مقالات

“الحيّة” و”الأسد”!

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

من المعروف أن “الحيّة” هي أنثى الثعبان، ومن فصيلة الحيوانات الزاحفة التي لا أطراف لها، وتتحرك زاحفة على بطنها بدفع عضلاتها، ومن الحيوانات السامة التي ما أن تعضّ بنابها حتى يندفع سُمّها يسري في جسد فريستها فترديها قتيلة.

وتتفاوت شدة تأثير السمّ في جسد الفريسة من “حيّة “إلى أخرى باختلاف نوعها.
هذه المقدمة عن الأفاعي والثعابين وسمومها نضعها توطئة لموضوعنا الذي اخترنا له عنواناً لافتاً وكأننا سنتحدث عن قصة من القصص التي جاءت في كتاب “كليلة ودمنة”، لكننا نتحدث هنا عن بشر لهم اسماء حيوانات، “حيّة” و”أسد”:
“الحيّة”: هو “خليل الحيّة” القيادي في حركة “حماس”، و”الأسد” هو: “بشار الأسد” راعي الشؤون الإيرانية والروسية في سوريا، والمتخذ من “قصر الشعب” مكاناً لإقامته
يستقبل فيه العملاء والخونة وآخر من استقبل في قصره العميل “خليل الحيّة”ومجموعة من مرتزقة حركة “حماس “، جاءوا إليه ليعلنوا له الولاء والطاعة بإيعاز من ولي نعمتهم الولي الفقيه”خامنئي”.
لم يكن اللقاء مفاجئاً لمن يتابع التحركات الأخيرة لقادة حركة “حماس” باتجاه حاكم سوريا، ومحاولتهم تلميع صورته الملطخة بدماء الشعب السوري والفلسطيني، تلميعها بذقونهم ولحاهم الملطخة بالعار والخيانة والنفاق الرخيص، ولم يكن المشهد مستغربا ً
فقد كان اللقاء بين وكلاء لإيران في كل من “غزة” و”دمشق” وفق البرامج الموضوعة لمحور المقاومة من قبل المرشد الأعلى في طهران.
المستغرب هو ما رأيناه من قدرة لدى “الحيّة” على استبدال جلده بهذه السرعة الفائقة، فالذي قرأناه في كتب الحيوانات عن “الحيّة” أنها تستطيع استبدال جلدها كلما انتفخ جسدها ولم يعد الجلد يتسع لهذا الجسد، فتقوم بالإحتكاك الصخور حتى تتمكن من التخلص من الجلد القديم بجلد آخر وهذا يقتضي فترة من الزمن ربما تمتد لأشهر، أما ما حدث في قصر الشعب في سوريا بعد لقاء “الأسد”ب “الحية”.
هو أن الأخير -أي الحيّة- وفي ختام الزيارة، وفي لقاء مع الصحافة، كان قد أدلى بتصريح قال فيه ما معناه: أن قادة حركة حماس قاموا بزيارة الأسد بدفع ورضا من “قطر” و”تركيا” اللتين تسعيان للتطبيع مع النظام في دمشق! وأن قطار التطبيع ماض في طريقه إلى “محطة الحجاز في دمشق”والمسألة مسألة وقت لا أكثر، سيعود بعدها رأس النظام ليأخذ مكانه في مؤتمر القمة العربية القادم!
مضيفاً أن دمشق لم تبخل يوماً “-حتى في فترة قطع العلاقات- عن دعم الحركة بكل ما تستطيع!!!
هذا ما قاله “الحيّة” بعد الزيارة، ولكنه سرعان ما تراجع عنه وبدّل جلده خلال يوم واحد فقط -خلافاً لطبيعة الأفاعي في استبدالها لجلدها الذي يحتاج لأسابيع أو أشهر- ليعلن أن حركة حماس تأخذ قرارها بنفسها ولا تقبل الإملاءات من الآخرين وأن الزيارة لم تكن بدفع من الأتراك أو القطريين بل أن الزيارة اقتضتها ظروف المرحلة التي تتطلب توحيد قوى الصمود والمجابهة ممثلة بمحور المقاومة الذي يعتبر دمشق غرفة عملياته التي يجري فيها إعداد خطط تحرير فلسطين بمقدساتها الدينية !!!
لماذا تراجع الحيّة بهذه السرعة عما قاله؟
الجواب بسبب “الصرامي” التي انهالت على رأسه من “قطر” و”تركيا” وحتى من النظام في دمشق، مستنكرة ما جاء بتصريحه، فالأتراك والقطريون استهجنوا ما جاء بكلامه معلنين أن لا صحة لما قاله جملة وتفصيلاً، وكذلك نظام الأسد الذي أعلن- بعد نفي قطر وتركيا علمها بهذه الزيارة- أنه لا يقبل أية وساطة بينه وبين خصومه الأتراك والقطريين.
لقد ظهر “الحيّة” بجلده الجديد مقرفاً بشعاً إلى الدرجة التي احتقره فيها الجميع ولم ينفعه خداعه حتى ولو أورد على لسانه الكثير من الآيات والأحاديث وشذّب لحيته، وهذّب هندامه كي يظهر بمظهر المجاهد الورع .!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى