مقالات

عبادة وتقرب إلى الله أم خطوة في طريق جعل الهلال الشيعي بدرًا؟!

فهد السالم صقر

محلل سياسي وباحث في العلاقات الدولية
عرض مقالات الكاتب

زيارة أضرحة الصحابة شهداء مؤتة في الكرك –جنوب الأردن عبادة وتقرب إلى الله أم خطوة في جعل الهلال الشيعي بدرًا؟

بادئ ذي بدء يجب توضيح قضية مهمة لا تخفى على المسؤولين الأردنيين ، ألا وهي أنه لا يوجد في الإسلام شعيرة أو نُسُك إسمها زيارة أضرحة، بل يوجد حج وعمرة بقصد التعبد الى مكة والمدينة وإلى المسجد الأقصى في القدس مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقط. وهذا بدليل الحديث الصحيح للرسول عليه السلام ” لا تُشدُ الرحال إلا الى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى ” متفق عليه.
إذن زيارة الأضرحة في الكرك من الناحية الشرعية هي بدعة كُفريّة تتضمن شرك بالله. أضف الى ذلك أنها تمثل إستفزاز لمشاعر وعقيدة الشعب الأردني أولا ، وثانيا، هي عبارة عن خزعبلات لا تمت الى الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بصلة من قريب أو بعيد. فهي بالإضافة لخطورتها السياسية الجلّية على البلد ، تطعن في ثابت من ثوابت الدين و العقيدة وتتجاوز بذلك خط أحمر.
لقد أستُشهد هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم ، عبدالله بن رواحة، زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب مع آخرين في معركة مؤتة في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام قبل أن يكون هناك خلاف بين علي ومعاوية رضوان الله عليهم بأربعين عاما. لماذا هذا الحرص (العُهر) الايراني وهذا الإصرار على السماح لهم بزيارة الأضرحة التي فعليا لا قيمة دينية أو تعبدية لها على الإطلاق ؟ ولو كان لها أي قيمة دينية لكان أهل الأردن أولى بزيارتها والتبرك بها. هل سيقوم الشيعة بتسمية جعفر إبن أبي طالب (رضي الله عنه) أماما ثالث عشر بأثر رجعي مثلا؟ فيبدأون باللطم والتطبير على قبره كل سنة في ذكرى إستشهاده كما يفعلون مع الإمام الحسين؟ ويضيفونه إلى رزنامنتهم المكتظة بالمناسبات ( مولدا وإستشهادا) ؟ فلا يكاد يخلو شهر من شهور السنة إلا و فيه مناسبة ” شركية” عند أهل البدع والخرافات إحتفالا بمولد إمام أو إستشهاده ، بما يترتب على ذلك من “زيارات” وثنية وخزعبلات ولطم وبكاء. وعادة ما تُستغل هذه المناسبات للحشد الطائفي وتعبئة الأحقاد و تأجيج الكراهية ضدالغالبية من المسلمين الذين لا يؤمنون بهذه الطقوس الوثنية ولا تعنيهم.
لقد أحسنت الحكومات الأردنية المتعاقبة في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال ( رحمه الله) صُنعا عندما أغلقت هذا الباب تماما رغم محاولات ايران المتكررة بالسماح للايرانيين بزيارة الأضرحة في الكرك ، فكان الرد يأتي بالرفض الصارم والحاسم، لأن الحسين رحمه الله كان سياسيا بعيد النظر يعرف بفطنته وحنكته السياسية ماذا تٌخفي ايران وراء هكذا مطالب ، وأن أي تخفيف أو تهاون في هذا الموضوع سيفتح المجال لتغلغل ايراني شيعي طائفي في بلد غالبيته الساحقة من المسلمين وسيؤدي في نهاية المطاف الى ما لا يحمد عقباه.
إن إعلان الحكومة الأردنية على لسان وزير السياحة قبل عدة أسابيع فتح المجال للشيعة بزيارة أضرحة الصحابة في الجنوب ” وفق ضوابط معينة ” – هو قرار خطير وضار بمصلحة الوطن وهو عَبث مرفوض بالأردن وبأمنه الأهلي وبنسيجه الإجتماعي. ماذا تعني جملة “وفق ضوابط معينة وما هي هذه الضوابط؟ ومن الذي يضمن أن هذه الضوابط لن تتفكك وتتسهل مع مرور الزمن بنفس الأسلوب وبنفس المنطق الذي فتح الباب لهم أصلا. ومن جهة أخرى إذا كانت الحكومة مُقتنعة بهذا القرار ومرتاحة له فلماذا تتحدث عن ضوابط؟ هل تضع الحكومة ضوابط على السواح الأوروبيين واليابانيين ؟ أم كاد المريب أن يقول خذوني ؟ فالحكومة تعرف خطورة هذا القرار وتبعاته، وتعرف النتائج الوخيمة المترتبة عليه وتعرف نوايا ايران الخبيثة وأطماعها ولكنها تسوق الهَبل على الناس. أهلا ضوابط !
إن إستعمال مصطلح ” المسلمين الشيعة” من قبل الحكومة الأردنية في بيان وزير السياحة آنف الذكر هو إفتراءا وإفتئاتا على الإسلام وكلمة حق يراد بها باطل. هناك (ديانة شيعية ) قائمة بذاتها ونظام معتقدي مختلف تماما يفسر القرآن الكريم على هواه بطرق غريبة منحرفة ويستخدم المرويات والقصص الملفقة والأساطير كأسس عقدية غير قابلة للنقاش لتضليل أتباعه وتعبئتهم بالأحقاد. هناك مسلمين وهناك شيعة، أما ” مصطلح ” مسلمين شيعة” فهذا كلام متناقض مع نفسه وهو كلمة حق يراد بها باطل وعلى الحكومة الأردنية ومشايخها وفقهاءها أن تعرف أفضل من ذلك.
لسنا من الذين يضربون بالمندل ولا ندًعي علما بالغيب ولا مهارة خارقة في إستقراء المستقبل عندما نتوقع ماذا سيكون عليه الحال في مدينة الكرك جنوب الأردن بعد عدة سنوات من الآن . فنحن نحكم على السلوك الايراني والتغلغل الصفوي من واقع الحال الملموس من مآلات التدخلات والتغلغل الايراني في دول عربية شقيقة، وبنفس الأسلوب الذي أتبع في اليمن وسوريا والعراق ولبنان بلدان أخرى من العالم الإسلامي.ليست الحكومة والنظام في الأردن بمنأى عن ذلك كله، فهل يُعقل أن النظام والحكومة لم يأخذوا العبرة مما حدث في سوريا واليمن من النتائج الوخيمة لإختراقات وتغلغل ايران ، الذي بدأ صغيرا -بحجج مختلفة- ثم بدأ يكبر ككرة الثلج سواءا بذريعة زيارة أو حماية مزارات مزعومة وسياحة دينية أو دفاعا عن أقليات شيعية بحجج واهية ثم إستفحل ليأخذ شكل ميليشيات مسلحة ووجود عسكري طائفي الصبغة وتطهير عرقي، بتواطؤ أمريكي.
على الرغم من معارضتنا الشديدة للوجود العسكري الأمريكي في الأردن تحت أي ظرف وفي أي شكل من الأشكال ورفضنا التام له فإنه لا يخيفنا ولا يقلقنا بالقدر الذي يقلقنا فيه التغلغل الايراني وذلك لسبب بسيط، وهو أن أمريكا إذا شعرت في أي وقت من الأوقات أن لا مصلحة إستراتيجية لها في البقاء في بلد ما فإنها تلملم أغراضها وتفكفك قواعدها وترحل ولو بعد خمسين عاما، وقد حدث ذلك في أكثر من بلد حول العالم، حصل في الفيلبين واليابان، وفي أفغانستان وفي المانيا وأماكن أخرى من العالم، أما التغلغل الايراني فهو كالسرطان إذا إنتشر في الجسم فلا فكاك منه ، فهو لا يأتي إلا بالشرور وعظائم الأمور لنشر مذهب الفتنة وبذر بذور الفرقة في المجتمع وليدمر النسيج الإجتماعي ويقضي على التجانس االمذهبي فيه، فايران ستدخل بهدف نشر التشيع وإيجاد موطئ قدم لها في جنوب الأردن و تجنيد أتباع وأنصار، وسوف تجد من بين ضعاف النفوس والموتورين وأصحاب السوابق من سيمشي في ركابها طمعا في المال والجاه، ومن كان يعتقد أن أهل الجنوب خاصة ، وأهل الأردن عامة مُحصنين من التشيع فهو واهم، فالمال الايراني السُحت جاهز والفشل الذريع لحكوماتنا الرشيدة في تحقيق الحد الأدنى من الرفاهية والكرامة للمواطنين جاهز أيضا ، فايران لا تحتاج اكثر من تشييع خمس أو ست عائلات أردنية لكي تحقق ما تريد، وهذا أمرا في غاية السهولة سيدخل البلد في نفق مظلم نعرف أوله ولا نعرف آخره.
فطالما هناك حكومات تقهر المواطن وتفقره وتشاركه في قوت عياله وترهقه بالضرائب والمكوس وتتغاضى عن الفساد المُستشري وتبيع المواطن أوهام ” القادم أفضل” ” وأفضل أيامنا لم تأتي بعد” والديمقراطية والحكومات المنتخبة في الأفق” بينما هي لا تقدم أي برامج إصلاحية، فإن ايران ستجد تربة خصبة بين الفقراء والعاطلين عن العمل والمحبطين والشباب “مشاريع الإنتحار ” لنشر مذهب الفتنة والشرك بين الأردنيين، وستجد من بين ضعاف النفوس وأرباب السوابق والمحبطين من سيقبل أن يرتدي العمامة ويتشيع ليكون أداة في يد ايران وقنابل موقوتة داخل المجتمع، وزيارة الأضرحة في الكرك هو البوابة التي ستدخل منها ايران.
نحن لا نبالغ ولا نذهب بعيدا في تحذيرنا ، فهذا ما يحدث فعلا الآن في سوريا في الرقة ودير الزور وريف دمشق وضواحي دمشق وحلب وحمص وشمال لبنان. أم أن الحكومة والنظام في الأردن الذي يفاخر بكفاءة أجهزته الأمنية والمخابراتية لا يدري ولا يسمع ماذا يجري في سوريا والعراق من قبل ايران وميليشياتها؟
ستدخل ايران الى جنوب الأردن للإستكشاف بعشرات الزوار أولا ( عملاء الحرس الثوري) ثم المئات ثم بالآلاف المؤلفة ثم تدريجيا ستطالب بتوفير مرافق ومطاعم وأماكن عبادة لهم الخ. ثم تبدأ بشراء العقارات والبيوت القريبة من المزارات وسُتغري أصحابها بعشرات أضعاف قيمتها السوقية فإن وجدت بيتا أو عقارا مناسبا قريبا من المزارات ثمنه خمسون ألف دينار مثلا كقيمة سوقية فستدفع فيه نصف مليون دينار من المال السُحت ولن تعجز ايران عن ذلك من قلة من سماسرة و تجار الفرص موجودين في كل بلد. ايران سوف تستثمر المليارات (حرفيا ) للإستيلاء على مدينة الكرك وإبتلاعها بأكملها بينما الحكومة تتفرج وتضع الضوابط! هذا ما حدث في بعض مناطق شمال لبنان السُنية وهذا ما يحدث في العراق وسوريا واليمن الآن بدرجات متفاوتة ، وهذا بالضبط ما سوف يحدث بالكرك إذا لم يتم لملمة الموضوع قبل فوات الأوان وتعود الحكومة الى رشدها.
البعض من سحيجة الحكومة والأقلام المأجورة يدّعي حرصا على توفير فرص العمل لأبناء الجنوب وبأن “السياحة الدينية” ستنعش الإقتصاد لأهل الجنوب ، وهذا طبعا كلام دجل مردود ومشبوه ، وقد سمعنا هذه الأسطوانة المشروخة عام 1994 عندما تم تمرير و توقيع إتفاقية وادي عربة . هي ذات الهمروجة المبنية على الأوهام وكلام الليل الذي يمحوه النهار. أفكلما قام النظام بالتفريط بثابت من ثوابت الأمة يلجأون للتبرير بحاجتنا الى الاستثمار والى ظروف البلد الإقتصادية السيئة، وحاجة الناس اللى فرص العمل التي في نهاية المطاف لا يرى منها المواطن شيئ ، وكله كذب في كذب. علما بأن المواطن الأردني في الجنوب هو آخر هم الحكومة.
فلو أن الحكومة جادة فعلا في تطوير القطاع السياحي وخلق فرص العمل لقامت بتطوير وإستغلال البتراء ووادي رم ومادبا وجرش والمغطس وحمامات ماعين والعقبة وغيرها من الأماكن السياحية الذي يزخر بها البلد الإستغلال الأمثل. لا يوجد إنسان في العالم يسمع بمدينة البتراء إلا ويرغب بزيارتها ، هل إستغلت الحكومات المتعاقبة هذا الشئ وهذا الكنز الأثري الإستغلال الذي يليق به وجلبت الإستثمارات الضرورية لتطوير اقليم البتراء ووادي رم ؟ إن الخدمات والمرافق المقدمة هناك لا زالت دون المستوى المطلوب وما زالت الخدمات والمرافق المتوفرة في جرش وغيرها من أماكن الجذب السياحب في المستوى البدائي. فلماذا تقفزون الى سياحة الأضرحة وأنتم أصلا فاشلون في إستغلال اللي أفضل منها ، البتراء وجرش ومادبا وعمان والعقبة ووادي رم ؟؟ فعلا شر البلية ما يضحك.
لقد إحتفى الأردنيون العام الماضي ( 2021) بمئوية الدولة وهي مناسبة مرور مئة سنة على تأسيس الدولة الأردنية ، ولن أتوقف كثيرا عند هذه المناسبة إن كانت تستدعي الإحتفاء بها أصلا. فسبحان الله ، كيف نحتفي بذكرى تقسيم الأمة الى دويلات وكيانات سياسية متفرقة بموجب إتفاقية سايكس بيكو وما تبعها من ضياع فلسطين بوعد بلفور وما الى ذلك، ولكن ما علينا . فمن المفترض أن هناك عقدا إجتماعيا بين الأردنيين و الهاشميين بدأ مع نشأة الإمارة في مرحلة بعد ما سُمّي بالثورة العربية الكبرى. هذا العقد ضمنيا أعطى البيعة والولاء للهاشميين مقابل مجموعة أمور منها ؛ الحفاظ على الأمن والأمان والسلم الإجتماعي والحفاظ على النفس والمال و سيادة القانون. وبديهيا ، المحافظة على عروبة البلد وإستقلالها وإحترام دين و عقيدة السكان، وهكذا نص دستور المملكة على أن ” الأردن جزء لا يتجزأ من الأمة العربية والإسلام دين الدولة”.
إن قرار السماح للحجاج الوهميين والزوار الايرانيين لزيارة أضرحة الصحابة هو قرار خطير جدا ينسف هذا العقد الإجتماعي ويدمر هذه المعادلة بين الهاشميين والأردنيين ، لأنه تفريط واضح في ثابت من ثوابت الأمة ، ألا وهو العقيدة وتعريض عروبة جزء هام من الوطن للخطر . هذا القرار يتعدى خط أحمر وهو مُنكر معروف من الدين بالضرورة وخطيئة سياسية مفضوحة. إن النهج السياسي المعاصر لايران في دول مجاورة لا يحتاج لأن يتنطع به سخلين. هذا مُنكر يجب تغييره باليد أولا لمن إستطاع ، ولمن لم يستطع فباللسان ومن لم يستطع فبالقلب وذلك أضعف الايمان. وحذرنا منه تكرارا ونحذر منه الآن ، وسنبقى نحذر منه حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
أخيرا وليس آخرا ، دأبت الحكومات الأردنية “الرشيدة ” عبر أبواقها الإعلامية على إتهام أي معارضة أو معارض بالعمل لمصلحة الخارج وبأن المعارضين أصحاب أجندات خارجية بينما الواقع المرأي لنا هو أن النظام نفسه ينام ويصحى كل يوم في حضن أمريكا وإسرائيل والآن في حضن ايران وحضن ميليشياتها في العراق وينفذ أجنداتهم ، وهو -أي النظام – قام بفرض مشاريع وأجندات غير وطنية فرضا على الشعب بالترغيب والترهيب من خلال حكومات صُوريّة وبرلمان هَزَلي ، ويتم سن القوانين التي لا تغني ولا تسمن من جوع وهي قوانين ليست من الأولويات في شئ و غير ذات صلة بمصالح الناس ، فقط إرضاءا للجهات الأجنبية المتنفذة مثل قانون المرأة وقانون الطفل وحيازة المخدرات وغيرها من القوانين المنافية للعقيدة والأعراف الإجتماعية، متذرعين بنفس الاسطوانة الممجوجة اياها ؛ أننا نتعرض لضغوطات وما الى ذلك. حكومات تبيع الحكي والأوهام ، لا يوجد فيها رجل رشيد.
إذا كنم غير قادرين على الصمود للضغوطات وكل ما دق الكوز بالجرة بدكم تجيبوا للبلد مصيبة فاتركوا الشعب يختار ممثليه وحكوماته الآن وليس غدا وليس بعد عشرين سنة وكفاكم تعامل مع الشعب الأردني كمجموعة من الأطفال القُصَر.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. حقيقة يجب ان يدركها الجميع ان الامتداد الشيعي واقع تحت غطاء من دولي عظمى. اعتقد ان هناك ضغوط خارجية على الاردن في هذا الموضوع كما غيره.

    بارك الله فيك ولا بد من ان يعي المجتمع الاردني هذه الحقيقة

  2. روى الإمام مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال “السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ ” و هذا يعني أن الشخص العاقل هو من اعتبر بما أصاب غيره من المكروه فتجنب الوقوع في مثله.ويقال في الحكمة “أشكلُ المُشكِلات إيضاحُ الواضحات “.
    قام الاستعمار الفرعوني بتسهيل اختراق الفارسيين العنصريين سوريا أو العراق أو اليمن أو لبنان لأداء دور وظيفي محدَد ، و كان واضحاً تمام الوضوح أن كُلَ مكان حلَوا فيه أتى إليه الخراب يسعى. دورهم هذا قديم ، فمن يقرأ التاريخ ، يعلم أن أجدادهم السبأيين المجوس أعانوا أعداء الأمة ” التتار في إسقاط بغداد و دمشق و حلب و الصليبيين في احتلال القدس “. ثم من تابع تصريحات زعمائهم الحاليين ، لاحظ أنهم افتخروا بمساعدة الأمريكان على احتلال أفغانستان و العراق عسكرياً .
    اكتسب هؤلاء القوم من صناعة السجَاد يدوياً و من عشقهم للعبة الشطرنج سياسة النفس الطويل و تنقلوا عبر التاريخ في الولاء لأقوى دولة – معادية لأمة الإسلام من عصر إلى عصر- فمثلاً في القرنين الخامس عشر و السادس عشر كان ولاؤهم للبرتغال و في القرنين التاسع عشر و غالبية القرن العشرين كان ولاؤهم لبريطانيا ، و معلوم أن ولاءهم الحالي الحقيقي هو لأمريكا.
    أمريكا بعيدة عن بلادنا و في سياستها أن تتم سيطرتها علينا عن طريق (proxies trusted) أي وكلاءٍ يمكن الوثوق بهم لمدى بعيد “نتيجة عقيدة فاسدة و تراكمات أحقاد” و كذلك عن طريق الأقل منهم مرتبة و هم العملاء. تأخذ أمريكا بالحسبان إمكانية مغادرة بلد بعد غزوه ، لكنها حين توكل عنها بلد لديه إمكانيات مالية و قدرة كبيرة على تجنيد الجهلة و غسل أدمغتهم حتى قال عنها شيخ عالم مصري أنها ” أكبر تاجر حمير في العالم” فإن هذا البلد هو عزَ الطلب حيث ستستغله في استيطان و إفساد لتغيير الوقائع على الأرض بكل وسيلة شيطانية ” مثلاً احتلوا مدينة حلب بدعم الروس نهاية 2016 و الآن بعد 6 سنوات تحولت 5 أحياء منها لدين المجوس” .
    إنهم قوم لديهم استعداد للدجل و للتزييف و لصناعة القصص الخرافية و الخزعبلات في سبيل ما يسمى ب “الحق التاريخي” و هذه القصة مجرد مثال واحد من أمثلة عديدة في سوريا :
    كان هنالك شخص من مدينة داريا/ سوريا يدعى (أبو صادق) رحمه الله عاش قبل مئات السنين و كان له كلبٌ مخلصٌ يحبَه كثيراً فلما مات صنع له قبراً . كان الدارانيون يتحدثون عن قبر كلب أبي الصادق . فجأة ، و إذا بعد احتلال داريا، يقومون بترويج أن هذا ضريح السيدة سكينة . من هذه يا سادة ؟ قالوا أنها بنت الإمام علي بن أبي طالب كرَم الله وجهه. لم يتنبه الدجالون أن سيدنا علي رضي الله عنه لم تكن له ابنة تحمل هذا الاسم ! و شيَدوا المقام بعد إخلاء داريا من سكانها . واضح أن هذا “المقام” المزعوم منهم فيه تطاول خسيس على أهل البيت الشريف و أزعم أن قادة الفرس تقصدوا ذلك بسبب احتقارهم للعرب .
    لم يجني الأردن العزيز –بلد النشامى – الفائدة المرجوة من فتح معبر نصيب-جابر بل صار هذا مصدر مشاكل و متاعب، و السياحة الدينية المزعومة لن تجلب للأردن المكاسب المأمولة . ستكون هذه “السياحة” وسائل زراعة خلايا و مليشيات لهدم كيان الأردن الهاشمي و في لحظة معيَنة ستنطلق الخلايا و المليشيات من جحورها لتهتف “يا لثارات جعفر” و “لن تُقطع ذراعي جعفر مرتين” و “لبيك يا جعفر” و سيختلقون قصة أن من قتل الشهيد جعفر بن أبي طالب هم العرب الغساسنة أجداد أهل الأردن فلا بدَ من الانتقام منهم . اللهم من أراد بالأردن و بكل بلاد المسلمين كيداَ أو سوءاً فاجعل كيده في نحره و نحره في كيده و اجعل دائرة السوء تدور عليه يا ربَ العالمين . آمين .

اترك رداً على فاروق ابراهيم خليفه إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى