأن الدين الخارجي قفز لمستويات تاريخية ، حيث أفادت تقديرات البنك المركزي المصري أنّ إجمالي الدين الخارجي لمصر بلغ 157.8 مليار دولار ، وأن “الدين الداخلي بلغ حداً مرعباً بقيمة 4 تريليونات و279 ملياراً ، ويصل نصيب الفرد منه 42.755 ألفاً” .
هكذا هو الوضع الاقتصادي في مصر ياوزير الغبرة !! .
وكذلك يتعين على مصر سداد 8.5 مليار دولار أقساط وفوائد دين و17.6 مليار دولار في العام القادم (9.3 مليار دولار في النصف الأول و8.3 مليار في النصف الثاني).
هذا للأسف ما أوصلتنا إليه الفكاكة والفهلوة وتسخير الدين لتبرير الفساد وتمجيد الفاسدين !!
وصدق ابن رشد حين قال : “‏إذا رأيت الخطيب يحثُّ الفقراءَ على الزهد دون الحديث عن سارقي قوتهم .. فاعلم أنّه لصٌ بملابس واعظ“ .
ولك الله يا مصر
ولكم الله يا مصريين .
د/ عزالدين الكومي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى