مختارات

مملكة “الباذنجان السورية”

معاذ عبدالرحمن الدرويش

كاتب و مدون سوري
عرض مقالات الكاتب

الباذنجان يسميه السوريون ” بأبو العيال” و ذلك لرخص سعره و تنوع أكلاته.
ولعل من حسن حظ هذا النبات البسيط أنه ينمو في بلاد الشام، وقد أبدع السوريون في طرق طبخه وتقديمه على موائد الطعام أيما إبداع.
“فللمحشي” ذكريات لمة العوائل الكبيرة وقصص حب وصلة رحم لا تنتهي، ويعتبر المحشي من أشهر الأكلات الشعبية السورية، حيث يفرغ الباذنجان ويتم حشوه بالرز و اللحم، ومن ثم يتم طهوة “برب” البندورة.
أما للمكدوس قصة عشق وإبداع عند السوريين يستحقون عليها براءة إختراع، و هو يعتبر من أشهر أطباق الفطور لدى السوريين أو ما يسمى بأكلات “الإيدام أو الحواضر”، حيث يتم سلق الباذنجان ومن ثم حشوه بالفستق الحلبي أو الجوز مع الفليفلة الحمراء، ومن ثم وضعه فيما يعرف “بقطارميز”زجاجية أو بلاستيكية مليئة بزيت الزيتون ويحفظ فيها على مدار العام.
يحتاج تحضير أكلة المحشي لعدة ساعات، بينما صناعة المكدوس تحتاج إلى عدة أيام.
المتبل من أشهر أطباق المقبلات في المطاعم ، حيث يتم شواء الباذنجان ومن ثم تحضيره مع اللبن والثوم والطحينة، وللمتبل أخ مشابه له يسمى “بابا غنوج” يعتبر من المقبلات ويصنع من الباذنجان المشوي أيضاً بعد أن يتم قليه بالسمن أو الزيت مع البصل والفليفلة.
ولعل من أبسط أطباق الباذنجان أن يتم طبخه مع البندورة وهو ما يعرف بإسم باذنجان مطبوخ أو “المسقعة”.
و أيضاً من الأطباق البسيطة الباذنجان المقلي حيث يتم تقطيعه إلى شرائح و”قليه” بالزيت المغلي ، ومن ثم يتم تقديمه بطريقيتن إما أن يوضع مباشرة في طبق، أو يتم إعادة طبخه مع البندورة و البصل وهذا الطبق يعرف بإسم “المطبق”.
كباب باذنجان حيث يتم إضافة قطع الباذنجان بالتناوب مع قطع اللحم وتشوى معا.
لم يتوقف إبداع السوريين عند الأطباق المطبوخة، بل صنعوا منه مربى الباذنجان كحلويات، وصنعوا مخلل الباذنجان وأصبح أحد ألذ أنواع المخللات.
ويستخدم البانجان كمادة ثانوية في العديد من الأطباق السورية، ففي “المقلوبة” يوضع الباذنجان المقلي كطبقة من مكونات المقلوبة.
وتكون قطع الباذنجان كمكون مع عدة أنواع من الخضار مع قطع اللحم في أكلة “الكواج”.
كما يتم “تقديد” الباذنجان أي تجفيفه تحت أشعة الشمس لكي يستخدم في الشتاء ، ويتم “تقديد” الباذنجان وفق نوعين المفرغ الخاص بالمحشي والشرائح الخاص بالطبخ و عندما يطبخ يصنع منه طبق “القديد”.
ولعل حصر أكلات و طبخات الباذنجان لا يتسع لها مقال، فهناك العديد و العديد من الأطباق و الأكلات التي لا تنتهي ، و تعتبر بلدة كرناز في ريف حماة الشمالي من أشهر المناطق التي تزرع الباذنجان في سوريا، و هناك عدة أنواع للباذنجان و لعل أشهرها “بيض العجل” الذي يستخدم للمكدوس و هناك الأحمر البلدي و الأسود و غيره.
و لهذا يقول السوريون “الباذنجان أبو العيال” و ذلك لأنه يستر البيوت الفقيرة، لكن لعل كلمات هذا المقال تبدو اليوم مؤلمة لدى الكثيرين من الشعب السوري ، و خاصة أولئك الذين يعيشون في مناطق النظام ، و ذلك بعد أن حاصرهم الجوع و أصبح رغيف الخبز بعيد المنال.
وقع الباذنجان البسيط المتواضع بيد السوريين فصارت له إمبراطورية و ممكلة، ووقعت سوريا بيد “آل الأسد” فقتلوا من أهلها من قتلوا، و اعتقلوا من أهلها من إعتقلوا ، و شردوا من أهلها من شردوا ، و هدموا ما هدموا ، و حولوا “جنة الله في الأرض” ـ كما قيل عنها ـ إلى خراب .
و تحولت دمشق من حاضرة الدنيا إلى أسوأ عاصمة للعيش في العالم قاطبة.
سائلين الله بفرج عاجل على سوريا و أهلها….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى