ثقافة وأدب

على شواطئ ذكرياتها

علي سفان

أديب وفنان تشكيلي سوري
عرض مقالات الكاتب

ذكراكِ عجاجٌ يخنقُني.. ورمادْ
وبأرضِ بَوارٍ يأسرُني.. رملٌ وسرابْ
سحبٌ سوداءُ، ورائحةُ البارودْ
والبردُ القارسُ في المنفى..
وشتاتيْ الضّائعُ عُنواناً، وبقايا جنودْ.
حاولتُ مراراً..
هجركِ أنتِ وذاكرتي
ألّا ألقاكِ على أيّ الطرقاتِ..
بكلِّ صدودْ.
إغلاقَ نوافذِ ذاكرتي
إسدالَ ستائرِ كلِّ حنينٍ..
كلِّ شرودْ
لكنَّ مَلاكُكِ يأسرُ ذاك التاريخَ..
بخيمةِ قهرٍ منذ عقودْ
وشواطئِ ذاك النَّهرِ وبأسي..
لفحةِ رمضاءِ الصّيفِ..
وآبِ اللهّابِ على خدّيكِ تسودْ
فأُملّحُ جُرحيْ بالصَّبرِ العربيِ..
وبعضِ وعودْ.
كم أكرهُ فيكِ أغاني تطفحُ باليأسِ..
تُعششُ فوق صُدورِ النَّدبِ..
ولطمِ الخدِّ لهِجْرةِ أحبابٍ وصدودْ
والحزنُ السّاكنُ في عينيكِ..
سوادِ الكحلِ بَهيمْ . وعباءاتٍ سودٍ لنساءٍ تسعى.. نائحةً من شرقِ النهرِ إلى غَرْبِه ما بين الحُزنِ وبين البُؤسِ عقودْ. عرّافةُ (ماري) أم (دورا)* يا أنتِ
متنبأةٌ بِأساكِ وفيضِ اليأسِ..
وفي ألفيَّةِ عمقِ شتاتيْ..
والأحلامُ يبابْ.. والدربُ سُدودْ.
كم أكره فيَّ حنينَ الرغبةِ والأشواقْ
فالوجدُ (كَزَّلِّ)* الشاطئِ أدماني
والشّوقُ عنيدْ.
ناديتُ خذيني في غَفَلةِ عمرْ
بي وابلُ غيثٍ.. بي غيمٌ بالحَملِ ينوءْ
والعمر طريدْ
فخذيني هطلاً يُحيينا
يروي شطَّيكِ ويرويني
قلبيْ قفرٌ.. والليلُ سَجى
والجرح صديدْ
والأرضُ بما رَحُبت ضاقتْ
والنَّسرُ يهيمُ بلا مأوى.
الكونُ سياجٌ شائكةٌ، عسسٌ وحدودْ
وشواطئ تحرسُها الحيتانُ الشُّقرْ
وضباعٌ سُمرٌ تحرسُ..
قَفْرَ صحارى الرَّملِ بكل جحودْ
يتلاشى الحلمُ وينأى ذاك الدَّربْ
والبعدُ يطولْ
والعمرُ على أبوابِ رحيلْ
والليلُ كَؤودْ.
9-2022
…………………….

  • بهيم: حالك.
  • ماري: مملكة ماري العمورية على ضفاف الفرات.
  • دورا: مملكة دورا أوروبوس على ضفاف الفرات.
  • الزل: نبات القصب على شواطئ الأنهار.
  • كؤود: اشتد وصعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى