مختارات

الرقة بعد 5 سنوات من هزيمة “داعش”: خدمات متدنية ومعاناة لم تنتهِ

وكالات|

لم تستطع السنوات الخمس التي مرت على هزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي في مدينة الرقة من تحسين أوضاع المدينة، إذ لا يزال مستوى الخدمات ضمن شمال سورية في حالة سيئة، لا سيما أن أجزاء واسعة من المدينة لا تزال بدون محطات كهرباء وسط نسبة الدمار الكبيرة.

وعلى الرغم من وجود 128 منظمة إنسانية محلية ودولية عاملة في منطقة الرقة، إلا أن مستوى الخدمات والوضع المعيشي في المدينة ما زال في أسوأ حالاته، لا سيما أن المدينة وريفها تحتوي على 58 مخيما ومركزاً للإيواء، وسط انتشار ظاهرة التسول، والتسرب المدرسي نتيجة عمالة الأطفال، إضافة إلى هجرة الشباب إلى تركيا ومناطق أخرى خلال العام الأخير خشية من حملات التجنيد الإجباري التي تنفذها قوات “سورية الديمقراطية” (قسد) بين الفينة والأخرى.
يقول عبود حمام، وهو مصور صحافي مستقل يتحدر من مدينة الرقة، في حديث لـ”العربي الجديد”: “الواقع المعيشي في مدينة الرقة سيئ جداً وصعب، وخاصة في ظل عدم توفر فرص العمل”، مشيراً إلى أن “الأهالي في الرقة يعيشون حالة عدم استقرار بسبب التهديدات التركية في مناطق شمال شرقي سورية، إضافة إلى تخوفهم من مصالحة واتفاق بين قسد والنظام”، مشيرا إلى أنه في ظل عدم وجود حل سياسي فلا وجود للاستقرار في المدينة.

ولفت حمام إلى أن المنظمات الموجودة في محافظة الرقة “تهتم فقط بالمشاريع الثقافية والمعنوية والفكرية، ولا تلتفت بشكل جيد إلى الواقع الخدمي والمعيشي في المدينة، وأغلب الأموال تُصرف على المشاريع غير العائدة بالنفع على أهالي المدينة”، موضحاً أن “أجزاء واسعة من المدينة لم تصلها الكهرباء بشكل صحيح، وساعات التقنين لا تزال موجودة”، متسائلاً: “هل من المعقول بعد خمس سنوات من سيطرة قسد على المدينة تظل أزمة الكهرباء دون حل؟”.
بدوره، أكد الناشط خالد عيسى، وهو من أبناء مدينة الرقة، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “أحياء مركز مدينة الرقة لا تزال خارج الخدمة، وهي حي البدو، وحي شمال الملعب، وحي الفردوس، وحي الجميلة، وحي حارة معاوية، وحي شارع القطار، وحي شارع الساقية، وحي شارع المنصور شمالاً، وحي شارع الوادي، وأحياء شارع تل أبيض والمجمع الحكومي، وهذه الأحياء جميعها لا توجد فيها كهرباء نتيجة الحرب، ويستعيض الأهالي بكهرباء الأمبير (مولدات الديزل) وكلفتها باهظة الثمن”.

وأشار عيسى إلى أنه “تم اكتشاف 28 مقبرة جماعية في المدينة بعد سيطرة قسد عليها، وبين الفينة والأخرى يتم اكتشاف مقابر جماعية أو العثور على جثث بين الأحياء التي دخلها التنظيم سابقاً أو قتل أصحابها نتيجة الغارات الجوية من قبل التحالف الدولي”، مشدداً على أن “هناك ما يقارب الـ4900 جثة ضمن تلك المقابر تم الإفصاح عنها من قبل فريق الاستجابة الأولية في المدينة”.

ولفت عيسى إلى أن “هناك إدارة فاشلة من قبل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية في مدينة الرقة، حيث يتم إجبار المعلمين والمعلمات على تدريس مناهج تبتعد عن الدين والأخلاق أو أي مرجع أدبي أو فلسفي آخر سوى مرافعات لقائد حزب العمال الكردستاني (PKK) عبد الله أوجلان، وهي مرافعات تبتعد عن قيم سكان المنطقة والمجتمع، ويتم تدريسها في الأكاديميات التي يتم إجبار المعلمين والمعلمات والموظفين والموظفات عليها”.

وأضاف أن “هناك فسادا إداريا وماليا في مدينة الرقة، خاصة في السلطة القضائية، حيث إنه لا يتم تجريم السرقة ولا المخدرات، لا سيما أن الظاهرتين باتتا واضحتين للعيان في ظل غياب أي رادع أخلاقي أو قانوني”.
وقال المحلل السياسي السوري الكردي فريد سعدون، عبر صفحته الرسمية في “فيسبوك”، إنه “من أكبر الأخطاء التي وقعت فيها الإدارة الذاتية هي تدخلها السافر في شؤون الناس الشخصية والعقائدية والتعليمية والأملاك الخاصة”، موضحاً أن “تدخلهم في الشؤون الشخصية وهي الزواج (سجن من يتزوج امرأة ثانية)، وتدخلهم في شؤون الدين (الإسلام الديمقراطي)، وفرضهم نظاما تعليميا يخصهم (غير معترف به)، واستيلائهم على أملاك الغائبين”.

ولفت سعدون إلى أن “الإدارة ما زالت سلطة أمر واقع، ولم تتحول لدولة مؤسسات، ولا لمنطقة حكم ذاتي معترف بها”، مُشيراً إلى أنه “كان عليها أن تهتم بالجانب الأمني والسلم الأهلي والمعيشي والتركيز على الحل السياسي الذي هو الأساس الذي ستتضح وفقه الرؤية المستقبلية لسورية، وبناء عليه يتم تنظيم المجتمع”.

وبحسب تقرير أعدته مؤسسة “راند” البحثية، فإن المعركة التي نفذها الجيش الأميركي بالاشتراك مع “قسد”، والتي استمرت عملياً خمسة أشهر، أدت إلى جعل 60 إلى 80 في المائة من المدينة غير صالحة للسكن، وبيّن التقرير أن الضربات “المُستهدفة” والقصف المدفعي لقوات التحالف على الرقة تسببا، بين 6 و30 أكتوبر/تشرين الأول 2017، بمقتل ما بين 744 و1600 مدني، حسب إحصائيات التحالف ومنظمة العفو الدولية وموقع “إيروورز” (Airwars) المتخصص.

ووفقاً لأرقام الأمم المتحدة التي استشهدت بها “راند”، فقد تم تدمير أو إلحاق الضرر بنحو 11 ألف مبنى، بين فبراير/شباط وأكتوبر/ تشرين الأول 2017، بما في ذلك 8 مستشفيات، و29 مسجداً، وأكثر من 40 مدرسة، و5 جامعات، بالإضافة إلى نظام الري في المدينة.

المصدر: صحيفة العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى