سياسة

من لا يحمل البندقية في الثورة لا مكان له في السلطة

مرهف الزعبي

ناشط سوري
عرض مقالات الكاتب

يقول الله سبحانه وتعالى: [وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ] سورة الصف، الآية13
لابُدَّ من الإشارة، والاعتراف بأنَّ الآباء الروحيين للثورة هم من انطلقوا منذ بداية الثورة حباً لها، وعشقاً للحرية، وحرباً على التسلط، والظلم، ودفاعاً عن المظلومين. وهم الأحق بتسلم مناصب السلطة، والقيادة في سورية المستقبل، لأنهم قدموا أرواحهم قرابين للحرية في ميادين التظاهر، وساحات القتال قبل أن يروا الكفة إلى أيِّ الجانبين تميل.

في حين فرَّ قسمٌ ممن يعشق السلطة، ويهوى المناصب إلى الخارج منذ انطلاقة المباركة للقاء المعارضات، وأجهزة المخابرات بحثاً عن منصبٍ، أو هروباً من مقارعة جيشٍ، أو حفاظاً على أفراد أسرته. مستغلين خوض السوريين الأحرار حروبهم مع قوات أسد، وميليشياته بمفردهم ليجنوا حصاد دماء الثوار، وأرواحهم، ومعتقليهم مناصب سياسية، وثرواتٍ مالية، وصداقات مع أجهزة استخبارات متآمرة على الثورة سعياً للوصول إلى سدة الحكم عندما تسمح لهم الفرصة بذلك. فاستحقوا لقب الانتهازيين.
وهنا لابُدَّ من التذكير أنَّ من يطمح للوصول إلى السلطة يجب أن يكون تاريخه الثوري مشرَّفَاً بتضحيات، وخدماتٍ، وتفانٍ في تقديم كل غالٍ، ونفيسٍ لثورة الحرية، والكرامة. دون قبول أي تبرير للاهثين خلف المناصب من المعارضين، والسياسيين، والقضاة، والمحامين، والمهندسين، والإعلاميين، وعلماء الدين بأنَّ أماكن تموضعهم الثوري، واختصاصاتهم تعفيهم من حمل البندقية، والهروب خارج ساحات التظاهر، والقتال عندما يستدعيهم الواجب الثوري لهذا. ويعزون بأنَّ هذه الأنشطة، والأعمال ليست من اختصاصهم وإنما من اختصاص الثوار. كذلك قيادة الثورة، والوصول للسلطة عند تحرير سورية، وإسقاط حكم أسد، واكتمال فرحة التحرير، والنصر فليست من اختصاصاتهم أيضاً. إنما من اختصاص الثوار الذين قدَّموا التضحيات، وخاضوا المعارك، وحققوا النصر.
كما يجب أن تعي المعارضات السورية، ونخب الثورة؛ أنَّ جيوش الفتح الإسلامي انتصرت بقادة عظام يخططون، ويقودون المعارك، ويشتبكون مع أعدائهم وهم في مقدمة الصفوف الأولى. ولم يكن أحد منهم يقود معركة خارج ساحتها. ففُتحت بلاد الشام، والرافدين، ومصر، وبلاد المغرب العربي، والأندلس عبر أبطال سجلهم التاريخ كخالد بن الوليد، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، ومعاوية بن أبي سفيان، وابنه يزيد، وصلاح الدين بوجودهم في ساحات العز، والكرامة. ففتحوا أصقاع الأرض، وعلا شأنهم، وأقاموا حضارات لا تزال ميادينها شاهدةً عليهم حتى يومنا هذا. ودانت لهم الأرض رغم قلة عدد جنودهم. ولم يكن لهم هدفٌ سوى نشر الدين والعلم، وإقامة العدل، وبناء الحضارة. وليس الوصول لسدة الحكم، وممارسة السلطة.
ونظراً لما لسورية من موقع استراتيجي، وما للثورة إن انتصرت، واستولت على سلطة الحكم في دمشق من أهمية مؤثرة على سياسيات الشرق الأوسط، والمنطقة المتوسطية على جميع المستويات فقد حاربتها قوى الشر في العالم. واستطاعت اختراق صفوفها نتيجة حداثة أغلب المعارضين، والنخب، والثوار بالشأنين الأمني، والسياسي لتحصين الثورة من الاختراق، والتجسس عليها. وظناً منهم أنَّ أغلب الدول ستقدم الدعمين المالي، والعسكري للمعارضين، والثوار من أجل التخلص من النظام الشمولي الذي احتله آل أسد منذ ما يزيد عن نصف قرن.
ولا نغالي إذ نقول أنَّ أغلب من عمل في الشأن السوري الثوري العام أضرَّ بالثورة من حيث درى، أو لا يدري نتيجة التنافس السلبي الذي خاضته المعارضات المتعددة، والنخب غير المتجانسة ضد بعضها البعض سعياً للوصول إلى سلطة الحكم دون أن يتظاهر أغلب معارضوها، ونخبها ضد الحكم السلطوي البعثي، أو يحملوا بندقية ويذودوا بها عن أرضهم، وأعراضهم بل غادروا سورية سعياً منهم لتحصيل بعض المكاسب، والمناصب بغياب أي تضحية منهم أو من أبنائهم للثورة. والأقبح من ذلك أنهم استخدموا بعض نشطاء الثورة جسراً ليعبروا عليه لتحقيق بعض أطماعهم، والتخلص من آخرين عبر وشايات كانت تصلهم من أعداء الثورة خاصة بين عامي 2013 و2015، ناهيك عن استخدامهم الديالكتيك لإقناع الثوار، وحاضنتهم بأنهم الأجدر لقيادة مرحلة ما بعد إسقاط أسد.

    مرهف الزعبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى