مقالات

حماس وإعادة العلاقات مع سفاح سوريا…وقفات ولقطات

ياسر سعد الدين

كاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

مهما بلغت المواقف من اختلاف وتباين في الرؤى والتناقض، لا يليق بنا أن نخرج عن أدب الخلاف والاختلاف، فاطلاق ألفاظ حادة وتهم شائنة ترتد على اصحابها، وأن كان ذلك لا ينبغي أن يمنعنا من قول ما نحسبه حقًا وصوابًا.

يعاني السنة من هجمات شرسة من سنوات وعقود تستهدفهم كسبيل لاستهداف المنطقة وتفكيكها فهم يمثلون عمودها الفقري والأغلبية العظمى من ساكنيها وتراث الأمة الأصوب والأقوم.

تم استخدام فزاعة التطرف ولعبة داعش لمحاصرة السنة وتدمير حواضرهم ومدنهم التاريخية وتحويل قطاع عريض من شعوبهم لمهجرين ونازحين وتدمير مستقبل اجيالا منهم بحرمانهم من العلم والحياة المستقرة.

لعبت إيران الدور الأحقر والأقذر في استهداف السنة ضمن تآمر غربي ودولي وصهيوني في مسرحيات هزلية لا تحترم عقلاً ولا تأبه لمنطق كمحاربة الارهاب وداعش، وكانت الأغلبية من حكّام السنة وللأسف من أسوأ أدوات تدمير الجسم السني كدمى في يد القوى الغربية والتي لا تأبه بـ(الحكام) إلا لشهواتها وقصورها وأرصدتها.

موقف حماس الأخير وبغض النظر عن مبرراته ومسوغاته سكب زيتًا شديد الاشتعال على حرائق السنة وزاد من لهيبها، وعمق الخلافات واضعف الجسم السني الضعيف ابتداءا من شدة الضربات والنكبات والتي إصابته خصوصا من إيران واتباعها وادواتها في المنطقة.

جرائم الأسد غير مسبوقة على الإطلاق لا تاريخيًا ولا واقعيًا، وعدد ضحاياه وطرق تصفيتهم من الموت تعذيبًا وتجويعًا وتدميرا وكيماويا أمر يفوق الخيال، فما الذي تغير مع حماس حتى تعيد معه العلاقات، انتصاره المزعوم بدعم روسي ارثوذكسي وتوطؤا غربي صهيوني؟ اذا كان انتصار الباطل الظاهري مدعاة للتواصل معه فأين المبادئ والثقة بموعود الله ووعده؟ ولماذا نعيب على المتهافتين على التطبيع مع الصهاينة وهم يرون فيهم القوة الكاسحة في المنطقة!!؟

تعيد حماس العلاقة مع الأسد وهو يتلقى الصفعات والضربات من الصهاينة والذين لا يستهدفونه كنظام -بل أصروا على إبقائه كما أشارت كثير من التقارير- بل يستهدفون سوريا بلدًا وشعبًا، فأي توقيت أسوأ ممكن لمقاومة أن تعيد فيه علاقاتها مع سفاح يبيد الشعب ويقف منكسرًا صاغرًا ذليلاً أمام المحتل؟

بأهمالها المواقف الشرعية والتي أصدرها الكثير من علماء الأمة بحرمة إقامة العلاقات مع الأسد وبتجاوزها المواقف الشعبية الكاسحة، تكون حماس قد ضحت بمرجعياتها الشرعية والسند الشعبي ،لتقف على رمال الأنظمة المتحركة والتي لن تتردد في التضحية بها إن اقتضت مصلحتها ذلك دون أن تجد من يتعاطف معها او ينصرها بعدما أدارت الظهر لهم.

اكثر الجهات فرحا بإعادة العلاقات مع الأسد هما الصهاينة وأيران. الصهاينة وهم يرون ان المقاومة والتي كانت نقطة اجتماع الأمة الوحيدة تقريبا تحولت لنقطة التمزيق الأكثر اشتعالا إضافة لسقوط حماس في ضمير الأمة الشرعي والشعبي. أما إيران والتي فتكت في الجسم السني فترى انها استطاعت ان تحول المقاومة وبشكل شبه مطلق إلى واحدة من ادواتها السياسية والعسكرية في المنطقة.

من الأمور اللافتة أن اكثر الدول اندفاعا للتطبيع مع الأسد كالإمارات ونظام السيسي هي أكثر الدول اندفاعًا للتطبيع مع الصهاينة بل والتحالف معهم! مقاومة نظام الأسد هي التطبيق العملي لباطنية النظام العقدي والسياسي والاخلاقي والتعامل مع مقاومته المزعومة إضافة إلى الافتقار الأخلاقي هو نوع من البلاهة والتحشيش السياسي!

إن المقاومة قبل أن تكون سلاحًا وصراعًا، هي قيم وأخلاق ومبادئ. تتحول أي حركة مسلحة من حركة مقاومة لما يشبه ميليشيات وبندقية للإيجار إن هي تحالفت مع قتلة يستهدفون الأمة وعقيدتها ومساجدها وكرامتها وشرف حرائرها. إن إعادة العلاقات مع نظام طائفي قتل وهجر الملايين واغتصب العفيفات هو سقوط مفجع ومؤلم ليس لأصحابه فقط بل لمن وافقوهم مدفوعين بفتاوى الجغرافيا السياسية!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى