مختارات

الإصلاح أم الثورة؟ مراجعة ثورية

أيمن عمر – مدوّن يمني

عندما تعاني الشعوب من الظلم والاحتياج هناك طريقتان لحل المشكلة ،الأولى هي إصلاح النظام السياسي عبر برامج وسياسيات جديدة بحيث يخدم ويراعي ما تريد الشعوب، والثانية هي الثورة على النظام القائم بالكامل، والثورات هي أقصر الطرق إلى حرية الشعوب، فإيهما أفضل وأنفع؟ الإصلاح أم الثورة؟

الإصلاح ام الثورة؟ ايهما الذي يجب عليٌ أن أناضل من أجله؟ هذا السؤال الذي تراود في ذهني وأذهان الكثيرين من قبل وسبب توارد هذا السؤال لدى الكثير هو قول بعض من المشككين في الثورة وقولهم “لو علمنا مآلات الثورة وثمنها الباهظ لما خرجنا على النظام وقتها ولعملنا مع النظام عبر خطط إصلاح حتى لو استمرت ١٠٠ عام كان خيراً من الثورة الكارثية” وأقول لهم هل تحسبون أن الحرية تباع على ارفف المحلات؟ أم تستخفون بنضال الآباء و الأجداد ضد الاستعمار ثم الاستبداد ورأيتم أنها معركة غير مستحقة. وحقيقة هذا الكلام النابع من خنوع خفي يقبع بذات تلك الكائنات الجبانة وترديدهم “سلام الله على النظام قبل الثورة كان سعر البيض بريال “.

لندرس الموضوع بمنطقية أكثر ونطرح سؤال عريض هل أنظمة القمع العسكري والاستبداد السياسي قابلة للإصلاح أساساً؟

الأنظمة بُنيت على القمع والدماء والإرهاب واستعباد العباد غير قابلة للإصلاح لان إصلاح هكذا أنظمة يعني سقوطها، ولذلك يعي حكام تلك الأنظمة هذه الحقيقة جيداً ، لأنها لم تبن باختيار الشعوب أساساً وإنما فرضت عليهم وهي لا تملك شرعية لأن الشعب هو من يعطيها.

وبالتالي كانوا أشد الناس حرصاً على تدمير الثورة بكل أشكالها واغتيال رموزها وكانوا مستميتين بشكل مجنون للحفاظ على السلطة التي في أيدهم، وحتى لو كان يعني ذلك فناء شعوبهم لا مشكلة لديهم أبداً، وهذا ما شاهدته أغلب شعوب المنطقة.

لأنهُ إذا كان الأساس الذي قامت علية شرعية ومشروعية السلطة فاسد فكيف ترجوا إصلاحها؟!

ماهي الطريقة السحرية هذه التي تستطيع بها حل هذه المعضلة؟ لذلك محاولة توفيق وتلفيق هذه لن تنجح حتى لو استمرت ل١٠٠ عام.

وبالتالي فالثورة عبارة عن انفجار مجتمعي غير قابل للصد، والثورة ليست قرار يتخذه شخص من فوق مكتب مسطح أو كروي، بل هي مد أشبه بالطوفان العظيم، كما وصف الكواكبي في كتابة (طبائع الاستبداد ومصارع الاستبعاد) حيث يقول

“العوام لا يثور غضبهم على المستبد غالباً إلا عقب أحوال مخصوصة مهيجة فورية منها:

عقب مشهد دموي مؤلم يوقعه المستبد على مظلوم…

عقب حرب يخرج منها المستبد مغلوبا…

عقب تظاهر المستبد بإهانة الدين…

عقب تضييق شديد عام…

عقب مجاعة أو مصيبة عامة..

عقب حادث تضييق يوجب تظاهر قسم كبير من النساء في الاستجارة والاستنصار.

عقب ظهور موالاة شديدة من المستبد لمن تعتبره الأمة عدوا لشرفها …“.

وبالتالي الانفجار الثوري هو نتيجة تراكمات دفينه، انفجرت بعدما فشلت قوات المستبد قمعة بالخوف والإرهاب، ومن ابلغ من الكواكبي رحمة الله في مثل هذا الوصف البديع.

ويصف الكواكبي بأن الاستبداد مراتب وأشدها هو:

 “أشد مراتب الاستبداد التي يتعوذ بها من الشيطان هي حكومة الفرد المطلق، الوارث للعرش” 

وهي التي شهدها الوطن العربي في كافة الأقطار تلك حكومة الفرد المطلق المستبد المتسلط الذي قام عليها كل الأحرار من كل مكان، ولذلك قامت الثورات المباركة في كافة أرجاء الوطن العربي الحر وهذه الثورات غير قابلة للتشكيك وبث الدسائس فيها ولأنها كما ذكرت سابقاً ليست قرار شخص وإنما نتيجة انفجار مجتمعي.

وارى أن الثورة مستمرة رغم كل شيء لقد دفعنا ثمن باهظ جداً ،وما زلنا ولن نكل أو نمل سنقف في صف الكرام دائماً وأبداً أولئك الذي فاضت أرواحهم فداء لثورتهم، أولئك الذي سطروا أجمل ملاحم الشرف والبطولة، سنبقى على خطاهم، مهما عتا المستبدون، وأصحاب الثورات المضادة سنظل على مبادئ الكرام، لابد أن تنجح الثورة لان هذه حقيقة حتمية.

اليكم  بأبيات من الشاعر اليمني والثوري الحر د.عبد العزيز المقالح

أين القصور؟  تناثرت رعباً وألوان الرياش

أين الذين تألهوا   سقطوا كما سقط الخفاش

في نارنا احترقوا كما احترقت على النار الفرَاش

مات الطغاة الظالمون وشعبنا المظلوم عاش……

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى