تقارير

التقرير الإستراتيجي السوري (102) الإثنين 24 أكتوبر 2022

المرصد الاستراتيجي

شؤون أمنية
دمشق: تجاذبات إقليمية خلف المصالحة مع حماس
استقبل بشار الأسد (19 أكتوبر) وفداً من حركة حماس، برئاسة “الحية” وعدد من مسؤولي الفصائل الفلسطينية، عقب توقيعهم اتفاق مصالحة في الجزائر يلتزمون بموجبه إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون عام.
وأكدت الحركة من دمشق استئناف علاقتها مع النظام، إثر لقاء وصفته بأنه “تاريخي” مع بشار الأسد.
وقال “الحية” خلال مؤتمر صحافي: “نعتقد أنه يوم مجيد ويوم مهم، نستأنف فيه حضورنا إلى سوريا العزيزة ونستأنف فيه العمل المشترك.. مع سوريا”، فيما أفادت مصادر النظام أن الأسد استقبل: “وفداً ضمّ قادة وممثلي الفصائل الفلسطينية، وجرى النقاش حول نتائج حوارات المصالحة في الجزائر”.
ولم يتطرق البيان إلى حماس، لكن الرئاسة نشرت صوراً للأسد وهو يسير جانب “الحية”، ويتبادلان أطراف الحديث.
وأكد مصدر أمني غربي (22 سبتمبر 2022) أن موسكو وطهران بذلتا جهوداً استخباراتية مكثفة لتحقيق المصالحة بين حماس ودمشق بعد عقد من الخلاف.
وأوضح المصدر أن حماس وضعت اللمسات الأخيرة على ترتيبات المصالحة مع بشار الأسد في موسكو، فيما شاركت طهران، في المحادثات بين الجانبين، وشجعت النظام على القبول بالمصالحة مع الحركة.
وكان إسماعيل هنية قد ذهب إلى موسكو (10 سبتمبر)، للمرة الثانية خلال أربعة أشهر، بدعوة من وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، حيث ناقشا ترتيبات إعادة العلاقات بين الحركة ودمشق.
كما التقى هنية السفير الإيراني في موسكو قاسم جليلي، حيث طالبت حماس بفتح مكتب للحركة في دمشق، لكن الأسد رفض طلب فتح مكتب إقليمي للحركة.
ومثلت زيارة “الحية” إلى دمشق ضربة لحركة “فتح” التي كانت تنافس حماس على التطبيع مع دمشق، حيث باءت جهود مبعوثها في سوريا، سمير الرفاعي، لتعزيز موقفها الإقليمي بالفشل الذريع، وذلك بعد لقاء بارد جمع الرفاعي (21 يونيو) بنائب وزير خارجية النظام وسفيره في موسكو بشار الجعفري.
وتبدو المناورة إقليمية أكثر من كونها مجرد زيارة للحية والوفد المرافق إلى دمشق، حيث تجد “حماس” نفسها مضطرة للاصطفاف إلى جانب طهران، و”حزب الله” وبشار الأسد، لتفادي العزلة التي فرضت عليها نتيجة تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل.
وفي تأكيد لوجود أطراف خارجية واصطفافات إقليمية أكد الحية عدم تحفظ أي من الحلفاء أو الداعمين الإقليميين، خصوصا تركيا وقطر، على هذه الخطوة، مضيفاً: “بل هم شجعونا على ذلك وقالوا نحن نؤيدكم”.
وتأتي الزيارة بالتزامن مع مؤشرات عن إمكانية تحقيق تقارب بين أنقرة ودمشق، وصدور تصريحات لمسؤولين أتراك دعت إلى “مصالحة” بين النظام السوري و”المعارضة”، فيما يعتبر تحولاً في موقفها تجاه دمشق.
وأكد آرون لوند، لوكالة الأنباء الفرنسية أن عودة التواصل بين نظام الأسد ودول عربية أخرى سهلت المصالحة بين دمشق و”حماس”، مشيراً إلى أن التغيرات الأخيرة في الموقف التركي “كانت مفيدة لحماس”.
وفي مقابل تصريحات الحية المندفعة والاعتذارية؛ تؤكد مصادر مطلعة أن: “دمشق ليست منفتحة في الوقت الراهن على إعادة فتح حماس لمكتبها على أراضيها”.
وبالإضافة إلى الوساطة الروسية والإيرانية، ومباركة الدوحة وأنقرة (حسب ادعاء الحية)؛ بذل الأمين العام لميلشيا “حزب الله” حسن الله جهوداً كبيرة من طرفه لتقريب وجهات النظر بين غزة ودمشق، حيث سربت مصادر أمنية معلومات حول: “وساطة قادها حزب الله والحرس الثوري الإيراني، منذ شهور، بين حركة حماس والنظام السوري، وصلت إلى مراحل إيجابية متقدّمة”.
وتزامن ظهور تلك التسريبات مع الزيارة الثالثة لرئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية، إلى بيروت منذ تسلّمه رئاسة المكتب السياسي للحركة، حيث التقى بأمين عام مليشيا “حزب الله” حسن نصر الله في بيروت.
وأكد مسؤول في الحركة (23 يونيو) أن العلاقات بين الحركة والنظام السوري في “طريق عودتها بالكامل كما كانت”، وأردف قائلاً: “سوريا داعم للقضية والشعب الفلسطيني وحماس حريصة على العلاقة مع سوريا وكل الدول العربية”.
ونقل رجل الأعمال الروسي المرتبط بمجموعة “فاغنر”، يفغيني بريغوزين، عن مصدر مطلع أن الجهود التي بذلتها موسكو للمصالحة بين دمشق وحماس، تأتي ضمن تكثيف بوتين جهوده لإعادة الاعتبار لبشار الأسد وفك العزلة عنه في المحيط العربي، رغبةً منه في تعزيز النفوذ الروسي في الصراع العربي-الإسرائيلي من خلال تقوية قبضة نظام دمشق على الفصائل الفلسطينية.
وجاءت الجهود الروسية في مقابل محاولات بذلتها تل أبيب لتشكيل ائتلاف إقليمي يضعف النفوذ الإيراني، ويتضمن إبرام اتفاق بين محمود عباس والسيسي بهدف كسر عزلة دمشق مقابل ابتعادها عن إيران و”حزب الله”.
وأكد التقرير عقد مسؤولين مصريين لقاءات مع شخصيات “هامة” سورية، تناولت إمكانية تقليص النفوذ الإيراني مقابل تطبيع العلاقة الدبلوماسية والاقتصادية مع دمشق، ودفع الفصائل الفلسطينية لتحسين علاقاتها مع دمشق، وإعادتها إلى دائرة النفوذ في الملف الفلسطيني.
ودار الحديث، آنذاك، عن مشروع أمريكي يتضمن تشكيل قيادة فلسطينية موحدة من خلال الضغط على محمود عباس للتوصل إلى تفاهمات مع قادة “فتح” المتمردين، وإنهاء حكم “حماس” في غزة من خلال مصالحة يتم بموجبها تعيين وزراء من “حماس” في حكومة موسعة يتم تشكيلها في “رام الله”، وفتح معبر رفح وتقديم مساعدات لغزة التي كانت تعاني من ضائقة شديدة.
لكن الزعيم الفلسطيني، الذي كان يبلغ من العمر 82 عاماً -آنذاك-، لم يتعاون مع تلك المبادرة لتوجسه من بعض الدول العربية وشكوكه بوجود محاولات لاستبداله بقيادة شابة بديلة، ما دفعه لعرقلة جهود رأب الصدع الفلسطيني.
وانتهزت “حماس” الفرصة التي ضيعها عباس، مبدية استعدادها للقبول بوساطة تهدف إلى إزالة حالة الاحتقان مع النظام السوري، ما دفع بمحمود عباس لإعادة تقييم موقفه، حيث بادر إلى اتخاذ إجراءات “أحادية” لتحسين العلاقات مع دمشق، تضمنت إرسال خمسة وفود من “فتح” لتحسين العلاقات مع سوريا خلال الفترة (2018-2021)، وكان أبرزها إرسال عضو مركزية حركة “فتح” عزام الأحمد على رأس وفد رفيع المستوى (17 يناير 2020) إلى دمشق للمشاركة في احتفال انطلاقة الثورة الفلسطينية، وإرسال نائب رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني “زياد أبو عمرو” إلى دمشق (يونيو 2020)، حاملاً رسالة عبر فيها الرئيس الفلسطيني عن تضامنه مع سوريا “التي تتعرض لعدوان إسرائيلي-أمريكي”، مؤكداً: “نحن في نفس المركب وفي نفس الخندق”.
وكان تقرير أمني (5 يوليو 2022) قد أكد اعتماد المسؤولين بغزة على صلاتهم بميلشيا “حزب الله” لتحقيق المصالحة مع بشار الأسد، حيث تخوض “حماس” سباقاً محموماً مع حركة “فتح” لكسب دعم نظام بشار الأسد في دمشق التي تمر في طور إعادة الاندماج الإقليمي، معتبراً أن “حماس” قد تفوقت على “فتح” بفضل اعتمادها على الوساطة التي يبذلها الأمين العام لميلشيا “حزب الله”، حسن نصر الله، والذي تعاون مع دمشق على تأمين زيارة استثنائية لرئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هينة، إلى بيروت (21-26 يونيو 2022) عبر استقباله في قاعة كبار الشخصيات، وتأمين الحماية له، وترتيب لقاءات مع رئيس الجمهورية ميشيل عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وتنظيم تجمع جماهيري كبير بمخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، في غمرة حشد وتأييد كثيف بمرافقة من المقاتلين المسلحين المصاحبين للموكب، وعقد اجتماعات مع فصائل موالية لدمشق، تمهيداً للمصالحة مع نظام بشار الأسد.
وادعى التقرير أن صالح العاروري مثل دور “عراب المصالحة” مع دمشق، حيث قام بعدة زيارات إلى طهران، ونسق مع “حزب الله” لإنجاح زيارة هنية لبيروت، وناقش مع المسؤولين الإيرانيين فرص تحقيق المصالحة المحتملة بين حماس والنظام السوري، وسبل إعادة فتح مكتب الحركة في دمشق.
وعزز إسماعيل هنية الشكوك بوجود حالة اصطفاف إقليمي، عندما تحدث عن: “وحدة الساحات” بين الفصائل العسكرية المدعومة من إيران،
باريس: متابعة أمنية لمحاكمة الحلبي في النمسا
أكد تقرير أمني غربي (14 أكتوبر 2022) أن محاكمة ضابط مخابرات سوري سابق، في فيينا، تثير تساؤلات حول تعامل السلطات النمساوية مع المصادر الاستخباراتية، حيث أنجز مكتب المدعي العام النمساوي للشؤون الاقتصادية والفساد (3 أكتوبر) لائحة اتهام مؤلفة من 80 صفحة في القضية المتعلقة برئيس فرع أمن الدولة السابق في الرقة خالد الحلبي، والذي حصل على اللجوء السياسي في النمسا، وذلك بناء على اتهام لجنة “العدل والمحاسبة الدولية”، ومؤسسات “المجتمع المفتوح” (التي أسسها جورج سورس)، ومنظمات غير حكومية، الحلبي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية عندما كان في منصبه.
ومن المتوقع أن يدلي عدد من مسؤولي الاستخبارات بإفاداتهم، في القضية التي ستفتح في موعد لم يعلن عنه بعد، وعلى رأسهم الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات المضادة في النمسا، بيرنهارد بيرشر وبيتر جريدلين، بالإضافة إلى انخراط جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي، وجهاز الأمن الداخلي الفرنسي، وجهاز الموساد الإسرائيلي.
ووفقاً للتقرير فإن الحلبي كان على اتصال مع المديرية العامة للأمن الداخلي في عمان منذ انشقاقه عام 2013، وقد تم نقله سراً إلى فرنسا حيث تقدم بطلب اللجوء فيها، لكن السلطات الفرنسية وجدت ذلك محرجاً لها فرفضت الطلب، وتدخل الموساد الإسرائيلي، حيث ساعد الحلبي على الانتقال للنمسا، عبر ألمانيا، بعد التفاوض مع جهاز الاستخبارات النمساوية بشأنه.
لكن سرعان ما تم التشكيك في شرعية العملية، التي حملت اسم “الحليب الأبيض”، حيث وقعت الاستخبارات النمساوية تحت ضغط سياسي، بعد وقت قصير من وصول الحلبي إلى فيينا، نتيجة التغطية الإعلامية، وقيام لجان برلمانية بالتحقيق، ودخول مكتب المدعي العام للشؤون الاقتصادية والفساد على الخط.
وأشار التقرير إلى أن المسؤولين الجدد بجهاز الاستخبارات الذي أعيد تشكيله، يتهمون سابقيهم بالتراخي في التعامل مع الملفات الخاصة باليمين المتطرف وفي مواجهة التدخلات الروسية والاستخبارات المعادية.
ويلقي ملف الحلبي الضوء على علاقات الحلبي مع عدة أجهزة مخابرات دولية بما في ذلك إسرائيل، فضلاً عن تلقيه تدريبات متقدمة من قبل شخصيات تنسب إلى اليمين المتطرف
وتشير المصادر إلى أن الحلبي كان يشغل منصب رئيس فرع المخابرات العامة في الرقة عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011.
وفي عام 2013، اندلع صراع بينه وبين نظيره في المخابرات العسكرية، اللواء جامع جامع، الذي كان يُكِنّ له كراهية كبيرة، وذلك عقب إصدار الحلبي أوامر لرؤساء الأفرع التابعة له بفتح النار على أي تجمع يضم أكثر من أربعة أشخاص، مؤكداً أنه قد تلقّى الأمر من رئيسه في دمشق اللواء علي مملوك.
وعندا دخل “الجيش الحر” مدينة الرقة، انشق الحلبي عن النظام وتم ترتيب خروجه إلى تركيا، ثم اتصل بوليد جنبلاط لتسهيل انتقاله إلى لبنان، لكن جنبلاط نصحه بالذهاب إلى الأردن، وأرسل موفداً للتنسيق مع الأتراك والأردنيين بهذا الغرض.
إلا أن عدداً من الشخصيات الدرزية أكدوا لجنبلاط أن الحلبي (الذي ينتمي إلى السويداء) لم ينشق، وأنه لا يزال يعمل لصالح النظام، وقال جنبلاط: “اكتشفنا أنه لعب دوراً سيئاً للغاية في الرقة”، معرباً عن اعتقاده أن الحلبي بذل قصارى جهده لخدمة النظام في الرقة وقد انقلب في اللحظات الأخيرة فقط لإنقاذ جلده، كما أكد جنبلاط أنه قطع وأتباعه كل الاتصالات مع الحلبي، وأنه لا يعرف أين هو.
وبعد أن نبذه زملاؤه الدروز، دخل الحلبي إلى السفارة الفرنسية في عمّان وقدّم نفسه على أنه رئيس فرع استخبارات يعشق الذوق الفرنسي، وأنه “علماني يشرب الكحول”، وتم على إثر ذلك ترتيب سفره إلى باريس من قبل الاستخبارات الفرنسية.
وفي باريس تواصل الحلبي مع مموّل درزي في باريس كانت له صلات استخباراتية في الشرق الأوسط، ما أثار شكوكاً لدى الاستخبارات الفرنسية بإقامته اتصالات مشبوهة عبرة شبكة “درزية”، ما دفعه للسفر إلى فيينا، حيث يدور الحديث عن تدخل الموساد لصالحه، فيما ترى لجنة “العدالة الدولية والمساءلة” أن الحلبي هو مجرم الحرب الأعلى رتبة في القارة الأوروبية.
أنقرة تعزز نفوذها في سوريا والعراق
تحدث تقرير أمني غربي (23 سبتمبر 2022) عن قيام الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بإيفاد رئيس جهاز استخباراته، حقان فيدان، إلى بغداد (11 سبتمبر) لمقابلة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، والرئيس برهم صالح، وزعيم “تحالف السيادة” السني، خميس الخنجر.
ووفقاً للتقرير فإن زيارة فيدان، أثارت حفيظة عدد من النواب الشيعة، خاصة وأنها جاءت على خلفية الأزمة بين جناح مقتدى الصدر، ومنافسيه الأقرب إلى إيران.
ودفعت تلك الزيارة ببعض المسؤولين للتشكيك في أن فيدان يريد أن يلعب دور “صانع الملوك” في العراق عبر تشكيل تحالف سني-كردي بدعم من أنقرة، خاصة وأنه ذهب بعد ذلك إلى أربيل، حيث التقى وجهاء عشيرة “البرزاني” التي تتزعم “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، وتتمتع بتحالف قوي مع أنقرة.
ويعتبر فيدان شخصية محورية في مشاريع احتواء النفوذ الإيراني، حيث يرى الحرس الثوري الإيراني أنه يعمل على تعزيز نفوذه في صفوف التركمان بكركوك وتلعفر، ويتمتع بعلاقات قوية مع أكراد العراق، فيما ينخرط جهازه بمنافسة شرسة مع نظيره الإيراني في مواقع أخرى، كأرمينيا، وأذربيجان، وكذلك في شمال العراق حيث دعمت تركيا البرزانيين فيما دعمت إيران الطالبانيين، متسببة بمعركة استخباراتية إيرانية-تركية.
وفي بغداد؛ نجح فيدان في إقامة علاقة تعاون وتنسيق بينه وبين برهم صالح، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، والزعيم السني خميس الخنجر، حيث يعمل على انتهاز فرصة تصدع “البيت الشيعي” لتحشيد الأطراف الكردية والسنية، وبحث إمكانية تزويد الحلفاء العراقيين بمعدات عسكرية.
في هذه الأثناء؛ يعمل فيدان على تعزيز نفوذه في الملف السوري، حيث قام في غضون العام الجاري (2022) بعقد نحو أربع جلسات تفاوضية مع نظيره علي مملوك، في يناير وأبريل ويوليو وأغسطس من العام الجاري، ويدور الحديث عن تحقيقه اختراقاً ملموساً في الجولة الرابعة، حيث تم التوافق مع مملوك على فصل المسارات التفاوضية، والتركيز على موضوعين رئيسين، هما: تسهيل عودة اللاجئين، والترتيبات المتعلقة بتدشين مسار تفاوضي مباشر مع “المعارضة”.
ورأى مصدر أمني أن التفاوض بين أنقرة ودمشق، يتم بتنسيق مباشر مع تل أبيب، التي تتفق مع موسكو وأنقرة، على ضرورة منع إيران من التوسع، وتعززت تلك التكهنات عقب مطالبة بشار الأسد الميلشيات الموالية لإيران بعدم التصعيد ضد إسرائيل، وتجنب استهدافها من مناطق سيطرته، رغم تصاعد ضرباتها.
وأشار المصدر إلى أن مسؤولين عسكريين بالنظام قالوا لنظرائهم بالحرس الثوري الإيراني و”حزب الله” اللبناني أنهم: “لا يريدون شنّ هجمات ضد إسرائيل من أراضيهم حتى لا يخاطروا بحرب شاملة في وقت تعاني فيه البلاد من الضعف”.
في هذه الأثناء؛ تتحدث المصادر عن توظيف فيدان شبكة علاقاته الواسعة للضغط على دمشق، واعتماده على وساطات يبذلها كل من: سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، ووزير الدفاع سيرغي شويغو، والمبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، بهدف دفع النظام للتخلي عن شروطه “التعجيزية” التي تتضمن: احترام السيادة السورية (!)، ووضع موعد لانسحاب القوات التركية، والتوقف عن دعم الفصائل، وتمكين النظام من استعادة إدلب، وإعادة فتح (M4)، وبسط سيطرة النظام على معبر “باب الهوى”.
التدهور الاقتصادي يعصف بمناطق النظام
في تصريح ملفت؛ صرح عضو “غرفة تجارة دمشق”، فايز قسومة، أن دخل الموظفين حالياً في مناطق سيطرة النظام السوري لا يتناسب مع أبسط احتياجاتهم الأساسية، وحتى لو أصبح الراتب بالحد الأدنى 500 ألف ليرة فإنه لا يكفي لإطعامه أكثر من “خبزة وبصلة”، وذلك في حين يبلغ متوسط الرواتب 150 ألف ليرة.
ويعاني السوريون في مناطق سيطرة النظام من أوضاع معيشية صعبة وأزمة اقتصادية تضاعفت حدتها مع الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث شهدت أسعار المواد الأساسية سلسلة ارتفاعات مستمرة، بالتزامن مع تطبيق حكومة النظام قرار رفع الدعم عن آلاف السوريين.
وكان مدير “التخطيط والتعاون الدولي” في “وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل” بحكومة النظام السوري محمود الكوا كشف في وقت سابق عن ازدياد أعداد السوريين الذي يعيشون تحت خط الفقر، وذلك في ظل الارتفاع اليومي للأسعار، وعدم قدرة كثير من العائلات على تأمين احتياجاتها، إضافةً إلى قلة فرص العمل، وضعف القدرة الشرائية للعملة المحلية.
وتسببت تلك الأوضاع الصعبة في خروج نحو 40 بالمائة من المداجن العاملة من الخدمة، ما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وذلك نتيجة انخفاض القوة الشرائية، وارتفاع أسعار الأعلاف الكبير.
كما تواجه مناطق سيطرة النظام أزمة جديدة تتمثل في تفشي حالات الاستقالة الجماعية للموظفين الحكوميين، بسبب تدني مستوى الرواتب والأجور بالمقارنة مع متطلبات الحياة المعاشية، ما يهدّد القطاع العام برمته بالتفكك والانهيار، وخاصة في المؤسسات الصناعية العامة، حيث يلجأ الموظفون إلى الالتحاق بالقطاع الخاص، أو الهجرة خارج البلاد.
وكشفت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام (5 أكتوبر) عن استقالة 31 ممرضاً دفعة واحدة، ما يلقي الضوء على تدهور قطاع الصحة، الذي يشهد نزيفاً متواصلاً نتيجة لهجرة الأطباء وتركهم للمشافي الحكومية، حيث أكدت الصحيفة أن أغلبهم يهاجرون نحو العراق وليبيا واليمن بحثاً عن أجور أعلى تناسب عملهم المجهد وخبرتهم.
في هذه الأثناء؛ عمدت وزارة التجارة الداخلية إلى رفع سعر البنزين المدعوم بنسبة تجاوزت 130 بالمائة، فيما يواجه سكان دمشق صعوبة كبيرة في توفير مادة مازوت التدفئة.
تطورات عسكرية
هل تستخدم أنقرة “هتش” لأجندة خاصة؟
طرحت ورقة نشرها “ألمونيتور” (17 أكتوبر 2022) تساؤلات حول خروج القوات التي تشكل العود الفقري للفيلق الثالث، من عفرين دون مقاومة تذكر، أمام تقدم “هيئة تحرير الشام”، وحليفيها: فرقة “الحمزة” وفرقة “السلطان سليمان شاه”، ومعهما أحرار الشام (13 أكتوبر)، حيث استولت الهيئة على 26 بلدة، بينما استولت فرقة “السلطان سليمان شاه” (العمشات) على 13 قرية، وسيطرت فرقة الحمزة على المنطقة الواقعة شمال غرب عفرين، سيطرت “أحرار الشام” على: “دوير الهوى” و”اخترين”، و”حمران” التي تعتبر الممر الرئيس لمدينة “منبج” الواقعة تحت سيطرة “قسد”
ولم تتوقف الهيئة عند عفرين؛ بل تحركت باتجاه اعزاز الحدودية التي تعتبر جزءاً من منطقة درع الفرات، التي أنشأتها تركيا عام 2016، ثم شرعت في التفاوض مع الفيلق الثالث عند “باب الهوى” الحدودي، تحت إشراف تركي.
وتضمنت شروط الهيئة؛ السماح بدخولها مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون”، وسحب الجماعات المسلحة من شؤون الإدارة المدنية ومن نقاط التفتيش في المناطق السكنية ونشرها على طول خطوط التماس مع مناطق سيطرة النظام وقوات “قسد”، ونقل ملف الأمن الداخلي لقوات حكومة الإنقاذ، التي نصبتها الهيئة في إدلب.
ويُنظر إلى الفصائل المتحالفة مع الهيئة على أنها خيول طروادة التي تم استخدامها لتوسيع نفوذ الجولاني في المناطق التي يسيطر عليها “الجيش الوطني”، علماً بأن المخابرات التركية تنسق مع الهيئة منذ نشر القوات التركية على أطراف إدلب بموجب اتفاق تم التوصل إليه عام 2017، وعلى عكس تدخلها في يونيو، اقتصرت جهود تركيا هذه المرة على الوساطة، ما يشير إلى موافقة ضمنية على خطوة الهيئة، وهو أمر ينفيه الأتراك بطبيعة الحال.
ووفقاً للورقة؛ فقد أدى صمت أنقرة بشأن الاشتباكات التي وقعت، واقتصار دورها على الوساطة إلى إثارة تفسيرين متضاربين حول حسابات أنقرة: أحدهما يرى أن تركيا تدعم سيطرة الهيئة على المنطقة لتقوية موقفها في المفاوضات الجارية مع دمشق، مع الترجيح أن تكون الهيئة قربان أنقرة للنظام.
أما التفسير الثاني؛ فيرى أن فشل تركيا في تحويل “الجيش الوطني” إلى تحالف موحد ومنضبط، وولوغ العديد من قادته وعناصره في الفوضى والتكسب والنهب، قد دفع بأنقرة لاستخدام الهيئة كوسيلة لضبط الأمور، في الوقت الذي تسعى فيه إلى نوع من الاتفاق مع دمشق، الأمر الذي يضع تركيا في موقف قوي أثناء المفاوضات.
وترى الورقة أن القول بأن تركيا تمهد الطريق للتخلي عن قوى المعارضة قد يكون استنتاجاً سابقاً لأوانه، فعلى الرغم من أن تركيا عادة ما تصم آذانها تجاه الاتهامات بدعم الجماعات الإرهابية في سوريا، إلا أن توسيع سيطرة الهيئة قد عزز ذريعة دمشق وحلفائها بأنهم يحاربون الإرهاب، وسيكون من الصعب على تركيا حشد دعم دولي مؤيد لموقفها في هذه الحالة.
ونشر الموقع دراسة أخرى (17 أكتوبر) أشارت فيه الباحثة أمبرين زمان، إلى أن موقف تركيا من استيلاء الهيئة على عفرين ومحيطها له أهمية كبيرة من حيث ميزان القوى في الشمال السوري، إذ إن الهيئة مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل تركيا والولايات المتحدة، ما دفع بتركيا إلى الإيعاز للهيئة بسحب بعض قواتها من عفرين، وعدم الانتقال إلى اعزاز، التي تمثل أهمية لوجستية كبيرة على الحدود مع تركيا.
ونقلت عن مصادرها في الداخل استبعادهم أن تكون الهيئة قد تصرفت دون إشارة من أنقرة، وأيد ذلك الباحث في “معهد الشرق الأوسط”، تشارلز ليستر ، الذي لاحظ أن “هتش” عادت إلى إدلب في حالة سابقة بمجرد أن جاءها اتصال من وكالة الاستخبارات التركية، لكن في هذه المناسبة، لم يأتِ أمر تركي من هذا القبيل، ما دفع الهيئة للتقدم نحو عفرين دون اعتراض.
وترى الدراسة أن المتغير الأكبر في الحالة الأخيرة، هي أن الهيئة قد أصبحت القوة الوحيدة التي تقترب من أن تكون متماثلة مع “قوات سوريا الديمقراطية”، التي شنت تركيا ضدها عدة هجمات، وترغب في تدفعها مسافة 30 كم عن حدودها.
ونقلت عن الرئيس المشارك لحزب الاتحاد الديمقراطي، صالح مسلم قوله: “تركيا تقف بالتأكيد خلف هيئة تحرير الشام”، مؤكداً وجود معلومات لديه بعقد الاستخبارات التركية اجتماعات مع الجولاني على مدى الأشهر الأربعة الماضية لمناقشة وضع فصائل المعارضة تحت سيطرة الهيئة، و”إنهاء” أولئك الذين رفضوا الاستسلام، وعبر عن مخاوفه من أن نشر الهيئة في منطقة “درع الفرات” هو بهدف الاستيلاء على مدينة “منبج”.
ونقلت الدراسة عن “مصادرها” رأياً آخر يتمثل في رغبة تركيا بإنشاء نموذج شبيه بقسد في منطقتها، وذلك تمهيداً لإعادة توطين ملايين اللاجئين السوريين الذين تعهد أردوغان بإعادتهم إلى أوطانهم، وترى الاستخبارات التركية في الهيئة قوة منضبطة، مقارنة بأمراء الحرب الضعفاء المتخاصمين المنقسمين الأخرين في تلك المناطق، وإذا فكر بشار الأسد في الغدر بالأتراك، وإبرام صفقة مع الأكراد مماثلة لتلك التي أبرمها والده حافظ ضد تركيا، فيمكن حينها أن تلوح أنقرة بعصا الهيئة الغليظة رداً على ذلك.
ونقلت عن تشارلز ليستر قوله: “أية مكاسب إضافية لهيئة تحرير الشام تعني كارثة مطلقة للمعارضة السورية، ومن المحتمل أن تؤثر تلك السياسة على مسار الأزمة السورية برمتها”.
“قسد” تفقد زخمها
وفقاً لتقرير أمني غربي (6 أكتوبر 2022)؛ فإن “الإدارة الذاتية” الكردية تكافح للحفاظ على سيطرتها “الواهية”، في ظل تطلع أهالي المناطق الخاضعة لسيطرتها لعودة النظام إلى المنطقة.
وتشير الاحتجاجات التي وقعت بالقامشلي (28 سبتمبر)، إلى الكيفية التي تنهار بها الإدارة الذاتية، التي قمعت التظاهرات بعنف ملحوظ، فيما يؤكد التقرير “زيادة أسهم وحظوظ النظام الذي يعمل ويتفاوض بهدوء للعودة إلى المنطقة”.
وتشعر سلطات “قسد” بالقلق من ميل معظم الأهالي إلى التحاق أولادهم بالمدارس التي تديرها دمشق، وذلك ليتمكنوا من الوصول إلى التعليم الثانوي والعالي.
وعلى الرغم من القمع الذي تمارسه “قسد” ضد الأهالي إلا أن مسؤولين بميلشيا “قسد” يفضلون تسجيل أطفالهم في المدارس التي تديرها دمشق، ويستخدمون المشافي التي يديرها النظام.
وكان إعلان “الإدارة الذاتية” عجزها عن صيانة محطات المياه في دير الزور (29 سبتمبر) قد أثار غضب الأهالي الذين عبروا عن رغبتهم بعودة مناطقهم لسلطة النظام، الذي لا يزال يسيطر على أجزاء من القامشلي والحسكة.
في هذه الأثناء؛ تراقب سلطات “قسد”، بقلق شديد، المفاوضات الجارية بين دمشق وأنقرة، ورغبة القوات التركية في شن حملة مشتركة شمال شرقي البلاد، ويبدو أردوغان مصمماً على وضع الشمال الشرقي في معادلة أي مصالحة مع بشار الأسد.
وفي إشارة أخرى إلى تدهور سلطة “قسد”؛ أصدرت الإدارة الذاتية (19 أكتوبر) قراراً يسمح بتصدير الذرة الصفراء إلى خارج مناطق سيطرتها، ومن جميع المعابر التابعة لها، مبررة ذلك بعجز “هيئة الزراعة والري لشمال شرقي سوريا” عن شراء المحصول من الفلاحين.
وكان مدير “مكتب الوقاية” في “لجنة الزراعة والري بالإدارة المدنية للرقة”، حمود الخلف، تحدث في شهر أغسطس الماضي عن تضرر محصول الذرة في المنطقة بنسبة 50 بالمائة، وذلك بسبب الاستخدام الخاطئ لبعض أنواع المبيدات الحشرية.
يأتي ذلك التدهور بالتزامن مع تصاعد وتيرة الاغتيالات في صفوف “قسد”، حيث تعلن المخابرات التركية، بشكل شبه يومي، عن “تحييد” عناصر من “حزب العمال الكردستاني”، في مناطق مختلفة شمال شرقي سوريا.
وفتحت العملية التركي في حي “الشيخ مقصود” بحلب مطلع شهر أكتوبر الجاري باب التساؤل عن إمكانية حصول الجيش التركية على إحداثيات حول مواقع “قسد” من النظام، إذ إن المخابرات التركية لا تنفذ عمليات داخل المناطق الخاضعة لسيطرة النظام كمدينة حلب.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن بعض الاغتيالات التي تم تنفيذها بطائرات مسيّرة تركية، استندت إلى معلومات مقدمة من مخابرات النظام، مؤكدة أن “قوى الأمن الداخلي” الكردي (أسايش) حصلت على معلومات بأن النظام قد يتجه نحو إعطاء إحداثيات لتركيا لتنفيذ عمليات خاصة.
المسيرات الإيرانية تُقلق تل أبيب
أشار تقرير أمني غربي (6 أكتوبر 2022) إلى أن تل أبيب تتجه نحو التخلي عن حذرها إزاء الأزمة الأوكرانية، وذلك على ضوء استخدام موسكو مسيّرات إيرانية في عملياتها بأوكرانيا.
وترجح مصادر أمنية إسرائيلية أن القوات الروسية تستخدم المسيرة الإيرانية “شاهد 126″، الأمر الذي قد يدفعها لنبذ سياستها المتحفظة إزاء الأزمة، والمتمثلة في تقديم الحد الأدنى من الدعم لأوكرانيا أملاً في تحسين العلاقات مع موسكو، والتي تعتمد عليها تل أبيب لمواصلة غاراتها الجوية على الأهداف الإيرانية في سوريا.
وكان المبعوث الأوكراني الخاص للشرق الأوسط، مكسيم سوبخ، حث أجهزة المخابرات الإسرائيلية، على تبادل المعلومات حول الدعم الإيراني لموسكو، عبر فتح قنوات تواصل مباشر، الأمر الذي يهدد قنوات التواصل القائمة بين الجيش الإسرائيلي والقوات الروسية المتمركزة في حميميم.
وأكد التقرير أن رئيس جهاز الموساد، ديفيد بارنيا، قد نقل بالفعل بعض المعلومات الاستخباراتية الحساسة إلى كييف، ويتجه نحو زيادة التدفق في المعلومات، وذلك بالتزامن مع إدانة تل أبيب الاستفتاءات الروسية في شرق أوكرانيا، وإعلان دعمها لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.
من جهتها؛ قالت وزارة الدفاع الأمريكية، إن روسيا تستخدم طائرات إيرانية مسيرة في عمليات الاستطلاع والهجمات التي تشنها على أوكرانيا، وقال المتحدث باسم البنتاغون، العميد باتريك وايدر: “نعتقد أن الروس الآن يستخدمون المسيّرات الإيرانية التي تحدثنا عنها سابقاً، والتي تم تسليمها إلى روسيا”.
وكان مسؤولون أوكرانيون أكدوا، أن مدينة أوديسا الساحلية (جنوب) تعرضت لهجوم بطائرات مسيرة إيرانية الصنع، بعد يومين من هجوم روسي بطائرة مسيرة مماثلة، وقالت قيادة عمليات الجيش الأوكراني في جنوب البلاد إن “أوديسا هوجمت مجددا بطائرات مسيّرة انتحارية”.
وقالت كييف في وقت لاحق إنها قررت تقليص الحضور الدبلوماسي الإيراني في أوكرانيا بسبب إمدادها روسيا بطائرات مسيّرة، فيما أكد سيرغي نيكيفوروف، المتحدث باسم الرئيس الأوكراني، إن “استخدام القوات الروسية لأسلحة إيرانية هي خطوة اتخذتها إيران ضد سيادة دولتنا وسلامة أراضيها، وكذلك ضد حياة المواطنين الأوكرانيين”.
ويثبت استخدام الروس للمسيرات الإيرانية في أوكرانيا المكانة المتنامية لطهران في هذا النشاط، لكنه يطرح استفهامات عن الأسباب التي تدفع روسيا البلد الرائد في صناعة الأسلحة، للاعتماد عليها بدل الاعتماد على مسيراتها.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن: “برنامج الطائرات الإيرانية، من دون طيار، ينمو، وبات خطره يتجاوز خطر الجماعات المسلحة والإرهابية”، وأوردت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، في تقرير لها، أنّ “استخدام روسيا الطائرات الإيرانية من دون طيار في أوكرانيا يتزايد”، مؤكّدةً أنّ “التهديد الآن يجب أن يؤخذ على محمل الجد، ليس فقط في الشرق الأوسط أو أوكرانيا، لكن على نطاق عالمي”.
وأضافت: “المسيّرات الإيرانية تم تصديرها أيضاً، على شكل قطع أو مخططات، إلى أنصار الله في اليمن، وحزب الله وحماس”، مشيرةً إلى أنّها “باتت تعمل على نطاق أوسع ممّا كانت عليه في الماضي، ولديها تكنولوجيا جديدة تمكّنها من توجيه ضربات أكثر دقة”.
وفي رد مباشر على التصعيد الإيراني ضد كييف؛ نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن إسرائيل تزوّد أوكرانيا بمعلومات استخبارية أساسية عن طائرات الاستطلاع الإيرانية من دون طيار، والتي تستخدمها موسكو في المعارك الدائرة في أوكرانيا.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ “شركة إسرائيلية خاصّة كانت تزود أوكرانيا بصورٍ للقوات الروسية عبر الأقمار الصناعية”.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ “شركة صناعات أمنية إسرائيلية باعت الجيش الأوكراني منظومات مضادة للطائرات المسيرة (anti-drone)، قادرة على اعتراض عمل طائرات مسيرة قتالية والتشويش عليها”.
أطماع إيرانية في النفط والغاز الكردي
تحدث تقرير أمني غربي (29 سبتمبر 2022) عن “تدفق” المستثمرين الإيرانيين في قطاع النفط والغاز إلى معرض أربيل الدولي، بكردستان العراق (20-23 سبتمبر)، على أمل استغلال الخلاف بين بغداد وأربيل.
وتشهد أربيل تنافساً محموماً بين شركات تتبع لكل من: فرنسا، وتركيا، وبيلاروسيا، والصين، لكن الحضور الأكبر في هذا الموسم كان من نصيب إيران وبتمويل من مؤسسة ترويج التجارة الإيرانية، ذراع التصدير لوزارة الصناعة الإيرانية، وتم تكليف القنصل العام الإيراني، نصر الله رشنودي، الذي حضر افتتاح المعرض، بتأمين حصة من قطاع النفط والغاز في الإقليم لصالح إيران.
ووفقاً للتقرير، فإن مجموعة “مابنا”، وهي أكبر منتج للطاقة الحرارية في إيران، وتمتلك وزارة الطاقة نصفها، تعمل على توسيع محفظتها الإقليمية في كردستان العراق، حيث فازت بعقد قيمته 2,5 مليار دولار للهندسة والمشتريات والبناء، وكانت قد حصلت على عقدها الأول مع وزارة الكهرباء العراقية عام 2012، وتضمن تجهيز محطة كهرباء “الحيدرية” في النجف بتوربينات غاز.
وبالإضافة إلى شركة “مبنا”، تسعى العديد من الشركات الإيرانية للحصول على عقود في صناعة النفط والغاز بأربيل، ومن أبرزها:

  • مصنع كابلات الجهد العالي “تبريز للجهد والكابلات”، التي يرأسها المسؤول الأمني السابق لمدينة تبريز، يوسف سلامي.
  • ناقل شبكة “طهران سيمكو”، التي عملت مع إريكسون وأنسالدو.
  • شركة “بيه تشيليك ماتين” المنتجة لعبوات النفط والغاز، والتي تزود شركة النفط الإيرانية الوطنية (الخاضعة للعقوبات الأمريكية لعلاقتها بالحرس الثوري).
    بالإضافة إلى عدد من شركات البتروكيمياويات التي ترغب في استغلال فرصة مغادرة الشركات الغربية لقطاع الغاز والنفط التابع لكردستان العراق لتأسيس موطئ قدم لها هناك.
    وكانت الدبلوماسية الاقتصادية الفرنسية في العراق قد عانت من إخفاقات كبيرة في الفترة الماضية، حيث انسحبت شركة “توتال” من كردستان العراق، وسط معركة نفطية بين بغداد وأربيل، فيما أخفقت مجموعة “أيه دي بيه” في الحصول على عقد إنشاء مطار الموصل.
    وكان حقل “خور مور” للغاز في محافظة السليمانية بإقليم كردستان قد تعرض لقصف بثمانية صواريخ “كاتيوشا” (12 أكتوبر) سقطت في محيط الحقل.
    ويُعد حقل “خور مور” من أكبر حقول الغاز الخاضعة لسيطرة حكومة إقليم كردستان لتزويد محطات إنتاج الطاقة الكهربائية بالغاز الطبيعي المسال، إضافة إلى تأمين حاجة السكان من الغاز للطبخ والتدفئة، وتعمل في الحقل شركتا “دانة غاز” و”الهلال” الإماراتيتين.
    ولم تعلن أية جماعة مسؤوليتها عن سلسلة الهجمات السابقة على حقل “خور مور”، لكن مسؤولين أكراداً قالوا إنهم يعتقدون أن فصائل مدعومة من إيران تقف وراء الهجمات.
    المزيد من التدهور الأمني في درعا
    صعدت الميلشيات الموالية لإيران عمليات الإعدام الميداني، بدلاً من اعتقال المطلوبين على الحواجز والنقاط الأمنية في محافظة درعا.
    وقال “تجمع أحرار حوران” في تقرير إن قوات النظام تقوم بمراقبة الضحايا حتى مرورهم عبر النقاط الأمنية، أو عن طريق خطفهم من الطرقات الواصلة بين مدن وبلدات المحافظة، لتقوم باعتقالهم ومن ثم قتلهم ورميهم على قوارع الطرقات.
    ونقل عن قيادي سابق في “الجيش الحر”، قوله إنّ تلك الميلشيات تحترف هذا النوع من العمليات، في ظل الفوضى الأمنية التي تشهدها المحافظة، وعدم وجود جهات أو مجموعات منظمة وفعّالة تواجه خطر هذه الميليشيات، محذراً المطلوبين من المرور عبر النقاط العسكرية أو الخروج في أوقات متأخرة على الطرقات الخالية، كون هذه الميليشيات تمتلك شبكة من الجواسيس داخل المدن والبلدات، هدفهم نقل تحركات المطلوبين.
    وكان “مكتب توثيق الانتهاكات”، قد وثق مقتل 42 شخصاً في محافظة درعا، بينهم مدني قتل تحت التعذيب في سجون النظام، إضافة إلى شخصين من محافظة السويداء قتلا على أيدي مسلحين في منطقة “اللجاة” أثناء قيامهم بقطع الأشجار، ومقاتل واحد رفض إجراء التسوية قتل برصاص قوات النظام أثناء مداهمة منزله، وطفلة قتلت بالرصاص خلال عملية اغتيال والدها.
    ووثق المكتب 27 عملية اغتيال، أسفرت عن مقتل 23 شخصاً، وإصابة 3 آخرين بجروح متفاوتة، ونجاة 7 أشخاص، وضمت قائمة الضحايا: رئيس المجلس البلدي في بلدة المسيفرة، ورئيس الجمعية الفلاحية السابق في قرية صيدا الحانوت، وإمام مسجد في مدينة طفس، بالإضافة لعشرة أشخاص لم يسبق لهم الانتماء لأية جهة عسكرية، بينهم أربعة متهمين بالعمل في تجارة المخدرات.
    كما قتل قيادي سابق في الجيش الحر يتهم بالعمل لصالح فرع المخابرات الجوية، وعنصر سابق في الجيش الحر، وآخر يتبع لتنظيم “داعش”، بالإضافة لشخصين يعملان ضمن اللجان المحلية التابعة لجهاز الأمن العسكري.
    وسجل المكتب مقتل ثلاثة عناصر يتبعون لمجموعة مسلحة موالية لفرع الأمن العسكري، وعنصرين آخرين جميعهم قتلوا بإطلاق النار عليهم في مناق مختلفة بالمحافظة درعا.
    كما وثق المكتب اعتقال 32 شخصاً من قبل قوات النظام في محافظة درعا، عثر على جثث خمسة منهم في طرقات عامة بعد اعتقالهم على حواجز عسكرية، بالإضافة إلى اختطاف 9 أشخاص، قتل أربعة منهم بعد اختطافهم من قبل عصابات مجهولة
    في هذه الأثناء؛ يقوم مقاتلون سابقون في فصائل المعارضة بحملة مداهمة واسعة استهدفت عناصر وخلايا من تنظيم “داعش” في مدينة جاسم بريف درعا الشمالي، وبدأت الحملة في 14 أكتوبر الجاري، حيث أعلنت مساجد المدينة عبر مكبرات الصوت فرض حظر التجوال، وذلك عقب زيادة ملحوظة في عدد عناصر التنظيم الذين أصبحوا يتحكمون بالمدنيين، وافتتحوا محكمة في أحد مزارع المدينة.
    وقدرت المصادر وجود نحو 100 عنصر من التنظيم المتطرف في المزارع المحيطة بمدينة جاسم، التي تحاصرها قوات النظام منذ أكثر من شهر.
    ونقلت وكالة “تاس” الروسية للأنباء عن الجنرال أوليغ إيغوروف (16 أكتوبر) قوله إن القوات الروسية والسورية قتلت 20 متطرفا في عملية بجنوب سوريا، بينهم مسؤولون عن تفجير حافلة للجنود.
    وتعيش المحافظة في حالة من الفوضى منذ مطلع شهر أكتوبر، في ظل تصاعد التوتر الأمني في مدنها وأريافها، حيث تم تسجيل 19 عملية اغتيال في الأيام الأربعة الأولى من الشهر، أبرزها: استهداف دورية أمنية تابعة للنظام بالرشاشات، على الطريق الواصل بين مدينة درعا ومدخل بلدة اليادودة، ووقوع مواجهة في بلدة المسيفرة أثناء ملاحقة دورية أمنية مشتركة لمطلوبين في البلدة.
    وفي 10 أكتوبر؛ وقعت مواجهة بين مجموعة تتبع لفرع الأمن العسكري مع أهالي بلدة “خراب الشحم”، نتيجة تعديهم على البلدة، وطرد المزارعين من أراضيهم بقوة السلاح.
    كما استهدف مجهولون (3 أكتوبر) دورية أمنية مشتركة للقوات الروسية وقوات النظام على الطريق الواصل بين قريتي علما والصورة شرقي درعا، وأسفرت العملية عن مقتل عنصرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى