مجتمع

انهيار الأخلاق.. محرقة تبيد الأمم!

أسعد المبارك_ كاتب عراقي|

الأخلاق الحسنة هي عبارة عن حالة إنسانية سلوكيّة، وهي مبادئ وقواعد منظمة لسلوك الإنسان، تقوم هذه القواعد بتنظيم الناس جميعاً، وتعمل على توجيه سلوكياتهم بطريقة تحقق غاية وجودهم، ويمكنهم بهذه الأخلاق أن يتميزوا من بقية البشر. 

الأخلاق هي الأساس لبناء المجتمعات الإنسانية، وهي ضرورة اجتماعية، لا يستغني عنها مجتمع من المجتمعات، ومتى فقدت الأخلاق التي هي الوسيط الذي لابد منه لانسجام الإنسان مع أخيه الإنسان، تفكك أفراد المجتمع، وتصارعوا، وتناهبوا، ثم أدى بهم ذلك إلى الانهيار والدمار.

إن ارتقاء القوى المعنوية للأمم والشعوب ملازم لارتقائها في سلم الأخلاق الفاضلة، وإنَّ انهيار القوى المعنوية للأمم والشعوب ملازم لانهيار أخلاقها، حيث تلعب الأخلاق دوراً أساسياً في تهذيب المجتمعات، وهي التي تحمي المجتمعات من الانهيار والانحلال، وتصون المدنية والحضارات من الضياع، ممّا يجعلها المسبّب الأساسي لنهضة الأمم وقوّتها.

الأخلاق هي عامل أساسي يخلق النظام للأفراد، ويُساعد على الحد من النزاع بينهم وتحقيق مصالح متبادلة، وتُعزز التعاون في المجتمع. الأخلاق هي عنوان الشعوب، وهي أساس الحضارة ووسيلة للمعاملة بين الناس وقد تغنى بها الشعراء في قصائدهم كما يقول أمير الشعراء أحمد شوقي: “وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فـإن هم ذهبــت أخـلاقهم ذهــبوا”.

تساعد الأخلاق الحسنة على تجنب الوقوع في العيب واللوم والنقد، ولا تجعل صاحبها يميل إلى الخطيئة أو الإجرام، وهي خُلق الرسول صل الله عليه وسلّم، وتعتبر مكارم الأخلاق بناء شيّده أنبياء الله عليهم السلام، وقد بُعث رسول الله صل الله عليه وسلّم حتى يُتمم ذلك البناء، قال الله سبحانه وتعالى في وصف ومدح سيد الخلق رسول الله: “وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ”.

إن إنهيار الأمم وتدمير ثقافتها والقضاء عليها ، أصبح أمرا ليس مستعصيا، فإن إنعدام الأخلاق وانتشار الجهل والمرض والفقر والفساد ، كفيل لهدم الأمم والحضارات.

وقد نلاحظ في مجتمعنا العربي ، عدم الرؤية الواضحة وإتخاذ القرار المناسب والتصدى للفساد الاخلاقي والاجتماعي الذي ينهش في جسد الوطن، مما ينذر بكارثة تحرق الاخضر واليابس.

ما هي الأسباب التي أدت لإنهيار الأخلاق والقيم النبيلة وأختفاءها من حياتنا اليومية؟

أولا : الابتعاد عن الدين
لما سئلت السيده عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول
قالت كان خلقه القرآن
عدم الاهتمام بالقيم الدينية والامتثال لأوامر الله ورسوله يؤدي إلى فساد اخلاقي يتفشى في المجتمع بأكملة.

ثانيا : الرقابة الأسرية
إن غياب دور الأسرة فى التربية واتباع المناهج الدينية والعلمية الصحيحة والرقابة على المحتوى الذي يشاهدونة الأطفال قد يدمر منظومة الاخلاق لديهم.

ثالثا : انتشار المواد الإعلامية السيئة
في ظل تتطور العمل الإعلامي يبقى هناك مواد سيئة تؤثر على سلوك الاشخاص مثل الأفلام الغير الهادفة والشتائم والألفاظ النابيي التي تصدر من رجال يتصدرون المشهد الإعلامي.

رابعا : عدم التوعية
يبقى هناك عاملا آخر وهو عدم توعية المجتمع بخطورة وإنهيار منظومة الاخلاق والعمل للحد من انتشار تلك الظاهرة التي أصبحت كالوباء.

ما أحوجنا اليوم لنشر وترسيخ مفاهيم وقيم الأخلاق الفاضلة بين فئات المجتمع، لأن السلوك الإنساني بطبعة المتغير، لا يمكن أن يستقيم إلا بتلك الأخلاق الحسنة التي تهذب النفوس وتصقل العقول، وترتقي بالفكر والشعور الإنساني الرفيع، وبهذه الأخلاق يمكن للإنسانية أن تستقر وتنعم في وئام ومحبة وتسامح وسلام.

ويبقى السؤال هنا متى نعود إلى الأخلاق الرفيعة والقيم النبيلة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى