سياسة

تيار هدم الدولة و”فاغنر السورية”

حسام نجار

كاتب صحفي ومحلل سياسي
عرض مقالات الكاتب

يقول المثل العامي (بين حانا ومانا ضاعت لِحانا) ..

في الحقيقة تذكرت هذا المثل في خضم ما يحصل من تخبطات وأحاديث يؤسف لها، فما زلنا نحبو في السياسة ومازالت تلك المجموعات التي تدعي أنها نخبوية في الحضيض، الكل يتمسك بالخارج وبذيول الاستبداد ويعتقد ان6ه الأقدر والأقرب والأكثر حنكة من الباقين، معتمداً على نقاط في الواقع ليست أساسية، بل هي وهمية تراكمية لا تعبر عن الضمير الحي للشعب وإن كان هذا الشعب يتعلق بقشة تخلصه من هذا العذاب المتراكم ومن هذه المنظومة الفاسدة.

صراعات عسكرية تبرز حجم الاختلاف حتى بين المجموعة الواحدة وتظهر للجميع أنهم مجرد متكسبين منتفعين همهم الظهور والتواجد وضرب تحت الحزام حتى ضمن الفريق الواحد، ينتهزون فرصة ما للانقضاض على بعضهم البعض، وكأن سورية فريسة ينتظرون أسد لينتهي منها حتى يباشروا هم التهام المتبقي من الفريسة.

لم يعِ هؤلاء وغيرهم أن هناك دماء أُريقت، وأعراض انتهكت، وبيوت دمرت، ونساء سُحلت، لم يدرك هؤلاء أنهم سقطوا من أول يوم وضعوا أيديهم بأيدي الغزاة المحتلين، وتماهوا مع كل ما يضر هذا الشعب.

هؤلاء لا يختلفون في تفكيرهم عن تيار هدم الدولة، ولا يتميزون في عملهم عن فاغنر بل هم في جراب واحد، طغت عليهم الأنانية وترسخت في وجدانهم الفئوية.

ولكن هل كانت تلك التصرفات هي أساس تعليق الدعم والغطاء السياسي؟ بالطبع لا..

إن تعليق الدعم والغطاء السياسي له أسبابه ومبرراته العديدة، وعندما تبحث بها تجد فيها كل المنطقية، فرغم أنها ورقة تستطيع استخدامها وتوجيهها متى شئت، لكن عندما تفقد تلك الورقة صلاحيتها فلا بد إذن من رميها أو الاحتفاظ بها مؤقتاً حتى تأتي الفرصة للعب بها.

عندما يكون لديك لاعبون ماهرون، فإنك تُكون فريقاً قادراً على خوض غمار التصفيات والوصول للنهائي لكن عندما تفقد عناصر مهمة أو بالأحرى لا تمتلكها بالأصل، فأنت ستتعب جداً حتى تصل وربما الحظ يساندك قليلاً لكن تبقى مكانك راوح.

إن تعليق النشاط يبرهن على ما أقول ويؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الهيئة التفاوضية السورية وما نتج عنها من فروع وتقسيمات ما هي إلا عبارة عن مجموعات تحتوي لاعبون أقل ما يقال عنهم، أنهم يؤدون المهمة في الملعب، وليست لديهم المهارات الكافية (كما يقال لاعبون تكتيكيون).

إن تشرذم المعارضة، واستحداث تلك المنصات وتلك الفصائل ما هي إلا عبارة عن توزيع لأولئك اللاعبون، كي يؤدوا أدوارهم بشكل تكتيكي خالٍ من القدرة على الإبداع، فتم إبعاد اللاعبون المهرة وأصحاب الخبرات المتراكمة.

إن المأساة السورية ليست بتلك التعقيدات بالأصل، فلو استطاع الثوار تنظيم أنفسهم وابتعدوا عن مواطن الشبهة والالتحاق بركب الداعمين، لما وصلنا لهؤلاء، ولو استطاعت فئة النخبة منهم تلمس نقاط القوة لديهم ونقاط ضعف النظام لعملوا عليها، لكن ضاعت كل الجهود هباء.

الأن وحسب اعتقادي ستتم انسحابات عديدة ضمن الساسة والعسكر بعد زوال سبب بقائهم أو انهم سيكونون أرقاماً فقط تتخذ عنهم القرارات إن كانت هناك قرارات أصلاً، فما ولد ميتاً لا يمكن إحياؤه بالتنفس الصناعي أو حتى بزرع قلب جديد، فالطريقة التي تمت الصراعات بها لا تصلح لتأسيس كيان قوي يجابه القوى الموجودة او يثبت نفسه كفاعل حقيقة في ظل التجاذبات الأخرى والقوى المؤثرة داخل المعارضة السورية.  

في الخلاصة بين (الحمزات والعمشات)، وبين (ثائرون ومتناحرون) ضاعوا وسيضيعون القضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى