مقالات

إعادة التنظيم

محمود الجاف

كاتب وصحفي عراقي
عرض مقالات الكاتب

الأخوات والإخوة الذين كانوا يبشرون بقرب الانتصار والتحرير أو ينتظرون من أمريكا أن تقود لصالحهم عملية التغيير ويعتقدون أنها وعمائم الشياطين في صراع عسير..
إليكم كلمة السفيرة الأمريكية في التويتر. (أرحب بتعهد رئيس الوزراء المكلف بمكافحة الفساد والدفاع عن السيادة العراقية + الأمن وتشكيل حكومة مكرسة لخدمة شعب العراق تلتزم الولايات المتحدة بالدعم والشراكة مع الحكومة العراقية الجديدة لتعزيز هذه الأهداف المشتركة)

 
ولهذا أقول: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُوشكُ أن تَداعى عليكُم الأمَم كَما تَداعى الأكلةُ إلى قَصعتها ) فقال قائل: ومِن قلة نحنُ يَومئذ؟ قال (بل أنتُم يومئذٍ كثير ولكنكُم غُثاء كغثاء السَيل ولينزعنَ الله من صُدور عدوكُم المَهابة منكُم وليقذفَنَ في قلوبكُم الوَهن)، فقال قائل: يا رسول الله وما الوَهن؟ قال: (حُبُ الدُنيا وكراهيةُ المَوت).

وإعادة التنظيم التي أعنيها تشمل كُل شيء في الحَياة بَدءاً من مُراجعة الشخص لنفسه وحَياته والعودة من جديد بعد التعثر والتخطيط للوصول إلى أهدافه وتصحيح الأخطاء ثم إعادة تَرتيب الأسرة وكيانها وأسلوب عَلاقتها ببعضها ونشر الحُب والطمأنينة لينشأ الجَميع في بيئَة اجتماعية صِحية قادرة على الوصول إلى النجاح وكذلك المُجتمع، الكل بحاجَة إلى إعادة التنظيم وليست الجُيوش والمُؤسسات والتنظيمات العَسكرية والمَدنية فقط..
فكلنا نُخطئ ونتراجع ولهذا تَوَجب علينا البَحث في السلبيات وتَجاوزها والنُهوض والبدء من جديد فمازال لدينا الوَقت الكافي ولو بقي من حَياتنا يوم يُمكِنُنا التَغيير. 

إن حَجم الأخطاء يَتسع كُلما كبُر عُمر الشَخص ومَسؤولياته التي يَجب أن تَقودهُ إلى التفكير الجِدي في هذا المَوضوع الشائك الكَبير المُهم والاستراتيجي فقد تمكَن الفِكر الصَفوي من ارتداء قناع المُقاومة وَالتَسلل بينها وقتل العراق والعراقيين ونفذ عمليات شَوهت سُمعتها وأفقدتها الحاضنة الشَعبية وحَوَلَ رأي الشارع والعالم العربي والإسلامي والأمريكي إلى اتهام المَناطق الساخِنة لإسكاتها وتدميرها، وقد نَجح وتمكَنَ من تَرسيخ تلك الأفكار وجعل من نفسهِ الداء والدَواء ولهذا استعانت به الصِهيونية ومازالت وأطلقتهُم على كل الدُول والمُدن والقُرى التي قاومتهُم وأثخنوا فيها الجراح ولهذا لابُد من إعادة بَرمجة الفكر وفق المُعطيات التي ظَهرت بعد الاحتلال.

وأخطأ من تصوّر إن الصَليبيينَ والصَهاينة سَيتخلون عن جرائهم المَسعورة من المجوس الذين يُعَبدون لهُم الطَريق أينما مَروا وحققوا لهم أهدافهُم ومكنوهُم من الوصول إلى أحلامهم بسهولة.
تذكروا دومًا أن هؤلاء لا يفهمون إلا لُغة القُوة..

عُقول كَبيرة وشَخصيات لها تاريخ بُطولي في مُقاومة المُحتل تركت وحُوصرَت في زوايا ضيقة وأخرى تَصَدرت المَوقف لم نَراها في الساحات أو نَسمَع عنها وعُدنا مَرة أخرى إلى الكَذب وإتباع الشَهوات وحبُ المال والنِساء والمناصب. وهذه العوامل لاتخرج المحتل،بل تعزز وجوده. 

الأهَم أولاً أن نعتَرف أن هُناك مشاكل وأخطاء ثم نصححها وأن نشكل هيئة الرأي التي تتكون من (أشخاص لديهم بصيرة ورؤيا ثاقبة للمستقبل وليس عيون فقط لا ترى ابعد من أحذيتها) والاقتناع بأن الحرب دينية أو فأقرؤوا على الأمة السَلام.. 

لقد هبَّت علينا رياحُ الهُموم وغَشيَنا ظلامٌ كَثيف وحاصرَتنا الأحزان. ولكن إذا أغلق الشتاء أبواب قلبك وحاصرتك تلال الجليد فانتظر قُدوم الربيع وسترى أسراب الطُيور كيف عادت تُغني، لتصنع لك حُلُماً جديد، وتعيدُ لأيامك البهجة والسُرور. 

ان الناس مَعادن تَصدأ بالمَلَل وَتَتَمَدَد بالأمَل وَتَنكَمش بالألَم وَالثقة بالله أزكى والتَوكُل عليهِ أوفى عَمَل  وتذكروا دوما إن القائد الناجح: هو الذي يُحول الفشل إلى نجاح والدموع إلى ابتسامة والضعف إلى قوة، وُلدَ النبي مُحمد صلى الله عليه وسلم يَتيمًا وَعاشَ فَقيرًا وَعُذِب وكُذبَ وطُعِن في عِرضِهِ ووُضِعَ سَلا الجَزور على ظَهره وأدموا قَدمَيه فَدَعا الله أن يُخرجَ من أصلابهم من يَنصُر هذا الدين، رغم انه كان يريد انقاذهم مِن بَراثِن الشِرك.

فلا تَحزَنوا لِتَجمُع أحزاب هذا الزَمان عَلينا واغتنموها فُرصَة لِدفق الأمَل في قُلوبٍ أحبَطَها اليأس وَابشِروا وأمِّلوا ما يَسُرُكُم فَعُمر الإسلام طَويل، في الغار ورَسولُ الله صَلَ الله عَليهِ وَسَلَم يَنظُر إلى أقدامِ المُشرِكين قالَ ( لا تَحزَن إنَ اللهَ مَعَنا ) وَكانَ مُطارَداً وَيُبشِرُ سُراقَة بِأنَهُ سَيَلبَس سِوارَي كِسرى، وَلو إنا قَتَلنا كُلَ فَرحَة وَأطفَأنا كُلَ بَسمَة وَتَلفَّعنا بِالغَم ما حَرَّرنا شِبراً وَلا أشبَعنا جوْعَة وَلا أغَثنا لَهفَة وَإنَما وَضَعنا ضَغثاً على إبالَة وهكَذا الإعتِصام بِالله فَقَد كانَ إذا أصابَهُ غَم لَجأ إلى الصَلاة يَشكو إلى رَبَهُ وَيُناجيهِ فَهُوَ يَهوي إلى رُكن شَديد.

فَيا مَن وَقَعتَ في شِدَة إرفَع يَدَيكَ إلى السَماء وَادعو وَالله يَعصِمُكَ مِنَ الناس.. 

قالَ الشاعِر :
ألا قولوا لِشَخص قَد تَقَوى
عَلى ضَعفي وَلَم يَخشى رَقيبا

خَبَئتُ لهُ سِهاما في الَليالي
وَأرجو أن تَكونَ لهُ مُصيبا

ان الدنيا تَدور وسَيخرج من بين بَراثِن هذا الألم جيل يُعزِ الإسلام وأهلهُ وَيُعيدوا الحَق الذي ضاع ويقتَصوا مِن الرِعاع، فلا تَهنوا ولا تَحزنوا فَقد وَعَدَنا الله بِنَصرِه إنهُ لا يُخلفُ الميعاد..

أليسَ اللهُ بِكاف عَبدَه ؟ 
فَلِماذا نَشكو إلى الناس وَنَبُثُ الهَزيمَة في مَجالِسِنا وَاللهُ يَقول: (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُون (64) الأنعام … 

اللهمَ أحينا ما عَلِمتَ الحَياة خيرًا لنا وتَوفنا ما عَلمتَ الوَفاةَ خيرًا لنا وإذا أردتَ فتنَة قَوم فاقبِضنا إليكَ غَير مَفتونين ولا مُبَدلين وَلا مُغيرين ياربَ العالمين .

 (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) سورة يوسف الآية21

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى