مقالات

مدني أم عسكري ؟

محمد شريف كامل

مدون وكاتب مصري
عرض مقالات الكاتب


مازال الحديث يدور حول استبدال السيسي ،وكأن الهدف هو الاستبدال، ويحن البعض لانقلاب آخر يزيح السيسي وكأنه هو الحل الوحيد لهذه المعادلة، رغم أن ذلك البعض هم ممن يهاجمون دور الجيش في السياسة، فالأمر بهذا الصورة هو تسطيح للوضع، فمصر لا يحكمها حاكم أخطأ التقدير أو أساء الإدارة، أو نظام إداري فاشل أو فاسد.

مصر اليوم يحكمها نظام بدأ عقيدته بتسليم أوارق اللعبة للولايات المتحدة، واستمر في تخاذله وتنازله حتى سلّم تلك الأوراق للحركة الصهيونية العالمية وليس لدولتهم فحسب، ولم يعد الأمر تسليم الأوراق بل أصبح تسليماً فعلياً للحاضر والمستقبل بالكامل، فالاستبدال ليس إلا تسليم بما نحن عليه، ولكن العجز وتعجل النتائج يدفع الإنسان لاختيارات غير منطقية، وهذا هو ما يجول بخاطر البعض.

والدليل على ذلك استعرضته والكثيرون غيري مئات المرات، الدليل هو التبديد المتعمد لثروات مصر وأصولها التي تتوالى، فإن كان إسماعيل قد رهن إرادة مصر وباع أسهم قناة السويس لسداد ديون افتتاحها، فإن ذلك النظام قد بدأ مشواره وقبل أي انجاز، بإفتراض أن هناك إنجازاً! ، بدأ مشواره بمديونية غير مبررة بتفريعة القناة واستمر في الاستدانة والتفريط في الموارد والأصول فتنازل عن المياة الإقليمية في البحرين الأحمر والمتوسط ،وفرّط في مياه النيل وباع القلاع الصناعية من الغزل والنسيج إلى الحديد والصلب والقادم معروف مجمع الألمنيوم وقناة السويس ثم البنك المركزي ذاته.


معادلة البديل ليست معادلة صادقة، فيتصور البعض أننا في حاجه لبديل يخرج المعتقلين من السجون ويكون مقبول دولياً أعني “غربياً صهيونياً” وان يجلب بعض الاستثمارات لتحسين الوضع الاقتصادي ويتعامل مع الدولة العميقة، عودة لما يسمونه “البرجماتيه” أو سياسة الممكن بديلاً عن المستحيل.


إلا أن أية محاولة لاستبدال ذلك الشخص بآخر يجلس على ذات المقعد، ويحرك الدفة في ذات الإتجاه ولكن بشكل يبدو أجمل هو استكمال للتدمير والتخريب الذي جاء هذا النظام لتنفيذه، وهو تسليم مصر مفلسة، لا ثروات ولا أصول ولا مستقبل.


وللأسف مازال البعض يتعلق بشخصيات وهمية، فمنهم من يسَوّق جمال مبارك أو سامي عنان، بل والبعض عاد ليطالب سلالة الملك المعزول أن تعود لحكم مصر، ومن لم يطرح اسماً يطرح قضية فصيل الرئيس، هل هو مدني أم عسكري؟، ويتناسى الجميع أن هناك عشرات الدول بنيت بقيادة عسكرية شريفة، وعشرات الدول دمّرت بأيدي مدنين عملاء وفاسدين. فالأمر ليس مدنياً أو عسكرياً الأمر وطنى أو غير وطني.

إننا نقترب من منتصف القرن ٢١ ويجب أن نتجاوز خيالات المئاتة ،ويكون تفكيرنا منحصراً في كيفية بناء وطننا المدمر ،وأن نبحث عن طريق الثورة ونظام الحكم قبل اختيار الأشخاص والألوان السياسية، فالثورة تبنى على مشروع وطني متكامل، والشخص ينبع من فكرة هذه المشروع الوطني وليس من مشروعات بأسماء وهمية لن تحقق إلا رضاء الغرب لاستبدال شخص مدمر فج بوريث مقبول الشكل فارغ المضمون.


وكأننا عدنا لخريف الغضب، سبتمير 1981، حيث اعتقل كل من يمثلون الرموز الحية لأهم التيارات السياسية والفكرية المؤثرة في مصر، ففرض علينا استبدال السادات الذي سلم مصر للمشروع الصهيوني بمبارك الذي أدخل مصر في سُبات عميق مهد لما نحن عليه الآن ولم نستيقظ من غفوتنا هذه حتى في يناير 2011.

من حق أيّ منا أن يتمنى رؤية مصرباللون الذي يتمناه وأن يعتقد أن نجاتها تنبع من أيدلوجيتة التي يؤمن بها، كانت أيدلوجية إسلامية أو إشتراكية أو علمانية أو ليبرالية أو حتى كافرة لا دين ولا أيدلوجية ولا مله لها، وقد يكون البعض لم يستوعب دور السيسي في بداية تسلطه وخدع به، ولكن لا يحق لأي منا أن يقبل بركوع مصر وفنائها، فهذا هو المشروع الذي جاء السيسي ونظامه من أجله ويقوم بتنفيذه وفق المخطط المرسوم .


الأمر لم يعد خلافاً سياسياً، الخط أصبح واضحاً يفصل الوطنية عن الخيانة، ولن يولد من رحم هذا النظام إلا خائن آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى