مقالات

قراءة الصحف الموالية في التغييرات الدبلوماسية التي أجرتها “أنقرة مؤخرا”.. خطاب دبلوماسي أم عنجهية ورسائل داخلية؟




فراس العبيد/
هللت تقارير إعلامية موالية، للتغيرات التي أجرتها “انقرة” في وزارة الخارجية، ومن خلال حركة التنقلات الدبلوماسية اﻷخيرة، وسوقتها في إطار “مبادرة حسن النية”، مع “التشكيك” في إمكانية إحداث تغيير حقيقي على اﻷرض قريبًا.
ونقلت صحيفة “الوطن” الموالية، عن خبراء متابعون للملف السوري في أنقرة، لم تسمهم، “أن تغيير المسؤولين الثلاثة في الفريق المسؤول عن الملف السوري بوزارة الخارجية التركية، يندرج ضمن جهود النظام التركي لتوفير الظروف المناسبة من أجل تحقيق تقدم في التقارب مع دمشق، وخطوة إضافية كبادرة «حسن نية» من الحكومة التركية تجاه نظيرتها السورية”.
استدارة إعلامية:
وتصف الصحيفة الخطوة بأنها استدارة إعلامية من “النظام التركي” حول “القيادة السورية”، حسب وصفها.
واستخدمت عبارات قديمة ذات دﻻﻻت داخلية، واضحة المضمون، تؤكد السير في الخطاب “العنجهي” المعتاد، الذي يرمي إلى تقديم “جرعة انتصار سياسي” للداخل السوري الذي يعيش اليوم أزمة “اقتصادية – معيشية” حادة.
وبحسب رأي الخبراء الذين نقلت عنهم الصحيفة الموالية، فإن جدول التنقلات الدبلوماسية، وإن كان روتينياً ويحصل كل فترة، إلا أن إنهاء تكليف جميع أفراد الطاقم المسؤول عن الملف السوري من مهامهم ذو مغزى مهم في مثل هذا التوقيت بالذات من عمر الحديث عن حدوث استدارة من نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حيال القيادة السورية، وإن كانت إعلامية لم تترافق بعد مع نتائج ملموسة على أرض واقع العلاقات السياسية المقطوعة منذ أكثر من عقد بين البلدين، على خلفية تدخل النظام التركي في الشؤون الداخلية لجارتها سورية واحتلال أراض لها ودعم الإرهابيين فيها”. حسب قولهم.
عدم نضوج الرؤية الدبلوماسية:
والراجح أن النظام، يدرك من خلال حديث الخبراء الذين نقلت عنهم صحيفة “الوطن”، أن مستوى التقارب بين تركيا ونظام اﻷسد، لا يزال بعيدًا، وﻻ يمكن تحديد فترة انتقال من التفاوض والتنسيق المخابراتي إلى الشق الدبلوماسي.
واعتبر الخبراء أن التغيير الدبلوماسي في الخارجية التركية، يندرج في سياق إيجاد فريق جديد للملف السوري يرسم ويقود التوجهات الجديدة لأنقرة حيال تحقيق مصالحة مع دمشق، بعقلية وذهنية جديدة تفترق عن سلفه في اقتراح وتنفيذ سبل الانفتاح وموجباته في المديين القريب والمتوسط، وإن لم تصل الأمور أو تنضج في المرحلة الحالية لإنشاء قناة دبلوماسية، بغض النظر عن حجمها، لتحقيق اختراق في الملف، الذي تدور مفاوضاته على مستوى جهازي الاستخبارات بين البلدين، من دون تحديد فترة زمنية لإمكانية انتقاله إلى الشق السياسي، الذي يبدو أنه ليس بمتناول اليد راهناً.
أهداف انتخابية:

وتنظر الصحف الموالية، من خلال ما تقدمه على لسان محلليها الذين تستضيفهم، إلى التطور في العلاقة بين أنقرة ونظام اﻷسد، تحمل “أهدافًا انتخابية داخلية”، فقد أعرب الخبراء عن اعتقادهم أن الحاجة اليوم تقتضي تعيين شخصيات جديدة عن الملف السوري في الخارجية التركية، بعد التطورات التي حصلت في السياسة الخارجية التركية إزاء القيادة السورية حسب وصفهم ورغبتها في التقارب معها لأهداف انتخابية داخلية، إذ إن الفريق القديم للملف جيء به قبل انطلاق مسار «أستانا» مطلع ٢٠١٧ بين الدول الضامنة روسيا وإيران والنظام التركي، بغية التفاوض بشأن الملف السوري والتعامل مع مخرجات المسار، وهو ما فرضته تبدلات القرار السياسي التركي إثر دخول علاقاته الخارجية مرحلة جديدة عقب قمتي «طهران» و«سوتشي» الأخيرتين بين قادة الدول الضامنة.
صلاحيات لجهاز المخابرات:
وينظر الخبراء الموالون إلى أن أردوغان يستهدف من التغيير الدبلوماسي سابق الذكر، وبغض النظر عن انفتاح مسؤولي الملف السوري السابقين على دمشق، إعطاء صلاحيات أكبر لجهاز استخباراته في إدارة المفاوضات بهدف ضمان سرعة التوصل إلى نتائج من دون تدخل مسؤولي الملف السوري بسبب سطوتهم ونفوذهم الكبير داخل الخارجية التركية، وبخاصة سادات أونال «مهندس الملف السوري» في أروقة مفاوضات الدول الفاعلة فيه، والذي يمسك بالملف منذ تعيينه نائباً لوزير الخارجية في آب ٢٠١٨، حسب وصف وسائل إعلام تركية.
تصفير المشاكل:
وتوقع الخبراء الذين نقلت عنهم الصحيفة الموالية، أن نظام أردوغان حسب وصفهم قد يحدث تغييراً في جهاز مخابراته أيضاً لينسجم مع ما هو مطلوب منه مستقبلاً وللعمل بشكل انسيابي مع إدارة الفريق السوري الذي سيجري تعيينه في الخارجية التركية، وذلك من أجل التكيف مع الحقائق التي ستفرضها سياسة «تصفير المشاكل» الجديدة، وبخاصة مع دول الجوار، وفي مقدمتهم سورية.

وكالعادة، مررت آراء الخبراء التوصيفات التي تستهدف تلميع النظام، كعبارة “انتهج النظام التركي وحكومته سياسة خاطئة تجاهها أي اتجاه نظام اﻷسد أدت إلى تعريض أمنهم القومي للخطر وضغط كبير من اللاجئين السوريين قد يطيح بهم في انتخابات الصيف المقبل، بدل جني مكاسب من تدخلهم في سورية.
ويشار إلى أنه جرى يوم الخميس الماضي تغييرات شمل جدول التنقلات الدبلوماسية للبعثات الدبلوماسية التركية العشر، مسؤولي الملف السوري الثلاثة في وزارة الخارجية، وهم: نائب وزير الخارجية سادات أونال، المسؤول الأول عن الملف والذي عين سفيراً دائماً لدى الأمم المتحدة، واردم أوزان المسؤول الثاني عنه وعيّن سفيراً في العاصمة الأردنية عمان، إلى جانب سلجوق أونال الذي تولى منصب السفير التركي في لاهاي بهولندا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى