سياسة

من المستفيد من الغليان في بحر الصين؟

الكاتب: ياي تشين (Yi Chen) خبير في شؤون منطقة هونغ كونغ|

ما الذي يجري بممر تايوان البحري؟
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، دخل الصينيون في اقتتال داخلي تمحور بين فصيلين إحداهما “الوطنيون” ويمثل الجناح الرأسمالي ويحمل اعتراف حكومات العالم بها “جمهورية الصين”، وفصيل الشيوعيون الذين استولوا على أراضي شاسعة بحروب شرسة منتهزين معونة السوفييت، انتهت بتراجع الوطنيون حتى اضطروا إلى التجمع في أقصى جنوب البلاد بجزيرة فرموزا (تايوان الآن) والتي غادرها الجيش الياباني المنهزم. ، أما الانفصاليين الشيوعيون أطلقوا على نفسهم اسم (جمهورية الصين الشعبية)، وكانوا عبارة عن حكومة عسكر غير معترف بها سوى لدى المعسكر الاشتراكي. اتفقت الولايات المتحدة مع الصين عام 1972 على إبقاء تايوان مؤقتاً بالمقابل اعتراف أمريكا بالصين الشعبية وتسليمها كرسي الصين في مجلس الأمن الدولي عوضاً عن تايوان، بينما لا تحاول الصين الكبرى الاعتداء على تايوان. ومن بين بنود الاتفاقية عدم زيارة أي مسئوول إلى تايوان إلا بموافقة بكين. وعليه نرى غضب بكين من زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكية نانسي بيلوسي بدون استئذان.


زيارة مشؤومة أم مباركة؟
من المقرر أن تكون زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان مع مجموعة من دول المنطقة في شهري إبريل الماضي، إلا أن السيدة بيلوسي أٌصيبت بوباء كورونا وتأجلت الجولة إلى شهر أغسطس، وأعطى هذا التأجيل للصين 4 أشهر للاستفادة والتفكير بأكبر قدر ممكن من رحلة بيلوسي. ناهيك عن ردود الفعل الإعلامي، فقد درست كلاً من الصين وتايوان وأمريكا كافة السبل المستفادة من الزيارة كلٍ على طريقته. فما هي رؤوس الأقلام لكل طرف؟


لم تخض كلٍ من الصين وتايوان أية حروب منذ الحرب العالمية وعليه فقد الجيشين الخبرة القتالية الحقيقية بينما تختبر الولايات المتحدة قدرات الصين العسكرية من خلال دراسة أساليب التحريض الصيني وما لديهم من استعدادات.
بالنسبة للولايات المتحدة: تستفيد من مراقبة عدد السفن الحربية الصينية مع قدرات الجيش على الانتشار وغيرها من الاستعدادات العسكرية. كما أن الولايات المتحدة تراقب قدرات تايوان على التأهب في حالات الحصار العسكري. ساعدت زيارة بيلوسي على زيادة شعبية الحزب الديمقراطي الأمريكية المتآكلة، مع تجهزة الشعب الأمريكي لنشر الوعي لدى شعبها بشأن القضية التايوانية.
بالنسبة للحكومة التايوانية: استفادة من مراقبة مدى تحركات الجيش الصيني، كما أظهرت للدول الإقليمية أبعاد خطورة الوضع في حال نشبت حرب صينية على تايوان، ومنه تحاول تايوان حشد التأييد السياسي والعسكري الإقليمي لمساندتها قبل فوات الآوان.
بالنسبة للصين الشعبية: فهي المستفيد الأكبر من زيارة نانسي بيلوسي إلى المنطقة، إذ أنها تراقب ردود الفعل السياسية إقليمياً وعالمياً من جهة، كما أُتيحت لها الفرصة الذهبية لوجود عذر نشر قواتها حول جزيرة تايوان بذريعة “مناورات عسكرية”، ومنح ديناميكية عسكرية في المنطقة، ومنها منع السفن التجارية من استخدام الممر البحري بين الصين وتايوان. كما أنها استفادة من حشد الجماهير للتأييد الوطني بعد أن بدأت شعبية الحزب الحاكم بالتآكل نتيجة الإغلاق المستمر للمدن الصينية تفادياً “لانتشار الوباء”. والأهم من ذلك هو وضع تايوان في خانة التأثير المعاكس لزعزعة ثقة تايوان في مصادر بقائها الاقتصادي والسياسي، يأتي أهمها قطع سلاسل التوريد للتقنيات العالمية والسيطرة على الشحن البحري في منطقة شرق آسيا.
مزيد من التكرار الاستفزازي والتمركز الصيني
لا شك أن العلاقات بين بين الولايات المتحدة والصين دخلت “حقبة جديدة” بعد التدريبات الصينية التي تضمنت العديد من عناصر جس النبض الجديدة، بما في ذلك إطلاق صاروخ تعدى المجال الجوي لعاصمة تايوان والإغلاق الفعال للمحيط البحري، كما أرسلت القوات الجوية الصينية عدداً قياسياً من الطائرات الحربية عبر خط الوسط لمضيق تايوان، الذي يعتبر ضمن المجال الجوي التايواني.


يقاس وضع الصين جيد جداً، ولن ينتهي قريباً، وقد يكون مجرد لبضع أيام تدريب، وهو ما يكفي لإثارة اتهام من تايوان بأنها ترقى إلى مستوى حصار لموانئها. هذه هي الفرصة الأولى لجيش التحرير الشعبي الصيني ليثبت لنفسه ولتايوان أنه قادر على القيام بعمليات عسكرية كبيرة،شملت القوى الجوية والبحرية وصاروخية وفضائية في ضرورة فرض حصار كامل.
من المحتمل أن هذه التجربة سوف تتكرر بثانية وثالثة. ومن الواضح، أن نية بكين هي إثارة نقاش في تايوان حول مزايا معارضة الدولة الشديدة للتوحيد مع الصين وتسليط الضوء على تكلفة القيام بتلك التجربة.
مضيق تايوان شريان تجاري حيوي
مما لا شك فيه أن المسئولون الغربيون والتايوانيون يشعرون بالقلق من أن بكين ستلحق تحركاتها العسكرية بإجراءات متعاقبة تهدف إلى إرساء الوضع الراهن الجديد حول تايوان. في الأشهر الأخيرة، صرح المسؤولون العسكريون الصينيون في تفاعلاتهم مع نظرائهم الأمريكيين أن مضيق تايوان – وهو شريان حيوي لنقل الطاقة والسلع الصناعية بين شرق آسيا وبقية العالم وتعبره السفن الحربية الأمريكية بانتظام وان كان الحلفاء يريدون حل جذري للمشكلة، فلن يبقى لهم سوى التهيئ للخيار الحربي وردع القوى الصاعدة بأسرع وقت ممكن.

أخيراً أنصح بقراءة كتاب اتحاد ماليزيا للكاتب محمد شاكر على الرابط.
(https://archive.org/details/itihad.malizya)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى