مختارات

“البعثيون” و”الدواعش” في سلّة واحدة!

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

تنامي الحس العروبي لدى الشيعة العرب في العراق، وقد تجاوزَ المذهبية الطائفية التي يرتكز عليها مشروع إيران الفارسي،حيث تجلى ذلك في “ثورة تشرين” التي اندلعت منذ عامين في عموم المدن العراقية ذات الأغلبية الشيعية، حيث خرجت الألوف المؤلفة من شباب العراق إلى الساحات تهتف بصوت واحد”إيران برّة برّة بغداد تبقى حرّة”،وهذا ما أذهب بعقول الملالي وذيولهم، وأحسوا بالخطر من المشاعر القومية العربية المتنامية التي تعيد للذاكرة أيام مجد العرب حين كانت خيول بني أمية تدهم ممالك فارس المجوسية لتحطم هياكلها، وتطفئ نارها المجوسية، وتنير الدرب بنبراس الإسلام، وتهدي شعوب تلك المناطق، وترفعهم من الضلالة والتخلف إلى الهداية والرقي، لكن العنصرية والغلواء والإستعلاء بقي في نفوس دهاقنة الفرس الذين أظهروا الإسلام ولكنهم يخفون في صدورهم الحقد والبغضاء لكل ما هو عربي، وبدأت الشعوبية الفارسية تعمل في السر متخفية بتديّن اسلامي كاذب، ووجدت ضالتها في الخلاف الذي ظهر بين صحابة رسول الله حول موضوع الخلافة، والذي كان في بدايته موضوع رأي واجتهاد ،وليس موضوع تنابز وتناحر، ولم يأخذ مظهر العنف والإقتتال إلاّ بعد أن استطاعت الشعوبية أن تغذي الخلاف وتحوله إلى صراع، وكان من نتائجه وقعة”كربلاء” ومقتل الحسين بن علي حفيد رسول الله وعدداً من آل بيته، في وقعة حزن عليها جميع المسلمين ولا زالوا يتأسون على شهداء تلك المقتلة من آل بني هاشم .
اليوم ملالي طهران يلعبون بورقة “كربلاء” ويوظفونها في خدمة مشروعهم الفارسي الرامي إلى بسط نفوذ دولتهم على المنطقة العربية، وفي مقدمتها العراق ،وقد تجلّى ذلك في ما يسمى ب”الزيارة الحسينية” التي بدأت طقوسها منذ أيام وستنتهي بتاريخ 17 أيلول بانتهاء “أربعينية الحسين” كما يسمونها، وقد وظفت إيران هذه الزيارة بطقوسها لخدمة مشروعها الشعوبي بعد أن انكشف أمر عملائها الذين يحكمون العراق، وباتت رائحة فسادهم وعمالتهم تزكم الأنوف، ولم يعد لهم حاضنة شعبية تساندهم سوى مجموعات من العصابات والميليشيات وتجار المخدرات، الذين أفسدوا المجتمع العراقي وجعلوا أبناءه في شتات داخلي وخارجي.
في هذه الزيارة دخل الحرس الثوري الإيراني بأعداد هائلة تحت مسمى “زوّار قبر الحسين”،وبدأوا تنفيذ خطتهم التي وضعوها لإجهاض أي تحرك شعبي ضد عملائهم من الزمرة الحاكمة، وقد بدأ التحريض وشحن النفوس بالشحن الطائفي، فعلا صوت بعض”الرواديد” بشتم صحابة رسول الله- أبو بكر وعمر وعثمان وعائشة -ليثيروا حفيظة المسلمين السنّة، كما أشاعوا أن أجهزة الأمن العراقي اكتشفت خلايا “بعثية”، وكذلك خلايا من تنظيم “داعش”، يسعى هؤلاء-البعثيون والدواعش- إلى القيام بأعمال إرهابية في ليلة “أربعينية الحسين” ولولا تكاتف “الحرس الثوري الإيراني” المرافق للزوار الإيرانيين مع “أمن الحشد الشعبي ” الذي هو أصلاً بإمرة عملاء إيران، لوقعت الواقعة وحدثت الكارثة وقتل الآلاف، كما يدّعون!!
وهكذا في كذبة واحدة، جمع ملالي طهران بين صحابة رسول الله، والبعثيين، والدواعش، ووضعوهم في السلة الإيرانية ،فلا فرق بين أي صحابي أو بعثي أو داعشي، فكلهم سواء، والكل عليه لعنة “المرشد الأعلى” و حرسه، وميليشياته،… ورواديده .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى