سياسة

دماء السوريين توجب العمل الاستراتيجي الثوري

مرهف الزعبي

ناشط سوري
عرض مقالات الكاتب


إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ(4) سورة الصف.
لم يكن كشف حقيقة الدول، والمؤسسات، وسقوط أقنعة الأفراد طبيعيين، واعتباريين مجرد تسريب خبر، أو زلة لسان، أو تصريح لعميل، وخائن؛ إنما كان نتاج تمرُّس ثوري قوي صمد في وجه المؤامرات التي حيكت ضد الثورة وجابهها نشطاء الثورة ضمن ما توفر من إمكانيات من جهة؛ والحفاظ على مكتسبات الأخيرة، والسعي لتحقيق أهدافها، والاستمرارية بأنشطتها المختلفة من جهة ثانية. لتبقى هذه الأخيرة الرقم الأصعب، والأعقد في تاريخ السياسات الدولية الحديثة. متصدرة أحداثها الفضائيات، والصحف العالميتين، واللقاءات الرئاسية بين الدول. نظراً لما لسورية من أهمية استراتيجية كموقع جغرافي يزيد في أهميته الثروات الباطنية التي تكتنزها سورية، وكون هذه الأخيرة أحد أهم مرتكزات الشرق الأوسط الذي يسعى النظام العالمي إلى بقاء السيطرة عليه، وعدم خروجه عن الوصايات الدولية؛ الأمر الذي يتطلب منا كثوار سوريين أن نعيد التفكير بالحفاظ على أنشطة الثورة كمظاهرات، واعتصامات، وبيانات، وكسر قيود الهيمنة، والارتهان الخارجيين. ناهيك عن الانتقال من الحالة الستاتيكية التقليدية التي تعيشها الثورة منذ أكثر من عشرة أعوام إلى الحالة الدينامية الاستراتيجية التي لها الوزن الأقوى في قلب كفة الموازين لصالح الثوار. واضعين نصب أعيننا أرواح أكثر من مليون شهيد، وعشرات آلاف المعتقلين، وملايين الجرحى، والنازحين، والمهجرين الأمر الذي يوجب علينا التوحد لأجل هؤلاء جميعاً.
وبتعريجٍ بسيط على الأحداث التي شهدتها دول، ودويلات القارة الأوروبية خلال ثلاثة قرون السابع عشر، والثامن عشر، والتاسع عشر؛ فقد خاضت الأخيرة حروب بينية لم يتخللها سوى ستة عشر عاماً من حالة السلم. كانت تلك المعارك نتاج اقتتال دموي طاحن، ونضال فكري عارك دولها، ودويلاتها طيلة الفترة المذكورة أعلاه. بسبب التنافس، والتسابق الاستعماريين، والتقاتل المذهبي بين ملوكها، وحكامها. حتى استطاعت أن تخرج بعدة اتفاقيات، وبرتوكولات أديا إلى استقرارين سياسي، واقتصادي. الأمر الذي مهد إلى تأسيس عقود اجتماعية عن طريق بعض المفكرين أمثال جان جاك روسو، وجون لوك، وتوماس هوبز. ولم يمهد لقيام الاتحاد الأوروبي إلا بعد إنهاء حروب مستعرة بين دول، ودويلات أوروبا بدأها الأوربيون باتفاقية الفحم التي مهدت لمزيد من التعاون الاقتصادي، والسياسي بين حكام القارة.
إنَّ أرواح السوريين التي زُهقت، والدماء التي سالت، والأطراف التي بُترت، والثوار الذين اُعتقلوا؛ تُوجب علينا كل تلك المآسي انتقاء أشرف، وأنزه نخب الثورة، وأكاديمييها، ومعارضيها، للالتفاف بعضهم حول بعض، والاهتمام بما يخدم تطلعات الشعب السوري النازح، والمهجر بعيدين في نهجهم عن الدعوة لمؤتمرات وطنية لا تستطيع تحرير ذرة تراب، ولا إخراج معتقل. فرغم صعوبة العمل التقليدي في الشمال السوري، فإن العمل بالوجه المقابل ليس مستحيلاً، ولا صعباً، وليس تنظيراً. إنما ينقص التحرير، والنصر تجانس فريق من المذكورين أعلاه يحملون ذات الرؤى، ويعملون لتحقيق أهداف الثورة، بعيدين عن أي جهوي. يساعدهم في تحقيق أهداف الثورة، وسرعة التحرير فساد مؤسسات الجيش، والمخابرات، والمؤسسات المدنية، وانهيار الروح القتالية لجنود، وضباط أسد، وميلشياته، وتذمر حاضنة بشار من سياسة نظام حكمه، وانكشاف خياناتهم، وعمالاتهم علناً لحاضنتهم، وسلبهم أموالهم، وأقواتهم. وفي المقابل تضجُّر النازحين، والمهجَّرين لكل ما ألمَّ بهم من كوارث، ونكبات، وتنازلات وقع عليها أوصياء الثورة، ومصادرو قراراتها. وطموح ثوار سورية في إعادة روح الثورة لنقائها الأول، ومرحلتها الذهبية التي تاق لها كل الشعب السوري الحر. وفي أحداث كلا الفريقين وما يتعرضان له من ضغوطات يصبان في بوتقة الوجه المقابل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى