سياسة

التَّطوُّر الزَّمني للدّيموقراطيَّة عبر العصور

أحمد إبراهيم الرحال

كاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

لم أعثر قبل أفلاطون على تصوُّر ديموقراطيّ (فيما أعلم) وقد اوضح ذلك في كتابه الجمهوريَّة أو المدينة الفاضلة، والذي قال في مختصره بصنع القرار الذي يعتمد على النُّخب والكفاءات ووصفهم بالأشراف والنُّبلاء، بينما استثنى من صنع القرار ما أسماهم (الرُّعاع) أي عامَّة الشَّعب، وكان مؤثّرا لمن بعده في هذه النَّظريَّة الَّتي اختلطتْ بالثَّقافات الإسلاميَّة المتأخرة في العهد العبَّاسي، أمَّا صدر الإسلام فقد اعتمد النِّظام الاداريُّ على مبدأ الشُّورى الَّذي كان فيه ثلاثة أشكال في صنع القرار:
1-مجلس أعيان القبائل، وهو مايعادل الآن ممثلي الأحزاب.
٢-مجلس المهاجرين والانصار وفيه الكفاءات من الصَّحابة على كل المستويات.
3-مجلس عامَّة النَّاس وكانوا يجتمعون بالمسجد وينادون الصَّلاة جامعة، ويتدارسون القرار الَّذي يتَّخذونه، وفي ذلك أمثلة كثيرة كمثال قرار غزوة أحد الَّتي وافق النَّبي فيها على قرار الجمهور وعدل عن رأيه فيها رغم رؤيا رآها ورؤيا الأنبياء وحي، وغزوة الخندق الّتي استشار فيها عوام الشَّعب وقال فيها أحد المقاتلين وهو سلمان الفارسي وأخذوا برأيه، وحادثة أمِّ سلمة، في فتح مكة ومشورتها على النّبي، وكان الشَّعب جميعا يستطيع محاسبة الخليفة، وهناك امثلة كثيرة، كحديث ذي الخويصرة (اعدل يامحمد) وحديث الشفاء بنت عبدالله( أخطأ عمر وأصابت امرأة)، وحديث العباءة عندما وصل عمر عباءته من عباءة ابنه عبد الله فحاسبه رجل من العامَّة حتى أنَّ الحديث لم يذكر اسم ذلك الرَّجل ، مايدلُّ ذلك على أنَّه واحد من العامَّة.
تراجع النِّظام الإداريُّ الدِّيموقراطيُّ في عهد الفاطميين ليكونَ قرارا يشابه مرحلة الانحطاط بأوربا نوعا ما ولم تكن هناك فسحة بالقرار إلّا لمجلس الأعيان أو مجلس الحكم المتوافقين مع الملك وبذا يتحوَّل ذلك النِّظام الدِّيموقراطيُّ إلى نظام ديكتاتوري ومجلس مصفقين وقد راق للعرب هذا النظام في عصرنا الحالي وقلدته الانظمة العربية.
قامت الثَّورة الفرنسيَّة على حكم رجال الدين أو مايسمى حاليا حكم (الملالي) الَّذين جعلوا لانفسهم قدسيَّة في قرارهم واحتكروا الدِّين في شخوصهم، نتج عن ذلك ديموقراطيَّة ناقصة نسبيَّاً عما وصلت إليه الدِّيموقراطيَّة الحاليَّة في اتِّخاذ القرار ثمَّ التَّصويت عليه او نقضه، كذلك قامت الثَّورة الشيوعية المعتمدة على العمال (البروليتارية) وبذلك تكون هناك نظرة عكسيَّة تماما لنظرية أفلاطون الَّذي لايشارك فيها (الرُّعاع) باتِّخاذ القرار.
أمّا في العصر الحديث فقد طُوِّرت الدّيموقراطيَّة لمشاركة الشَّعب في اتِّخاذ القرار منعا لاتِّخاذ القرار الخاطئ ، بناء على نظرية العقل الجمعي، وبالتَّالي فالشَّعب هو الذي أصدر القرار وهو المسؤول عن قراره، ومثال ذلك الدُّول الاسكندنافيَّة.
وهذا الشَّكل من الدِّيموقراطيَّة هو الأشبه في حالة صدر الإسلام، التَّطور شيئ حتميٌّ فهل سنتطور في إدارة مجتمعاتنا؟؟
الجواب لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى